أولادنا

حنان عطية تكتب: دراما الطفل.. ليست مجرد لعبة

 

كنا ونحن صغار نحب أن نلعب لعبة (التمثيل).. وكان أحب الأدوار إلينا هي الدراما الاجتماعية.. كنا نوزع الأدوار كما يوزع السيناريست والمخرج الأدوار على الممثلين المحترفين.. كان بيننا الشخصية القيادية التي تعرض علينا الأفكار التي نختار من بينها ما نحب.. هل نلعب (عسكر وحرامية).. أم نمثل الأسرة أم المدرسة؟ وكان الشخص القيادي يوزع الأدوار: أنت تلعب دور الأب وأنت تلعب دور الأم وأنت الأخت وأنت الأخ وهكذا.. كنا نطبخ في تمثيلياتنا ونأكل ونخبز ونبيع ونشتري ونصك النقود.. الحياة كلها من حولنا كنا نلخصها في الدراما الخاصة بنا.. لم نكن ندري أن ما نفعله هو نوع من أنواع الدراما الخاصة بالطفل والتي سوف تؤسس لها نظريات وتؤلف فيها كتب، ولم نكن ندرك أن ما نمارسه من تمثيل سيصبح علما تربويا له أسس وقواعد ومستهدفات، إذ أصبح هذا اللعب التلقائي يسمى دراما إبداعية.

ويرى التربويون أن الدراما التلقائية تلعب دورا مهما في التأثير في الأطفال وتوجيه اهتماماتهم وهواياتهم، وإكسابهم الاتجاهات المرغوبة وغرس القيم والأفكار حول شتى الموضوعات، وترتبط الدراما الإبداعية بسنوات التعليم الأولي والتعليم الابتدائي، أي من السنة الثالثة إلى السنة التاسعة من عمر الطفل.

كما أن ممارسة الأطفال للدراما الإبداعية تساعد على تكوين أنماط من الآراء تتكون من أفكار وعواطف وأحاسيس وصور هي المادة الخام اللازمة لتفكيرهم الخلاق وأعمالهم الإبداعية، بل إن النمو النفسي المستمر لخبراتهم العامة لا يتم إلا عن طريق هذه التجارب الحية التي تصقل إدراكهم للعلاقات والارتباطات، والتي تساعد على تكوين المفاهيم، التي تحدد استجاباتهم في الحياة المقبلة.

 وسميت هذه الدراما الطفولية التلقائية بالإبداعية؛ لأن هذه الدراما تشجع الأطفال على استخدام طاقاتهم الاستكشافية والابتكارية والأدائية والاجتهادية والتمثيلية والتخييل والتشخيص والإبداع، وتبادل الأدوار الفردية والجماعية، وتشغيل تقنيات الارتجال والإلقاء العفوي الطبيعي، وتقليد الآخرين وتقمص أدوارهم بروح درامية هادفة ومعبرة.

وللدراما الإبداعية مجموعة من الأهداف العامة والإجرائية التي تخاطب في الطفل جوانبه الذهنية والعقلية والوجدانية والحسية الحركية، كما أن هذه الدراما تجمع بين الفائدة والمتعة، وبين التعليم والتسلية، وبين الإقناع والترفيه.

فالهدف إذا من الدراما الإبداعية هو إشراك الأطفال في اللعبة الدرامية الارتجالية، وتنمية القدرة الطفلية على ملاحظة الظواهر، وتذوق مظاهر الجمال، والثقة بالنفس، وإتقان الحركات والرقص، والتعبير عن هذه الخبرات أمام أعضاء الجماعة الصغيرة، وتحقيق الذات، والتدريب العملي على التعاون في جو يغلب عليه روح اللعب الجماعي.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم