عرف العالم الإنترنت منذ سبتمبر عام 1969م بأمريكا، وكان في تلك الآونة للحفاظ على شبكة الاتصالات أثناء الحروب، قبل أن يتطور ليصبح سهل الاستخدام في يدي الجميع حتى الأطفال، ولم يكن أحد يتنبأ وقت اختراعه أن يصير العالم أسيرا له، ولم يتخيلوا أن تتحول حياة الكثير من الناس بلا معنى دونه، أو أن يعيشوا بعيدا عنه.
ولقد تنوعت آثار شبكة الإنترنت السلبية على الجميع– خاصة الشباب والأطفال- إلى آثار عقدية وأخلاقية ونفسية واجتماعية واقتصادية وصحية وإجرامية، ومع ذلك فهذه الشبكة تحوي في طياتها المفيد كما تحوي موادًا ذات آثار سلبية.
غير أن تأثيرها السلبي كان عظيما في الفترات الأخيرة حيث مزقت أواصر الأسر، وبثت الشك في العقيدة، فضلا عما تزخر به من مواقع تروج للعقائد الباطلة والأفكار الهدامة والدعوات الخبيثة، ونتيجةً لما يسود مرحلة الشباب من فضول وعدم استقرار نفسي وفكري، وقع كثير من الشباب في حبائل جماعات مشبوهة تُعادي الدين وتناوئ الإيمان.
ومن أشنع الأمثلة على ذلك ما وصل به الحال من بعض الشباب الذين انتسبوا إلى جماعة تسمي نفسها جماعة عبدة الشيطان أو الترويج للشذوذ وقد أفادت اعترافاتهم أنهم تلقوا أفكارهم وسعوا لبثها عن طريق الإنترنت.
وقد أكدت الكثير من الدراسات أنه يمكن أن يتسبب استخدام الإنترنت المتزايد في تخلي هذا الجيل عن التقيد بدين معين، مع انغماسه في أفكار العديد من نظم الاعتقادات المختلفة.
يقول بول ماكلور- عالم الاجتماع في جامعة بايلور- إن الإنترنت يجعلنا أكثر عرضة لتقاليد دينية مختلفة، ما يسمح للناس بضبط وجهات نظرهم الخاصة وفقا لذلك.
وأضاف موضحا: «اليوم، وبسبب قضاء الكثير من الوقت على الإنترنت، فنحن أكثر عرضة لفهم مشاركتنا الدينية كأعضاء أو وكلاء أحرار، ممن يمكنهم طرح عدد وافر من الأفكار الدينية المختلفة وحتى المتضاربة، قبل أن نقرر كيف نريد أن نعيش».
صرخة
لابد من صرخة تُقظ الضمائر النائمة، وتُلقى الضوء على مخاطر الإنترنت في التأثير الديني ومن ثم الرقابة على محتوياته وما يشاهده ويتابعه ويؤثر في أبنائنا.
ولابد من الجلسات التربوية في الشباب والأطفال لتعريفهم مخاطر الإنترنت على التشكيك في المعتقدات والدين، وكيف يواجهوا هذا السيل المنهمر من المعلومات المغلوطة عن الدين والعقيدة، ومنها:
جاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فقال له: "أوصني" فقال: "راقب الله"، فقال الرجل: "وما مراقبة الله؟"، فقال: "أن تستحي من الله"، وهى صفة لابد أن نتصف بها نحن أولا ثم نغرسها في الشباب والأطفال حتى تكون حائط صد أمام موجات الالحاد والتشكيك.
- {وَلَا تَقفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}
إنها دعوة تحذيرية من الله جل جلاله، بأن يتحرى المرء ويتبين، قبل أن يلفظ كلاما أو يردد قولا لا علم له به، فكم من الرسائل المكتوبة والأخبار المنشورة، أباطيل وأكاذيب لا دراية لأحد بحقيقتها إلا مفتريها، بل إن المشكلة المضافة حين يتم تداولها بين من ينتمون إلى سلك الدعوة، استقبالا وترويجا، دون تثبت.
إن الوعي والأخلاق وقوة الوازع الديني لدى مستخدمي الإنترنت هي الفيصل في قضية تأثرهم بما تحتويه شبكة الإنترنت.
وكل كسر فإن الله يجبره وما لكسر قناة الدين جبران
فاشدد يديك بحبل الله معتصمًا فإنه الركن إن خانتك أركان
إلى العمل
لقد أصبح الانترنت جزء لا يتجزأ في حياتنا ومن ثم وجب وضع آلية صحيحة للاستفادة منه ونشر القيم والأخلاق الدينية من خلاله.
فمسألة نشر الدعوة عن طريق هذه الشبكة لا مفر منه، ولا يمكن القعود عنه بعدما وجدت وقامت في العالم.
إننا ببعض التخطيط والإمكانات يمكن أن نصل إلى مشاريع دعوية مفيدة جدًا نقدمها لهؤلاء الناس الذين يعيشون الخواء الروحي.
ومن الممكن للجامعات الإسلامية المختصة بالعلوم الشرعية أن ترتبط بهذه الشبكة، وأن تدرس العلوم الشرعية للطلاب في أنحاء العالم عبر شبكة الإنترنت.
إيجاد برامج عمل لتصريف طاقات الشباب والأطفال على الأرض لتحريكهم من أمام شاشات أجهزة الإنترنت وفك الارتباط اللصيق به ببرامج مثمرة وعمل منجز وفعال يجعل الشباب يستشعرون قيمة النجاح الفعلي على الأرض!
.