Business

سيكولوجية التعصب الرياضي وعلاقته بالتنشئة الاجتماعية

تطورت الرياضة بشكل عام والرياضة التنافسية بشكل خاص في مختلف أنحاء العالم الأمر، الذي أسهم في جلب المزيد من الجماهير المهتمة بمشاهدة الأنشطة الرياضية المختلفة بما تتضمنه من فعاليات متعددة أكانت ترفيهية أو مادية للمتفرجين والمشجعين في الملاعب والأندية الرياضية، وبالتالي الحضور الحاشد من قبل الجماهير، مما ينتج عنه أنواعًا من التعصب يجعل الفرد يرى أو يسمع ما يحب أن يراه ويسمعه هو فقط، الأمر الذي بدوره قد يؤدي إلى الشغب والعنف، وجميعها قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى افتقاد الأنشطة الرياضية لقيمتها الرائعة.

وفى دراسة بعنوان: «سيكولوجية التعصب الرياضي وعلاقته بالتنشئة الاجتماعية» -2013-، للدكتورة أسماء عبدالله العطية، رئيس قسم العلوم النفسية– كلية التربية- جامعة قطر، ترى أن التعصب الذي تعاني منه البشرية اليوم يعد من إحدى أخطر المشكلات التي تهدد التماسك الاجتماعي، وتحدث فجوات عميقة في صميم التكامل الإنساني، وإذا كان التاريخ قد قدم مؤشرات كثيرة أفصحت عن حجم الويلات المفجعة التي تحملتها البشرية عبر العصور الماضية بسبب التعصب بأنواعه المختلفة، فإن الحاضر لم ينج من آثاره المدمرة، ويُتوقع مستقبلًا أن يكون خطر هذه المشكلة أكبر، وسيظل الإنسان ضحية لها، إذ هي لا تستنزف قدراته العقلية وإبداعاته الفكرية، فحسب بل هي تهدد بمسخ إنسانيته.
 

مفهوم التعصب النفسي.. أنواعه وأشكاله، مع التركيز على التعصب الرياضي

تمثل الاتجاهات التعصبية موضوعًا هامًا وخصبًا في تراث علم النفس الاجتماعي الحديث والمعاصر، حيث أنها تحكم التفاعل بين مختلف الجماعات، متمثلًا في العلاقات بين الأشخاص الذين ينتمون إلى تلك الجماعات والتوقعات التي يُكونها أعضاء كل جماعة عن الجماعات الأخرى، سواء الاتجاهات الإيجابية المفضلة التي تتمثل في المودة والصداقة والتعاون، أو الاتجاهات السلبية غير المحببة التي تتمثل في التعصب السلبي والعداوة والنفور من قبل أعضاء جماعة معينة ضد جماعة أخرى. وقد نالت الاتجاهات التعصبية السلبية اهتمامًا أكثر من قبل الباحثين نظرًا لآثارها البغيضة التي تصل في درجاتها الشديدة إلى مختلف أشكال التمييز والعدوان، إلى حد الإبادة الجماعية لأعداد كبيرة من الأشخاص طبقًا لإحدى خصالهم التي تضعهم في فئة تصنيفية معينة، مما يجعلهم هدفًا لعدوان الآخرين. هذا وقد مرّ مفهوم التعصب بتغيرات عدة تمثلت في ثلاث مراحل تاريخية هي:

  •  الحكم المسبق الذي يقوم على أساس القرارات والخبرات الفعلية (المعنى القديم).
  •  الحكم الذي يصدر عن موضوع معين، قبل القيام باختيار وفحص الحقائق المتاحة عن هذا الموضوع، فهو بمثابة حكم متعجل مبتسر.
  • الخاصية الانفعالية سواء بالتفضيل أو عدم التفضيل التي تصاحب الحكم الأول (المسبق) الذي ليس له أي سند يدعمه (الانفعال).

ويتضح من تلك المراحل أن التعريف في المرحلة الأخيرة أقرب ما يكون إلى الصورة المقبولة في الوقت مع بعض التحفظات. وفي هذا الصدد يرى البورت (Gordon Allport) أن أكثر تعريفات التعصب إيجازًا هو التعريف القائل إن التعصب هو التفكير السلبي عن الآخرين دون وجود دلائل كافية. ويؤكد (روس) أن التعصب اتجاه نفسي نحو جماعة عنصرية أو دينية أو قومية. ويعرفه (شريف وشريف) بأنه اتجاه سلبي يتبناه أعضاء جماعة معينة يستمد من معاييرها القائمة ويوجَّه نحو جماعة معينة أخرى وأعضائها. وعرّفه علاوي محمد (2004م) بأنه: «حكم مسبق مع أو ضد فرد أو جماعة أو موضوع، قد لا يقوم على أساس منطقي أو حقيقة علمية، يجعل الفرد يرى أو يسمع ما يحب أن يراه ويسمعه، ولا يرى ولا يسمع ما لا يحب رؤيته أو سماعه».

والمتأمل لهذه التعريفات يرى أنها تنطوي على بعض خصائص التعصب الأساسية وهي:

  •  حُكم مسبق لا أساس له من الصحة، يحدث دون توفر الدلائل الموضوعية.
  •  مشاعر سلبية تتسق مع هذا الحُكم.
  •  توجهات سلوكية حيال أعضاء الجماعات، موضوع الكراهية أو النفور.

ورغم خصائص تلك التعريفات إلا أنها غير شاملة، فهي تشير فقط إلى نوع واحد من نوعي التعصب، وهو التعصب السلبي مُغفلة التعصب الإيجابي، فالأشخاص ربما يتعصبون في تفضيلهم للآخرين ويعتقدون اعتقادات حسنة عنهم، دون توفر دلائل كافية على ذلك، مثلما يتعصبون في عدم تفضيلهم لأشخاص آخرين تمامًا. وقد أشار التعريف الذي قدمه القاموس الإنجليزي الجديد إلى التعصب الإيجابي فضلًا عن التعصب السلبي، على النحو التالي بأن التعصب هو عبارة عن: «مشاعر بالتفضيل أو عدم التفضيل تجاه شخص أو شيء ما، سابقًا للخبرة أو لا يقوم على أساس الخبرات الفعلية».

 

المظاهر السلوكية للاتجاهات التعصبية

  • الامتناع عن التعبير اللفظي خارج حدود الجماعة: وهو أدنى درجات التعصب، لا يوجد خلاله أذًى للجماعات الخارجية بشكل صريح، حيث يميل الأشخاص الذين توجد لديهم بعض أشكال التعصب إلى الحديث عنها. ويتم ذلك غالبًا مع بعض الأصدقاء المقربين، وأحيانًا مع بعض الأشخاص الآخرين ممن يتنمون إلى نفس جماعتهم، ويتيح التعبير عن بعض مشاعر البغض والكراهية الشعور بالراحة.
  • التجنب: هنا لا يوجه الشخص المتعصب أي أذى مباشر للجماعة أو الجماعات موضوع الكراهية، لكنه يأخذ على عاتقه عبء التكيف والانسحاب بنفسه تمامًا مع مواقف التفاعل من أو مع أعضاء هذه الجماعات التي تتطلب تعاملًا مباشرًا.
  • التمييز: تعد هذه المرحلة بداية أشكال التمييز الضارة، حيث يأخذ الشخص المتعصب على عاتقه السعي إلى منع الجماعات الخارجية من الحصول على الامتيازات التي يتمتع بها هو والآخرون من أعضاء جماعته، وأخذ حقوقهم المختلفة.
  • الهجوم البدني: تؤدي الكراهية بين الجماعات في ظل الانفعال العميق لمرحلة أخرى من العنف أو شبه العنف، المتمثل في العدوان البدني على أعضاء الجماعة موضوع الكراهية.
  • الإبادة (الإفناء): هذه المرحلة النهائية بالطبع للعداوة والكراهية بين الجماعات، وتشمل الإبادة الجماعية أو الإعدام دون محاكمة قانونية عادلة، أو أي أشكال العنف الجماعي.

 

أهم أشكال الاتجاهات التعصبية

رغم تأكيد الباحثين على أن أشكال الاتجاهات بين أعضاء الجماعات عبر تنظيم متصل يمتد بين قطبين، تحتل الاتجاهات الإيجابية (التسامح) أحد قطبيه، والاتجاهات السلبية (أو التعصب السلبي) قطبه الآخر، فإن التركيز الأساسي على الاتجاهات التعصبية السلبية ومنها ما يعرف:

  • الاتجاهات التعصبية العنصرية، وهو من أكثر أشكال التعصب التي نالت اهتمامًا نظريًا وواقعيًا، خاصة ضد السود.
  • التعصب القومي، حظي أيضًا باهتمام مماثل للتعصب القومي.
  • الاتجاهات التعصبية الدينية، أيضًا لاقت اهتمامًا واضحًا من قِبل الباحثين، كتعصب كطائفة دينية ضد أخرى، أو دين ضد دين.
  • الاتجاهات التعصبية ضد المرأة، أو التعصب لجنس دون الآخر، والتي ترتبط غالبًا بما يعرف بالقوالب النمطية، التي تنطوي على مختلف أشكال التحيز ضد المرأة.
  • الاتجاهات التعصبية الاجتماعية، سواء الطبقية والطائفية، وتأتي في مرتبة أقل نسبيًا من حيث الاهتمام، مقارنة بأشكال التعصب الأخرى.
  • الاتجاهات التعصبية السياسية، وتشير في مضمونها لتبني فكر سياسي والدفاع عنه بشتى الطرق الممكنة، اعتقادًا أنه هو الوحيد الصحيح والهادف، وصعوبة تقبل أفكار أخرى تختلف معه.
  • الاتجاهات التعصبية الرياضية، التي كشفت نتائج بعض الدراسات السابقة عن أهميتها كمحدد هام لمدًى عريض من التفاعل الاجتماعي بين الأشخاص، في مجال المنافسات الرياضية والانتماءات لأندية بعينها، والاعتقاد بأنها أفضل من سائر الأندية الأخرى، والاعتقاد بأن الرياضة مكسب أو فوز على طول الخط والشعور بالحزن والضيق عند الهزيمة.

 

التعصب الرياضي

يشكل التعصب الرياضي خطورة كبيرة على حياة الفرد والمجتمع، إذ يصيب المجتمع بالخلل ويعيقه عن أداء وظائفه الاجتماعية والتربوية والثقافية الأساسية، إذا ما اتسعت مساحة هذا السلوك المرفوض الذي يتنافى مع قواعد الضبط الاجتماعي والقيم الأخلاقية من جهة، ويسهم في ظهور أنماط من السلوك والعلاقات غير السوية بين الأفراد والأسرة الواحدة عند تبنيها لاتجاهات مختلفة من جهة. مما يستوجب الاهتمام العلمي بهذه الظاهرة فهمًا وتفسيرًا للحد منها وضبطها، قبل أن تتسع مساحتها وتلقي بظلالها على المجتمع، نظرًا لما للتعصب الرياضي من أثر على أفراد الأسرة الواحدة وتبعاته الخطيرة من الناحية الاجتماعية والنفسية والأمنية والصحية.

ويُعرف عبدُ المنعم، وحنانُ (1999م) التعصبَ الرياضي بأنه: «اتجاه نفسي مشحون انفعاليًا، نحو أو ضد لاعب أو فريق أو هيئة رياضية معينة، وغالبًا ما يتحكم فيه الشعور والميول لا العقل». في حين أشار عدد من الباحثين إلى مجموعة من الخصائص العامة التي تميز الفرد المتعصب، بغض النظر عن نوعية التعصب؛ منها الانفعالية الزائدة، والانغلاق الفكري، والعدوان الشديد، والاستئثار بالحديث، واللجوء إلى الصوت المرتفع، والرغبة في السيطرة على الحديث والحساسية المفرطة، وتشوش الأفكار.

هذا، وتتضمن الجوانب المعرفية للاتجاهات التعصبية الرياضية الاعتقاد بأن النادي أو الفريق المعين أفضل من سائر الأندية الأخرى، وأن لاعبيه ذو مهارات فنية تفوق مثيلتها الموجودة لدى لاعبي الأندية الأخرى، والاعتقاد بأن الرياضة مكسب على طول الخط، وعدم الاقتناع بالهزيمة، ومحاولة تبريرها بإرجاعها إلى الحظ وليس إلى كفاءة المنافس، والاعتقاد بأن هناك مشاعر كراهية متبادلة بين لاعبي الفرق المختلفة، وتتمثل الجوانب الوجدانية في الميل لتشجيع الفرق الرياضية لنادٍ معين دون سواه، والشعور بالانتماء له، والشعور بالسعادة عند مشاهدة المباريات، والشعور بالحزن والضيق عند الهزيمة، وصعوبة تقبل نجوم الأندية الأخرى، وعدم القدرة على إخفاء التعبيرات الحماسية أثناء مشاهدة المباريات، والشعور بمشاعر الكراهية نحو بعض النجوم البارزين في الأندية الأخرى.

وتتضمن الجوانب السلوكية للتعصب الرياضي في حرق أعلام الفريق المنافس، وسب وقذف بين الجماهير، والدعاء على الفريق المنافس والشجار والعراك، إضافة إلى المسيرات والتظاهرات المنددة بالفريق المنافس، وأخيرًا تخريب وإفساد المتاجر، والمكاتب والمصالح العامة.

هذا، ويترتب على التعصب آثار عدة، منها على سبيل المثال:

  1. إحداث الفتن والقلاقل بين الشعوب، والاحتكام لمقياس الفور في اللعب فقط للأفضلية.
  2. انشغال الشباب عن القضايا الهامة في مجتمعهم والتنمية المستدامة، والاهتمام باللهو واللعب دون غيره.
  3. الاسهام في زيادة معدل العنف والعدوان والاعتداء على الآخر، وربما الجريمة، فكثيرًا ما يتشاجر جماهير الفريقين قبل وبعد المباراة.
  4. الآثار النفسية السلبية، كالانفعال الشديد والغضب والتوتر والقلق والانكسار النفسي عند الهزيمة.
  5. الإصابة بعض الأمراض، كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين، وكثيرًا ما تحدث حالات من الإغماءات والسكتات القلبية والجلطات الدماغية بين صفوف الجماهير المتعصبة. سواءً في أرض المباراة أو أمام التلفاز.
  6. حدوث بعض الوفيات على إثر هدف فرح به فرحًا شديدًا مما يؤدي إلى الوفاة.
  7. انتشار الشائعات، التي تعد أحد أهم أسلحة الحرب النفسية الهامة والهدامة على الروح المعنوية.
  8. نشر المعلومات عبر الوسائل المختلفة، خاصة التكنولوجية السريعة المرئية منها أو المكتوبة التي من شأنها تعميق التعصب.

 

العوامل المؤدية إلى التعصب

أولًا: العوامل الفردية:

  1. نسق الفرد القيمي، الذي ينتظم من خلاله سلوكه بصورة صريحة أو غير صريحة، وهو أكثر أهمية في تحديد الاتجاهات التعصبية للفرد، وهي قيم: الغيرية والمساواة والحرية.
  2. الميل للتطرف في الاعتقاد والرأي، وتفضيل المألوف والحلول القاطعة التي تختار بين الأبيض والأسود.
  3. القلق النفسي وعدم الشعور بالأمان، وهو أحد أسباب حدوث التصلب، وعدم تحمل الغموض، وبالتالي يمكن اعتباره محددًا هامًا من محددات الشخصية الهامة لنشأة الاتجاهات العصبية.
  4. المجاراة لمعتقدات أو سلوك الفرد نحو جماعة معينة نتيجة لضغوط يتعرض لها من جماعته التي ينتمي إليها سواء، أكانت هذه الضغوط واقعية أو وهمية. والمجاراة سمة أساسية للشخص للمتعصب وترتبط باتجاهاته التعصبية ارتباطًا موجبًا.
  5. تقدير الذات وإدراك الفرد لنفسه وتقبله لذاته، حيث تشير دلائل كثيرة إلى أنه بمقدار انخفاض تقدير الفرد لذاته تزداد اتجاهاته التعصبية.
  6. الرضا عن العمل الذي يرتبط ارتباطًا عكسيًا بالاتجاهات التعصبية، حيث أشارت نتائج دراسات عديدة إلى أن معظم المتعصبين يواجهون مشكلات مختلفة في أعمالهم تجعلهم غير راضيين عنها.
  7. المستوى التعليمي والمستوى الاقتصادي والاجتماعي الذي يرتبط ارتباطًا موجبًا مع التعصب.

ثانيًا: العوامل الاجتماعية:

  1. وجود جماعات تنتمي إلى أديان مختلفة أو ثقافات، تعتبر أرضًا خصبة لنمو التعصب.
  2. انتقال الفرد من طبقة اجتماعية لأخرى في المجتمعات التي تسمح بذلك، مما تسهم في إيجاد نوع من الخوف من المنافسة حول هذا الانتقال.
  3. التغير الاجتماعي السريع وما يصاحبه عادة من اختلال ملموس في النظم والمؤسسات الاجتماعية والقيم التي يؤمن بها الفرد، وعدم الاتزان وحدوث القلق، ويلجأ إلى التعصب كوسيلة لتغطية هذا القلق.
  4. الجهل وعدم وجود فرص للاتصال بين الجماعات المختلفة في المجتمع الواحد.
  5. حجم الأقلية موضع التعصب يؤثر في شدة الاتجاه، فيزداد التعصب كلما ازداد حجم الأقلية.
  6. المنافسة في ميادين العمل والخوف من الفشل، يلعب دورًا في ازدياد التعصب.
  7. الاستغلال؛ فقد تتعصب جماعة ضد جماعة أخرى وتستغلها اقتصاديًا أو سياسيًا أو اجتماعيًا.

 

الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية للتعامل مع التعصب الرياضي

هناك عديد من البرامج والاستراتيجيات المعرفية والسلوكية منها، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر بعضًا منها:

أولًا: برامج مواجهة الاتجاهات التعصبية وتتضمن:

  1. البرامج القائمة على تغيير الموقف الذي يسود فيه التعصب: وتركز على بعض جونب الموقف الاجتماعي أو المحيط الاجتماعي الذي يقر التعصب ويشجعه. وتعتمد على القائمين على السلطة التشريعية في المجتمع الذي يسوده التعصب، والعمل على خفضه وتمييزه بالدرجة الأولى.
  2. البرامج القائمة على تغيير اتجاهات الأشخاص المتعصبين: تتمثل الدعاية لمواجهة التعصب من خلال وسائل التخاطب الجماهيري، ممثلة في محاولات الإقناع أو الاستمالة، التي تتم عن طريق وسائل التخاطب الجماهيري المرئية والمسموعة والمقروءة، وقد لخص (ولياميز) عددًا من المبادئ التي تساعد في فاعلية الدعاية لمواجهة الاتجاهات التعصبية وهي:
  • الدعاية القائمة على التخاطب اللفظي، خاصة تلك التي تظهر تلقائيًا وبصورة غير رسمية أكثر فاعلية من الدعاية القائمة، على التخاطب البصري والرسمي في التأثير في الاتجاهات والسلوك.
  • الدعاية القائمة على الجانب الانفعالي (التوجه القيمي)، أكثر فاعلية من تلك التي تركز على الجانب المعرفي (الوقائع). تؤثر الدعاية التي تقوم على الإنجازات أكثر فاعلية من غيرها.

ثانيًا: الاتصال المباشر بين الجماعات:
يمثل أحد المناحي الهامة لمواجهة الاتجاهات التعصبية، ومحاولة تقليلها أو خفضها أو الوقاية منها، ويقوم الفرض الأساسي هنا في الاعتقاد بأن الاتصال المباشر بين الجماعات يساهم في تخفيف حدة هذه القوالب النمطية والاعتقادات الخاطئة، والعمل على تغييرها وأن التقارب والتفاعل يزيدان من المودة والرحمة والمحبة كما يحدث عادة في ظروف الحياة العادية. وطبقًا لنظر (البورت) للاتصال بين الجماعات فإن الاتصال يؤدي إلى تقليل الخصومة وتناقص مشاعر العداء بين الأشخاص الذين ينتمون إلى مختلف الأجناس والعناصر البشرية، وذلك عندما يحاط الاتصال بظروف ثلاثة ضرورية هي:

  • الاتصال الوثيق: وهو ليس كافيًا بالنسبة للأشخاص أن يوجدوا في الحيز الجغرافي والمكاني نفسه، بل يجب أن يدخلوا معًا في تفاعل اجتماعي وثيق.
  • التعاون المتبادل: وذلك لتحقيق أهداف مشتركة، وأن تكتمل جهودهم بعضها بعضًا في مساهمتها في الوصول لهذه الأهداف.
  • أن يكون الاتصال بين أشخاص ذوي مكانة اجتماعية متساوية، فالاستياء والامتعاض ينشآن إذا ما كانت المكانة بين الأشخاص غير متوازنة، وبالتالي يصبح من المستحيل تغيير القوالب النمطية.

ثالثًا: البرامج التربوية:

وتتضمن نوعان أساسيان يمكن استخدامها لمواجهة الاتجاهات التعصبية والعمل على خفضها وتقليلها:
الأول: عام، ويشمل العديد من أساليب التدريس، وما يحيط بها من متغيرات عديدة توضع في الاعتبار، وتتطلب تكثيف الجهود من أجل نجاحها.
الثاني: نوعي، ويشمل بعض البرامج المحددة التي يهدف كل منها إلى الوفاء بغرض دون غيره، لذا تبدو إمكانية تقويمها أيسر من النوع الأول، وقد صنف كوك البرامج الأخيرة إلى ست فئات هي:
1. المنحنى المعرفي الذي يقدم المعلومات من خلال المحاضرات والاستناد إلى المراجع والكتب العلمية.
2. منحنى تقديم الخبرات والمعلومات عن موضوع التعصب من خلال الأفلام السنيمائية والمسرحيات والقصص، التي تعرضها المسلسلات التلفزيونية وغيرها من الوسائل.
3. منحنى دراسات التغيير الواقعي لظروف المجتمع الذي يقتضي نزول الميدان وإجراء المسوح للمناطق المختلفة؛ للوقوف على احتياجاته الفعلية والعمل في ضوء خطط اجتماعية واضحة، تهدف إلى تحسين نوعية البيئة التي يعيش فيها الأشخاص المتعصبين.
4. تطبيق العديد من مبادئ ديناميات الجماعة الصغيرة، مثل المناقشة والدراما الاجتماعية.

رابعًا: النصح والإرشاد:

يعد النصح أكثر الطرق استخدامًا في مواجهة الاتجاهات التعصبية، والعمل على تقليل العنف والعداوة بين الجماعات، ويقوم هذا البرنامج على أساس نظرية عدم الاتساق أو التناقض بين الأفكار التي توجد لدى الأشخاص المتعصبين، والعمل على تقليلها إلى أقل حد ممكن. مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تقليل القلق والتوتر الناجمين عن ذلك، واللذان يمثلان وجه الاتجاهات التعصبية نحو جماعات الأقليات المختلفة، منها الرياضية.


خامسًا: العلاج النفسي للأشخاص المتعصبين:

إذا اتسم التعصب بوجود مظاهر القلق والتوتر وعدم الاستقرار الانفعالي أو عدم الاتزان في الشخصية، فإن البرنامج الفعال أو الاستراتيجية المثمرة يجب أن تهتم بالعلاج النفسي المباشر للاضطرابات الانفعالية التي يعاني منها الشخص المتعصب. ويصبح العلاج النفسي أكثر فاعلية حينما يتجه إلى خفض وتقليل التعصب. وفي هذا المجال تعد الوقاية خيرًا من العلاج خلال عملية التنشئة الاجتماعية.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم