لقد تجسد الإيثار في كثير من مواقف الدعاة والمربين في العصر الحديث خاصة في أوقات الشدة والخصاصة فكان هذا الخلق شجرة أينعت بمعانيها الجميلة على طريق الحق خاصة في المحنة التي يعيشها بعض الدعاة والمربين اليوم.

فيروي الأستاذ عبد الحليم خفاجي صاحب كتاب (ملك السجن) قصة واقعية يتضح فيها صدق مسارعة الداعية والمربي إلى بذل ماله حتى وإن أعطى كل ما يملكه من أجل مصلحة أخيه، فيقول: كان معنا عدد من الإخوة ليس معهم نقود، ورأى بعض الإخوة أن من المصلحة ترك مبلغ في أمانات كل واحد، تحسبًا لجميع الاحتمالات، فقد لا نستطيع أن نتقابل بسهولة بعد ذلك، فعلى القادر أن يتبرع، وعلى الخالي أن يسجل اسمه.. فخجلت من نفسي أن أتبرع بجزء من مبلغ جاءني كله من عند الله، فأسرعت بالتبرع بالخمسة والسبعين قرشًا كاملة التي كانت معي، وسجلت اسمي في سجل الخالين، على أمل أن أتساوي مع أصحاب الحدود الدنيا، فتكون أماناتي ثلاثين قرشًا مثلًا.. فكانت المفاجأة أن كان نصيبي بعد التوزيع جنيهًا كاملاً، بزيادة قدرها ربع جنيه جديد.. هذه الواقعة البسيطة التي ابتدأت بمشاطرة أخي (محيي علم الدين) حينما كنت معه في المباحث العامة، ثم تكررت العملية مع أبو الفتوح عفيفي بالسجن الحربي أعطتني درسًا جديدًا في معاني الإيثار وثمراته المباركة.

* والدكتور عبد الحليم خفاجي، من مواليد قرية مرصفا بمحافظة القليوبية بجمهورية مصر العربية في 6 فبراير 1932م.

تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1954م وعمل في الكويت منذ مطلع السبعينيات باحثا قانونيا في ديوان وزارة العدل الكويتية ثم هاجر إلى ألمانيا عام 1979 وعمل في المركز الإسلامي في مدينة ميونخ في العام التالي ثم أسس مدرسة تدرس المنهجين العربي والإسلامي عام 1981م ومعهدا لتعليم اللغة العربية للألمان عام 1982م، وتوفي في 31 أغسطس 2013م، ومن مؤلفاته (حوار مع الشيوعيين في أقبية السجون) و(ملك السجن) و(عندما غابت الشمس).

* أما أبو الفتوح عفيفي إبراهيم شوشة فقد ولد في 5 مايو 1929م، وتوفي في 20 أبريل 2010م، بقرية كفر وهب، التابعة لمدينة قويسنا، محافظة المنوفية. ولقب بشيخ المجاهدين، حيث كان أحد مجاهدي كتائب الإخوان المسلمين في حرب 1948م في فلسطين وفي حرب السويس 1951م، اعتقل عام 1948م وعام 1954م كما اعتقل في عهد مبارك وأصبح  عضوا مجلس شوري الإخوان المسلمين ورئيس المكتب الإداري في محافظة المنوفية، وعضوا بمجلس الشعب عام 1987م.