Business

الإجازة الصيفية وفراغ الشباب

مرحلة الشباب لأهميتها كانت هي بداية مرحلة التكليف في شرع الخبير اللطيف، فهي مرحلة افتراق الطريق بعد أن كان الشاب صغيرًا غضًا لا يستطيع أن يفصل في أموره بصورة دقيقة، ثم ها هو ذا يكبر ويقف على مفترق الطرق، يحتاج من يأخذه بيده ليوجهه إلى الاختيار الصحيح الذي يوصله إلى جنة الله تعالى ورضوانه.

وفى هذه الدراسة، يتناول الباحث جمال عبد الرحمن، إقبال الإجازة الصيفية، وكيف ينتظرها أعداء الإسلام بالبرامج الهابطة، والمغريات والملاهي، فضلًا عن الأطروحات الهدامة والأفكار السامة، والاقتراحات المنحرفة التي تُبث على الشباب الخاوي من العلم والمعرفة، فلا يجد إلا الوقوع في مهاوي تلك الأفكار، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا يجد الشباب بعدها إلا ضياع الدنيا والدين، فلا هو أفاد نفسه، ولا نفع مجتمعه!

 

جوانب معاناة الشباب

فإذا أردنا أن ننهض بشباب الأمة فعلينا أن ننظر إلى الأمراض المتفشية فيه، والأدواء التي تحتاج إلى علاج. وأول هذه الأدواء المستفحلة المتغلغلة في الشباب:

أولًا: غياب الهدف

فكثير من الشباب لا يدري لماذا وُجد في هذه الدنيا، وما المطلوب منه فيها، لا يعرف إلى أين يتجه، ولا كيف يسير، ومن هنا بدأ يردد الكلمات الفاجرة الملحدة التي نَظَمها له العلمانيون واللادينيون، وأنشدها المغنون، وصار الشباب يرددها بلا وعي ولا عقل، كما يقولون: جئت لا أدري من أين جئت؟ ولكني أتيت!

ثانيًا: الفراغ العلمي والفكري

لا يوجد عند الشباب ما يشغلهم في حياتهم سوى إكمال الدراسة، وتحصيل الوظيفة، ثم الزواج الذي لا يمكن أن يتم إلا بعد انتهاء الدراسة، ولو كانت الفتن تحيط به من كل جانب، ولو كان الاختلاط بين الشباب والفتيات من أمامهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم.

وكذلك يبحث الشاب عن مصدر العيشة الهنية، دون أي تدقيق في حِل أو حرمة، في مأكله ومشربه، يبحث الشاب كيف يحصل على عملٍ يرتدي فيه أفخر الملابس، وإن كان جالسًا معطلًا لا يفيد الأمة بشيء.

فقالوا: تطوير التعليم وتحديثه، وإنما هو في الأصل تأصيل الجهل وتقنينه، مما تسبب في تدني المستوى العلمي، والله تعالى يقول: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الزمر: 9].

إن شباب محمد ﷺ كان يعلمهم الإيمان قبل أن يعلمهم القرآن، فلما تعلموا القرآن ازدادوا به إيمانًا.

وكانوا يتعلمون مغازي رسول الله ﷺ كما يتعلمون السورة من القرآن، وكانوا يتفقهون في دينهم ويتعلمون أحكامه، ويتعلمون الأخلاق والفضائل.

ثالثًا: غياب القدوة

وفي زمننا هذا غابت القدوة الصالحة التي تبني المجتمعات، وتأخذ بيد الشباب لتعيد لهذه الأمة مجدها، وتقدمها وسبقها، كما غاب أهل الحسبة الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويأخذون على يد الظالم.

إن ترك الشباب تتجاذبه المحن والأهواء، ويسيِّر دفته أهل البدع والأهواء، ويشغل وقته أهل السوء ورفقة الأشرار بدون توعية، ولا علم ولا هدى ولا كتاب منير؛ يؤدي بهم إلى مهاوي الردى، ويصبح الشباب فريسة سهلة للأعداء؛ فتتأخر به الأمة، ولا يُكشف به- بعد الله– غمة.

رابعًا: المفهوم المغلوط للحرية

بعض الشباب وغيرهم يفهمون الحرية على أنه يمكن للإنسان أن يفعل ما يشاء، ولو كان حرامًا، ولو كان رقصًا وتبرجًا واختلاطًا محرمًا، وانكشاف عورات، وسبًا وشتمًا وقذفًا وكراهية، في الوقت الذي لم يُترك فيه الحرية لأهل الحياء والعفة أن يلبسوا الزي الشرعي، وصار عيبًا وتخلفًا وجمودًا أن يفعل الشاب المسلم والفتاة المسلمة ما يمليه عليه دينه وعقيدته.

إن الحرية في الإسلام هي أعلى أنواع الحريات، فبها يعيش كل إنسان آمنًا على نفسه وأهله، وهي حرية تكفل الراحة والاستقرار للناس لا إزعاج فيها، ولا ظلم لأحد.

 

مقترح لحل مشاكل الشباب

  • اختيار بعض الكفاءات من المسلمين ممن يجمعون بين العلم الشرعي والآداب والتربية والتجربة في رعاية هؤلاء الشباب، ثم عقد الندوات بين هؤلاء الشباب وأساتذتهم من العلماء الشرعيين الربانيين؛ لمناقشة مشاكلهم، وصياغة الحلول لها في ظل الشريعة الغراء.
  • إقناع الشباب بأن العمل الحر من وسائل التنمية والرزق الحلال؛ لأن كل شاب الآن لا يعرف غير البحث عن وظيفة، ولبس ملابس نظيفة، والجلوس عاطلًا، وهو مقتنع بذلك أنه يعمل، وأنه موظف، فإن لم يتمكن من تحصيل مرتبه وافيًا بدأ يمد يده إلى أموال غيره، بكل وسائل الاحتيال.
  • وعلى المسئولين أن يوفروا دعمًا للمشاريع الصغيرة، فقد كان عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما يتاجر في الجلود المدبوغة في السوق، والنبي ﷺ يمر عليه فيراه ويشجعه ويدعو له، ويقول: «اللهم بارك لعبد الله في صفقة يمينه».

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم