يظل للمسجد الأقصى المكانة الكبرى في الإسلام بعد الحرمين الشريفين؛ فهو ثالث الحرمين، وقبلة المسلمين الأولى، وهو منتهى إسراء النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو بداية المعراج إلى الملأ الأعلى. وهو فوق ذلك كلِّه المسجد الذي شرفه الله وبارك حوله، كما قال تعالى في أول سورة الإسراء: «سُبْحٰنَ الَّذِيْ أَسْرٰى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْـمَسْجِدِ الحَرَامِ إِلى الْـمَسْجِدِ الأقصى الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ».
وظلت قدسية المسجد الأقصى عند المسلمين على مدار التاريخ منذ معجزة الإسراء والمعراج يتوارثها جيل بعد جيل رغم ما يتعرض له من منعطفات في التاريخ الإسلامي.
وقد ربط الإسلام بين مكانة كل من المسجد الحرام بمكة المكرمة ومسجد النبوي بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى بالقدس المشرفة، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تشدّ الرّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)؛ متفق عليه. كما ورد عن أبي الدَّرداء مرفوعًا: (الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة بمسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمس مائة صلاة).
وما أن أدرك المسلمون أهمية هذه المكانة الدينية الرفيعة للمسجد الأقصى وبيت المقدس وعلاقتهما الوثيقة بالعقيدة الإسلامية، حتى قاموا بواجبهم نحوهما خير قيام، فكان الفتح العمري لبيت المقدس سنة 15هـ/ 636م، عندما دخلها الخليفة عمر بن الخطاب سلمًا، وأعطى لأهلها الأمان من خلال وثيقته التي عرفت بالعهدة العُمَريَّة، ثم حررها القائد صلاح الدين الأيوبي من الصليبيين في 27 رجب من عام 573هـ (2 أكتوبر 1187م) بعد احتلال دام 88 عامًا.
التربية على حب الأقصى
ونظرا لهذه المكانة الكبرى لثاني مسجد بني على الأرض بعد المسجد الحرام فإن تربية الأبناء على حب المسجد الأقصى ومكانته في الإسلام، وأهميته الشرعية والحضارية والتاريخية للمسلمين، ونشأته ومعالمه وأبوابه ومساحته، وعلمائه ومشايخه وحلقاته، وتاريخه منذ نشأته وما تعرض له على مدار التاريخ، وأهم القادة والعظماء الذين عظموه وحرروه واهتموا به، وغير ذلك الكثير مما يجب على الوالدين تربية أبنائهم عليه.
البداية من الأسرة
فالأسرة هي العمود الفقري لتربية الطفل وتعليمه حب المقدسات والوطن، ولها دور كبير في تعريف أطفالها وربطهم بالقدس، ولذا عليها أن تعمل بجد منذ بداية تكونها على تربية الأبناء على القيم الإسلامية التي من شأنها أن تدفع بالأبناء إلى التعلق بالمقدسات، وتقديم حلول عملية لنصرتها وحمايتها، ودور التوعية يقع على كاهل كل من الأم والأب، ومن هذه الوسائل:
- الحديث مع الأبناء عن أهمية القدس وقدسية المسجد الأقصى المبارك.
- عمل جلسات دورية وبأسلوب القصة الشيقة مع الأبناء والحديث عن القادة الذين ارتبطوا بالمسجد الأقصى مثل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، والقادة عماد الدين زنكي ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي والسلطان عبد الحميد الثاني وعز الدين القسام وأمين الحسيني وحسن البنا والشيخ احمد ياسين وغيرهم.
- كما يمكن أن تقص عليهم مواقف تاريخية بطولية ترتبط بأماكن في القدس، بما يعمق لديهم ارتباط القدس بالمسلمين وتاريخهم.
- يمكن شراء مجسمات لقبة الصخرة والمسجد الأقصى والقدس لكي تبقى أمام نظر الطفل ليكبر وهو يعلم أن هذا المكان له قدسيته ومكانته.
- عمل حصالة في البيت تربي الطفل على الإدخار والإنفاق من مصروفه دعما للمسجد الأقصى.
- عمل مسابقات منزلية عن المسجد الأقصى.
دور المدرسة
أما عن دور المدرسة في توعية الأطفال وربطهم بالقدس والمسجد الأقصى فهو دور مهم بداية من مرحلة الروضة، حيث يقضي الأطفال أوقاتا طويلة بالمدرسة، كما أنهم يتلقون كثير من معارفهم وقيمهم ومبادئهم من المدرسة، ولذلك فإن دور المدرسة في تربية الأولاد على حب الأقصى يمكن أن تكون من خلال:
- تناول المناهج المدرسية لأهمية ومكانة وتاريخ القدس والمسجد الأقصى.
- عمل فقرة يومية في الإذاعة المدرسية عن المسجد الأقصى
- عمل مجلة حائط دورية حول القدس والمسجد الأقصى وتاريخهم وقضاياهم.
- عمل مجسمات في المدارس عن القدس والأقصى.
- تنظيم مسابقات مدرسية في (الأدب، الرسم، التمثيل، الرياضة، المعلومات...الخ) عن المسجد الأقصى لتشجيع الأولاد على أن يكون المسجد الأقصى في أولوية تفكيرهم.
- عمل حملات توعية عن المؤامرات التي حيكت وتحاك ضد المسجد الأقصى على مدار التاريخ وحتى اليوم.
- وضع خريطة القدس وفلسطين في مكان واضح للطلاب ودراستها جيدا.
- عمل مسابقات بحثية متعمقة عن المسجد الأقصى وقضاياه.
- تنظيم معارض مدرسية تضم الكتب التي تتناول المسجد الأقصى والقدس، والمطويات الخاصة به، والأدوات المدرسية المرسوم عليها الأقصى.
دور المسجد
لعل من أهم المؤسسات التي تساعد في تربية الأولاد على حب المسجد الأقصى هي المؤسسات الدينية وعلى رأسها المسجد، ففيه يتعلم الطفل مبادئ دينه وقيم الإسلام وأخلاقياته وحب المقدسات الإسلامية، ومن الوسائل التي يمكن أن يقوم بها المسجد في غرس حب الأقصى في قلوب الأبناء:
- تخصيص الخطب في المناسبات التي لها علاقة بالمسجد الأقصى عن مكانته في الإسلام ونشأته وتاريخه.
- عمل دروس دورية عن المسجد الأقصى في القرآن والحديث والسيرة والتفسير والفقه وغيرها.
- حث الأولاد على دعم المسجد الأقصى كل حسب إمكانياته.
- عمل مسابقات للأولاد في الآيات والأحاديث والمعلومات الإسلامية المرتبطة بالمسجد الأقصى.
.