Business

التكنولوجيا الحديثة وصلة الأرحام

{وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، بهذه الوصف الرباني والذي حدد فيه أشياء تختلف مع اختلاف الأجيال، فظهرت الطائرات والقطارات والهواتف الذكية والتكنولوجيا الحديثة.

وفي ظل التطور التكنولوجي الذى ساد العالم أجمع، أصبح الجميع على اتصال ببعضهم البعض دون الالتقاء أو الحديث المباشر، وذلك باستخدام طرق مختلفة، مثل: إرسال رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي »فيس بوك، تويتر» وغيرها من التطبيقات، لتعد بديلا عن الحديث المباشر، وبالفعل أثرت تلك الوسائل على مستخدميها.

فقد أدى تطور وسائل الاتصال في السنوات الأخيرة إلى حدوث شرخ داخل العديد من الأسر، وعرفت الزيارات العائلية التي كانت متبادلة في الماضي بين الأقارب إلى تقلص واضح واقتصرت على المناسبات الدينية فقط، فقد حلت الرسائل النصية محلها من خلال تقنيات (الفايبر) و(الواتس آب) و(الفيس) وغيرها، كما تم تعويض الزيارات العائلية بالمكالمات الهاتفية والرسائل النصية عبر الهاتف المحمول حيث باتت تهدد صلة الرحم في المجتمع وخاصة لدى الشباب.

تقول سمية أجواو: «التكنولوجيا المعلوماتية ثورة أدت إلى اندثار العديد من العادات الأسرية والاجتماعية تسببت في نقص الزيارات العائلية وصلة الرحم، فالزيارات لم تعد كما في السابق وأصبحت محصورة في الأعياد والمناسبات فقط كما ساهمت الحياة في تغيير بعض العادات التي كانت سائدة داخل المجتمع».

فقد بدأ المجتمع في «تقطيع» صلات الرحم تدريجيًا، عندما استغنى بالهاتف عن الزيارة، ثم بالرسالة عن المكالمة.

ولما لصلة الرحم من فضل وأثر كبير على المجتمع فلا عجب أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بها، بل وشدد على تطبيقها بيننا ونهى عن قطعها. ولا ننكر أن وسائل الاتصال الحديثة ساعدتنا كثيرًا في البقاء على اتصال مع الأقارب والأصدقاء والأحباب وخصوصًا مع اتساع الفجوات بين المجتمع وبعد المسافات، إلا أنها أفقدت مستخدميها الدفء والحنان الأسري وجعلتهم يكتفون بالتواصل الافتراضي بدلًا من التواصل الحقيقي وقضاء الأوقات السعيدة مع أهليهم وذويهم.

يبرر البعض ذلك بضغوط واجبات العمل وتكدس المرور وزحام المواصلات وضيق الأوقات ولكن تقع المسئولية على الوالدين تجاه الأبناء في ضرورة صلة الرحم ليعرفوا عائلتهم ويتقربوا منهم؛ لأن الطفل إذا رأى أبويه متهاونين في هذا الأمر فبالطبع لن يعير له أي اهتمام حتى عندما يكبر.

ويقول الدكتور شاكر عبد الحميد -وزير الثقافة المصري الأسبق-: «التكنولوجيا تحول الناس إلى أشباح حاضرين وغائبين فى نفس الوقت، فتحول الإنسانية إلى افتراضية، كما أنها أصبحت تؤدى إلى العزلة والانفصال وتبلد المشاعر الإنسانية وانقطاع صلة الرحم، وتحويل الإنسان إلى رقم».

وقال: «إن النشء للأسف سيكتسب تلك الطريقة بالتعود فيقوم بممارسة سلوكيات هي بالفعل أصبحت أسلوب حياة، فسيصبح هناك ضمور فى العلاقات الإنسانية».

وتقول ليلى حسين نعمة: «لقد ساهم هذا العالم الخاص أكثر في إبعادنا عن أسرنا حتى الموجودين معنا في المنزل وقد تأثرت حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية بالإنترنت إلى أن أصبح التطور التكنولوجي يؤثر سلبًا على المجتمع وخصوصًا على الحياة الأسرية وصلة الأرحام، فلو استغلت على الوجه الصحيح ما فقدنا بعضًا من هويتنا ولا نسينا أو تناسينا ما أوجب عليه العرف الإسلامي من إحياء صلة الرحم. وهنا يمكن القول أن أهم ما يجب أن يضعه الإنسان بصفة عامة نصب عينيه -هو محاولة الحفاظ على ما توارثه عبر أجيال مضت من دينه وقيمه والاستغلال الجيد والأمثل للعولمة، لا بإساءة تدبيرها واستخدامها.

لا يعد التواصل مع الأهل وزيارتهم ترفًا، بل هو احتياج حقيقي على الأسر أن تدركه وخصوصًا أننا تحولنا من عصر الأسرة الممتدة إلى عصر الأسرة النواة، فبدلًا من أن يكون للولد شقيق أو شقيقة واحدة يمكننا بتعريفه على أقاربه، فيكون له مجموعة أشقاء من الأهل وبذلك يكون صداقات ناجحة تتم أمام أعين الوالدين، بدلًا من أن يشكوا عندما يكبر بأنهما لا يعرفان عن أصدقائه أي شيء.

إن العادات الاجتماعية هي تلك الشمعة المضيئة في المجتمع والتي تؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي، غير أن المتغيرات التي شهدها العصر وتعاقب الأجيال أديا إلى ظهور العديد من العادات الحديثة ومنها استغلال التكنولوجيا في التواصل الاجتماعي.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم