عُني أبو بكر رضي الله عنه بالتربية الجسمية كأحد الجوانب الأساسية في تربية الشخصية المسلمة؛ لأن الجسم القوي هو عدة المسلم التي تمكنه من أداء الفرائض الأساسية والتكاليف الشرعية كالعبادات والجهاد في سبيل الله وكسب القوات من طريق العمل الحلال.
وتبدت عناية أبي بكر رضي الله عنه بالتربية الجسمية سواء على مستوى القول وعلى مستوى الممارسة والتطبيق في بعض المظاهر الهامة، كالحث على إعطاء الجسم حقه من الغذاء والنظافة والملبس والشهوة، والأخذ بالقواعد الصحية السليمة في المأكل والمشرب، والتداوي من الأمراض والبعد عن الأماكن الموبوءة والأشخاص القابلين لنقل العدوى، وممارسة الرياضة البدنية بأنواعها المختلفة كالسباحة والرماية وركوب الخيل والمصارعة.
ولعل مما يؤكد عناية أبو بكر رضي الله عنه بالتربية الجسمية للمسلمين في عصره ولاسيما المجاهدين توافر القوة المادية التي حملت الإسلام إلى الآفاق وحققت أكبر الفتوحات في التاريخ الإسلامي.
ولم يكن اهتمام أبو بكر رضي الله عنه بضرورة حصول جسم المسلم على حقه من الطعام والنظافة والملبس والشهوة يعني أن يطلق الإنسان المسلم لنفسه العنان في المأكل والمشرب والشهوة دون توجيه، وإنما حرص أبو بكر رضي الله عنه سواء على مستوى الأقوال أو على مستوى الممارسة والتطبيقات على إبراز بعض الضوابط الإسلامية الخاصة بتوجيه الإنسان المسلم في غذائه وملبسه وشهوته، ومن هذه الضوابط أن يكون ما يتغذى به الإنسان المسلم حلالًا طيبًا، وألا يفرط في الطعام، وأن يكون إشباعه لشهواته من طريق الحلال، فقد روي أنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه رفض أن يبقى في جوفه شيئًا من طعام أكله ثم علم أنه من حرام.
ومن مظاهر عناية الصديق رضي الله عنه بالتربية الجسمية الأخذ بقواعد الصحة البدنية وممارسة العادات السليمة في المأكل والمشرب كنظافة الأيدي ونظافة الأواني المستخدمة الطعام وكيفية المحافظة عليه واختيار الثياب الصحية، وبدا ذلك في حياة أبي بكر رضي الله عنه في حادث الهجرة، حيث روي عنه أنه وهو في طريقه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة رأى راعي غنم، فطلب منه أن يجلب له شيئًا من لبن، يقول أبو بكر رضي الله عنه فيما رواه البخاري: «... فأمرته- أي راعي الغنم- فاعتقل شاه من الغنم، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال هكذا؟ ضرب بإحدى كفيه الأخرى، فحلب كثبة من لبن، قد جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله».
ومن مظاهر اهتمام أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالتربية الجسمية عنايته بالرياضة البدنية وحثه على ممارستها لما لها من أثر في قوة الجسم وقدرته على القيام بوظائفه العبادية والجهادية والمعيشية، ومن ألوان الرياضة البدنية التي مارسها الصديق وحث المسلمين على ممارستها السباق بالأقدام والمسابقة بالخيل والسباحة والمصارعة والرماية، فقد روي أن أبا بكر رضي الله عنه كان يمارس السباق بالأقدام والمسابقة بالخيل، كما كان فارسًا بالشجاعة وثبات القلب، حتى وصف بأنه أشجع الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
.