Business

قواعد تربوية في قصة سيدنا موسى والرجل الصالح

 

تناول القرآن الكريم أسلوب القصة لهدف التربية الروحية والعقلية والجسمية بالقدوة والموعظة الحسنة وسرد قصة من قصصه المليئة بالعبر والعظات والدروس العظيمة.

وفي هذه الدراسة، يرصد الباحث العربي عطاء الله قويدري، أن قصة موسى عليه السلام مليئة بالقيم الإنسانية والتربوية العظيمة، هذه القيم قد تجسدت في المحبة والصبر والصدق والعفاف والإخلاص وحسن التعامل والحوار البناء.

 

قواعد تربوية

  1. على التلميذ أن يسعى إلى العلم، لا أن يسعى المعلم إليه فهذا أكرم للعلم والمعلم والمتعلم.
  2. الإصرار على لقاء المعلم والنهل من علمه، فنبي الله موسى على جلال قدره وعلو مكانته يسعى إلى الرجل الصالح حين علم أن لديه علماً يستفاد لم ينله موسى.
  3. مصاحبة الكبير والصغير: هذه الصحبة لها فائدة كبيرة فالأول يشرف على تربيته ويعلمه الحياة، ويصوب أخطاءه ويسدد خطأه، والثاني يخدمه ويعينه على قضاء حوائجه، وقد أفلح موسى في تربية الفتى "يوشع بن نون" عليه السلام إذ بعثه الله تعالى نبياً فقاد مسيرة المؤمنين وحمل لواء الدعوة بعد أستاذه وفتح الله على يديه القدس الشريف.
  4. الأدب في التعامل مع الكبير: هنا نرى الأدب الذي ربي عليه الصغير في التعامل مع الكبير، وإلى آفة النسيان التي ابتلى بها الإنسان للدلالة على ضعفه فلما استيقظ موسى عليه السلام، وسارا بحثاً عن الرجل الصالح نسي الفتى قصة السمكة على غرابتها وعجيب أمرها.
  5. الإنسان ضعيف: بالرغم من صبره وجلده في كثير من الأمور حتى وإن كان من أولي العزم وأول دليل على ذلك أن موسى أصر على لقاء الرجل ولو طوى الأرض في سبيل هذا الهدف، لكنه إذا شعر بالجوع بعد السير الطويل واجتياز مكان اللقاء دون أن ينتبها إليه قال لفتاه ((آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً))، وكان غذاؤه السمكة المشوية التي تحركت بعد أن عادت إليها الروح بإذن الله حين استلقى نائماً على الصخرة التي كان من المفروض أن يلتقي صاحبه عليها وغلبت في شقوقها عائدة إلى الماء بقدرة خالقها وبارئها الذي يعيد الخلق كما بدأه.
  6. ونلاحظ أيضاً أن النسيان ضعف يضع على الإنسان كثيراً مما خطط ودبر، فقد نام موسى عليه السلام على الصخرة حين سرب الحوت إلى الماء ولم يكن الفتى نائماً فرأى بأم عينه الأمر الغريب ولم يشأ أن يوقظ نبيه الكريم احتراماً وتقديراً، ولسوف يخبره حين يستيقظ.
  7. عدم الوقوف عند الخطأ: حين علم موسى عليه السلام بخطئه وخطأ فتاه لم يشغل نفسه بلوم نفسه أو لوم فتاه، ولكن علم أن هناك أمراً أهم من هذا عليهما تداركه قبل فواته، إنه لقاء الرجل المعلم فقاما فعادا سريعا ولم يضيعا الوقت، والعزم على الوصول بقوة إلى الهدف.
  8. التلطف في طلب العلم: لم يفرض موسى عليه السلام نفسه على الخضر عليه السلام على الرغم أن الله تعالى أخبر الخضر بلقائه ليتعلم منه، إنما تلطف في عرضه بصيغة الاستفهام التي تترك مجالاً للمسؤول أن يتنصل إن أراد.
  9. فالتلميذ تابع أستاذه مسلم إليه قياده، ونلاحظ أن العلم يرفع صاحبه وهذا ما أقر به موسى عليه السلام للخضر حين عرض عليه أن يتابعه شرط أن يعلمه.
  10. تعليم الرجل الصالح: لقد علم الله تعالى الخضر علماً نفيساً كان سيدنا موسى عليه السلام يريد بعضه، وهذا العلم الذي طلبه هو الهدى والرشاد الذي يبلغه المقام الأعلى في الدنيا والآخرة، وقد حدد نوع العلم، فقال: ((مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً...)).
  11. عدم الاستعجال في السؤال: قد يشترط المعلم على تلميذه أن لا يستعجل في السؤال عن أمر من الأمور إلى أن يحين الوقت المناسب لشرحه.
  12. الإنسان خلق من عجل: أي من النقصان فوجب أن يترك له فسحة يستدرك فيها خطأه فقد اتفق النبيان في صحبتهما على أن يرى موسى عليه السلام ما يجري دون أن يتدخل مستنكراً أو معلقاً على ما يراه إلى أن يرى الأستاذ رأيه في توضيح بعض الأمور لكن التلميذ لم يف بالوعد.
  13. نلاحظ هنا أدب الأستاذ مع ربه فقد نسب إلى نفسه عيب السفينة: ((فَأَرَدتُ أَن أَعِيبَهَا))، وفي قتل الغلام نسب الخير في البداية إلى الله تعالى: ((فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا))، ولما كان العمل في الثالثة كله بناء وخيراً نسي نفسه وأفرد الله تعالى بالخير: ((فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ))، مع أن الأمر كله لله تعالى وهو لم يفعل إلا ما أمره الله به: ((وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)).
  14. إن الخضر لما ذهب يفارق موسى قال له موسى: "أوصني"، قال:"كن بساًما ولا تكن ضحاكاً، ودع اللجاجة ولا تمش في غير حاجة، ولا تعب على الخطائين خطاياهم، وابكِ على خطيئتك يا بن عمران".
  15. صلاح الآباء يُرى في الأبناء: فقد حفظ الله تعالى الولدين بصلاح أبيهما: ((وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً))، فأمر الخضر عليه السلام أن يرفعه إلى أن يكبر فلا يأخذ الكنز أحد وهما صغيران، ويظل بعيداً عن أعين الآخرين حتى يشتد عودهما فيكون لهما، وحين علم الله أن الولد خلق مطبوعاً على الكفر، وأنه يسيء إلى والديه المؤمنين ويجعل حياتهما جحيماً أماته، وأبدلهما خيراً منه، فتاة مؤمنة طيبة كانت زوجة لنبي كريم.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم