إعداد: عبده دسوقي
لقد تربى رجال الإخوان المسلمين على العمل القويم والإيمان الراسخ الذي لا يتزعزع فهابهم الجميع، ومن هؤلاء الشيخ محمد فرغلي والذي رصد المحتل الإنجليزي لمن يأته برأسه حيا أو ميتا خمسه آلاف جنية.. والذي ترك رصيدا كبيرا من المواقف قبل أن يحصد عبد الناصر رأسه دون مقابل، ومنها هذا الموقف.
في 9 يوليو سنة 1953م اختفى أحد رجال الطيران الإنجليز، ويُدعى (رجون)، فوجه الجنرال (فيستنج) قائد القوات البريطانية في مصر إلى وكيل محافظة الإسماعيلية بواسطة أحد ضباطه إنذارًا: «لقد أمرنا الجنرال (فيستنج) أن يهتم اهتمامًا بالغًا بحادث اختفاء أحد رجال الطيران المدعو (رجون) في 9 يوليو، وإني أبلغكم أن الجنرال يحتفظ لنفسه بحق اتخاذ أي إجراء يراه ضروريًا إذا لم يعد هذا الجندي مباشرة إلى السلطات البريطانية، وإذا لم يعد هذا الرجل في موعد أقصاه التاسعة من صباح الاثنين 13 يوليو، فسنتخذ الإجراءات الشديدة التي من شأنها إحداث حالة ذعر خطيرة تمس المدنيين المصريين في الإسماعيلية».
فكان الرد على ما قام به في 14 يوليو سنة 1953م ونشرته الأهرام: «أدلى الشيخ محمد فرغلي رئيس الإخوان بمنطقة القنال بالتصريح التالي: «إن العمل الذي أقدمت عليه القوات البريطانية بالمدينة هو اعتداء على كرامة مصر، ودليل واضح على أن البريطانيين قد فقدوا أعصابهم، فهم يتعجلون الكارثة، ويسرعون بالدخول في نزاع حاد سينتهي لا محالة بجلائهم عن المنطقة، وأرى أنه من دلائل إفلاس الساسة البريطانيين أن يتركوا الأمر في هذه الظروف لبعض العسكريين، وإذا لم يسارع المسئولون منهم بالانسحاب من المدينة، والتعجيل بوقف هذه التصرفات الطائشة؛ فإن ذلك سيحملهم خسائر فادحة، ونحن قادرون -بفضل الله- على تصفية الاستعمار البريطاني في هذه المنطقة، وسنختار الوقت الذي نضرب فيه الضربات الحاسمة، وعلى الرغم من التحدي الواضح من جانب البريطانيين فإننا نملك زمام أنفسنا، وأعصابنا أقوى من أعصابهم، وعزائمنا أمضى من عزائمهم، وسننتصر عليهم -بإذن الله- والله من ورائهم محيط».
ووسط حشود الإنجليز خرج ركب بسيط من الشيخ فرغلي، ويوسف طلعت طافا شوارع الإسماعيلية في عربة جيب، ليعلنا للمسئولين المصريين في المدينة أمام القائد الإنجليزي وقفة الإخوان المسلمين ضد الاحتلال وقواه وتصرفاته، وينذرا الإنجليز بالانسحاب من الإسماعيلية وإلا حشد الآلاف من المجاهدين؛ لخوض معركة فاصلة، فانسحب الإنجليز من شوارع المدينة وعادوا لثكناتهم.
ولد الشيخ محمد محمد فرغلي 1907م وتخرج في الأزهر الشريف وعمل واعظا والتحق بجماعة الإخوان منذ نشأتها واختاره الإمام البنا ليكون واعظا بمسجد عمال جباسات البلاح بالإسماعيلية وحاولت الإدارة الإنجليزية عزله لكنه رفض بكل قوة إلا من خلال الإمام البنا، كان عضوا بالهيئة التأسيسية وشارك كقائد في حرب فلسطين كما شارك في حرب القنال 51م، ورصد الإنجليز مكافأة 5 آلا جنيه لمن يأتي برأسه، كما كان له موقف حينما حاصر القوات المحاصرة لمبنى مدير أمن الإسماعيلية في الحادثة المشهورة يوم 25 يناير 1952م. كان عضوا بمكتب الإرشاد، اعتقل عام 1948م ثم عام 1954م وكان أحد الستة الذين حكم عليهم بالإعدام ونفذ فيهم.
يوسف عز الدين محمد طلعت، ولد في شهر أغسطس 1914م، التحق بمراحل التعليم الأولية غير أنه لم يحصل سوى على كفاءة التعليم الأولي بسبب حالة الفقر التي نشأت فيه أسرته، تعرف على دعوة الإخوان في بدايتها وهو صغير، انضم للجوالة ثم النظام الخاص، وشارك في حرب فلسطين وصنع مدفع هون كان له دور، كما شارك في حرب القنال، وقد رصد الإنجليز مكافأة لمن يأتي برأسه، وتولى مسئولية النظام الخاص خلفا لسيد فايز الذي اغتيل، تم اعتقاله عام 1954م وحكم عليه بالإعدام ونفذ فيه الحكم ودفن بالإسماعيلية بجوار فرغلي ومنعت الشرطة أن يقترب من قبريهما أحد لمدة ستة أشهر.
.