​ دراسة: هل تؤثر الأغاني الشعبية على سلوك الأطفال؟

ظهر على الساحة المصرية خلال الفترة الأخيرة أنواع مختلفة من الغناء جاء على رأسها الغناء الشعبي وما يعرف بـ(المهرجانات) الذي انتشر وبشكل كبير وأصبح له معجبوه ومستمعوه، ومن أهمهم الأطفال الذين تأثروا به وأخذوا يرددون الأغاني الشعبية ويحفظونها مما انعكس على مفرداتهم واللغة التي يستخدمونها فيما بينهم.

يتفق الكثيرون على أن الأغاني الشعبية الحالية هي نتاج لا يرقي إلى المستوي الفني والاجتماعي أو إلى المستوي اللغوي، بل هي حالة من تدني مستوي الأغاني، خاصة أن الأطفال هم أكثر الفئات المتأثرة بها، بل ويتخذون من مفرداتها ولغتها قاموسا يتعاملون به فيما بينهم كلغة سرية غائبة عن الآباء .

وفي دراسة صدرت عام 2016، للباحثة مي أحمد السيد بمعهد الدراسات العليا للطفولة قسم الإعلام وثقافة الأطفال بجامعة عين شمس عن الأغاني الشعبية الشائعة وعلاقتها بتبني الأطفال أنماطًا مغايرة للغة الاجتماعية، أوضحت الدراسة أن الألفاظ والمعاني الواردة في الأغاني الشعبية غالبًا تصنع من قبل فئات معينة وهي الأكثر تأثيرًا على الأطفال كونهم يريدون خلق لغة سرية، ولأنهم يجدون لغة الأغاني الشعبية مغايرة عن الواقع والعامية المتداولة فيقومون باتخاذها لغة خاصة بهم.

تم إجراء الدراسة على الأطفال من عمر 9 سنوات إلى 12 عامًا من مختلف المدارس الابتدائية والإعدادية الحكومية والخاصة، وأوضحت الباحثة أنه من خلال الدراسة تبين أن هناك تعرضا دائما للأطفال على الأغاني الشعبية، وأن الأطفال يحفظون الأغاني.

كما أكدت النتائج أن هناك أطفالا يفهمون الأغاني الشعبية بمجرد سماعها مرتين فقط، فيما أكد البعض الآخر أنهم يهتمون بحفظها وترديدها دون فهمها، في حين أن معظم الأطفال يستخدمون الألفاظ الواردة بالأغاني الشعبية في الحديث.

وعن تأثير الأغاني الشعبية الشائعة حاليًا على سلوك الأطفال تقول أستاذة علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية الدكتورة شادية قناوي، في لقاء صحفي سابق: معظم صناع الأغاني الشعبية يروجون لها بلا ضوابط، فهم يهتمون بالربح وكذلك القنوات الفضائية التي أصبحت تذيع كل ما يقع في طريقها سواء الجيد أو المبتذل دون وعي بأن هذه الأغاني تغزو عقول الأطفال وتؤثر عليهم بالسلب.

تتابع: الطابع الحاد الذي تقدم به الأغاني الشعبية في وقتنا الحالي والموسيقي الصاخبة التي تتبعها تجعل الطفل حاد الطباع يميل إلى العشوائية وعدم النظام، كما أن الأغاني متاحة طوال الوقت على معظم الشاشات يتابعها الصغار لفترات طويلة، خاصة في ظل انشغال الأب والأم، كما أن هذه الأغاني أخذ كتابها يجمعون مفرداتها من هنا وهناك دون الاهتمام باللغة، بما يساهم في تشويه لغة الأطفال ومفرداتهم.

تضيف: غياب الأغاني المخصصة بالأساس للأطفال هو السبب الرئيس وراء انسياق الأطفال خلف الأغاني الشعبية الهابطة، فمن خلال عقد مقارنة بين أغاني الماضي والحاضر، نجد انعدام الرقابة على الأغاني في الوقت الحالي، كما أنها تفتقد إلى اللغة الفصحي والعامية على حد سواء، فاللغة الواردة بها تفتقر إلى المعنى والهدف، أما في الماضي فكانت هناك أغانٍ موجهة للأطفال تتميز بلغتها العامية السهلة على أذن الطفل وتمنحه الهدوء النفسي والطاقة الإيجابية والعادات الحسنة، كما أن الموسيقي المستخدمة بها هادئة ومناسبة للأطفال، مثل أغاني محمد فوزي (ماما زمانها جاية)، وصباح (حبيبة أمها) وغيرها.

من جانبه قال أستاذ علم الاجتماع، الدكتور محمد غنيم، في لقاء صحفي سابق: إن أغاني الماضي كانت تعد أطفالا ماهرين لغويًا واجتماعيًا، أما الآن فنجد الجميع يهتم بالمادة فقط، ما يفسر ازدياد عدد الأغاني الشعبية يوميًا، مشيرًا إلى أن معظم الأغاني التي تعرض تخلق جيلا فقيرًا من ناحية التذوق، بالإضافة إلى أن الأداء الحركي للمطربين في الأغاني المصورة يخلق جيلا عنيفًا لا يملك اللغة الصحيحة أو الأداء السليم.

ويشير غنيم إلى أن الأغاني الشعبية الهابطة تلوث لغة الطفل وتغرس فيه سلوكيات سلبية، بالإضافة إلى أن اندماج الطفل مع هذه النوعية من الأغاني يجعل منها قدوة في نفوس الأطفال، فيستمدون منها المعاني المختلفة، كما أنهم يقومون بتقليد الحركات التي يفعلها المطربون ومتواجدة على الشاشة على مدار الساعة، وبالطبع معظمها حركات غير مهذبة لا تناسب الأطفال.

ويوضح أنه على الرغم من أن التصدي للأغاني الشعبية الهابطة أو منع الأطفال عن الاستماع لها، يبدو صعبًا، إلا أنه لابد أن تكون هناك رقابة إلى حد ما من جانب الآباء للحد من اندماج الأطفال مع هذه الأغاني، كما يجب أن تكون هناك رقابة فنية على المحتوي والكلمات واللحن الذي يعرض في النهاية على الجمهور ويتأثر به الأطفال، وضرورة عودة أغاني الأطفال مرة أخري بمحتواها الجيد ومعانيها المناسبة للطفل.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم