Business

الضعف اللغوي عند التلاميذ.. الأسباب والعلاج

يُلحظ عند عامة التلاميذ ضعفٌ في اللغة العربية، وقلة التركيز وبطء الاستيعاب، ومرد ذلك إلى ترسبات قديمة حملت معها حفرًا ونقصًا وتمزقات في تكوين معظم التلاميذ، والضعف نتج عن الابتعاد عن الأصول التي بُنيت عليها اللغة العربية وعلومها.

وفي هذه الدراسة، حاول الدكتور محمد بن حمو، الأستاذ بجامعة بشار- الجزائر، أن يستنبط الحل لهذه العراقيل من خلال التجربة الشخصية، وآراء الباحثين الكبار، وأصحاب السبق في هذا الميدان.

 

الأساس العلمي للضعف اللغوي عند التلاميذ

  • الضعف في القرآن الكريم

زاد القرآن الكريم اللغة العربية في عصورها المختلفة قوة وجمالًا، ونقلها من المحلية إلى العالمية، وكان العامة في القرون الأولى من عمر الدولة الإسلامية لا يفتأون يقرأون القرآن في كل أوقاتهم؛ ولذلك رسخ فيهم حب العربية، ولكن عندما ظهرت الفتن والاضطرابات بسبب الأمية والجهل والظلم وسوء سياسة الحكام = دخلت الأمة في عصر الظلام والتخلف، فتراجع احتكاك أفراد الأمة بالقرآن الكريم.

  • الضعف في الأدب العربي

كان الأدب العربي شعره ونثره الركيزة الثانية بعد القرآن الكريم في تقوية الملكة اللغوية للتلاميذ؛ ولكن بعد القطيعة مع التراث بسبب الاستعمار والتخلف والفتن تراجع الأدب وقلت نظرة الناس إليه، فانكمشوا على أنفسهم، واستعملوا العامية، ونسوا الأشعار والمعلقات وغيرها.

  •  الضعف في النحو

إن كثرة الأخطاء النحوية عند التلميذ تجعل لغته رديئة لا يستطيع أن يعبر بها عن نفسه، ولا تؤثر في من حوله؛ ولذلك فإن شيوع الأخطاء ظاهرة تنذر بفساد اللغة واضطراب قواعدها، الأمر الذي يستوجب العمل على مقاومته وعلاجه بطريق أو بآخر.

  • قلة القراءة

ابتُلي التلاميذ والشباب في الآونة الأخيرة بالعزوف عن القراءة، لما هم فيه من الاشتغال بوسائل الاتصال الحديثة، ولذلك ضعفت اللغة عندهم وتخلف التعبير الصحيح؛ إن عامة التلاميذ لا يستطيعون التعبير عن أفكار تحيط ببالهم، فيجدون صعوبة كبيرة في إخراجها إلى الواقع وتوصيلها والسبب في ذلك قلة القراءة، فمن الحقائق المقررة أن الصلة وثيقة بين القراءة والتعبير، وأن التعبير لا يجود إلا بكثرة القراءة.

 

الأساس النفسي

هناك جوانب نفسية عند التلاميذ تمنعهم من تحصيل اللغة وتجعلهم معوقين لا يتمكنون من إدراك أكبر جانب من جوانب الشخصية العلمية المرتبطة بالهوية ألا وهو اللغة، وقد اجتهدنا في حصرها فرجعناها إلى جوانب أربعة، هي: النفور من الدراسة، والخوف من الحديث، والعي والعجز عن الكلام، وطول الصمت.

 

الأساس الخارجي

هناك أمور خارجية لها علاقة بضعف التلميذ اللغوي، ومعنى خارجية أنها تحيط به وغير لاصقة بشخصه، ويعيشها في يومه أو في جزء من حياته. وقد أحصينا بعضها ونذكر منها: وسائل الإعلام، والمسجد، وازدواجية اللغة، والمعلم.

  • وسائل الإعلام

الضعف في وسائل الإعلام يمكن تلخيصه فيما يلي:

  1. طغيان المادة التي تقدم بالعامية على التي تقدم بالفصحى.
  2. وجود انحرافات لغوية.
  3. تدني لغة (المذيعين) إلى الحد الذي يستفز المشاعر، ويستشير الغضب والدهشة في وقت واحد.
  • المسجد

المسجد بيت الله الذي يقصده كل مسلم. والتلميذ مثل الكبار يفعل ذلك للصلاة، وفي كل ذلك يسمع الإمام وهو يقرأ القرآن ويخطب ويشرح ويعظ؛ فلما كان العامة من أئمة المساجد ذوي ضعف بين في اللغة والإعراب، فإن كثيرًا من هذه الأخطاء سوف تدخل لا محالة إلى عقل التلميذ وذاكرته، وسوف يُنتج مثلها متى ما تكلم أو عبر أو ناقش.

  • ازدواجية اللغة

إن ازدواجية اللغة لها أثر سيئ على لغة التلميذ الذي لا يكاد يسمع الفصحى إلا في القسم أو في نشرة الأخبار، وهذا الفساد اللغوي الذي يرجع إلى الفترة الاستعمارية من أكبر المعوقات التي تعرقل النمو اللغوي لدى التلميذ، واستعمال العامية المفرط وقلة مساحة الفصحى مما يضعف أثر اللغة لدى التلميذ.

  • ضعف المعلم

إن المعلم الضعيف سيكون له أثر بالغ السوء في تلاميذه، منها أنه ينفرهم من العربية الفصيحة، وأنه يضعف معجهم اللغوي، ويوقف نمو معارفهم اللغوية. ولذلك فإن من أصعب ما يعانيه مدرس اللغة العربية اليوم إيصال النحو إلى عقول طلابه.

 

العلاج

كما رأينا فإن نقائص التلميذ اللغوية كثيرة ومتنوعة ومتشعبة، وترجع إلى أسباب كثيرة، ومعرفتها معرفة علمية جيدة تسهل الوصول إلى العلاج الشامل لكل النقائص والأمراض:

  • إن القرآن العظيم كتاب الله تعالى أعظم ما يباشره التلميذ تصفحًا وتلاوة واحتكاكًا باللغة وألفاظها ونحوها وصرفها، وبه يرقى إلى مستوى أعلى من التفكير.
  • احتكاك التلميذ بالتراث العربي الإسلامي، وقد أوصى العلماء برواية الشعر وحفظه لأنه يقوي الملكة اللغوية.
  • إصلاح مناهج تدريس النحو، وتغيير النظرة القديمة إلى النحو القائمة على أن اللغة العربية ليست إلا مجموعة من القواعد، وأن ينظر إلى النحو على أنه البحث في التراكيب. وما يرتبط بها من خواص.
  • التزام وسائل الإعلام بخدمة التوجه العام للدولة والشعب من خدمة الوطن والدين واللغة.
  • إن المُعلم مطالب اليوم بأن يكون ملمًا بأهم مجالات تعامل علم النفس مع اللسانيات، ونظرًا لهذه الأهداف البعيدة والقيمة كان من الضروري أن يحصل المعلم على التكوين الصحيح والمتين.
  • من الأمور المفيدة للتلميذ في دراسته وفي تمكنه من اللغة انفتاح الشخصية على ما يحيط بها، ونمو غريزة الاجتماع لديها ومن ثم نمو روح الألفة والجرأة الأدبية والثقة بالنفس.
  • إن كثيرًا من الضعف اللغوي عند التلميذ سوف يزول تدريجيًا كلما زاد في المطالعة والقراءة؛ فالمطالعة وحدها كفيلة بملء كل فراغ ثقافي، وقادرة على إنارة كل جانب مظلم من التلميذ، والمطالعة من غير شك سوف تقفز بالتلميذ إلى دائرة المثقفين ذوي المهارات اللغوية القادرين على الفهم والإفهام، وسوف يكون له شأن في اختراق الكلمات والجمل والنصوص.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم