Business

المنهج النبوي في التغلب على الأحزان

ينادي فُؤادي بليلِ السكونْ بدَمعِ العيونِ، برَجْعِ الصَّدَى

ولولا الهُدَى - ربَّنا - واليقينْ لَضاعتْ زُهورُ الجراحِ سُدَى

لكَ الحمدُ في الليلِ حتى الصباحْ لك الحمدُ في الصُّبحِ حتى السَّحَرْ

يعيش المسلم الآن لحظات تموج به أمواج من الأحزان من كل مكان، فينظر أمامه ومن حوله وخلفه فلا يجد إلا سحائب الحزن والقلق والخوف تطارده، سلسلة مشاعر تطوِّق بني آدم إلى حد الانهيار، فهل من أمل!

إنَّ الأمل والتفاؤل من خير الصفات والسمات التي يجب أن يتمتع بها كُل فرد في المجتمع، وذلك بغض النظر عن فئته العمرية، خاصة إذا كان بين يديك كتاب كريم كالقرآن العظيم.

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفاعل مع المبشرات القرآنية فإذا مرّ بآية فيها بشارة دعا الله رغبة إليه، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كُنْتُ أقومُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليلةَ التمامِ، فكان يَقرَأُ سورةَ البَقرةِ، وآلِ عِمرانَ، والنِّساءِ، فلا يَمُرُّ بآيةٍ فيها تَخوُّفٌ، إلا دَعا اللهَ عزَّ وجلَّ واستَعاذَ، ولا يَمُرُّ بآيةٍ فيها استِبْشارٌ، إلا دَعا اللهَ عزَّ وجلَّ ورغِبَ إليه) (رواه أحمد).

فإذا كان الأمسُ قد ضاع، فبين يديك اليوم.

وإذا كان اليوم سوف يجمع أوراقه ويرحل، فلديك الغدُ.‏

لا تحزن على الأمس فهو لن يعود، ولا تأسف على اليوم فهو راحلٌ.

ولابد للبحث عن شعاع الأمل فلا تسلم نفسك للأحزان والقلق والخوف، ذلك الشعاع القوي، الذي يجعل من حياتك ربيعا، ويجعل من زهور حياتك ألوانًا تنبعث وتفوح برائحة العطر الزكي الذي ينتشر بكل مكان.

الدنيا ليست كئيبة كما يراها البعض، فالمسلم يراها بعيون تحدوها الأمل، ويضع نصب عينه بشارات ربانية ونبوية، فرغم ظلمة الكون وضيقه عليهم جاءتهم بشارات السماء: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (التوبة: 118).

وهناك البشارات النبوية:

  • [بشر المشائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة].

  • [طوبى لمن هُديَ إلى الإسلام، وكان عيشه كفافا وقَنِع].

  • [طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا].

  • [من صلى البردَين دخل الجنة].

فقيمة هذه البشارات تتجلى عند اشتداد الكربات، فإنها تنزل حينئذ بردا وسلاما على قلوب المؤمنين، الواثقين بوعد الله المتين، وهذا منهج رسخه الله عز وجل في كتابه المبين، وأكده النبي صلى الله عليه وسلم في مواقف عديدة، كان الصحابة رضوان الله عليهم في أمس الحاجة فيها إلى بشارات تثبتهم على صراط الله المستقيم.

فلماذا نفقد الأمل وتعلو وجوهنا كربات حزن، أنخاف من شيء قدره الله؟ أم نخشى شيئًا هو بيد الله؟

إن الأمل روح تسرى في قلب كل من آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا وعرف حقهم، وبهذا الأمل تتدافع الأمم نحو الصلاح، فمن ثمرات الأمل:

  • يقوي النّفس ويجعلها صامدة أمام عقبات المُجتمع، كما يعود على المجتمع والفرد بكل الخير.

  • النهوض بالنفس الإنسانية نحو التقدم والنجاح، وعلى عكس التشاؤم الذي يجلب الفشل، ويجعل من الإنسان عائقًا سلبيًا لنفسه وللمجتمع بأسره.

  • الأمل والتفاؤل هو السلاح المُدمر لليأس، فالأمل يُقرب جميع الأمنيات حتّى لو كانت صعبةَ المنال، فمن الواجب التيقن أنَّ الأمل موجود مهما حدث.

  • إنَّ الأمل والتفاؤل من أفضل الطّرق لمواجهة مشاكل الحياة، فالعزم والصبر مبعث لكل خير.

واعلم أن الحياة دار بلاء فإما أن تكون شاكرًا راضيًا أو ساخطًا قانتًا: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216].

فاحرص أن تنير في ظلام الإحباط شمعة أمل..
 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم