الإمام البنا وقيمة الوقت

 

نستعرض في هذا الموقف الطبيعة الحقيقية لكل مربٍ يعمل لنشر دعوته ويسعى لتحقيق أهدافها التي استخلصها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

نجد الأستاذ البنا يضرب المثل القويم في أدب الاختلاف، وفي طريقة واحتواء الجميع على اختلاف مشاربهم دون إقصاء أحد طالما هذا الاختلاف لن يضر بثوابت الدين والمنهج، كما أنه يعلمنا أن للإنسان غاية عظمي تختفي خلفها الملذات والشهوات والتي ربما لا يستشعرها المربي الحقيقي حينما يتذوق طعم الغاية الحقيقية من عمله.

حدث هذا الموقف حينما اعتقل الأستاذ حسن البنا في 14 أكتوبر من عام 1941م واعتقل معه وكيل الجماعة الأستاذ أحمد السكري وسكرتير الجامعة العام الأستاذ عبد الحكيم عابدين حيث قضى الأستاذ البنا شهرا في السجن راجع فيه ما كتبه خلال الفترة السابقة ووضع المنهجية المستقبلية للجماعة.

خرج الأستاذ البنا من المعتقل بعد الضغوط الشديدة التي مارستها الجماعة وشحذت الرأي العام وخرج معه الأستاذ السكرى غير أن الأستاذ عابدين تأخر عنهم شهرا ثم خرج.

يحكى الأستاذ عبد الحكيم عابدين فى مذكراته هذا الموقف فيقول: «بعد اعتقال الإمام البنا والسكرى، كان من عادة الأستاذ أحمد السكرى أنه لا يستطيع النوم إلا بعد إغلاق كافة نوافذ الحجرة إغلاقًا تامًا، فى حين أن عادتي كان عكس ذلك تمامًا، فقال لنا الإمام البنا: أما أنا فالأمر عندي لا يختلف فسأنام سواء أغلقتم النوافذ أو فتحتموها».

وفى أحد أيام الاعتقال مر بائع قصب فاشترينا قصبًا لكل المعتقلين، وأخذت أقشر القصب وقدمت للإمام قطعة فأخذها وبعد أن تذوقها قال: «يا عبد الحكيم هذا القصب طعمه لذيذ، أليس هو قصب السكر؟ قلت: بلى، قال: أنا منذ 17 سنة ما ذقت طعم القصب، قلت له: لماذا؟ قال: من يجد وقتًا يجلس فيه أمام عود قصب ربع ساعة؟ يا عبد الحكيم، إن الوقت هو الحياة، فإن ضاع فقد ضاعت الحياة».

 

الأستاذ أحمد السكري نشأ مع الإمام البنا في المحمودية وكانت صديقه القريب له وحينما نشأت الجماعة فتح السكري أول شعبة في المحمودية ثم انتقل للقاهرة وأصبح وكيل الجماعة وظل بها حتى خرج منها وتركها عام 1947م.

أما الأستاذ عابدين فكان أحد نتاج تربية الإخوان في جامعة القاهرة حيث كان طالبا بكلية الآداب وكان شاعر فالتحق بطلاب الجماعة وبعدما تخرج تدرج في المواقع حتى تم اختياره سكرتيرا عاما للجماعة.. تزوج من أخت الأستاذ البنا وبعد حل الجماعة في 8 ديسمبر 1948م أقام دعوى بعد استشهاد الإمام البنا في 12 فبراير 1949م يطالب فيها بإلغاء قرار الحاكم العسكري وعودة الجماعة وظل كذلك حتى تحقق الأمر وحكمت المحكمة عام 1951م بإلغاء قرار الحل وعودة الجماعة.

قبل وقوع محنة عام 1954م سافر للخارج حيث ظل في الأردن ولم ينل منه عبد الناصر وتوفي في عهد السادات.

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم