بقلم: أ/ محمد الغنام
تحدثنا في المقال السابق عن أهمية التخطيط ومقوماته، ونستكمل اليوم الحديث عن مهارة التخطيط بالحديث عن عناصر التخطيط وقواعد الإتقان التنفيذي، والعمل لتحقيق الأهداف الكبيرة يلزمه أن يسير وفق تخطيط دقيق وألا يكون ارتجاليا أو ردود فعل فيجب تقسيم الهدف الكبير إلى أهداف مرحلية وتوضع الخطة لكل منها والوسائل اللازمة ويتابع التنفيذ. وتجدر الإشارة إلى أن التخطيط وإن كان ضروريا لكن يجب أن يؤخذ بالمقدار الصحيح وبالتوازن المطلوب وأن ندرك أن التخطيط وحده لا يكفي لإنجاز المهمة بل المطلوب أن نستخدمه الاستخدام الماهر الكفء، ولهذا فإن الإسلام يهتم بممارسة التخطيط باعتباره وسيلة لإتقان برمجة الأعمال بما يحقق لنا إتقان التنفيذ ووضوح التصور وتنسيق الطاقات المتاحة والاستفادة منها.
عناصر التخطيط (كيف يمكن تحويل الأهداف إلى أشكال عملية ؟)
1- تحديد الأهداف أو المهام المطلوب تحقيقها.
2- تقسيمها إلى أهداف مرحلية مع ترتيب أولوياتها.
3- دراسة الظروف القائمة ومعرفة الإمكانات اللازمة وما هو متوافر منها، وما يلزم توفيره.
4- وضع الخطة لتحديد كل هدف.
5- تحديد الجهاز أو الأشخاص الذين سيقومون بتنفيذ الخطة.
6- تحديد المدة المناسبة لإتمام التنفيذ.
7- افتراض الاحتمالات المتوقعة التي قد تؤثر على تنفيذ الخطة، وكيفية مواجهتها.
8- وضع البديل أو التعديل المناسب.
9- تحديد جهة المتابعة من ذوي الكفاءة والاختصاص للاطمئنان على السير بالخطة في مسارها الصحيح دون تعويق أو انحراف.
قواعد الإتقان التنفيذي
(القاعدة الأولى)
- إن أيام الشروع الأولى في تنفيذ أي عمل لا تصلح مقياسا لمعرفة مدى جدواه، فإن تعثر التنفيذ، وقلة الثمرة وضعف التأثير، والحجم الكبير للطاقة المصروفة، كلها عوامل أو نتائج سلبية قد تصاحب الفترة الأولى لبعض الأعمال، ويكون من الضروري التمهل في الحكم عليه وإطالة المدة التجريبية، فلربما لم يكن التدريب عليه قد اكتمل أو أنه عمل جديد في سمته لم تعتده نفوس العاملين ومفاهيمهم ويلزمهم وقت كاف حتى يعتادوه، أو أن يكون قد زاحمه حدث عام شغل النفوس عنه.
- ويصح هذا المعنى في الاتجاه الآخر أيضا، فإن النجاح السريع الذي يلاقيه عمل آخر قد يستبد بمشاعر الإدارة فتعطي الأولوية له، وتجازف بإلغاء أعمال أخرى نافعة نسبة نجاحها ومردودها أقل من النسبة في هذا العمل الجديد، وليس ذلك بصواب، فلربما يكون هذا الفرق الزائد في نسبة النجاح فورة مفتعلة ساعدت عليها ظروف خاصة وليس سمتا دائما، فإن لبعض الجديد لذة تهيمن على ذائقه فتدعه يبالغ حتى في جهده، ثم يرجع بعد حين إلى اعتدال، أو يكون العمل نتيجة اقتراح فيرصد له المقترحون أكثر طاقتهم لإنجاحه والتدليل على صوابهم، ثم يسري فتور تدريجي وتكون ظاهرة استطراق بين الأعمال تكاد تتوازن كالسائل في الأواني المستطرقة، فالتأني واجب في الحالتين.
(القاعدة الثانية)
- مراعاة الاقتران بين الأعمال فإن بعضها لا يمكن تنفيذه ولا يؤتي نتيجته إلا بقرين له مكمل، ويكون أحدهما الظرف المساعد للآخر، في مقابلة وتبادل، أو هو كشرط لازم ولا يحيط بهذا الاقتران حصر وتسميات بل يدرك بالمنطق والتجريب.
(القاعدة الثالثة)
- انتظار الظرف اللائق لتنفيذ ما لا يتلاءم مع الظرف الراهن، وتلك بديهية ويغني وضوحها عن الإشارة لها، ولكن الذي نعنيه هنا أن يتم تسجيل هذا العمل غير الملائم الآن ضمن بنود الخطة، ويشار إلى تأجيله، فإن كثافة الأحداث تلهي العاملين وتذهلهم عنه، فينسونه حين الحاجة ويتوهمون إن لم يدون اختلاط توازن الخطة ونقصها عن الشمول والإحاطة، كما يحرمه عدم ذكره من الاستفادة من احتمالات التصحيح، بالإضافة عليه أو التعديل فيه، من خلال النقد المستمر في المؤتمرات أو التقارير، وهكذا تتكون من عدم النسيان، ورؤية الشمول، حصول النقد والتقويم: ثلاث نتائج إيجابية لذكر هذا الأمر المؤجل في سياق الأعمال المختارة.
(القاعدة الرابعة)
- تذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ ما يصعب الآن، فإن بعض الأعمال الضخمة في حجمها، تقتضي علوما تخصصية وكفاءات عالية، ولابد من فترة إعداد لأولياتها، وتدرج في تجميع أفراد الجهاز الذي سيديرها وينفذها، ولهذا فإن على المخطط أن يكون واسع الأفق بعيد النظر، بأن يعتبر فترة الإعداد ضرورية وإن لم تقدم نتيجة سريعة، ومتى اعتبرها جهودا مهدرة صعب عليه الوصول إلى عمل ضخم، وعليه أن يقاوم ضغط الحاجات الصغيرة المتنوعة التي تدعوه إلى سدها بتشغيل الأفراد الذين رصدوا للتحضير والإعداد للأعمال الكبيرة.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
.