شهر رمضان ليس أي شهر، وليس كمثله شهر من شهور السنة، والأعمال فيه ودرجاتها ليست هي ودرجاتها عند الله كما هي في سائر أيام وشهور السنة، وهذا يعنى أن الشهر الكريم فرصة لملء حصالة الآخرة من الأعمال المضاعفة الأجر، حتى يجبر المسلم النقص الذي قد يكون قد اعترى حصالة حسناته في سائر أيام وشهور السنة، وهذا يحتم على المسلم أن يشمر ويسابق الزمن خلال الشهر ليحصل أقصى ما يستطيعه من الأعمال التي تجلب رضا الله، وتضاعف له الأجر والثواب والمغفرة والرحمة!
وذلك لا يتحقق إلا إذا قام الصائم بمراعاة الآداب والقيام بالأعمال التالية في شهر رمضان:
- صون اللسان والجوارح عن اللغو والإثم: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» أخرجه البخاري. وأيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصيام جُنة، فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم ...» أخرجه البخاري ومسلم. وكذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم، إني صائم».
- الاجتهاد في العبادة: ينبغي علينا أن نتخذ نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أسوة لنا في الاجتهاد والإكثار من العبادة في رمضان، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخص شهر رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور.
- الإنفاق والجود: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة»، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر فيه من الصدقة والإحسان ويقول: «أفضل الصدقة في رمضان».
- قراءة القرآن ومدارسته وتدبره، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتقي بجبريل عليه السلام كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فليكن لنا من مدارسة القرآن الكريم قسط وافر في شهر رمضان لعله يكون شفيعا لنا يوم القيامة. فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه».
- قيام شهر رمضان: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
- العمرة في رمضان: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: ما منعك أن تحجي معنا. قالت: كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه -لزوجها وابنها- وترك ناضحا ننضح عليه. قال: فإذا كان رمضان اعتمري فيه، فإن عمرة فيه تعدل حجة.
- تحري ليلة القدر: ليلة القدر أفضل الليالي، والعمل الصالح فيها خير من ألف شهر. ويكون تحريها والتماسها في العشر الأواخر من رمضان، لقوله صلى الله عليه وسلم «تحروا ليلة القدر في الوتر العشر الأواخر من رمضان»، وطبعا لا يكون إحياء ليلة القدر والاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان إلا بالصلاة وقراءة القرآن والصدقة والاعتكاف وغيرها من أنواع العبادة .
- الاعتكاف: وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان أكثر مما يجتهد في غيرها. فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها» رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها أيضا قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله».
بعض ما يستحب للصائم في شهر رمضان وبعده
- التعجيل بالفطور: عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطور».
- تناول السحور: فعن أنس رضي الله عنه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «تسحروا فإن في السحور بركة».
- الصيام بعد شهر رمضان: ينبغي على المسلم المؤمن الذي يريد الاستزادة من العطايا والحسنات والمكرمات أن يجتهد في: صيام ستة أيام من شوال: فعن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر» .
.