اهتمّ الإسلام في اليتيم اهتمامًا خاصًّا ضمن له سبل العيش الكريم؛ فدعا إلى تربيته وحثّ على معاملته معاملةً حسنة، واعتنى به حتى لا يشعر بالنقص بين أفراد المجتمع، ومن مظاهر اهتمام إسلامنا باليتيم ظهور كلمة اليتيم، وما يتبعها في ثلاثة وعشرين موضعًا من القرآن الكريم بعضها يدعو إلى الإحسان لليتيم، وبعضها الآخر يوضّح فضل وفوائد كفالة اليتيم، وما تجلبه لصاحبها من مصالح في الرزق والنفس وحفظ الأهل.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوي: «اليتيم في الآدميين من فقد أباه؛ لأن أباه هو الذي يهذبه، ويرزقه، وينصره بموجب الطبع المخلوق، ولهذا كان تابعًا في الدين لوالده، وكان نفقته عليه وحضانته عليه، والإنفاق هو الرزق، والحضانة هي النصر لأنها الإيواء، ودفع الأذى، فإذا عدم أبوه طمعت النفوس فيه؛ لأن الإنسان ظلوم جهول، والمظلوم عاجز ضعيف، فتقوى جهة الفساد من جهة قوة المقتضي، ومن جهة ضعف المانع، ويتولد عنه فسادان: ضرر اليتيم الذي لا دافع عنه، ولا يحسن إليه، وفجور الآدمي الذي لا وازع له».
وكافل اليتيم هو القيم بأمره ومصالحه، قال النووي رحمه الله: «كافل اليتيم: القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية.. وغير ذلك».
فقد روى البخاري في الأدب المفرد: «أن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كان لا يأكل طعامًا إلا وعلى خوانه يتيم».
ومن أراد تليين قلبه؛ فليطعم المسكين، وليمسح رأس اليتيم، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ».
وأطيب المال ما أُعطي منه اليتيم، روى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِب المُسلِم مَا أَعْطى مِنهُ المِسْكِين، واليَتِيم، وابْنَ السَّبِيلِ».
فوائد وحسنات
يقول فضيلة الشيخ:- عبد الله بن ناصر بن عبد الله السدحان فى كتابه [فضل كفالة اليتيم]:- «اعلم أخي المسلم أن من نعمة الله عليك أن يوفقك إلى كفالة يتيم أو من كان في حكمه، وقد رتب الشرع جملة من الفوائد التي تتحقق لك وللمجتمع عند قيامك أو أحد أفراد المسلمين بكفالتهم ورعايتهم، ومن هذه الفوائد:
- كفالة اليتيم من قِبل المسلم تؤدي إلى مصاحبة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة.
- كفالة اليتيم والإنفاق عليه وتربيته والعناية به تدل على طبع سليم وفطرة نقية وقلب رحيم
- كفالة اليتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره تؤدي إلى ترقيق القلب وإزالة القسوة عنه.
- كفالة اليتيم تعود على صاحبها بالخير الجزيل والفضل العظيم في الحياة الدنيا فضلًا عن الآخرة.
- كفالة اليتيم تساهم في بناء مجتمع سليمٍ خالٍ من الحقد والكراهية وتسود فيه روح المحبة والمودة.
- كفالة اليتيم تزكي مال المسلم وتطهره وتجعل هذا المال نعم الصاحب للمسلم.
- في كفالة اليتيم بركة عظيمة تحل على الكافل، وتزيد في رزقه.
- كفالة اليتيم تجعل البيت الذي فيه اليتيم من خير البيوت كما قال صلى الله عليه وسلم:- «خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسَن إليه».
- في كفالة اليتيم حفظ لذريتك من بعدك.. قال تعالى: {وليَخشَ الّذيِنَ لَو تَركُوا مِن خَلفِهِم ذُرّيّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيهِم فَليَتّقُوا اللَّه وليَقُولُوا قَولًا سَدِيدًا}( النساء: 9)، فكافل اليتيم اليوم إنما يعمل لنفسه لو ترك ذرية ضعافًا، فكما تُحسن إلى اليتيم اليوم يُحسن إلى أيتامك في الغد، وكما تدين تدان.
.