عرض الإمام حسن البنا منهجه في التغيير، وأسلوبه في الإصلاح، وقد أقامه على محاور ستة، وأقام كل محور منها على قاعدتين وضمنه عناصر عدة:
*المحور الأول :
الرؤية الواضحة:
كان يقول إنها ألزم لكل داعية من ظله..لأن القادة التغييريين يعرفون بسيرتهم الفذة وبحكمهم الصادق على حوادث التاريخ، وقد أقامها على:
أن التكفير لا يلزم لا دينا ولا سياسة (لا تكفير الشعوب ولا الحكام).
وأن خرق العوائد غير منتظر (لأنه يحكمنا ما يحكم غيرنا من قوانين الجد والعمل) .. فزمن المعجزات وأصحاب الخروقات قد مضى وولى، وضمنها عناصر ستة:
- تصحيح الفكرة: لأن الفكر المغلوط يحدث في النفس تشوشا روحيا يفقدها الحماسة للعمل.
- نشر الدعوة: لأن التدين المحصور في الزوايا والتكايا إنما هو أثواب قديمة قد تجاوزتها روح العصر فأذاعه ونشره ليتناول مظاهر الحياة جميعا.
- التربية للفرد: لأن الأمم تتربى بالأسوة والقدوة (وبالأمر والشدة).
- التكوين للجماعة: لأن رسوخ الدول يحتاج من أجل إزاحته إلى المطالبة القوية بالعصبة والمنعة.
- إصلاح الأمة: لأن الأمم مسؤولة عن حكامها..لا تعتذر بضعف لأنها تلقى جزاءه..ولا تعتذر بجهل لأنها تعاقب عليه.
- إقامة الدولة: لأنه ما من حركة إصلاحية إلا واحتاجت إلى السلطة من أجل إنجاز الوعود..وكل سلطة تصنع شعبها يخرج يهتف بها ويقتل من أجلها..عندما يراها حقيقة نافعة للناس.
التكفير لا يلزم..لا دينا ولا سياسة..لأن عناصر السلامة لا تزال صالحة قوية في نفوس شعوبنا المؤمنة الفتية..رغم طغيان مظاهر الفساد.
ولأن من أعمال هذه الأمة الضرب على أيدي الظالمين..لأن الظلم أنكر المنكر..(ليست مقاومة الكفر..إنما الظلم.."لا إكراه في الدين").
*المحور الثاني: العقلية المرنة
عندما رأى الإمام البنا أن الخلل ليس في ضوابط الشرع ولكنه في اجتهادات العقل..فأعلن أنه لن يقيد نفسه بغير ما قيده الله به، ولن يلزم عصره لون عصر لا يتفق معه.
فاطلع على كل تنظيم شائع في عصره..وعرف كل فكر سائد في عهده..واستفاد من تجارب كل من سبقوه..واستشرف التراث القرآني..فتجمعت في نفسه محاسن تفرقت في غيره..كان يأخذ بشكل واع منها ما يريد.
*المحور الثالث: الحركة الجادة
وقد أقامها الإمام البنا على قاعدتين: عمل منظم + تضطلع به الملايين.
عمل منظم: يقوم على نظام يحترمه الجميع..وسلطان أي جهة معروفة الصفة يرفع حكمها الخلاف..وبرهان من شرع وعقل..
أما الشرع فهو الإسلام وهو الضابط لنا جميعا..وأما العقل فهو العقل العام رفيع الشأن.
تضطلع به الملايين: لأنه يشترط في الفاهمين عن المفكر أن يكونوا أمة..لأن الأمة لا تخالف ولا تغلب ولا تقهر..ولا تعتذر بضعف..فتترك ما عُهد إليها..فيسري الفساد في جموع المسلمين.
المحور الرابع: عبقرية التنفيذ:
أقامة على قاعدتين:
عناصره الصالحة: لأنه كان يريد أن يمضي إلى تمام الشوط دون كبو أو عثار..وقد علمها وأرشدها..وتعهدها ورعاها..ونظمها وراقبها..(لتختار الصواب وتؤدي الواجب وتعرف معنى النظام وتقدير التبعة).
وكبار الأمة ورجالها البارزين: كثيرا ما كان يقول لسنا وحدنا قادرين!! أريد أن أتحدث إلى الجميع..وأن اتصل بالجميع..وأن ألم شتات الجميع..ولأن في الناس صنف قليل نادر لكنه مبارك ميمون!! إياه أعني وأقصد..!!
*المحور الخامس: الوسائل المكافئة
- الجهود الذاتية: من أسلوب بسيط مباشر يصل إلى الناس بلا عوائق ويناسب كل بيئة..ومن حضور مشرق محبب..يدني مسافة ويزيل وحشة ويرفع حاجزا.
- الوسائل الرسمية: لأنها الأشد خطرا والأقوى أثرا في تكوين الشعوب وتوجيه النهضات..من البرلمان والمحكمة.. ومن الوزارة والمدرسة..ومن الصحف والمجلات..ومن المسارح والخيالات..ومن المال والمذياع..(فهي وسائل أصحاب الدعوات في تكوين الأمم وتوجيه الشعوب).
*المحور السادس: أسلوب المحترف
ليقلل الخطأ..ويفر الفرص..
لأن من أخطأ استوفى نصيبه من الألم والقرح..
ولأن الفرص تسنح وتمضي وإذا مضت فقد لا تعود..
*لم يكن الغرب ليقف مكتوف الأيدي أمامه..ولم يستطع الشرق أن يحتفظ طويلا بالكنز الذي بين يديه..فقضى الرجل وهو يسطع ويتألق.. مات في عمر الزهر النضير!!
.