Business

إعداد الأبناء للحياة الزوجية من منظور التربية الإسلامية

يمثل الزواج رابطة شرعية تربط بين الرجل والمرآة، وبها يُحفظ النوع البشري، وهو أمر حثت عليه الشرائع السماوية، بل وضرورة من ضروريات الحياة التي تُحفظ بها الأنساب، وتصان به الأعراض، وقد حث الإسلام عليه ورغّب فيه، فبالزواج تصلح النفوس وتقوى المجتمعات، والسعادة الزوجية من خير متاع الدنيا وأساس مهم في بناء الأسرة المسلمة الصالحة، كما أنها ضرورية لبناء النفس وممارسة المعيشة الهانئة في الحياة، إلا أن تلك السعادة قد تكون بعيدة المنال لدى بعض الأزواج رغم إدراكهم لأهميتها.

وفى دراسة بعنوان: «إعداد الأبناء للحياة الزوجية من منظور التربية الإسلامية»، للدكتور عبد اللطيف بن محسن بن سليمان العريني، الأستاذ المساعد بقسم التربية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، يرى أنه لزام على الغيورين والمهتمين بالتربية الأسرية أن يسعوا إلى تهيئه الظروف المناسبة لتحقيق السعادة والمودة الزوجية التي هي أساس نجاح الأسرة المسلمة، لاسيما في هذا الوقت الذي تكالبت فيه الأمم على المسلمين وتحتاج فيه الأمة إلى بناء جيل مسلم، متعلم، وقوي، يحفظ لها عزتها وكرامتها، وبهذا يتضح أن العناية بتربية وإعداد كلا من الزوجين بات أمرًا ملحًا لاستيعاب متطلبات هذه المرحلة.

 

أهداف الزواج

  1. مرضاةً لله وإنفاذًا لأمره سبحانه وتعالى.
  2. أن يكون الزواج سبيلًا لحفظ الدين، وتحصين النفس من المحرمات.
  3. توسيع الروابط الاجتماعية.
  4. إشباع الحاجات الإنسانية: الجسمية، والنفسية. 
  5. تحقيق سنة الله في بقاء النوع الإنساني من خلال الذرية الصالحة.
  6. رعاية الأولاد وحسن تربيتهم.

 

الحقوق الزوجية في التربية الإسلامية

1- حقوقٌ للزوج

  • حق القوامة: إذ به تستقيم الحياة، وتطيب العشرة الزوجية، وبه تنصلح أمورها ويُدبَّر شؤونها.
  • حق الطاعة: على الزوجة حق الطاعة بالمعروف، متى ما كانت قادرة مستطيعة لذلك، وكان الزوج قائمًا بواجباته تجاه زوجته.
  • حق القرار في بيت الزوجية: المرأة القارة في بيت زوجها لا تخرج إلا لحاجة هي في عبادة وطاعة لله.
  • حق حفظ ماله: فالمرأة الصالحة تحفظ مال زوجها، ولا تنفق منه إلا بإذنه، كما تسعى جاهدة ألا يرتكب الزوج حرامًا في سبيل توفير كسبه.
  • حق خدمة الزوج، وتدبير شؤون المنزل.
  • حق التزين للزوج؛ لدوام الألفة والمودة فيما بينهما.
  • حق تعدد الزوجات، بشرط تحقيق العدل الذي يملكه الإنسان ويستطيعه.

2- حقوقٌ للزوجة

قال تعالى: {ولَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وفيه إشارة صريحة أنه كما أنه على المرأة واجبات فلها حقوق على زوجها، ومنها:

  • العشرة بالمعروف: قال تعالى: {وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما يجب ذلك منها.
  • حق النفقة: ويراد بالنفقة هنا توفير كل ما تحتاجه الزوجة مما هو متعارف عليه عند مثيلاتها من النساء من طعام وكسوة ومسكن وعلاج.
  • التزين للزوجة: كما أن تزين الزوجة لزوجها أمر مطلوب، فكذا تزين الرجل لزوجته لا يقل عنه أهمية وحاجة.
  • العدل بين الزوجات: فيما يملك من المبيت والنفقة، وهو غير ملام فيما لا يملك من الميل القلبي.

 

عناية التربية الإسلامية بالاستقرار الأسري

عملت التربية الإسلامية على:

  1. إكساب الأسرة درجة من المرونة، تسمح لها بالتكيف مع المتغيرات الخارجية.
  2. تحقيق الاستقلال، والتكامل في أداء الأدوار.
  3. مساعدة الأطفال على النمو الصحيح، وغرس حب الخير والكرامة الاجتماعية.
  4. إعداد الأطفال لمواجهة السلوكيات العامة في المجتمع، والاستجابة السليمة للمواقف الإنسانية المتعددة.
  5. تدريب الأبناء على الحياة الاجتماعية في نطاقها الضيق.

 

أساليب التربية الإسلامية المستخدمة في إعداد الأبناء للحياة الزوجية

  1. أمرَ الله سبحانه وتعالى الرجال بمعاشرة زوجاتهم بالمعروف والحسن من الأقوال والأفعال، حتى عند كراهيتهم لهن، قال تعالى : {وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا ويَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.
  2. وفي بيان الحالة التنظيمية والإدارة الهرمية للأسرة، فإن الله يبين أن الأمر بيد الزوج فيقول سبحانه: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ...}.
  3. وفي سياق التذكير بعظمة عقد النكاح، يقول سبحانه: {... فإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ ...}.
  4. وبأسلوب لطيف، يُذَكِّر الرجلَ والمرأةَ بحفظ الفضل وعدم نسيانه حتى بعد الفراق، قال تعالى : {... وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
  5. قوله ﷺ: «تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين ترتبت يداك». وفيه توجيه مبدئي لكيفية تأسيس هذه الأسرة.
  6. قال ﷺ: «تزوجوا الولود الودود فإن مكاثر بكم الأمم»، وفي ذلك أسلوب نبوي لتهذيب الحياة الزوجية وتصويرها بأنها أسمى من هدف قضاء الشهوة والتمتع بذلك، وهو ما يجعل نظرة الرجل إليها تكون أكثر اهتمامًا وحرصًا.
  7. بينت السنة المطهرة للرجل مقدار المسئولية التي هو مقبل عليها بعد الزواج فقال ﷺ: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته».
  8. وفي معرض ترغيبه في الإحسان للزوجة يقول ﷺ: «خياركم خياركم لنسائهم»، وإن اعتناء الرجل بزوجته وملاطفته لها ليس فيه حط من قدره، بل هو رفعة له وخيرية.
  9. وفي بيانه ﷺ لطبيعة المرأة، وأن نظرة الرجل للمرأة نظرة مثالية، وطلبه لكمالها أمر محال، يقول ﷺ: «استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل اعوجاجا، فاستوصوا بالنساء».

 

الجوانب التربوية ذات العلاقة بإعداد الأبناء للحياة الزوجية

الجانب الأول: الإعداد في الجانب الديني

حث الإسلام على الاهتمام بعقيدة الطفل منذ نعومة أظفاره، بل وحمل الوالدين مسؤولية استقامته أو انحرافه عن الفطرة، كما أن العناية بالجانب الإيماني للأبناء سبب من أسباب الثبات على المبدأ، وهو ما يحتاجه الأبناء في بداية حياتهم الزوجية، إذ غالبًا ما تتنازع الأبناء المشكلات الزوجية التي قد تحدث لاختلاف الطبائع، كما أن حب الزوجة والأبناء قد يصرف الأزواج عن مبادئهم؛ محبة ورغبة في إرضائهم.

الجانب الثاني: الإعداد الخلقي

ونقصد به تعويد الولد منذ نشأته الالتزام بمبادئ الأخلاق الزوجية الحميدة وفضائل السلوك حتى يعتادها عند ممارسته لحياته الزوجية، ومن أوجب الواجبات في هذا الباب وأهمها الإخلاص لله في جميع ما يأتي ويذر في حياته الزوجية، والصدق في القول والعمل، والأمانة فهي خلق فاضل يحسن تربية الأبناء عليه، فبه تستقيم الحياة الزوجية ويؤدي الأبناء ما عليهم من حقوق الزوجية.

الجانب الثالث: الإعداد الجسمي

ويقصد بالإعداد الجسمي إعداد الأبناء في الجانب الجسدي، والمحافظة عليه من كل شيء قد يلحق به الضرر، ويمنعه من تحقيق المنفعة المترتبة على سلامته.

الجانب الرابع: الإعداد الاجتماعي

ونقصد به إلزام الولد وتعويده الآداب الاجتماعية الفاضلة والعادات الحميدة الصادرة من المنهج الإسلامي؛ ليحتل مكانته الاجتماعية المناسبة، وهذا الإعداد هو مزيج من التربية والإعداد الديني والأخلاقي والجسدي والنفسي والاقتصادي، والتي تظهر في مجملها في شكل أدب اجتماعي مقبول.

الجانب الخامس: الإعداد العلمي

والمراد بالإعداد العلمي تزويد المرء بكل ما يمكن أن يسهم في تنمية عقله وفق قدراته وإمكاناته من خلال استخدام الأساليب العلمية المختلفة وفق المنهج الإسلامي؛ من أجل تزويدهم بشتى العلوم والمعارف والمهارات اللازمة لرفع الجهل وترسيخ العلم، للرقي بمنزلتهم ورفعة درجتهم.

الجانب السادس: الإعداد في جانب الثقافة الجنسية

ويراد به أن يبذل الوالدان جهدهما في توجيه الغريزة الجنسية لدى الأبناء التوجيه السليم وفق المنهج الإسلامي، بما يحقق لهم الطمأنينة النفسية ويحفظ هذه الغريزة، دون إفراط أو تفريط.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم