- دراسة حصرية - أبو العربي مصطفى
خلق الله سبحانه البشر وغرس فيهم الفطرة السليمة المستقيمة، ورسم سبل هذه الفطرة فقال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *َأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}(الشمس: 7، 8)
إن العقل ميزان يزن به الإنسان أمور حياته وخطط مستقبله، ويتعرف به على الصالح والطالح، والفطرة ميزان آخر، فإذا كنا بالعقل نتعرف إلى الله ، فبالفطرة نعرف أخطاءنا ، لأن الفطرة مقياس نفسي في طريقه الذي يسلكه سواء للحق أو للباطل، فإن كانت النفس غنية بنور الله سبحانه بصرت بفطنتها مكنونات الطريق وسلكت طريق الهداية، أما إذا طمست عليها فلم ترى إلا الأهواء لها إله صارت عبده لهذا الطريق الذي لا يكاد يبصر فيه شيء.
لكن من رحمة العلى القدير أن أرسل رسلا وأنزل كتابا، واصطفى مصلحين وعلماء يبصرون الناس بطريق الهداية الذي ربما يضيع وسط الصراعات النفسية.
لقد نطق ربيعي بن عامر بكلمة مدوية سجلتها قلوب البشرية قبل كتبها موضحا معالم الطريق النبوي الذي سلكه كل مؤمن فقال: الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
هكذا نطقت الفطرة السليمة التي ارتضاها الله لعبادة، وصار على هذا المنهج كل مؤمن ومصلح، يسلم كل عالم مصلح راية الإصلاح لمن جاء بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
والإمام حسن البنا فهم هذه المفاهيم الربانية وتشربها قلبه فصرخ بأعلى صوته أن الله هو الغاية والرسول هو القدوة والقرآن هو الدستور، ولم يكتف بنفسه بل عمل على غرس هذه المعاني في كل قلب آمن بالفكرة والدعوة، والذين حملوا هذا المنهج الرباني وانطلقوا ينشرونه وسط الناس غير مبالين بعراقيل أو محن، أو إعراض البعض عنهم، فأينعت حركتهم الدوؤب برجال ونساء عرفوا معنى دينهم الحقيقي، وأبصروا السهام التي يقذفهم بها أعداء هذا الدين ولا يريدون من ورائها إلا تدمير هذه الأمة المحمدية.
سهام مسمومة
ابتليت هذه الأمة بالحرب الضروس من كل الأمم التي لا تريد للأمة المحمدية التواجد في هذا الكوكب، فعمدوا إلى وقف الزحف الإسلامي الذي يتغلغل في القلوب بشتى السبل المختلفة، فلم يتركوا وسيلة إلا وانتهجوها في محاولة لوقف هذا الانتشار الرباني الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: [ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر]( رواه جماعة).
فأعداء الإسلام لا يألون جهداً في محاربة هذا الدين والقضاء عليه بكل وسيلة، فتارة بالسيف، وتارة بإثارة الفتن، وأخرى بنشر المجون واللهو (كأس وغانية يفعلان في الأمة المحمدية مالا يفعله ألف مدفع)، ومن ثم أغرق هؤلاء الأعداء الأمة بكل ما يبعدها عن دينها ونهج نبيها صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:"{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(الصف:8).
قيل لوزير المستعمرات الفرنسي لاكوست: لماذا ما تأثرت الجزائر وقد مكث الاحتلال فيها (129 عاما)؟ قال: "وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا ؟!(1)([1]).
فعمدوا إلى شرب الخمر وتحرير المرأة، وجلب المخدرات والحشيش، كما نشروا الملاهي الليليّة وفرق الرقص، وتشجيع السفر إلى البلاد التي اشتهرت بالفجور والسماح بالعرى في الشواطئ وعلى البلاجات، قال كرسوا:" جهودكم على أن تملئوا هذا الجيل بالشهوات، قدموا له المرأة العارية والمجلة الخليعة وكأس الخمر".
هذا غير الكتب والقصص الجنسية التي لا تتورع عن تزيين سُبل الفساد للشباب بصفة خاصة، ونشر الفرقة ومن أسباب تفريق المسلمين تشجيع الحركات والمذاهب المعادية للإسلام، هذا غير نشر كل أنواع الموبقات، والتي استجاب لها نفر كثير.
صحوة تربوية
عاش حسن البنا وسط هذا المجتمع المتلاطم بالفتن، فعمد والده إلى حسن تربيته وغرس القيم الإسلامية فيه، فنشأ على كتاب الله وسنة نبيه، وكان يحلم أن يكون مرشدا معلما، يصف ذلك: وهو أن أكون مرشداً معلماً، إذا قضيت في تعليم الأبناء سحابة النهار، ومعظم العام قضيت ليلي في تعليم الآباء هدف دينهم، ومنابع سعادتهم، ومسرات حياتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة(2)([2]).
ولذا انطلق يعالج الآفات التي انتشرت في المجتمع ويتصدى لها هو وإخوانه الذين حيت قلوبهم وحملوا راية الإصلاح مع كوكبة من علماء هذه الأمة.
هذا العلاج الذ لامس قلوب أولى الأمر فبادر بعضهم بالعلاج مع الإخوان الذين رسموا الطريق للجميع، فقد كتب أحد رجال البوليس - في بداة نشأة دعوة الإخوان – يصف ما قامت به من تحولات في أخلاقيات المجتمع، فكتب يقول: إن كثيرًا من الذين لم تنفع معه وسائل التأديب البوليسية ولم تردعهم عن ارتكاب بعض الزلات، قد أفلحت معهم الوسائل الروحية التي تؤثر به جماعة الإخوان على نفوسهم، فصاروا مضرب المثل في الاستقامة والصلاح، وأقترح أن تشجع الحكومة وتعمل على تعميم فروع هذه الجماعة في البلاد حتى يستتب الأمن ويعم الصلاح(3).
إصلاح منذ البداية
لم يترك الإخوان أي داء يخالف شريعة الرحمن، وينزل الضرر بالأمة إلا قاوموه وتصدوا له، ومنها محاربة الخمر والميسر والمخدرات والتي كانت سببا في فساد المجتمعات وانهزاميتها النفسية.
فكان قلم الأستاذ البنا وخطبه من اسرع ما كتب – وهو ما زال طالبا – عن المقامرة والميسر والخمر وما يحاك لهذه الأمة، فتحت عنوان [أضرار المقامرة، ومشروع ساحل الفيروز] تحدث الشيخ البنا ف محاضرة في جمعية الشبان المسلمين حيث قال: سيتناول كلامنا الليلة -إن شاء الله- موضوع "أضرار المقامرة"، وهو موضوع حدا بى إلى اختياره -على جفافه- أمور: أولها مشروع ساحل الفيروز الذى تكلمت عنه الجرائد في هذه الأسابيع، ذلك إلى ما نشر من تصريح الحكومة بفرع "للتيرو" بمصيف رأس البر، وإلى ما نشر أيضًا من ضبط محال للقمار كانت تضم كثيرًا من الموظفين وذوى المكانة بالأقصر، وإلى ما نشر من أن حكومة لبنان عينت مفتشين للتفتيش عن أماكن المقامرة، وما أذاعه مكاتب المقطم الإسكندري اليوم عن سرقة 13ألف جنيه من محل معروف من محال البورصة مدفوعًا إلى ذلك بجريمة المقامرة، كل هذه الحوادث حركتني إلى أن أتكلم عن بعض أضرار القمار بين شبابنا، وعلى مسمع الشبان المسلمين، لا لأنهاهم، بل لينهوا غيرهم، وسيدور كلامنا إن شاء الله حول النقط الآتية:
الدوافع النفسية إلى القمار، أضراره الخلقية، أضراره الصحية، أضراره المالية، أضراره الاجتماعية، أضراره الدينية، المشروع الجديد وخطره، واجب الأمة نحوه، الوقاية ضد القمار.
اللاعب أيها السادة يبتدئ اللعب مدفوعًا بغريزة الأثرة والطمع، ويستمر في لعبه متأثرًا بغريزة حب القهر والغلبة، ويعاود اللعب مسوقًا بغريزة حب الانتقام، وكل هذه الغرائز سافلة وضيعة، لا تمتُّ إلى الشرف بصلة، ولا تعرف لها الإنسانية رسمًا، فاللاعب في كل أدواره خاضع لدافع وضيع، فعمله لذلك وضيع يدفعه إلى الهلاك وإلى الجريمة، ويقتل في نفسه عواطف الإنسانية والشرف(4).
وكتب عن حوادث تكسير الحانات وما جلبه الخمر على الأمة: بدت في الأيام الأخيرة ظاهرة واضحة من الشعور القوى بأخطار الانحلال الخلقي الذى يسود المجتمع المصري ويستنزف كل معانى القوة والرجولة منه، وارتفعت أصوات كثيرة بوجوب التفات الحكومة إلى هذه النواحي ووضع حد لهذه الإباحية، ولا تعدل الحرية التي تسهل على كل راغب في الفساد أن يصل إلى رغبته من أهون السبل ومن غير رادع من عرف أو قانون. ومهمة الحكومة -كما هو معلوم- حياطة المجتمع وحماية الشعب من كل مظاهر الفساد حتى من نفسه إذا أساء أحد استخدام حريته، وهى بهذا الحق تحجر على السفيه وتحرمه حقه الطبيعي في التصرف بما له؛ لأنه أساء استخدام هذا الحق – وكثير من الناس يستحق حجرا اجتماعيا باسم القانون؛ لأنه يسئ استخدام حريته الفردية والاجتماعية، ويشيع الفاحشة والإفساد بين الناس، ومن هؤلاء مدمنو الخمر، ومدمنو المقامرة، وأحلاس بيوت الفجور، وقعدة المقاهي والمشارب والبارات والصالات إلى غير ذلك من هذه البؤر التي تقتل الروح والعقل والنفس والشرف والقوة والمال(5).
كما أرسل خطابًا إلى معالي وزير العدل أحمد محمد خشبة حول هذه الحوادث جاء فيه تذكيره بدعوة الإسلام لأبنائه إلى محاربة الخمر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتحذير من المعصية، ومناصرة الحق مهما كلفهم ذلك، ومقارعة الباطل مهما كان عاليًا، وحمل الناس على الفضائل بعد أن فشت فيهم الرذائل، مشيرًا إلى أن الخمر التي هي أم الخبائث، ومركز الجرائم، ومصدر الكبائر، وأساس الموبقات والمهلكات، ما فشت في أمة إلا استنزفت عقلها وأثمن ما لديها، ومالها وهو قوام حياتها، وشرفها وهو ملاك دينها، ولهذا حرمها القرآن وجعلها رجسًا من عمل الشيطان.
وطالبه في نهاية الأمر أن يتقدم للحكومة عاجلاً بتشريع حازم يقضي على هذه الفوضى الخلقية، ويحمي الشعب من الخمر والبغاء والمهالك والآثام(6).
الإخوان والتصدي للخمر
اعتبر الإخوان أن الخمر أم الخبائث حيث انطلقوا في منهجهم من قول الله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(المائدة90)، ولذا عمل على القضاء عليها وإيجاد مجتمع بلا خمر سواء عن طريق صحفهم أو الخطب والمواعظ أو تقديم المشورة لذوي السلطان للقضاء عليها أو جذب الشباب إلى النافع والصالح لهم بعيدا عن الخمر.
فكان من أهداف التربية الجسمية أن يكون الجسم صحيحًا خاليًا من الأمراض، ولذلك أوجبت الجماعة على كل عضو من أعضائها أن يبادر بالكشف الصحي العام، وأن يأخذ علاج ما يكون فيه من أمراض، وأن يهتم بأسباب القوة الجسمانية، وأن يبتعد عن أسباب الضعف الصحي فيمتنع بتاتًا عن التدخين، وأن يتجنب كل خمر ومسكر ومفتر كل الاجتناب، وألا يشرب البن والشاي إلا لضرورة، وأن يهتم بالنظافة في كل شيء(7).
جاءت هذه التكليفات بعدما انتشرت الخمر وأصبحت متاحة للجميع، وفي كل مكان حتى أن الصحف والإعلانات اصبحت بضاعتها الرائجة الإعلان عن الخمر والمشروبات الكحولية.
ومن ثم عمل الإخوان على مقاومتها بشتى الوسائل المشروعة لاقتلاع جذورها، وتعاونوا مع أطباء وعلماء وخطباء في توعية الناس بمضار هذه الخمور الدنيوية والدينية، والتنديد بما ينتج عنها من شرور في الصحف والمجلات وفي الخطب وفي النشرات، ولم يكتفوا بذلك بل عمدوا لإنشاء الجمعيات لمحاربة المسكرات؛ كجمعية "منع المسكرات" التي لم تدخر جهدًا في تبيان ضرر المسكرات، ومحاربته بكل الوسائل الممكنة، فكانت ترسل إلى كل جريدة تنشر إعلانات عن الخمور رسالة رقيقة هذا نصها:
"لاحظنا أن جريدتكم تنشر بعض الإعلانات عن الخمور، لهذا رأى مجلس إدارة جمعيتنا أن يكتب إلى حضرتكم راجيًا الكفّ عن هذه الإعلانات ورفضها لأن فيها تشجيعًا على الخمر وترويجًا لها في المملكة المصرية الإسلامية، ولا نخالكم إلا متفقين معنا في الأضرار الجسيمة التي يسببها هذا الداء الوبيل، وعاملين معنا على محوها، مجاهدين مخلصين مساهمين في هذا العمل الإنساني الجليل، ومن أجدر من الصحافة وأحق بمساعدتنا في دعوتنا هذه، ولا يخفى علينا أن في الأمر تضحية مالية، ولكن مثلكم من يضحي بالمادة في سبيل المنفعة العامة وفي سبيل الخير للبلاد. وفي انتظار ردكم أرجو أن تتنازلوا بقبول وافر شكر الجمعية لحضرتكم سلفًا.. والسلام(8).
وكتب محمد عبد الباسط بركات ينتقد تسابق الصحف عن الاعلان عن الخمور في مقال بعنوان: "الصحف وإعلانات الخمور" ذكر فيه أن أكثر الجرائد بل جميعها صباحية كانت أو مسائية، يومية أو أسبوعية أو شهرية تتسابق في الإعلان عن هذه السموم وتتفنن في طريق الدعاية لها وسبل ترويجها، فهذه الأهرام تقوم بنشر صورة المشتركين الرابحين في مسابقة "كونياك أوتار" وهذه غيرها تكتب بالخط العريض في صدرها "معيد الصحة والشباب، باعث القوة والنشاط هو كونياك كذا اللذيذ" وأخرى تحلي جيدها بصورة زجاجة تكتب تحتها: "صديقك في وحدتك وأنيسك على مائدتك هو ويسكي كذا الأصلي" وثالثة تكتب في أولى صفحاتها "نزهة المجالس وزهرة المحافل هي بيرة كذا الطازجة" وهكذا لا تغفل واحدة منها كلمة مدح أو جملة ثناء إلا وتكيلها لهذه الأنواع وتكتبها في هذه الإعلانات، وكان الأجدر بها أن تحارب هذه السموم وتضحي بالأرباح في سبيل المصلحة العامة.
فلتتق الله صحافتنا ومجلاتنا في شبابنا الذين تستهويهم الفرنجة ويسلب لبهم القول المزخرف والكلام المعسول، وليتقوا الله في سواد الشعب الذين يتبعون أول ناعق ويهيمون وراء كل داع وليتقوا الله في أطفالنا وصبياننا الذين يصدقون كل ما يقال لهم أو تقع عليه عيونهم في نواحي بيئتهم(9).
كما نشر الإخوان في صحيفتهم الغراء مقالات عدة تحذر من شرب الخمر وتبين مضارها الاجتماعية والخلقية والمالية فضلاً عن تحريمها الشرعي، كمقالة بعنوان "الخمر وضررها" كما نشروا بحثًا طبيًا في عددين متتاليين عن أضرار الخمر على صحة الإنسان وهو بعنوان: "بعد ثلاثة عشر قرنًا، ونصف قرن، الطب الحديث يترسم خطى الإسلام" للدكتور حامد البدري.
والبحث في مجمله يبين الأضرار الطبية لشرب الخمر وما يحدث لمدمن الخمر من الأمراض ابتداءً من تأثيرها على الفم واللعاب، وكذلك المريء والمعدة وعلى الجهاز الهضمي والعصبي، وعلى صحة الإنسان عامة، وكذلك تتضمن آراء الأطباء المشهورين فيها.
كما خاطبوا ولاة الأمور ورفعوا إليهم طلبات بأن تسعى الحكومة لمنع الخمور وتأخذ الإجراءات اللازمة لذلك.
ولا تعني مطالبة الإخوان بتغيير هذا المنكر عن طريق الحكومة بأنهم سيغضون الطرف عن بعض تجاوزاتها في ذلك الصدد، فلقد هاجمت صحف الإخوان المفاوضات التي جرت بين وزير اليونان ووزير المالية المصري في شأن تخفيض الرسوم الجمركية على النبيذ الصادر من اليونان وقالت: "عجيب والله عجيب جدًا أن نطالب بتخفيض المكوس على الخمر التي هي أس بلايانا ومنبع شرورنا، وأصل الداء فينا وسبب خسارتنا، وشقائنا، الخمر المحرمة في ديننا – دين الدولة الرسمي - الخمر التي هي رجس من أرجاس الشياطين والتي أمرنا باجتنابها.. الخمر التي تضر بأجسامنا فتفتت الكبد.. وتذهب بعقولنا.. الخمر التي تضر بكبيرنا وصغيرنا، وغنينا وفقيرنا، شبابنا وفتياتنا، والتي تبتلع أموالنا وثروتنا وتهدم قوانا وعزتنا وتودي بعقولنا وحيويتنا، وتعرضنا أخيرًا لعقاب المولى تبارك ووتعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا يجزي عنا "مخالي ويني" شيئًا.
عجب وألف عجب أن نطالب بتخفيض الرسوم على هذه السموم.. ليرخص ثمنها ويسهل تناولها ويستطيع المعدم الفقير أن يحتسيها ويتعاطاها وهم يعتقدون أن ما يطلبونه إنما هو خدمة للمصريين المسلمين خاصة يجب أن تضاف إلى خدماتهم الكثيرة التي تترى في كل وقت علينا، والتي ننعم في ظلالها من تهريب المخدرات وابتزاز أموال إخواننا الريفيين بالربا الفاحش، وفتح دور الملاهي كالمراقص والسينما والتمتع بالامتيازات الأجنبية والعض عليها بالنواجذ(10).
وكما هاجم الإخوان الحكومة على محاولة توفير الخمر بسعر رخيص ليكون في متناول الناس، شكروا جهدها حينما سعت للإصلاح على الرغم من كونه اصلاح جزئي حيث شدد الإخوان على استكماله وإلغاء الخمر تمام فجاء في صحيفتهم: فشكرنا للوزارة هذا الصنيع ولكن للأسف ها هي الهند الوثنية أخذت تستكمل نهضتها شيئًا فشيئًا حتى قررت أخيرًا تحريم الخمر تحريمًا مطلقًا في أقاليمها، وبعزيمة صارمة استطاعت أن تحقق رغبتها.
أما في مصر فإن الشعب بات يترقب ماذا تريد أن تصنع الحكومة في هذا المضمار، وأخيرًا تمخض الجبل فولد فأرًا، والله يشهد أن الحكومة العاجزة عن منع الخمر إطلاقًا غير جديرة بالوجود، فلا أقل من أن تتأسى بمقاطعات الهند.
ولقد كتب أحد شعرائهم يصور ما يحدث على الشواطئ فقال:
ففي البحر أقداح الخلاعة تحتسى وفي البر أقداح تدار من الخمر!
كما استخدم الإخوان الكتابة الأدبية للتنديد بهذا الداء الذي استشرى فكتب عبدالرحمن الساعاتي مقال أدبي بعنوان (جنون وخبل) قال فيه: خمر استبيحت بسلطة القانون وزعم المدنية فلا يعاقب شاربها ولا يصادر بائعها، ولا يضرب على أيدي المدمنين الذين كثر سوادهم وعظمت جرائمهم، وفسدت عقولهم واعتلت جسومهم، وذهبت أموالهم وتشرد أبناؤهم وأيمت زوجاتهم، ورزئت بهم الأمة والملة وشقيت بحياتهم الأيام والسنون فذوقي أيتها الأمة التي حكمت بغير ما أنزل الله وبال أمرك واسمعي قول ربك. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 90].
ولقد ارتفعت الأصوات من كل مكان بوجوب تدخل الحكومة لوضع حد لهذا الفساد والقضاء عليه بالقانون، خاصة بعدما ذكر وزير المالية ذكر في مجلس النواب أن كمية الويسكي المستوردة خلال الستة أشهر الأولى من عام 1945م بلغ 34 ألف صندوق من اسكتلندا، و7830صندوقًا من أمريكا، وقد منحت هذه التراخيص لوكلاء مصانع الإنتاج البريطانية وللوكلاء المعتمدين لمصانع أمريكا وأستراليا(11).
وقد استمر الإخوان في مطالبة الحكومة بإصدار تشريع لتجريم الخمر، كما دعا الإخوان العلماء ومن ورائهم الأمة أن يطالبوا الحكومة بتحريم الخمور وتطبيق الشريعة الإسلامية، فإذا لم تفعل الحكومة شيئًا من هذا وجب نواب الأمة أن يسحبوا ثقتهم منها ويسقطوها، وإذا لم يفعل النواب ذلك أصبح لزامًا على الأمة التي انتخبتهم ألا تمنحهم ثقتها مرة أخرى، وتنتخب نوابًا استقاموا في أنفسهم وأخذوا بتعاليم الإسلام، وبذلك يمكن القضاء على كل منكر بقوة القانون وحكم النظام.
وقد اعتبر الإخوان أن إباحة الخمر أحد مظاهر الفساد الرئيسية في المجتمع، والتي إذا تم القضاء عليها فإن جانبًا كبيرًا من الفساد يكون قد تم علاجه، ولذلك فإن الإمام البنا عندما أراد خوض الانتخابات التشريعية عام 1942م، واعترض على ذلك الإنجليز وطالبوا النحاس باشا بإجبار الإمام البنا على التنازل، وأبلغ النحاس الإمام البنا بذلك وطلب منه التنازل، وقد آثر الإمام البنا مصلحة مصر وتفويتًا للفرصة على الإنجليز أن يتنازل، ولكن في مقابل عدة شروط على الحكومة تحقيقها كان منها: إصدار تشريع بتحريم الخمر، وقد تعهد النحاس باشا بتحقيق ذلك(12).
وقد حارب الإخوان كل أنواع المسكرات والتدخين، وكان في ذلك الوقت قد بدأت ظاهرة سيئة تنمو في المجتمع وهي تدخين السيدات وشربهن البيرة والمسكرات، وقد انتقدت صحف الإخوان ذلك بشدة محملة الآباء والأزواج والإخوة والأقارب مسئولية هذا التدهور الأخلاقي، فلولا تخنث الرجال ما استرجلت النساء.
لم يقتصر الأمر على المركز العام في القاهرة، أو صحف الإخوان فحسب بل بادرت شعب الإخوان بالعمل على محاربة الخمر في مدنهم وقراهم، فقد تباحث الإخوان في الطرق الفعالة لمحاربة الخمر والميسر بالقناطر ثم قرروا من أجل ذلك ما يأتي:
أولاً: تكوين وفد من حضرات عبدالله هاشم وفائي، إسماعيل عبد التواب، علي محمد عمر، محمد عبدالله الشيمي، محمد محمد سالم لمقابلة حضرة ملاحظ السويس وعمدة القناطر بصفتهما ممثلي الحكومة والتحدث معهما في طرق محاربة الخمر والميسر والعمل على القضاء عليهما بسلطة الحكومة حتى إذا لم تُجْدِي عول الإخوان على محاربتهما بطرق قانونية مشروعة.
ثانيًا: طبع نداء لتذكير الغافلين على أضرار الخمر والميسر الدينية والأدبية والمالية والخلقية وتوزيعه على أهالي القناطر الخيرية، وإرساله إلى "مجلة الإخوان" ليطبع بها.
ثالثًا: قيام أعضاء الجمعية مساء السبت 9شوال سنة 1354هـ بعد صلاة العشاء لزيارة بعض المقاهي البلدية والتحدث إلى من فيها عن الأضرار التي تنجم عن ارتكاب أم الكبائر والميسر.
رابعًا: إخطار حضرة صاحب الفضيلة إمام مسجد الأوقاف بخطاب مستعجل للفت نظر فضيلته إلى ما آلت إليه الحالة من انتشار الخمر والميسر، رجاء أن يكون موضوع خطبته في يوم الجمعة 8شوال سنة 1354هـ في محاربة الخمر والميسر وتبيان أضرارهما الأدبية والدينية والخلقية(13).
لقد عمل الإخوان على تجميع الجهود دون العمل في هذا المجال منفردين ، فرفعوا هم وشباب محمد صلى الله عليه وسلم والجمعية الشرعية مذكرة إلى وزير الداخلية بالنيابة جاء فيها: أن منكرا استفحل أمره وعظم خطره كاد يطوق أعناق الأمة بأغلال لا قبل لها بها ألا وهو الخمر, إذ انتشرت في هذه الأيام حانات الخمور انتشارا لم تعهده أمة دينها الرسمي الإسلام.
كان لهذه الجهود أن حرم القانون تقديم مشروبات روحية أو مخمرة بالنوادي إلا بعد الحصول على رخصة من وزارة الداخلية كذلك( المادة الثالثة عشرة) وحددت المادة الخامسة عشرة المواعيد التي يجوز فتح النوادي فيها وحظرت المادة الثانية عشرة السماح للقصر أو للمحجور عليهم من الأعضاء بلعب القمار كما حرمت المادة الثالثة عشرة تقديم مشروبات روحية أو مخمرة لهم أو لمن هم فى حالة سكر بين، كما حظرت استخدام النساء فى تقديم هذه المشروبات(14).
الإخوان والقمار واليانصيب وجها لوجه
لم تقتصر جهود الإخوان على التصدي للخمر فحسب، بل بحثوا عن كل مظاهر الخلل التي ضربت جوانب المجتمع واستشرت كالنار في الهشيم وبدأوا في التصدي لها وتهييج الرأي العام ضدها، ومنها القمار والميسر الذي دمر البيوت، وخرب الشركات.
فقد فتحت صحف الإخوان أبوابها لكل من يندد بهذا الداء، حتى جاء فيها: والميسر داء قتّال انتشرت جراثمه بين الطبقات؛ غنيها وفقيرها، عظيمها وحقيرها انتشار جراثيم الأوبئة في جسم الإنسان فعمت الأرجاء جميعها فترى دوره في كل وقت مكتظة باللاعبين.
وكان منتشرًا في هذه الفترة من أنواع الميسر الشيء الكثير مثل أوراق اليانصيب وباروليهات السباق، والبردج، وما إلى ذلك، وكلها مباحة مرخص فيها، وهي بالوعات تبتلع أموال الأغنياء وتكتسح أوراق الفقراء.
فتصدى الإخوان المسلمون لهذه الموبقات، وبينوا للناس أن لعب الميسر مغضب للرحمن وجالب للعداوة والبغضاء، وكم أفسد من أخلاق ودنس من نفوس، وأتلف من أموال وأضاع ثروات كبيرة، وهدم بيوتًا مجيدة وجر لأصحابها الدمار والوبال، ولذلك أجمعت الشرائع الإلهية على منعه وتحريمه، وقرنه الله تعالى بالخمر والانصاب والاستقسام بالأزلام فهو رجس من عمل الشيطان.
كما كشفوا عن خطره على المجتمع، إذ "الميسر يهدم صروح المدنية ويدك أطوارها، فما انتشر في أمة من الأمم حتى ولو كانت من أعظمها تمدينًا ورقيًا إلا وذهب بأبنائها إلى الحضيض، وكان وبالاً ودمارًا عليها فتصبح ذليلة مسكينة لا يجد أفرادها قوت يومهم فيصبحون في فقر مدقع وخراب عاجل.
وذكروا أن الأسباب الداعية إلى لعب الميسر هي أن الإنسان يحب كسب المال بدون تعب، وأوضحوا أن هذا عمل الجهلاء، لأن الإنسان خلق ليعمل لا ليكسل، خلق ليجهد لا ليلهو.
لكل نقيصة في الناس عار وشر معايب المرء القمار(15)
بل تتبع الإخوان هذا الداء حتى في موالد الأولياء والتي أصبحت ملتقى مثمر لهذه البضاعة وعملوا على محاربتها ففي أبي تيج حدث في مولد أحد العارفين إباحة الخمر والميسر وحضور العاهرات مما كان له أفظع النتائج.
كما استخدموا كل الوسائل المشروعة لمحاربته فكتب علي يوسف علام قصة في رسالة بعث بها إلى ابنة صديقه، يحكي لها عما سببه القمار لها ولعائلتها من ضياع وتشريد، يوم أن دخل ذلك البيت الهادئ المنعم بالاستقرار، فعلم والدها لعب القمار، ثم شرب الخمر حتى هوى وانغمس في الإثم الذي أودى به إلى مستشفى الأمراض العقلية، وانفرط عقد الأسرة، فخرجت إحسان، وهي الفتاة الجميلة تبحث عن لقمة العيش، فما وجدتها إلا في امتهان البغي، وهكذا سقطت هي الأخرى في بحر الرذيلة، والآن قد شعر بجسامة خطئه، وقرر أن ينهي حياته تحت عجلات الترام.. ينهي حياته بجريمة أخرى.. بدأها بالقمار وأنهاها بالانتحار، ولعل الكاتب أراد أن يبين أثر القمار في هدم الأسر والقيم من خلال هذه القصة من وحي القلم(16).
لقد تعددت أشكال القمار والميسر لكن كان أخطرها – حتى أن بعض الوزراء والسياسيين كانوا يقامرون فيها – هى مراهنات سباق الخيل، حيث إنها كانت تتم تحت سمع وبصر الحكومة، بل إن الحكومة كانت تنظم الكثير منها، وكان أحمد ماهر باشا لاعبًا مشهورًا في مراهنات سباق الخيل، وله جياد تجري باسمه، والأدهى من ذلك أنه كان عضو في لجنة التحكيم، وكذلك يس بك أحمد النائب العام الذي كان يشارك في هذه المراهنات وقد ربح في إحدى المرات بريال واحد مبلغ 21جنيهًا، وقد انتقدت مجلة "النذير" ذلك معتبرة أن هذه الأمور مخالفة صريحة للشرع، فالمفروض في الوزير أن يمنع الناس عن المنكر والمعاصي ومن بينها سباق الخيل كنوع من الميسر، أما إذا وقع الوزير في ذلك كان جزاؤه شرعًا ودينًا العزل فضلاً عن القصاص في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد.
وعندما نشرت بعض الصحف أن الدكتور أحمد ماهر وزير المالية اجتمع مع وفد يمثل أعضاء أندية السباق، وعرض عليهم أن يكون للحكومة 10٪ من ربح الأفراد حتى يزيد إيرادات الدولة، فإن مجلة الإخوان علقت رافضة ذلك؛ حيث إن هذه الإيرادات من الميسر والمال الحرام، ومهما قيل عن هذه الزيادة وإنها ستصرف على المرافق العامة وستستفيد منها الأمة فإن الإخوان لا يقرونها(17).
وكتب صالح عشماوي: الموقف الطبيعي لوزارة الشئون الاجتماعية والذي يجب أن يتخذ حيال سباق الخيل هو الإلغاء السريع؛ لأنه منكر نهانا الله عنه، وتنفر الأخلاق القويمة منه، لكن أنصاف الحلول لا تجدي، إن طريق الإصلاح واضح لا لبس فيه وهو الحزم والعزم اللذان يرتكزان على أسس الإسلام وتعاليم الشريعة المطهرة.
ورغم كل ذلك فإن الحكومة - بعد فترة - عادت وأعلنت أنها تنوي إنشاء مدينة لسباق الخيل في مدينة الأوقاف الجديدة، على أن يكون ميدانًا حكوميًّا يخصص دخله للإنفاق في وجوه البر والخير، وقد استحث الإخوان العلماء والمفتي أن يرفضوا الأمر، فالجميع يعلم أن سباق الخيل نوع من الميسر، فكيف تنشئ وزارة الأوقاف ميدانًا للسباق في الوقت الذي يطالب فيه المجتمع بإلغاء ميادين السباق؟ وأي خير ذلك الذي ينفق عليه من أموال المقامرة؟(18).
وكان من نتاج الحملة التي قادها الإخوان مع بعض المخلصين من أجل إلغاء الميسر بأنواعه، وعلى رأسه سباق الخيل أن تقدم بعض نواب الأمة بأسئلة إلى الحكومة حول هذا الأمر، فقد تقدم النائب السيد عبد المجيد الرمالي بسؤال لرئيس الوزراء حسين سري مطالبًا إياه بإصدار أمر عسكري بإغلاق جميع المكاتب الفرعية الخاصة بالرهان على سباق الخيل رعاية للأخلاق، ومنعًا لجرائم السرقة وخيانة الأمانة، وأعلن رئيس الوزراء في رده أن الحكومة ألغت مكاتب المراهنات البالغة 52مكتبًا إلا خمسة منها ثلاثة بالقاهرة واثنان بالإسكندرية لتفادي انتشار المراهنات الخفية حتى يعدل القانون رقم 10لسنة 1922 في وقت قريب، لكن يبدو أن شيئًا من ذلك لم يتم فعلاً، حيث إنه بعد أكثر من ستة أشهر تقدم النائب حسين شعير بسؤال آخر لرئيس الوزراء حول ما ينوي اتخاذه كحاكم عسكري نحو مكاتب المراهنة على سباق الخيل المنتشرة في أنحاء كثيرة من عواصم البلاد، وكان رد النحاس باشا أن الحكومة قررت إغلاق المراهنات على سباق الخيل لحماية الطبقات الفقيرة، وستتخذ في الحال الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار(19).
والعجيب أن وزارة الداخلية بالاشتراك مع وزارة الشئون الاجتماعية قامتا بإعداد مشروع قانون لتنظيم ألعاب القمار والأندية لعرضه على البرلمان، وذلك بدلاً من تحقيق ما يطالب به الوطنيون بإلغاء الميسر كله
وظلت الحكومة حتى نهاية هذه الفترة تصرح لنوادي المقامرة، وهو ما جعل بعض الصحف تسأل رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي عن الأسباب التي دعته إلى إصدار أمر بالترخيص بفتح نادي عماد الدين للمقامرة.
ورغم أن اليانصيب أيضًا هو نوع من أنواع الميسر المحرم، إلا أن الحكومة كانت تتعامل به، بل كانت تستخدمه تحت هدف الإحسان مثل: تشييد مستشفى، أو بناء ملجأ، أو غير ذلك من وجوه الإحسان.
وقد طالب الإخوان والهيئات الدينية والمصلحون الاجتماعيون الحكومة بإلغاء اليانصيب، وأن تتولى هي تنظيم الإحسان، لكن الحكومة لم تسمع لهم.
وعندما أنشئت وزارة الشئون الاجتماعية استبشر الإخوان خيرًا؛ حيث توقعوا أنها سوف تنظم الإحسان، وستعد العدة لجمع الزكاة، إلا أن ذلك لم يطل حيث تقدمت الوزارة بمشروع اليانصيب الحكومي التي ستتولى الاضطلاع به وتخصص أرباحه للأعمال الخيرية مما جعل الإخوان ينتقدون موقف الوزارة من أنها أقرت اليانصيب بقانون مشروع، حيث يغري على البطالة والكسل، ويقتل روح الكفاح والجهاد والعمل، ولا يبرر ذلك أن تخصص الأرباح للأعمال الخيرية، فالغاية لا تبرر الوسيلة، فيمكن الوصول إلى هذه الغاية عن طريق الزكاة وليس أوراق اليانصيب، حتى وإن قامت بعض الجمعيات الخيرية كجمعية المواساة أو الجمعية الخيرية الإسلامية أو جمعية الشبان المسلمين فإن ذلك جريمة، وعمل هذه الجمعيات لا يعد حجة أو فتوى شرعية تستند إليها الوزارة، ولا ينبغي لوزارة الإصلاح أن تساير الناس في إثمهم.
وكتب الأستاذ عبد الحكيم الوشاحى فى عموده بمجلة الإخوان تحت عنوان «ورقة اليانصيب» يوضح مدى انتشار ظاهرة ببيع ورق اليانصيب حتى أن الطرقات أصبحت مليئة بهؤلاء الباعة ما بين شباب وشيوخ ونساء وأطفال حتى أصبح هذا الشيء المحرم أسهل مشروع للتربح، وتعطلت قدرات وطاقات المجتمع، وجاءت بآثار سيئة على الانتاج، وأصبح التربح من هذا الشيء لا يعود على الأمة بالنفع بل أدى لحالة من السلبية(20).
وحينما وافقت الجمعية العمومية بمجلس الدولة على مشروع القانون الخاص بالأندية الذى وضعته وزارة الشئون الاجتماعية بالاشتراك مع وزارة الداخلية جاء في المادة العاشرة بتحريم لعب القمار بالنوادي إلا بترخيص خاص من وزارة الداخلية ينص فيه بعد دراسة وتقدير على أنواع ألعاب القمار التي يجوز ممارستها دون سواها.
غير أن الإخوان علقوا على هذا القانون بمطالبتهم بسن قانون يلغى الميسر بدلا من القوانين التي تصدر لتنظمه, ولو كانت الحكومة جادة فى حماية المجتمع والأسر من هذه الآفة الاجتماعية لكان يكفيها أن تصدر قانونا من مادة واحدة يحرم جميع أنواع الميسر فى النوادي العامة والخاصة فهذا أجدى لحماية المجتمع، حماية الشباب من الانحراف الذى دمر عصب الأمة, كما دمر البيت المسلم عن طريق تفككها وافتراق الأزواج وتشرد الأبناء.
لقد أدى الميسر والخمر إلى زيادة معدل الجريمة والقتل في المجتمع فقد وصل عدد حوادث القتل فى مصر عام 1947م إلى 102 حالة مقارنة بعام 1946م والتي كانت 79 وهذه الزيادة من جراء ما يحدث فى أندية القمار وذهاب القمر بالعقول وخسارة الأموال(21).
لم يستطع الإخوان أن يضغطوا على الحكومة في إلغاء اندية القمار إلا انهم حققوا نجحا حينما ألغيت في المدن والمديريات، إلا أن هذا الداء ما زال منتشر بترخيص من الحكومة.
الإخوان والمخدرات وجها لوجه
تشغل مشكلة تعاطي المخدرات العالم أجمع لما لها من أثر تدميري على المجتمعات وعاملًا رئيسيًا في الكثير من المشاكل الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والصحية، دفعت الدول لبذل الكثير من الجهد والمال لمحاربة انتشارها، تجنبًا لما ينتج عن آثار المخدرات على الفرد والمجتمع.
فقد قال النفسيون: إن من دواعى تعاطى المخدرات شعور الإنسان بألم نفسى على أثر عمل يثير توبيخ الضمير، فيحاول الإنسان أن يغيب هذا الشعور المؤلم فيلجأ إلى التخدير، والمقامر إن كسب أغراه المال، وإن خسر حَزَبَه الضيق، فهو واقع بين مخالب الرذيلة على كلتا الحالتين(22)
ولذا شكل الإخوان جمعية "منع المسكرات" التي أنشأها الإخوان منذ بداية الثلاثينيات والتي ظلت تعمل على توعية الناس بحرمة هذه المسكرات وضرورة إلغائها لحماية الأفراد والمجتمع، وكان يرأسها في هذا الوقت الأستاذ أحمد غلوش، وقد حاول البعض وخاصة وسائل الإعلام التعريض بالأستاذ غلوش وجمعيته مع أن الحكومة كانت قد انتدبته بصفته رئيسًا للجمعية للسفر لتمثيل مصر في مؤتمر دولي لمنع المسكرات(23).
حيث اقتصرت أهداف الجمعية على الجوانب الاجتماعية والأخلاقية، مثل نشر التعاليم الإسلامية ومحاربة الأمية ونشر الوعي الصحي خاصة في القرى ومحاربة الآفات الاجتماعية مثل المخدرات والبغاء، ومعالجة الأزمات من خلال الوعظ والإرشاد.
لقد حذر الإخوان تحذيرًا شديدًا من تعاطي المخدرات وحرمتها وأثرها الفتاك في هدم المجتمع، فنشروا مقالاً تحت عنوان: "فتوى في حرمة تعاطي المخدرات" حيث وضحوا فيها أثر هذا الداء الذي استشرى في المجتمع عامة ووسط الشباب خاصة، وكيف أنه أداة لتدمير هذه الأمة الفتية(24).
كما كتب عثمان حسين عدة مقالات تحت عنوان "أم الخبائث" وضح فيها الأضرار الصحية والنفسية على الفرد والمجتمع, كما بين حكمها الشرعي والخسائر التي تنجم عنها, وعاب على القانون الوضعي ضعفه في التصدي لها أو فرض قيود عليها, هذا غير قدرته عن التصدي للمخدرات والحشيش(25).
وكتب واحد من الإخوان مقالا جاء فيه:
ورسم للناس طرائق الوقاية بالنظافة التى جعلها ركنا من أركانه فقال: "بنى الدين على النظافة" وبالعادات الصحية الصالحة التى شرعها لمتبعيه، وبتحريم الشهوات القاتلة من الخمر والزنا والمخدرات والمفترات. وبالنهى عن العادات السيئة كالسهر ونومة الصبح، إلى غير ذلك من شتى عوامل الوقاية ونواحيها. وشرع بعد ذلك العلاج فقال "يا عباد الله تداووا فإن لكل داء دواء(26).
لقد انتشرت المخدرات في هذه الفترة إلى حد أن صرح أحد ضباط مكتب المخدرات أن ثمن ما تستهلكه مصر من "الحشيش" خلال أربعة شهور قد بلغ مليون ونصف المليون من الجنيهات، ورأى الإخوان أنه لابد من رفع عقوبة شرب المخدرات إلى الإعدام للقضاء على هذا الوباء قبل أن يستشري ويقضي على المجتمع، وكانت إنجلترا قد استخدمت هذه العقوبة ردعًا للظاهرة(27).
وقد حارب الإخوان كل أنواع المسكرات والتدخين، وكان في ذلك الوقت قد بدأت ظاهرة سيئة تنمو في المجتمع وهي تدخين السيدات وشربهن البيرة والمسكرات، وقد انتقدت صحف الإخوان ذلك بشدة محملة الآباء والأزواج والإخوة والأقارب مسئولية هذا التدهور الأخلاقي، فلولا تخنث الرجال ما استرجلت النساء(28).
وجاء في لوائح الإخوان العمل على علاج الآفات الاجتماعية كالمخدرات والمسكرات والمقامرة والبغاء ونشر الدعاية الصحية، خصوصًا فى القرى والأرياف وإرشاد الشباب إلى الاستقامة: {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا}[الجن: 16](29).
وفي بحث بعنوان "حركة الشبيبة الإسلامية والصناعة الأدبية الحالية في مصر" أشارت الدكتورة كاري ردزنيسكي الباحثة في جامعة هارفارد الأمريكية إلى أن الإمام البنا استطاع أن ينتشل الآلاف من شباب مصر من المقاهي ومواخير المخدرات والمسكرات؛ ليصنع منهم دعاةً للإسلام، ويحولهم من حالة الضياع إلى قوة شبابية تخوض غمار السياسة مزاحمةً أقوى الأحزاب العريقة في مصر(30).
وفي بحث أخر بعنوان (الإخوان المسلمون في التراث الشعبي المصري) يقول الدكتور ديفيد كومونز الأستاذ في جامعة ويكنسون الأمريكية: "إن الإمام البنا أعطى للشباب المصري الذي كان غارقًا في الإدمان على المخدرات والخمور معنى جديدًا للحياة من خلال العلم الذي كانوا ينهلونه من خلال اجتماعات الجماعة ومن خلال قراءتهم لرسائل الإمام البنا، كما أنه استطاع أن يُعيد اندماج هذا الشباب الخامل الكسول في المجتمع المصري ليكون شعلةَ نشاط في العمل الإسلامي(31).
استمرت جهود الإخوان في التصدي لهذه الأمراض ومحاولة علاجها على أرض الواقع، ففي عام 2010م قامت لجنة الشباب بمكتب النائب مصطفى محمد مصطفى عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بالإسكندرية ، بسحب قرعة الدورة الصيفية كأس (معًا نحارب المخدرات)، بحضور قادة الفرق المشاركة في الكأس.
وتأتي الدورة ضمن الفعاليات التي يتبناها نواب الإخوان المسلمين لمحاربة ظاهرة التدخين والمخدرات، ولا سيما بين الشباب؛ بعد أن تخلت الدولة عن مسئولياتها في محاربة المخدرات والتدخين؛ حيث وصلت أعداد المدخنين لمعدلات غير مسبوقة..
وحينما بدأ الإخوان في التفكير بعمل حزب وفق الأطر القانونية والتشريعية، كان على رأس أهدافهم التصدي لهذا الداء العضال، فنجد أن برنامج الحزب قد احتوى على فكر الإخوان في معالجة ظاهرة انتشار المخدرات، حيث جاء فيه:
إن ظاهرة الأطفال الذين يعملون في توزيع المخدرات تعتبر ظاهرة من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع، لأنها تهدد المنظومة الأخلاقية والأمنية له فالتسول والسرقة والإدمان وتجارة المخدرات والاستغلال الجنسي والدعارة كلها جرائم مرتبطة بهذه المشكلة، ولابد من النظر إلى هؤلاء الأطفال باعتبارهم ضحايا المجتمع يحتاجون لمساعدته قبل أن ينظر إليهم على أنهم مجرمون، فلابد من علاج مشاكل السكن والعشوائيات ومكافحة الفقر والمخدرات باعتبارها أسباب لهذه المشكلة(32).
كان لاهتمام الإخوان بعلاج هذا الداء دورا ايجابيا حيث عمدوا لإقامة نواد رياضية يختلف إليها الشباب، ويمارس مختلف ألوان الرياضة وألعاب القوى حتى يبتعد عن المخدرات، ويتردد على المكتبات الملحقة بها، ويتزود من محتوياتها، ويتعود القراءة، كما يؤدي الصلاة في أوقاتها في المساجد التي تضمها أو تكون بجوارها. وكان الشباب يجد فيها ما يشبع هواياته الرياضية، وما يريده من علم وثقافة، وما يوقظ معاني الإيمان في قلبه ويقوي العقيدة عنده وهو يسمع المؤذن فيخف إلى صلاة الجماعة في وقتها، وكان لكل ناد من يشرف عليه من كل جوانب نشاطاته ويحافظ على نظامه وتحقيق رسالته.
آثار التربية الإخوانية
وكان أبلغ تأكيد على محاربة الإخوان، أنهم لم يأمروا المجتمع بالعلاج وينسون أنفسهم فنجد الإمام البنا يضع الأطر التربوية للأخذ بما يأمرون به غيرهم، فجاء في واجبات الأخ العامل:
أيها الأخ الصادق:
إن إيمانك بهذه البيعة يوجب عليك أداء هذه الواجبات حتى تكون لبنة قوية فى البناء:
1- أن يكون لك ورد يومى من كتاب الله لا يقل عن جزء، واجتهد ألا تختم فى أكثر من شهر، ولا فى أقل من ثلاثة أيام.
2- أن تحسن تلاوة القرآن والاستماع إليه والتدبر فى معانيه، وأن تدرس السيرة المطهرة وتاريخ السلف بقدر ما يتسع له وقتك، وأقل ما يكفى فى ذلك كتاب (حماة الإسلام) ، وأن تكثر من القراءة فى حديث رسول الله ، وأن تحفظ أربعين حديثًا على الأقل ولتكن الأربعين النووية، وأن تدرس رسالة فى أصول العقائد، ورسالة فى فروع الفقه.
3- أن تبادر بالكشف الصحي العام، وأن تأخذ فى علاج ما يكون فيك من أمراض، وتهتم بأسباب القوة والوقاية الجسمانية وتبتعد عن أسباب الضعف الصحي.
4- أن تبتعد عن الإسراف فى قهوة البن والشاي، ونحوها من المشروبات المنبهة، فلا تشربها إلا لضرورة، وأن تمتنع بتاتًا عن التدخين.
5- أن تعنى بالنظافة في كل شيء في المسكن والملبس والمطعم والبدن ومحل العمل، فقد بنى الدين على النظافة(33).
لقد كان لهذا الجهد المتواصل من التربية أن نجحت جماعة الإخوان المسلمين أن تخرج أجيال – بشهادة الجميع- تعلقت قلوبهم بالمساجد فحافظوا على الصلوات، وضرب المثل الأعلى في حسن الخلق وفن التعامل مع الناس، والمسارعة في معاونة الجميع، والبعد عن الرذائل، واحترام المرأة وتقديرها ووضعها في مكانها المناسب، والبعد عن المسكرات والمخدرات ناهيك عن التدخين وكل ما يشين شيم الرجال.
هذه الآثار لا تجدها فقط في المنازل بل رأينها في المدارس والجامعات وفي أماكن العمل والشوارع والمواصلات، حتى بلغ الأمر أن أصبح الإخوان – بتربيتهم- يعرفون في كلامهم وأعمالهم.
ولقد طغت هذه التربية على المحيطين بهم حتى لم نسمع أن واحد ممن انضم أو تعرف على الإخوان اتهم بقضية مشينة، أو ارتكب ما يخالف قوانين البلاد أو دستورها، أو تجرأ على حرمات المجتمع.
هذه هي آثار هذه التربية التي يشاهدها الداني والقاصي في البلاد الإسلامية والبلاد الغربية.
لقد انطلق الإخوان بعد خروجهم من السجون فنشروا هذه المعاني، فكان شباب الجماعة في الجامعات قد بدا مرحلة الانطلاق والتصدي للتغريب، فتعاون الإخوان بحكمة الشيوخ ومنهجهم الوسطي وشمولية الإسلام، فعادت مظاهر الحياة الإسلامية مرة أخرى، وبدأت الحياة تدب في المساجد بشباب طاهر تقي بعد أن اكتفت بالعجزة وكبار السن، كما عاد الحجاب يظهر على رؤوس الفتيات مرة أخرى وبدأت الحشمة تبدو في ملابسهن.
لقد عمل الإخوان على التحلي بكتاب ربهم وعمدوا لغرس هذه المعاني في جموع المجتمع، فتحققت المعاني التي نادى بها الإمام البنا: ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة.
ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، ولا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة، ولكن غالبوها واستخدموها، وحولوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض، وترقبوا ساعة النصر، وما هي منكم ببعيد(34).
ويقول د/ أحمد شلبي صاحب موسوعة التاريخ الإسلامي: إن هذه الجماعة لعبت دورًا إسلاميًّا رائعًا في حياة الصبيان والشباب والرجال، وغرست أخلاق الإسلام في الملايين، وجعلت الانتساب للإسلام مفخرةً يعتز بها الكثيرون، ودفعت إلى المكاتب والمصانع والوظائف جماعاتٍ تعرف اللهَ وتخافه، وبالتالي تنتج بجد، وتعمل دون رقيب من الناس ولا تمتد لها الشبهات ولا يمسها الانحراف، وكانت كلمة (من الإخوان المسلمين) طابعًا للتنزه عن الصغائر، والبُعد عن الرشوة وعن الإهمال، والحرص على أداء الواجب، وحيثما رأيت الآن رجلاً يبرز به هذا الطابع فاعرف أنه غالبًا كان منتسبًا إلى جماعة الإخوان المسلمين(35).
المصادر
- جريدة الأيام: العدد (7780) الصادرة بتاريخ 6 كانون أول/ ديسمبر 1962م.
- حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، بيروت 1979م.
- المرجع السابق: صـ101.
- مجلة الفتح، العدد 105، السنة الثالثة، 2صفر 1347ﻫ/ 19يوليو 1928م، صـ1.
- جريدة النذير، السنة الأولى، العدد 33، 25 ذو القعدة سنة 1357ﻫ/ 17 يناير 1939م. صـ3.
- مجلة النذير: العدد (2)، السنة الثانية، 8محرم 1357ﻫ/ 28فبراير 1939م، صـ11.
- عثمان عبدالمعز رسلان: التربية السياسية عند الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1990م، صـ437-438.
- جريدة الإخوان المسلمين: السنة الأولى – العدد 19 – صـ22 – 5شعبان 1352هـ / 23نوفمبر 1933م.
- المرجع السابق: السنة الثانية، العدد 28، 7شعبان 1353هـ / 15نوفمبر 1934م.
- جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2003م.
- مضبطة مجلس النواب، الجلسة (26)، في الفترة من 1-24رجب 1364ﻫ/ 19يونيو -4يوليو 1945م، صـ974.
- جمعة أمين عبدالعزيز: مرجع سابق.
- جريدة الإخوان المسلمين : السنة الثالثة، العدد 41 ، 26شوال 1354هـ / 21يناير 1936م.
- الإخوان المسلمون اليومية: العدد 338 السنة الثانية الموافق 20 رجب 1366هـ, 9/6/1947 صـ4.
- جريدة الإخوان في الثلاثينيات أعوام 35، 36، 1937م.
- جريدة الإخوان المسلمين العدد (6) بتاريخ 18من صفر 1354هـ الموافق 21مايو 1935م.
- مجلة النذير، العدد (8)، السنة الأولى، 20جمادى الأولى 1357ﻫ/ 18يوليو 1938م، صـ3-5.
- مجلة الإخوان المسلمين، العدد (33)، السنة الثانية، 29ربيع الآخر 1363ﻫ/ 22أبريل 1944م، صـ2.
- مضبطة مجلس النواب: الجلسة السابعة عشرة، 15جمادى الآخرة 1361ﻫ/ 29يونيو 1942م، صـ617.
- الإخوان المسلمون اليومية: العدد 146 السنة الخامسة /13 جماد أول 1366 هـ, 5/4/1947 صـ 18.
- الإخوان اليومية: العدد 339 السنة الثانية /21رجب 1366هـ, 10/6/1947 صـ2.
- مجلة الفتح، العدد (105)، مرجع سابق
- مجلة النذير، العدد (23)، السنة الثانية، 7جمادى الآخرة 1358ﻫ/ 25يوليو 1939م، صـ14.
- جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثانية – العدد 30 – صـ9 – 21شعبان 1353هـ.
- الأعداد 206,205, 207 من المجلة الأسبوعية السنة 6/ 1367هـ, 1948م..
- الأمانة، المجلد الأول، العدد (2)، صفر 1366ﻫ / 25ديسمبر 1946م، صـ31.
- مجلة الإخوان المسلمين النصف شهرية، العدد (33)، السنة الثانية، 29ربيع الآخر 1363ﻫ/ 22أبريل 1944م، صـ2.
- السابق، العدد (34)، السنة الثانية، 13جمادى الأولى 1363ﻫ/ 6 مايو 1944م، صـ2.
- مجموعة لوائح الإخوان الصادرة عن المركز العام فى 1363هـ / 1944م.
- مصطفى محمد الطحان: الإمـام حـســن البـنـا مؤسس حركة الإخوان المسلمين 1906 – 1949م، الطبعة الأولى، الكويت، ربيع الأول 1429هـ، مارس 2008م، صـ 126.
- زياد أبو غنيمة: الإخوان المسلمون في كتابات الغربيين، أوراق إخوانية "الطبعة الأولي 1415هـ 1994م"صـ 13.
- برنامج حزب الإخوان المسلمين: الإصدار الأول، المصري اليوم، العدد 1153، 1154، 10/ 8/ 2007م، 11/ 8/ 2007م.صـ 5
- رسالة التعاليم: مجموعة رسائل الإمام حسن البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2008م.
- رسالة المؤتمر الخامس: مجموعة رسائل الإمام حسن البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2008م، صـ127.
- أحمد شلبي: موسوعة التاريخ الإسلامي، المجلد 9، دراسة تفصيلية عن تاريخ مصر المعاصر ثوره يوليو من يوم إلى يوم، الطبعة الرابعة، مكتبة النهضة المصرية، 1989م، صـ 430.
.