من مهارات المربي: القدرة على التنمية الذاتية للأفراد [3/3]

 

ثالثًا: العوامل المؤثرة في اكتساب وتنمية الذاتية عند الأفراد:

    بعد ذكرنا للوسائل والطرق؛ يحسن بنا أن نذكر العوامل التي تساعد على إنجاح هذه الوسائل والطرق، وهي:

    (1) العامل الأول: الاستعداد الفطري لدى الشخص للنمو والعطاء:

    إن المتتبع لسير القادة في العالم يجد أن بناءهم الذاتي ومعدنهم يتميز بالندرة، ثم أتت الوسائل التكوينية لتزيدهم جمالا، وهذا قدر الله في الناس: «الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا»، (صحيح مسلم 2566، 4 / 1985 واللفظ له وللبخاري)، فالذهب يزداد لمعانا وجمالا بالعناية به وكذلك الفضة تزداد بياضا بالتنظيف ولكنها لا تكون ذهبا في يوم من الأيام وحديث الرسول r خير دليل على هذا (الناس كإبل مائة...) وحديث الأشج (فيك خصلتان...) (وضعف أبي ذر عن القيادة).

من لـم يقف عنـد انتهـاء قـدره ... تقـاصـرت عليـه فسـيحات الخطى  (مقصورة بن دريد الأزدي)

    (2) العامل الثاني: البيئة المحيطة بالإنسان:

    وهذا يظهر جليا من خلال:

    (1) شعور الفرد باحتياج المجتمع إليه، فهو يخاف إن لم يتقدم يُمْسِكَ الراية أن تحدث الهزيمة ويتحمل هو إثم التقصير والخوف إما أن يكون على العاجل أو الآجل، فالعاجل فانٍ وهو ما لا يتعدى الخوف من فقدان المال أو الجاه وهذا وذاك زائل والزائل لا يخاف عليه، أما الخوف من الوقوف بين يدي الله يوم القيامة من غير رصيد فهذا هو الدافع للعمل كما قال النبي r: (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنـزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة) هذا حديث حسن غريب (سنن الترمذي مجلد 4).

    (2) طبيعة المجتمع المحيطة به وكونه مشجعا للإبداع والعمل الإنتاجي.

    (3) توفيره للأدوات المساعدة للنمو، نحو: إكرام العلماء وإظهارهم للاستفادة منهم، تجهيز المكتبات ووضعها بين يدي الأفراد، توفيرا لوقت المبدعين منهم وتسهيل أمورهم الحياتية حتى لا ينشغلوا فيها.

    (4) وجود القدوة في المجتمع حيث لا يختلف اثنان على أهمية القدوة وإن فعل حكيم في ألف رجل خير من خطابة ألف رجل في رجل.

         والنـاس ألـف منـهم كـواحـد            وواحـد كـالألـف إنْ أمـر عـني

    (3) العامل الثالث: طبيعة التنشئة الأولى:

    وهى البناء الأول الذي يعتمد على غرس عنصر المبادأة ونبذ الاتكالية وربط الفرد دائما بالمثل الأعلى.

    (4) العامل الرابع: الاستحضار الدائم لنية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

    (5) العامل الخامس: تنشيط روح التفكير والتجديد المنضبط بالكتاب والسنة.

 

رابعًا: طرق تنمية الذاتية: (كتاب الإيجابية في حياة الداعية)

    وهناك مجموعة ممن الأسباب والعوامل التي تؤثر في إيجاد الإيجابية الدعوية وتقويتها، أو المنع من فتورها، لابد من أخذها بنظر الاعتبار والتنبيه المستمر عليها من خلال الوعظ الدعوي والمناهج التربوية أو جداول المحاسبة الذاتية ولعل أهمها ومبتدأها: تقوية الإيمان والإيمان بداية الأمر وأس العمل ولاشك ولكن المقصود هنا الالتزام بعوامل تقوية الإيمان، وأنشطة زيادته بالطاعات التي من شأنها أن تزداد إيجابية المؤمن بها، وتتقوى ذاتيته بمقتضاها والعوامل هذه كثيرة – لا يمكن الاستطراد بها في هذا المبحث ولكن يشار إليها فحسب- إذ أن من أهمها: الذكر وتلاوة القرآن، وتذكر الآخرة، وحضور الجنائز، وزيارة المقابر، والإكثار من النوافل، وقيام الليل، وصيام التطوع، والزيادة من كل بر، والأخذ بكل معروف.

كما أن الإيمان مرتبط بصحة النية وسلامة القصد، ونهي النفس عن الهوى، لأن اتباع الهوى يضل عن السبيل ويقعد عن العمل الصائب، وشعور المؤمن بأن عمله لله يدفعه للمعالي ويفجر مكنوناته ويجعل الصعب أمامه سهلا، ويعينه على تخطي العقبات، وتتكون العزيمة التي تدفع كل حواسه وتظهر كل طاقاته على شكل عمل مثمر وبناء، وكما أن صحة النية مهمة فإن الانشغال بالعمل الصالح وترك الشهوة هو الآخر يقود إلى تفتح البصيرة وترك الباطل والتمتع بلذة الطاعة وينمي القوة في طاعة الله ويقوي الإبصار في الحق؛ وكلٍّ من صحة النية وصواب العمل وإن كانا مما يقوي إيجابية المؤمن فهما في نفس الوقت بحاجة إلى إيجابية ولكنها سنة الحياة، فالعمل يدفع إلى العمل والحسنة تقود إلى الحسنة والطاعة تجلب طاعة وهذا من فضله تعالى على العباد.

 

نظام الحوافز، وجذب الانتباه والتشجيع

    (1) نظام الحوافز: (كتاب ذاتية المؤمن طريق النماء)

    وهو تابع ومرتبط بحاجات الإنسان:

(أ) الأولية                           (ب) الثانوية

    وأما الحاجات الثانوية وهى الأكثر تعقيدا كذلك، وهى على سبيل المثال:

المنافسة          تحقيق الذات               الحاجة إلى الاعتراف والتقدير

    وهذه تلعب دورا مهما في تعطيل أو تعقيد الجهود التي تبذلها المؤسسات لإثارة دوافع العاملين وتحفيزهم للعمل، ولأهميتها نذكر بعض الأمور الخاصة بها:

1- إنها شديدة التأثر بالخبرة التي يمر بها الفرد.

2- تتنوع من حيث النمط من شخص لآخر.

3- تتغير في داخل الفرد ذاته.

4- مشاعر غامضة وليست كالحاجات الفسيولوجية.

أما الحاجات الأولية فهي كما ذكر أصحاب الاختصاص:

1- فسيولوجية: وتعتبر هذه في أعلى هرم الحاجات الأولية وعدم إشباعها قد يخضع الإنسان لها ولمن يتحكم بها.

2- نفسية: تقوم على الأمن والاستقرار ليتسنى له التخطيط والتفكير والحركة.

3- اجتماعية: تقوم على الإحساس بالانتماء للمدرسة ليتسنى له النصرة والتوجيه.

4- ثقافية: تقوم على الفهم والمعرفة ليحسن التحليل والتنظير.

    وعلى ذلك فالحوافز الآخذة بعين الاعتبار الحاجات الأولية والثانوية تلعب دورا كبيرا في حياة العامل وخير مثال نضربه في موضوع الحوافز في دفع المسلمين للعمل قوله تعالى: )وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ( [التوبة: 105].

    والآية الكريمة تبين أمرين في غاية الأهمية كحافز للاندفاع الذاتي:

1- مكانة الجهة التي تصدر الأمر بالنسبة للعامل فالآمر في الآية هو الله.

2- منـزلة جهة التقويم والمراقبة وهى هنا الله سبحانه وتعالى والرسول والمؤمنون.

    (2) جذب الانتباه والتشجيع:

    وذلك بلفت انتباه المكلف لأهمية العمل الذي يقوم به وتشجيعه عليه، ومن العبارات المستخدمة في ذلك:

1- تصرف حسبما تراه مناسبا.

2- تستطيع أن تواصل عملك بالأسلوب الذي تراه.

3- إنك تمثل كسبا حقيقيا لهذا القسم.

وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..

 
للاطلاع على الأجزاء السابقة: 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم