د. محمد عبدالرحمن المرسي ثواتي
مقالة بقلم د. محمد عبدالرحمن المرسي
( 1 )
منذ أن قامت دعوة الإخوان المسلمين في عام 1928، وضع لها الإمام الشهيد ثوابتاً وقواعد حاكمة أثبتت السنون والأحداث مدى أهميتها ودورها في مسيرة الدعوة والحفاظ على الجماعة.
نشير هنا باختصار إلى أهم هذه الثوابت، وتلك القواعد:
1- شمولية الفهم للإسلام، وشمولية العمل له:
- يقول الإمام الشهيد: “ إنما أريد بالفهم:
أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة وأن تفهم الإسلام كما نفهمه … الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء “ . [رسالة التعاليم ].
-".. أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزباً سياسياً ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن.. “. [ رسالة بين الأمس واليوم ]
- “ أما الإصلاح الذي يريده الإخوان.. فهو إصلاح شامل كامل، تتعاون عليه قوي الأمة جميعاً، وتتجه نحوه الأمة جميعاً، ويتناول كل الأوضاع القائمة بالتغيير والتبديل “. [رسالة المؤتمر السادس ]
- ".. والإخوان المسلمون يعملون ليتأيد النظام بالحكام، ولتحيا من جديد دولة الإسلام، ولتقوم في الناس حكومة مسلمة، تؤيدها أمة مسلمة، تنظم حياتها شريعة مسلمة أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم.. ".( سالة المؤتمر السادس )
- ".. فهى دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية ثقافية وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية.. “. [ رسالة المؤتمر الخامس ]
2- ربانية الدعوة وإسلامية الراية:
- " إذا قيل إلام لكم تدعون ؟ …
فقولوا ندعو إلي الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والحكومة جزء منه والحرية فريضة من فرائضه.. “.
[رسالة بين الأمس واليوم ]
- "كل نظام لا يعتمد على الأسس الإسلامية، ولا يبنى على قواعد القرآن الكريم لا يصلح أبداً لبناء النهضة الحديثة “.
[رسالة إلى أي شىء ندعو الناس ]
- “ وإنَّ كل مظهر من مظاهر النهضة يتنافى مع قواعد الإسلام و يصطدم بأحكام القرآن فهو تجربة فاسدة فاشلة.. “.
[رسالة إلى أي شىء ندعو الناس ]
- “ أجمع ما توصف به دعوتنا أنها دعوة إسلامية.. “. [رسالة دعوتنا ]
- “ ففكرتنا لهذا إسلامية بحتة، على الإسلام ترتكز ومنه تستمد وله تجاهد وفي سبيل إعلاء كلمته تعمل، لا تعدل بالإسلام نظاما، ولا ترضى سواه إماما، ولا تطيع لغيره أحكاما “.[ رسالة إلى الشباب ].
3- سلمية المنهج والوسائل في الإصلاح داخل المجتمع، والتدرج في البناء:
-“ لا يحب الإخوان أن يخلطوا البناء بهدم.. “ [رسالة المؤتمر الخامس ]
-“ وليست الوسيلة القوة، ومحال أن تثبت الدعوة بالعصا، أو تصل إليها على شبا الأسنَّة والسّهام، ولكن الوسيلة تركيز الدعوة وثباتها، إيمان وعمل ومحبة وإخاء.. “. [رسالة دعوتنا في طور جديد ]
-“ أما الثورة -بمعنى الفوضى والدمار -فلا يفكر فيها الإخوان المسلمون، ولا يعتمدون عليها، ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها.. “. [رسالة المؤتمر الخامس ]
-“ الإقناع ونشر الدعوة بكل وسائل النشر حتى يفقهها الرأي العام ويناصرها عن عقيدة وإيمان، ثم استخلاص العناصر الطيبة لتكون هي الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح، ثم النضال الدستوري حتى يرتفع صوت هذه الدعوة في الأندية الرسمية، وتناصرها وتنحاز إليها القوة التنفيذية “. [رسالة المؤتمر الخامس ]
-“ وسيلتهم في ذلك تنحصر في تغيير العرف العام وتربية أنصار الدعوة علي هذه التعاليم “. [رسالة المؤتمر الخامس ]
4- استمرار التربية والتكوين لجميع الأفراد في الجماعة، وبناء الجيل المؤمن:
إن هذا الأصل الذى يتطلبه بناء الصف الربانى المتماسك، والأسرة التربوية كمحضن تربوى تعد من الوسائل الأساسية لتحقيق ذلك، وتحقيق التعارف والتفاهم والتكافل بين أفرادها، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
-“ لا يصلح لحمل هذه الأعباء إلا من رصدوا حياتهم لهذه الدعوة، ورضوا أنفسهم على تحمل مشاق الطريق.. “. [ رسالة إلى الشباب ]
-“ إذا وجد المؤمن الصحيح وجدت معه وسائل النجاح جميعاً “. [ رسالة إلى أي شيء ندعو الناس ]
-“ الوسائل العامة للدعوات لا تتغير ولا تتبدل ولا تعدو هذه الأمور الثلاثة: الإيمان العميق، التكوين الدقيق، العمل المتواصل “. [ رسالة بين الأمس واليوم ]
وتعد أركان البيعة من الثوابت التي يتربى ويبايع عليها الأخ.
5- شمول الحركة والإصلاح الثلاث:
التعريف والتكوين والتنفيذ، فالجماعة لا تقف عند حدود الوعظ أو مجرد التكوين الفردى، ولكنَّها تجمع إلى ذلك الجانب العملى في الإصلاح، فهى جماعة دعوية تربوية جهادية.
“ -الدعاية والتعريف والتبشير بالفكرة وإيصالها إلى الجماهير.
-مرحلة التكوين وتخير الأنصار وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف بين هؤلاء المدعوين.
-ثم مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج، وكثيراً ما تسير هذه المراحل الثلاث جنباً إلى جنب … ولا شك في أن الغاية الأخيرة أو النتيجة الكاملة لا تظهر إلا بعد عموم الدعاية وكثرة الأنصار، ومتانة التكوين “. [ رسالة المؤتمر الخامس ]
6- الأهداف الأساسية “مراتب العمل “التي تعمل لها الجماعة:
إصلاح وتكوين الفرد المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم، وتحرير الوطن من كل سلطان أجنبى … وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق، واستعادة الكيان الدولى للأمة الإسلامية والخلافة المفقودة، ثم أستاذية العالم ونشر رسالة الإسلام فيه.. “. [رسالة التعاليم باختصار ]
7- أن دعوتنا ربانيّة، إنسانيّة، عالميّة:
“ إن من أخصّ خصائص دعوتنا أنها: ربانية.. عالمية “. [رسالة دعوتنا في طور جديد ]
وأنها إنسانية تجمع بين الجانب الروحى والعقلى، وهى تعمل على مستوى العالم لتحقيق نهضة الأمة الإسلامية. [ راجع رسالة دعوتنا في طور جديد ]
8- أهمية الحكم ( سلطة التنفيذ ) والحرية في منهاج الجماعة:
-“ هذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان يجعل الحكومة ركناً من أركانه، ويعتمد علي التنفيذ كما يعتمد علي الإرشاد “. [رسالة المؤتمر الخامس ]
-“ إن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف “. [رسالة المؤتمر الخامس ]
-“ ندعو إلي الإسلام الذي جاء به محمد r والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم: هذه سياسة ! فقولوا هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الأقسام “. [رسالة بين الأمس واليوم ]
9- استهداف تجميع الأمة وحشد طاقاتها في عملية الإصلاح:
حيث تستهدف الجماعة:“ إصلاحاً شاملاً كاملاً تتعاون عليه قوي الأمة جميعاً وتتجه نحوه الأمة جميعاً.. “. [رسالة المؤتمر السادس]
10- أهمية استمرار الجماعة، وضرورة التنظيم وتقويته:
انطلاقاً من الباعث الربانى لنشأة الجماعة وعملها لإعلاء كلمة الله في الأرض كلها، ينبنى على ذلك أن تكون كافة ممارساتنا الجماعية نابعة من المنطلق التعبدى
وأن يكون العمل الجماعى -وكذلك الجماعة -ليست غاية ولا وسيلة، ولكنَّها فريضة، وأنَّ الحاجة إلى الجماعة تظل قائمة ما دام التكليف الشرعى الباعث على إنشائها لتحقيق أهدافها لم ينتف.
ولا يتعارض هذا مع وجود حكومة وسلطة تنفيذ إسلامية، فالجماعة داعمة لها مكملة لعملها وليست موازية أو معارضة، حيث أن مراتب عملها تمتد إلى تحقيق أستاذية العالم ونشر دعوة الإسلام وإعلاء كلمة الله في الأرض كلها.
يقول الإمام الشهيد:
-“ هذه منزلتكم، فلا تصغروا في أنفسكم، فتقيسوا أنفسكم بغيركم، أو تسلكوا في دعوتكم سبيلاً غير سبيل المؤمنين، أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنَّة رسوله، بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات، وتذهب بها الحوادث والأيام. [رسالة الإخوان تحت راية القرآن ]
-“ التكوين باستخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض، والدعوة فيها خاصة، لا يتصل بها إلا من استعد استعداداً حقيقياً لتحمل أعباء جهد طويل المدى كثير التبعات، وأول بوادر الاستعداد كمال الطاعة “. [ رسالة التعاليم ]
-“ ونظام الدعوة -في هذه المرحلة -صوفي بحت من الناحية الروحية، وعسكري بحت من الناحية العملية، وشعار هاتين المرحلتين دائماً ( أمر وطاعة ) من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج “. [ رسالة التعاليم ]
كما تمثل أركان البيعة، أركان الارتباط التنظيمى لمن ينتسبون إليها.
11- التزام الشورى بآلياتها والمؤسسات التي تقوم بها:
ويكمل هذا المناخ الإيمانى والتجرد الخالص لدعوة الله.
12- تحرير الولاء للجماعة، ولأهدافها الإسلامية ومنهاجها:
“ إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة مبدأ “. [ رسالة دعوتنا ]
“ إن هذه الدعوة لا يصلح لها إلا من حاطها من كل جوانبها ووهب لها ما تكلفه إياه من نفسه وماله ووقته وصحته “. [ رسالة دعوتنا ]
“ فهذه الدعوة لا تقبل الشركة، إذ أن طبيعتها الوحدة، فمن استعد لذلك فقد عاش بها وعاشت به “. [ رسالة دعوتنا ]
“ وكونوا عمليين لا جدليين، فإذا هدي الله قوماً ألهمهم العمل، وما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدل “. [ رسالة بين الأمس واليوم ]
“ وتحابوا فيما بينكم، واحرصوا كل الحرص علي رابطتكم فهي سر قوتكم وعماد نجاحكم، واثبتوا حتى يفتح الله بينكم وبين قومكم بالحق وهو خير الفاتحين “. [ رسالة بين الأمس واليوم ].
13- احترام القيادة والإيمان بسمو الدعوة:
يقول الإمام الشهيد: “ واسمعوا وأطيعوا لقيادتكم في العسر واليسر والمنشط والمكره، فهي رمز فكرتكم وحلقة الاتصال فيما بينكم.. “. [ رسالة بين الأمس واليوم ]
ويقول أيضاً: “ وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة، ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعاً، والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات “. [ رسالة التعاليم ]
وفى مذكرات الدعوة والداعية أشار الإمام الشهيد سعيد العرفى، في التعامل مع أفراد خرجوا على الدعوة، ألا تشغل الجماعة نفسها بهم، فقد فقدوا احترام القيادة والإيمان بسمو الدعوة وطهرها وقدسيتها.
14- الالتزام بمنهج الإمام البنا في التغيير والإصلاح:
“ إن طريقكم هذا مرسومة خطواته موضوعة حدوده، ولست مخالفاً هذه الحدود “. [ رسالة المؤتمر الخامس ]
“ إن هذه الطريقة مهما طالت فليس هناك غيرها في بناء النهضات بناءً صحيحاً “. [ رسالة إلى أي شيء ندعو الناس ]
“ إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال، وخيرٌ له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلي غيرها من الدعوات “. [ رسالة المؤتمر الخامس ]
“ وهم لهذا لا يشتغلون في منهاج غير منهاجهم ولا يصلحون لدعوة غير دعوتهم، ولا يصطبغون بلون غير الإسلام، ومعاذ الله أن نكون في يوم من الأيام لغير دعوة القرآن وتعاليم الإسلام “. [ رسالة المؤتمر السادس ]
“ ودعوة الإخوان المسلمين دعوة عامة لا تنتسب إلى طائفة خاصة، ولا تنحاز إلى رأي عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة، وهي تتوجه إلى صميم الدين ولبّه “. [ رسالة دعوتنا ].
15- تُشكل رسائل الإمام الشهيد المرجعية الفكرية للجماعة وأهدافها وضوابطها.
والله أكبر ولله الحمد
.