المربي وتهيئة البيئة السليمة للتربية

تحدثنا في المقال السابق (المربي وتأصيل البعد الاجتماعي) عن ماهية التربية الاجتماعية، وذكرنا أنها وسيلة لتغيير الإنسان وتعليمه كيف يعيش مع أقرانه، وتهدف إلى أن يشعر الفرد بالروابط التي ينبغي أن توجد بين أفراد المجتمع، ويحاول توثيقها. وتحدثنا كذلك عن منهج الإسلام في تربية النزعة الاجتماعية في الإنسان، وفي هذا المقال نتعرف منافذ وطرق التعامل مع الآخر:- وذلك من خلال:

1- إلزام كل شخص بالأخلاق الاجتماعية.

2- الممارسات المشتركة لتنمية هذه الأخلاق الاجتماعية.

3- العمل على تأكيد العرف الإسلامي في المجتمع.

 

أ- إلزام كل شخص بالأخلاق الاجتماعية الآتية:

- المؤاخاة: ويقصد بها أن يلتزم الشخص بالحد الأدنى للحب تجاهه إخوانه وهو سلامة الصدر، وأن يعمل لإيثارهم على نفسه، والأخوة من الإيمان يجب أن يلتزم بها الفرد. {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الحجرات:10].

ولتحقيق المؤاخاة (عمليا) يلتزم كل فرد بأن يعرف إخوانه معرفة تامة، ويعرف نفسه لهم كذلك وأن يؤدي حقوق أخوتهم كاملة في الحب والمعاونة، والإيثار.

- المؤاخاة وسيلة تعاون بين فردين أو مجموعة في سبيل الصعود إلى مستوي عقلي رفيع، ومستوي خلقي متين، ومستوي من العبادة يسمو إلى النجاة من عذاب الله وليست وسيلة لإضاعة الوقت أو التهوين من جدية المسئوليات.

- التفاهم التام: أي أن تقوم العلاقة بين الأفراد والمجموعات على الثقة المتبادلة، وعلي التناصح في إطار الحب والاحترام المتبادل، وأن تعالج المشكلات التي تطرأ في نفس الإطار.

- التكافل التام: بأن يتعهد الأفراد بعضهم بعضا بالمساعدة والقيام بحق التكافل.

 

ب- الممارسات المشتركة:

وحتى يتحقق هذا الهدف يحتاج إلى ممارسات عملية مشتركة كثيرة تنمي هذه الأخلاق الاجتماعية، ومنها:

1- المدارسات المشتركة.

2- الرحلات المشتركة بأنواعها وأنشطة فرق الرحلات والجوالة بهدف تحقيق الترابط.

3- الاشتراك في رهوط الجوالة، وما تقوم به من معسكرات ورحلات، وتدريبات والمشاركة في الألعاب الرياضية في الأندية العامة، والاشتراك في أنشطة خدمة البيئة التي تقوم بها الجوالة.

4- الاشتراك في شركات اقتصادية مساهمة، لتحقيق التكافل من خلال عمل اقتصادي مشترك.

5- التزام الأفراد بالمجاملات الطارئة مثل عيادة المريض، وتفقد الغائب، ومواساة المحتاج.. إلخ.

6- الاشتراك في الأناشيد الجماعية في المخيمات والرحلات.. إلخ.

7- الالتزام بمظاهر النشاط الجماعي ، ومنها:

أ- يوم التعارف: وهو حفل شهري يجتمع فيه (الطلاب) للتعارف من أجل زيادة أواصر الأخوة بينهم.

ب- يوم العيادة: يقوم الأفراد – مرة كل أسبوع – بزيارة المرضي توطيدا للألفة وإدخالا للسرور.

- وهذه الممارسات المشتركة ثبت أنها وسائل فعالة في تحقيق التماسك الاجتماعي، وبث روح التضامن بين الأفراد، وتخرج الفرد من حدود ذاته لتدخله في زمرة اجتماعية، وهذا شرط ضروري لأي نشاط حضاري مشترك.

 

ج- تأكيد العرف الإسلامي في المجتمع:

ووسائل تحقيق هذا الهدف هي:

1- تحقق الفرد وزوجته وأولاده بمبادئ الإسلام، والمحافظة عليها في مناشط الحياة الأسرية، بهدف طبع البيت بالطابع الإسلامي.

2- قيام الفرد بالعمل على إرشاد المجتمع، وتغيير العرف السائد فيه، ليتجه وجهة إسلامية.

3- أن يعمل الفرد – ما استطاع – على إحياء العادات الإسلامية، وإماتة العادات (الأعجمية) في كل مظاهر الحياة، وأن يحافظ على الآداب الاجتماعية الإسلامية مثل توقير الكبير، والاستئذان والانصراف.. إلخ.

4- الالتزام بإطلاق أسماء إسلامية على المشروعات التي يتم إنشاءها، سواء التعليمية والتربوية أو الاقتصادية أو الصحفية ... وغيرها، وكذلك تسمية أقسام الجوالة بأسماء إسلامية، فبدلا من فريق الذئاب، وفريق الثعلب، وفريق النمور.. إلخ تسمى: قسم سيد الشهداء حمزة – فريق سيدنا علي.. إلخ تأكيدا لاختيار مثلهم العليا من رموز الشجاعة الفدائية.

والالتزام بهذه النقاط الأربع، من شأنه – إذا كان على مستوي واسع في المجتمع - أن يؤدي تلقائيا إلى إزاحة التقاليد والعادات الاجتماعية غير الإسلامية وبالتالي اقتلاع روح التبعية التي هي أساس القابلية للاستعمار، وهذا من شأنه أن يؤكد الهوية الإسلامية للمجتمع.

الفعالية الاجتماعية:

ويقصد بها هنا: تحريك طاقات الإنسان، وتوجيهها إلى مستوي مصلحة الآخرين واستخدامها فيما يعود على المجتمع بالنفع، وهي قضية تتعلق بالقيام بالواجبات، أي توجيه الفرد لبذل طاقاته قياما بالواجب، وخلعه من حالة الركود انتظارا لحقوقه، بإشعاره بالمسئولية، والقلق الناتج عنها، الذي يدفعه للقيام بعمل – ما – ومن وسائل تحقيق هذا الهدف هي:

1- تأكيد أهمية العمل – أيا كان نوعه – وضرورة أن يكون كل فرد مزاولا لعمل مهما كان غنيا، وأن يقدم على العمل الحر، يزج بنفسه فيه.

2- تأكيد قيمة الوقت وضرورة الانتفاع به، وسرعة الإنجاز، وعدم هدر الوقت دون عمل نافع.

3- ضرورة أن يكون الفرد مدربا على الخدمات العامة، وأن يسارع دائما في الخير وأن يشترك في جمعيات البر والخدمة العامة والجوالة ليقدم النفع إلى الآخرين.

4- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تأكيدا للتضامن الاجتماعي بين الناس، وإحساسا بالمسئولية الاجتماعية.

والالتزامات السابقة جميعا إجراءات تحقق الفعالية الاجتماعية بشقيها: القيام بالواجب والإحساس بالمسئولية الاجتماعية.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم