Business

دور الإعلام التربوي الإسلامي في تحقيق الوعي الاجتماعي

يعد الإعلام أداة الدين ودعامته الرئيسية، والإسلام دين دعوة، والدعوة عمل إعلامي بكل ما تحمل العبارة من معنى في أذهان خبراء الإعلام والاتصال بالجماهير. ذلك أن الدعوة ما هي إلا إعلاميٌّ يخاطب العقل ويستند إلى المنطق والبرهان ويعمل على الكشف عن الحقيقة، والمسئولية الإعلامية في الإسلام ما هي إلا عبادةٌ كلف الله بها جميع المسلمين؛ حتى يتسنى للمسلم التفقه في أمر دينه، وتدفعه للبحث والمعرفة.

وفى هذه الدراسة التى أعدّتها الباحثة: أميرة محمد عبد المجيد حسان، توصّلت إلى أن الإعلام الإسلامي يعد من الجوانب المهمة التي مهدت الطريق لانتشار الإسلام ومكنت له القلوب والنفوس وجعلت له أعظم وأرفع منزلة عند الشعوب التي دخلت فيه، فمهمة الأنبياء كانت مركزة في الدعوة إلى الخير، وبهذا يكون الإسلام في جوهره دين إعلام، ويكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصلين من أصول الدين الإسلامي، وكلما تطاول الباطل وتطلع إلى السيطرة على الأفهام، وحاول بكل ضراوة أن يحتل العقول، ويستولي على القلوب؛ كلما كانت الحاجة إلى الإعلام الإسلامي أشد، وتكون مهمته من أخطر المهام.

 

أهداف الإعلام التربوي الإسلامي

  • الدعوة إلى الإيمان بالله، واليوم الآخر، وما فيه من بعث وحساب وجزاء.
  • تجلية محاسن الإسلام ومزاياه، وتقريب مفاهيمه وحقائقه للناس كل حسب قدرته واستعداداته.
  • العمل على تزكية النفس، بالفضائل الأخلاقية والمبادئ الإيمانية والاجتماعية.
  • بيان المنهج السليم الذي رسمه الإسلام لعلاقة الإنسان بربه، وبنفسه، وبأهله، وزوجته، وأولاده، وجميع الناس.
  • مقاومة أي خروج عن قيم الدين وسلوكياته، والإشادة بالقيم النبيلة.
  • حماية المجتمع الإسلامي من الأخطار الخارجية والداخلية التي تهدده، وذلك بالعمل على نشر الأخبار عن الأحداث وتفسيرها، وإيجاد الرأي العام المؤمن الواعي، الذي يقدر حقيقة وجوده ومسئولياته.
  • تنمية الملكات العامة والقدرات الخاصة، وفتح المجال واسعًا أمام أفراد المجتمع الإسلامي؛ للسير والرقي في أرض الله بمنهج الله.

 

خصائص الإعلام التربوي الإسلامي

  • إعلام يعتبر كل أفراد المجتمع الإسلامي قائمين بالاتصال ومسئولين عن تبليغ الدعوة، كلٌّ حسب قدرته وعلمه، بالإضافة إلى وجود متخصصين قائمين على أمر الدعوة، على بيئة وعلم وبصيرة وتمكن وخبرة.
  • الإعلام التربوي الإسلامي إعلام هادف موجه؛ لتحقيق هدف واحد وهو إعلاء كلمة الله، والمسلم في حالة يقظة مستمرة من أجل تحقيق هذا الهدف.
  • إعلام قائم على الإقناع، ومن أجل ذلك يستغل كافة الإمكانيات البيولوجية والنفسية والاجتماعية في الإنسان؛ من أجل استثارة كل قوى الخير داخل النفس وتوجيهها دائمًا للخير.
  • تتسم الرسالة الإعلامية في الإعلام التربوي الإسلامي بالثبات، حيث أن مصدرها الله، ومهمة المقدمين هي التبليغ.
  • يعتمد الإعلام التربوي الإسلامي على نظرية المثل والقدوة الحسنة، من خلال المتابعة المستمرة للدعاة والارتفاع بهم إلى مستوى التجسيم الحي للمبادئ الإسلامية.
  • يعتمد الإعلام التربوي الإسلامي على الأسلوب الموضوعي القائم على التحليل والوضوح والتأمل، واتخاذ كافة الوسائل التي تنمى ملكة التفكير لدى الإنسان، وذلك إيمانًا منه باحترام عقل الإنسان الذي يجب أن تتوجه له بالإقناع.

 

أدوار الإعلام التربوي الإسلامي

الإعلام التربوي الإسلامي ليس متخصصًا في البرامج الدينية فحسب، ولكنه يضم البرامج والموضوعات المتخصصة في كل علم واتجاه، والفن الشعبي، وعرض التراث، والتاريخ، واللقاءات، والتقارير، والتحقيقات، والمسلسلات الدرامية، والمواد الثقافية والدينية والترويحية المختلفة. والإعلام الإسلامي يساهم في تحقيق الوعي الاجتماعي عبر عدة أدوار:

1- الدور الثقافي

إن الإعلام الإسلامي يهدف إلى تحسين حال المشاهد، فبعد أن كانت الثقافة مقتصرة على المحظوظين ذوي الإمكانيات المادية والاجتماعية المميزة، باتت في متناول الجميع بظهور القنوات المتخصصة ثقافيًا ودينيًا.

ومع ظهور العديد والعديد من النوافذ الثقافية، بات الأمر خطيرًا في ظل ضعف القدرة على الانتقاء، فبات لزامًا على الإعلام التربوي الإسلامي التصدي لها عبر اتخاذ الحوار أسلوبًا لمواجهة الأفكار المتطرفة، وكشف أباطيلها، وتوجيه الشباب إلى عدم التمسك بالجوانب الشكلية للعقيدة، ولكن التعمق في الدين والإدلاء بآرائهم في المشكلات الحقيقية التي يتعرض لها المجتمع المعاصر، والتأكيد على قيمة الفكر الصحيح والعلم النافع، والتصدي لكل ما يشوه الدين الإسلامي من دعاية عن طريق توضيح الدين القويم، وإظهار هويته الثقافية عالميًا.

2- الدور الإخباري

إن الخبر في وسائل الإعلام التربوي الإسلامي يجب أن يكون مشروطًا بعدة شروط، منها:

  • التأكد والتثبت من صاحب الخبر وشخصيته، قال تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات: 6).
  • رد الأخبار المتعلقة بالأمن والخوف إلى الجهات المسئولة أولي الأمر، قال تعالي: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا} (النساء: 83).
  • معرفة طبائع البشر وعواطفهم وتأثيراتها؛ وذلك تحسبًا لموضوعية الأخبار، وبُعدها عن الهوى وعدم الانحياز إلى الآراء أو المذاهب، والتودد لأصحاب الجاه والمناصب الكبيرة.
  • التأكد من الأخبار المتواترة؛ وذلك من باب التصديق، فليس كل ما يتفق عليه البشر صحيح.
  • عدم نشر الأخبار السيئة؛ لما يؤدي ذلك إلى العداوة بين أبناء الأمة الواحدة.
  • عدم نشر الأخبار غير الموثقة، والإحاطة بالموضوع من جميع الجوانب، والعناية باختيار الأقوال والكلمات قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (الأحزاب: 70).

3- الدور الاجتماعي

يقوم الإعلام التربوي الإسلامي بالعديد من الأدوار الاجتماعية لخدمة المجتمع على المستوى البسيط، مثل: معرفة حالة الطقس، ورفع الأذان، والإعلان عن المنتجات. وكذلك يلعب دورًا مهمًا في بناء المجتمع وتطويره وتضيق الهوة التي كانت تتسع يومًا بعد يوم بين المدن والقرى؛ بسبب فرق المعرفة والاطلاع، فيقوم بنشر الوعي والفكر، وتوسيع الآفاق، وتضيق تلك الهوة عن طريق الاتصال بين البشر الذي يثمر عن معرفة ما لديهم من الأخبار والمعلومات، ويطلع على ما قد اكتسبوه من التجارب والقدرات وحققوه من الإنجازات.

كما يسهم في حل مشكلات المجتمع، بإلقاء الضوء عليها، والتوعية بها، واقتراح أفضل الحلول لمعالجتها؛ ورفع مستوى الثقافة، وتطوير الفكر العام للمجتمع، وتكوين الرأي العام المستنير إزاء قضايا المجتمع الداخلية والخارجية، من خلال توفير المعلومات الصحيحة والكافية، وعرض مختلف الآراء الواعية الصادقة.

4- الدور الترفيهي

إن لكل أمة وشعب طريقة خاصة في ممارسة الترفية والترويح عن النفس، يوجه إلى هذه الطريقة تراث الأمة وعاداتها وتقاليدها، وأجهزة الإعلام الحديثة ألغت الحدود والسدود، فلم تعد أي دولة منعزلة تمارس ترفيهها الخاص؛ فطغى الترفية الرديء على الترفية البريء.

وعملية إحداث البديل الإسلامي في مجال الترويح في التليفزيون هي عملية تبديل وتغيير وتأسيس، وهي تحتاج إلى إعلاميين لهم عزم شديد قد تحصنوا ضد الأفكار والآراء والنظريات والفلسفات غير الإسلامية. وعلى هذا فإن البرامج الترويجية في شكلها الإسلامي لن تكون برامج جافة ولا معتمة ولا متهجمة، وليست برامج ندوات ونصائح وعظات مباشرة، ولكنها برامج مسلية تبعد الهموم والأحزان، وتدعو للطلاقة والارتياح، وفي نفس الوقت تحمل معاني الخير والحب والجمال، وتزرع العفاف في القلوب، وتحض على خير الأفعال.  وتعمل البرامج الترويجية على:

  • تثبيت القيم الإسلامية ونشرها.
  • تربية الأمة على معاني التقوى لله والإخلاص له.
  • الالتزام بالرأي العام الفاضل.
  • مقاومة البدع والخرافات والتهكم في السلوك المنحرف، ومحاربة الآفات الخلقية.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم