بقلم: الدكتور عيد كامل حافظ النوقي
محاضر وخبير تربوي وتعليمي
"القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف، وأثرها في إعداد القادة، ونهضة الأمة الإسلامية"[1]
ملخص البحث:
يهدف هذا البحث إلى دراسة القيم التربوية التي تضمّنتها قصص سورة الكهف، وبيان أثرها في إعداد القادة، وصناعة النهضة للأمة الإسلامية.
تركز السورة على أربع قصص: أصحاب الكهف، صاحب الجنتين، موسى والخضر، وذي القرنين، وكل قصة تحمل قيمًا تربوية أساسية تتعلق بالإيمان، والصبر، والعدل، والتواضع، والتحليل الواعي للمواقف. تتضح أهمية هذه القيم في بناء شخصية الفرد وتكوينه كقائد مربٍّ قادر على مواجهة التحديات المجتمعية والأخلاقية، مما يسهم في تعزيز النهضة التربوية للأمة.
............................................................................................
المقدمة:
الحمدُ للهِ الَّذي أنزلَ القرآنَ هُدى للناسِ، وبيّناتٍ من الهدى، والفُرقان، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ يُحيي، ويُميتُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه، وعلى آله وصحبِه أجمعين، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
وبعدُ؛ فإنَّ القرآن الكريم ليس كتابَ تشريعٍ ،وعبادةٍ فحسب، بل هو كتابُ هدايةٍ، وتربيةٍ وبناءٍ حضاريٍّ شامل، يُخرِجُ الأمةَ من ظُلماتِ الجهلِ، والفرقةِ إلى نورِ العلمِ ،والوحدةِ، والعزَّة.
وإنَّ من بين سُوَرِه العِظام، جاءت سورةُ الكهف بقصصها الأربعة البليغة، لتُقدِّم للأمة الإسلامية قيماً تربويةً خالدة، ومبادئ إيمانيةً راسخة، وقواعدَ حضاريةً عظيمة، تُسهم في إعداد القادة، وبعثِ روحِ النهوضِ والتمكين، وتجديدِ حركة الأمة في مواجهة التحديات.
ولذلك جاءت هذه الورقة البحثية بعنوان:
القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف وأثرها في إعداد القادة ونهضة الأمة
لتُسلِّط الضوءَ على تلك القيم القرآنية التربوية، وتُبرز دورَها في معالجة مظاهر الضعف ، والقصور في واقع الأمة، وتوضح أثرها في تكوين القيادات الرشيدة، القادرة على حمل أمانة الرسالة، وتحقيق نهضةٍ إسلاميةٍ معاصرة.
مشكلة البحث
تكمن مشكلة البحث في:
غياب التفعيل الواقعي للقيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف في الواقع المعاصر، مما أدى إلى ضعف إعداد القادة المربين، وانتشار القصور التربوي ، والأخلاقي بين الأجيال.
أهداف البحث:
1. استخراج القيم التربوية من قصص سورة الكهف.
2. تحليل أثر هذه القيم في إعداد القادة المربين.
3. توضيح كيفية معالجة القيم القرآنية للقصور التربوي في المجتمع الإسلامي.
4. تقديم تصور عملي لتفعيل هذه القيم في المؤسسات التعليمية، والتربوية.
أهمية البحث:
الأهمية النظرية: إثراء الدراسات القرآنية التربوية، وربطها بإعداد القادة.
الأهمية التطبيقية: تقديم حلول عملية لتربية الأجيال على القيم القرآنية.
الأهمية الحضارية: التأكيد على أن النهضة الحقيقية للأمة تبدأ من التربية القرآنية السليمة.
منهج البحث:
المنهج الاستنباطي: لاستخراج القيم التربوية من النص القرآني.
المنهج التحليلي: لتحليل دلالات القيم وأثرها التربوي.
المنهج الوصفي: لعرض واقع القصور التربوي وربطه بالقيم القرآنية.
الفصل الأول
الإطار النظري للدراسة
1. مفهوم القيم التربوية:
القيم التربوية: هي المبادئ والمعايير التي ترشد الإنسان إلى السلوك الصائب، وتكوّن شخصيته وفق أهداف نبيلة، وتعد أداة أساسية في بناء القادة، والمجتمعات المتقدمة. (ابن عاشور:١٩٨٤، ص١٥).
2. دور القرآن في بناء القيم:
القرآن الكريم يمثل المصدر الأول للقيم التربوية، فهو يرشد الإنسان إلى الصواب والخير، ويعلمه كيف يكون قائدًا ناجحًا، وكيف يوازن بين الدنيا والآخرة.(سيد قطب، تفسير،٢٠٠٤م، ص٢١٦٢)
3. مكانة سورة الكهف في التربية:
سورة الكهف تحتوي على أربع قصص تربوية تمثل دروسًا عملية في الصبر، والثبات على العقيدة، والعدل، والقيادة، وهي نموذج متكامل في التربية القرآنية. (ابن كثير، تفسير :١٩٩٩م،ص٨٦).
الفصل الثاني
القيم التربوية في قصة أصحاب الكهف
1. الثبات على العقيدة:
أصحاب الكهف وقفوا صامدين أمام الطغيان والفتن، مما يعلّم الشباب قيمة الثبات على الدين مهما كانت التحديات. (الزمخشري، التفسير، ١٩٨٤م، ص٤٥٣).
2. الصحبة الصالحة:
النجاة لم تكن فردية، بل بالاعتماد على الصحبة الصالحة التي تدعم القيم الإيمانية والأخلاقية.
3. الصبر في مواجهة الفتن:
أصحاب الكهف أظهروا قدرة عالية على التحمل، والصبر على الابتلاءات، وهو درس تربوي مهم لمواجهة تحديات الحياة.(ابن كثير، التفسير،١٩٩٩م، ص294).
الفصل الثالث
القيم التربوية في قصة صاحب الجنتين
1. التحذير من الغرور بالدنيا:
صاحب الجنتين مثال على الغرور ، واحتقار النعم، وهو درس تربوي للشباب بعدم الانغماس في الدنيا على حساب القيم، والأخلاق. (ابن عاشور:١٩٨٤م، ص٣٠٠).
2. الشكر لله على النعم:
القصة تعزز قيمة الشكر، والاعتراف بفضل الله في حياة الإنسان، وهو عنصر أساسي في التربية القيمية.
3. الاتعاظ بمصير المكذبين:
توضّح نتائج التكبر على النعم ، والفساد، وتعزز مبدأ التعلم من التجارب التاريخية.
الفصل الرابع
القيم التربوية في قصة موسى والخضر
1. التواضع للعلم:
موسى عليه السلام أظهر التواضع أمام الخضر لتعلم الحكمة، مما يربّي الأجيال على احترام المعرفة، والتعلم المستمر. (الزمخشري:١٩٨٤م، ص٤٦٠).
2. الصبر على التعلم:
القصة توضح أن التعلم يحتاج صبرًا ومثابرة، وهو قيمة تربوية أساسية.
3. إدراك حكمة الله في الابتلاء:
الأحداث تعلّم القبول بحكمة الله وفهم ما وراء الابتلاءات، لتعزيز النمو الشخصي والروحي.
الفصل الخامس
القيم التربوية في قصة ذي القرنين
1. القيادة المربية:
ذي القرنين يمثل نموذج القائد المربي الذي يوازن بين القوة والعدل، ويهتم برعاية الناس، وحمايتهم، وهذا ما تحتاجه الأمة في كل المجالات. (الزحيلي:١٩٩٨م،ص٣٥٠).
2. العدل:
القصة تؤكد على أن العدالة أساس القيادة الناجحة، وهو درس تربوي مهم لكل المربين والقادة.
3. التخطيط التربوي وحماية المجتمعات:
سد يأجوج ومأجوج يمثل مثالًا على التخطيط الوقائي، وإدارة المجتمعات. وهو قيمة تربوية للقيادة المستنيرة.
الخاتمة
النتائج، والتوصيات ، والمقترحات
أولا:النتائج:
خلص البحث إلى النتائج الاتية :
1. قصص سورة الكهف تحتوي على قيم تربوية متكاملة تصلح لبناء قادة، وأجيال صالحة.
2. تطبيق هذه القيم يساعد على معالجة القصور التربوي في المجتمع الإسلامي.
3. التربية القرآنية المتبنية لهذه القيم تنتج قادة قادرين على الصبر، والعدل، واتخاذ القرارات الصائبة.
ثانيا: التوصيات:
توصي الدراسة الجهات والمؤسسات المعنية بالشباب: كوزارة التربية، والتعليم ، ومراكز إعداد القادة بالأمة بالآتي:
1. إدراج قصص سورة الكهف في المناهج التعليمية لتعزيز القيم التربوية.
2. إعداد برامج تدريبية للمعلمين، والمربين على استثمار هذه القصص في بناء الشخصية القيادية.
3. تشجيع المؤسسات التربوية، والدعوية على إقامة ورش عمل، وندوات حول القيم القرآنية.
ثالثا:المقترحات:
1. إجراء بحوث مقارنة بين القيم القرآنية، والقيم التربوية المعاصرة.
2. تأسيس مراكز تدريب قيادي للشباب تعتمد على النموذج القرآني في التربية.
3. تشجيع الطلاب على كتابة دراسات صغيرة، أو مشاريع تطبيقية عن دروس سورة الكهف.
المراجع والمصادر:
1. ابن كثير، إسماعيل بن عمر: تفسير القرآن العظيم، ج3، دار طيبة، 1999، ص86-88.
2. ابن عاشور، محمد الطاهر: التحرير والتنوير، ج15، الدار التونسية للنشر، 1984، ص300.
3. سيد قطب: في ظلال القرآن، ج4، دار الشروق، ط17، 2004، ص2162.
4. الزمخشري، محمود: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج2، دار المعرفة، بيروت، ص453-460.
5. الزحيلي، وهبة: التفسير المنير، ج15، دار الفكر، دمشق، 1998، ص350.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
[1] هذا فصل من فصول رسالة الدكتوراة الخاصة بي.
.