Business

ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم وطفولته تربية لأولادنا

يفوح على الأمة الإسلامية هذه الأيام رياح عطرة بمناسبة ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم والتي حررت الإنسانية وسمت بمقدمه البشرية وسادت ببعثته الأمة، فكانت خير أمة أخرجت للناس.

كان الناس في الجاهلية يعيشون في سراب العيش لا في حقيقته، فلم يكن يستحق معنى العيش الإنساني إلا من حالفه الحظ بأن كان من الأشراف المنظور إليهم، وأما من كان من غير الأشراف فمحكوم عليه بالمهانة والذلة طوال عمره، حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم بالمساواة والحرية فغير لوحة الكون التي رسمها السادة.

إن للعظماء شأنهم المبكر منذ ولادتهم، فكيف إذا كان العظيم هو محمد صلى الله عليه وسلم، سيد الخلق، وأفضل الرسل، وخاتم الأنبياء، الذي أحاطته الرعاية الربانية، والعناية الإلهية منذ الصغر، بحيث تميّزت طفولته عن بقيّة الناس، وكان ذلك من تهيئة الله له للنبوّة.

ففي صبيحة يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، الذي يُوافق العشرين أو الثاني والعشرين من شهر إبريل سنة 571م، وُلد أكرم الخلق - صلى الله عليه وسلم – في مكة المكرمة، وفي أشرف بيت من بيوتها، فقد اصطفاه الله من بني هاشم، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفى قريشاً من سائر العرب، قال – صلى الله عليه وسلم - : (إن الله خلق الخلق، فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فرقتين، فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، فأنا خيركم بيتاً، وخيركم نفساً) رواه أحمد.

عاش النبي صلى الله عليه وسلم حياة اليتم حيث مات والده وهو جنين، وماتت أمه بعد أن بعد عنها سنوات وهو في عمر السادسة، ثم مات جده، ومع ذلك حرص على تعلم فنون الحياة فلم يركن للدعة أو الاسترخاء، جزءٌ من التقدير والحكمة الإلهيّة في إعداد هذا النبي الكريم؛ حتى لا يتأثّر بأخلاق الجاهلية القائمة على معاني الكبر والاستعلاء، فكانت تلك الأحزان سبباً في رقّة قلبه واكتسابه لمكارم الأخلاق، حتى صدق فيه وصف أم المؤمنين خديجة رضي الله عنه بعد ذلك: "يحمل الكَلَّ، ويكسب المعدوم، ويُقري الضيف، ويُعين على نوائب الحق".


 

لنربي أبنائنا على صفات النبي (ص)

بداية لابد أن نغرس حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم في نفوس أطفالنا، ولنتكلم عن سيرته كثيرًا أمامهم، وإذا أقدموا على فعل الحسن نقول لهم كان يفعله النبي محمد، كما نحكي لهم عن طفولته وتحمله للمسئولية منذ صغره، وسعيه للنجاح في تجارته.

ومن هذه الأمور التي يجب أن نغرسها في أبنائنا كي نثقل شخصيتهم:

  • كان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم يتيماً بلا أب؛ من شأنها أن نشأ رجلاً منذ صغره يتحمل الكثير من الآلام والصعوبات والمشاق تمهيداً لحمل الهم الأعظم، وهو هم تبليغ رسالة الله عز وجل للبشرية (كما تقول شيماء علي).

  • مكوث النبي صلى الله عليه وسلم فترة من الزمن مع جده وحضوره مجالس كبار القوم جعلته ذو عقل كبير راجح واعٍ لحال مجتمعه ومشاكله. وهو ما يجب أن نغرسها في أطفالنا فلا نطردهم من مجالس الكبار، لكن نهذب سلوكياتهم ونشركهم في الآراء البسيطة.

  • لا حرج في غرس مفهوم المسئولية في الأولاد، وحثهم على البحث عن عمل لا يتضررون منه ولا يتأذون، ويكونون تحت أعيننا أو من نستأمنهم، فقد رعى النبي صلى الله عليه وسلم الغنم في طفولته ومطلع شبابه، فنمت بداخله روح الحلم والصبر.

  • على الوالدين التعامل بروية وحكمة إذا صدر من أولادهم ما ينكرانه من تصرفات، فأولادهم ليسوا ملائكة معصمين من الخطأ، ولنا في رسول الله العبرة حينما قال: "قلتُ ليلةً لغلام من قريش كان يرعى معي بأعلى مكة: لو أبصرتَ إلى غنمي حتى أدخل مكة، فأسمر بها ما يسمر الشباب، فقال: أفعَلُ، فخرَجْتُ أريد ذلك حتى إذا جئتُ أولَ دار من دور مكة، سمعت عزفًا بالدفوف والمزامير .... إلخ) فقد هفت نفس النبي للسمر كبقية الشباب إلا أن الله عصمه، لكنه صلى الله عليه وسلم لتوضيح طبيعته البشرية فقال: { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا} (الإسراء93).

إن ذكرى المولد النبوي الشريف هي مناسبة وفرصة لكل مؤمن كي يتذكر اصطفاء الله عز وجل للنبي المصطفى من بين كل الخلائق، واصطفاءه لنا من بين كثير من الخلق لنكون من أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه، ولا شك أن الفرح بهذا الانتساب يجب أن يتناسب مع ما يستحقه من محبة واتباع لنهج المصطفى، والتزام بهديه، كما يجب أن تكون هذه الذكرى موعظة لكل منا يرى فيها حال المسلمين والعرب اليوم الذين تداعى عليهم الأعداء والكارهون، كما تتداعى الأَكَلَةُ إلى قصعتها.


 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم