أولادنا

التربية وغرس العقيدة الإسلامية لدى الطفل

التربيةُ عمل شاق، وجهد يحتاج إلى وقت، وهي مهمةٌ ليست جديدة، فتنشئةُ المسلمِ وإعدادهُ إعدادًا كاملا ًمن جميع جوانبه لحياتي الدنيا والآخرة في ضوء الإسلام يحتاج لصبر ومثابرة.

وتبدأ هذه التربية منذ أن يكون الطفل في رحم أمه، حتى يصير غلاما يافعا، غير أن كثير من الآباء والأمهات لا يدركون مرامي التربية الحقيقية والتي تبدأ بغرس معاني العقيدة الصحيحة في نفوس أبنائهم منذ ولادهم، حينما يصدع بالأذان في أذنه اليمنى وبالإقامة في أذنه اليسرى، يقول الدكتور عبدالرحمن محمد الصالح: «إن مرحلة الطفولة مرحلة مهمة جدًّا في بناء شخصية الابن، ورغم أن الآباء يهتمون بتكوين الأسرة واختيار الزوجة، فإنهم لا يهتمون بأسلوب تربية الأبناء، وإنما يستخدمون ما تيسر من أساليب التربية، وما بقي في ذاكرتهم من أساليب الآباء، رغم أنها قد لا تكون مناسبة، بل إن بعض الآباء يهمل تربية ابنه، بحجة أنه صغير، وأنه مشغول بكسب المادة، والأنس مع الأصدقاء، أو القيام ببعض الأعمال المهمة، فإذا أفاق أحدُهم إلى أبنائه وعاد إلى أسرته، إذا الأبناء قد تعوَّدوا عادات سيئة، وألِفوا سلوكًا لا يَليق، وهنا يصعُب توجيههم وتعديل سلوكهم».

وفي ظل ذلك يحرص أولياء الأمور على تربية أولادهم على الأخلاق الحميدة والسلوك القويم، ويتناسون في زحمة الحياة أمور العقيدة وترسيخها منذ الصغر والتي كان أول ما يحرص السلف الصالح في تهذيب وتربية أبنائهم كانوا يحرصون عليها حتى يثبت الإسلام في قلوبهم، فلا يكونوا مسلمين بالوراثة لكن يكونوا مسلمين عقيدة، ويحكى أن أحد الآباء والأمهات كانوا ينتظرون حتى يطلب أطفالهم الطعام فكانوا يضعونه تحت فتحة في سقف البيت ويقولون اطلبوا من الله سبحانه أن يطعمكم فكان الأطفال يرفعون أيديهم إلى الله فيقوم الأب والأم بتقديم الطعام ويقولون: لقد استجاب الله لكم. وفي يوم من الأيام خرج والأب والأم لقضاء بعض حوائجهم وتأخروا وعادوا وهم فزعين على أطفالهم لأنهم لم يقدموا لهم الطعام، وحينما دخلوا البيت وجدوا أطفالهم يأكلون ويضحكون، فتعجبوا وسألوهم: من أين لكم بهذا الطعام؟ فقال شعرنا بالجوع فجلسنا تحت فتحة السقف ورفعنا أيدينا إلى الله فجاءنا الطعام، فهكذا كانت التربية!

لقد تركنا أطفالنا في هذا العصر لأفلام الكرتون تشكل عقيدتهم الدينية كيفما شاءت حتى ولو احتوت على معاني الشرك بالله، دون توجيه أو تعليق أو تصحيح من الآباء والأمهات كمشاهد الساحرات التي تحقق كل الأمنيات وانكار الله في ذلك وغيرها من المشاهد الكثيرة.

بل إن بعض برامج الأطفال في المحاضن التربوية أو على الفضائيات تعتني بـ(السلوك، الأخلاق، الترفيه، الثقافة العامة) وتغفل إشباع الجانب العقدي.

فمن فقه الأولويات البدء بتعليم التوحيد قبل غيره، للصغار والكبار، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «كنا نتعلم الإيمان قبل القرآن».

وعن جندب البجلي قال : «كنا ونحن فتيان حزاورة (هو الذي قارب البلوغ) مع رسول الله، تعلمنا الإيمان ولم نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا».

ولذا وجب على الآباء والأمهات العناية بهذا الجانب– كما تقول هند بنت عبدالعزيز- عن طريق:

  • تعريف الطفل بالإله الذي يعبده؛ ليحبه، ثم يطيعه، ويخشاه (الجاهل بالشيء لا يعطيه قدره)، ويتم ذلك عن طريق تبسيط توحيد الأسماء والصفات للطفل بطرق متعددة تناسبه.
  • تعريف الطفل بالنبي الذي يتبعه ويقتدي به، ليحبه ويطيعه ولا يعصيه، وذلك عن طريق القصص، خاصة ما يتعلق بطفولته صلى الله عليه وسلم، وأيضا مواقفه مع الأطفال ولطفه معهم، وصف هيئته، وذكر مواقفه الأخلاقية الراقية.
  • نفسر للطفل ونتدبر معه الآيات التي تحتوي على معاني عقدية من السور التي يحفظها، مثال: الفاتحة، الإخلاص، الفلق، الناس.
  • نشرح للطفل بعض الأحاديث العقدية أو جزء منها يناسب مستوى تفكيره بطريقة مبسطة محببة ووجه بشوش وعبارة مختصرة يستوعبها عقله، وليس كما يظهره الإعلام من وجه المسلم العبوس الحاقد الرجعي.
  • عن طريق استخدام الطرق الحديثة والتي يحبها الطفل كالتلوين بشراء كراسات مكتوبة فيها عبارات التوحيد مثل [لا إله إلا الله محمد رسول الله] وتركه يلونها ويقرأها مع بعض الكلمات المعرفة لها.
  • ربط المواقف والأحداث التي تمر في حياة الطفل بالعقيدة، مثال: إذا مرض نعلق قلبه بالله، نعلمه الدعاء، وحسن الظن، والرقية.
  • تربيتهم على حب الصحابة رضي الله عنهم. قال مالك بن أنس: «كان السلف يعلمون أولادهم حب أبي بكر وعمر كما يعلمونهم السورة من القرآن».
  • حفظ الأناشيد التي تحوي معاني عقدية والمشاركة بها في الحفلات المدرسية والمناسبات الأخرى.
  • تعويد الطفل على سجود الشكر عند تجدد النعم وعند السلامة من الأذى.
  • ندربه أن يبدأ دائما بشكر الله قبل شكر والديه أو من أحسن إليه؛ لنعلقه بالمنعم الحقيقي عليه لا بغيره.
  • تعريف الأطفال بأمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته وتربيتهم على حب آل البيت وتوقيرهم.
  • نكرر أمام الطفل عبارات تنمي الإيمان لترسخ لديه ثم يستخدمها تلقائيا، مثل:
  • قدر الله وما شاء فعل، توكل على الله، لا إله إلا الله، الله يراك، الله قدير، الله كريم سبحانه.
  • نساعد الطفل لكي يقوم بتزيين فصله وغرفة نومه بعبارات عقدية مثل: أنا مسلم، أحب ربي وأخشاه، أنواع العبادة، أركان الإيمان. فهذه وسائل تعليمية تطبع في ذهنه مع كثرة مشاهدتها.

فأطفالنا قد نحار حين ندخل عالمهم، فبأي حروف نخاطبهم، وبأي لغة نعلمهم، عندنا الكثير من الخير لهم إن تعلموه، ولكن كيف، ومتى وبأي أسلوب نعلمه؟

لابد لنا أن نعي أهمية الدور المناط بنا لتربية أبنائنا وغرس العقيدة الصحيحة في نفوسهم حتى نساهم في إنشاء جيل يحمل راية الإسلام، يؤدي الأمانة، يمضي بأحسن ما مضينا ويحقق ما لم نستطيع تحقيقه.

هم الأمل وبهم الرجاء، وعلينا نحن المسؤولية في تمكينهم من تحقيق أمانينا التي أضعناها في مسيرتنا.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم