بقلم: أ/ محمد الغنام
أي عمل مهما كان صغيرا ومتواضعا لا يمكن له النجاح ما لم يكن منظما، وكثير من الطاقات قد تهدر وتضيع في غياب التنظيم، والعمل ذو الآفاق المتعددة والمجالات المختلفة والأهداف الكبيرة يحتاج بالضرورة إلى التخطيط.
أهمية وجود الأهداف الكبيرة وكيفية تحقيقها:
لابد من التفريق ببين الأهداف الإستراتيجية (البعيدة المدى)، والأهداف المرحلية (التكتيكية) فالأولى تحدد أولويات المؤسسة وتوجهاتها الأساسية وتمتد إلى فترات بما يزيد على سنوات.
والثانية يتم التخطيط لها بمشاريع أو أنشطة لفترات محددة، وتمثل خطة أي عمل سلسلة من النشاطات الواجب القيام بها لتحقيق هدف معين. وينبغي تقسيم الخطط طويلة الأجل (الأهداف الإستراتيجية) على عدد من الخطط المتوسطة والقصيرة الأجل (أهداف مرحلية) حتى يمكن تحقيق الهدف المطلوب.
فوائد التخطيط
1- تحديد الأهداف المطلوبة وتقسيمها إلى أهداف جزئية يضمن إلى حد كبير عدم إغفال شيء من المهام أو القضايا المطلوب تحقيقها، نتيجة الانشغال الكامل بتحقيق بعض الأهداف قبل تحديدها وحصرها كلها.
2- تجربتها وترتيب أولوياتها من الأمور المهمة لتيسير التنفيذ، كي لا يحدث الانشغال بأمر مهم، وهناك ما هو أهم منه، كما أن الترتيب والتسلسل يجعل كل مرحلة تساعد على تحقيق التي تليها.
3- في ذلك توفير للوقت والجهد، بخلاف العمل دون تحديد أولويات.
4- كما أن دراسة الظروف المحيطة والإمكانات المتوافرة وحصرها تساعد كثيرا عند وضع الخطة، بحيث تكون واقعية عملية، وليست نظرية خيالية بعيدة عن الواقع يصعب تنفيذها.
5- يؤخذ في الاعتبار احتمالات التغييرات التي يرجح لها أن تطرأ على الظروف المحيطة وأثرها على الخطة والتعديل أو البديل المناسب حتى لا يحدث ارتباك أو توقف للتنفيذ ما أمكن.
6- كما أن حصر الإمكانات والطاقات والكفاءات المتخصصة يفيد كثيرا في تشغيلها والاستفادة منها، بدلا من تعطيلها كما أنه يفيد في معرفة المجالات التي فيها نقص في الإمكانات أو الكفاءات بعمل الترتيب لتلافي هذا النقص، ليتحقق الاكتفاء الذاتي في كل المجالات خاصة أن مجالات للعمل تكثر نوعيتها وتتسع ساحتها.
7- وضع الخطة للأهداف الجزئية أو المرحلية في إطار الخطة العامة أمر ضروري لضمان السير المتكامل في التنفيذ، إذ أن تحقيق هدف جزئي أو مرحلي يمكن أن يؤثر في الخطة العامة فيعوقها أو ينقص من كمالها.
8- تحديد الأشخاص أو الجهاز الذي يناط به تنفيذ الخطة وتوزيع المهام والمسئوليات حسب التخصصات أمر أساسي لنجاح الخطة، إذ بدون هذا التحديد قد يحدث التداخل في الاختصاصات، أو ترك بعض المهام دون تحديد المسئولية عن القيام بها، فيحدث الخلل ويتعثر السير، وتصعب المحاسبة لعدم معرفة المسئول عن الخطأ في حين أن تعرف كل فرد على دوره في الخطة والجزء المنوط به منها يجعله يركز جهده وتفكيره في القيام بهذا الدور على الوجه الأكمل وتيسر المتابعة والمحاسبة، وتيسر كذلك تنسيق العمل بين الجميع دون تضارب أو تعقيد.
9- وتقسيم الخطة العامة إلى مراحل وتحديد الوقت المناسب لإتمام كل مرحلة أمر ضروري، لأن ذلك يحفز القائمين على التنفيذ كي ينجزوا المطلوب منهم في الوقت المحدد، بخلاف ما إذا ترك الوقت ممدودا دون تحديد فكثير ما يدعو ذلك إلى التراخي ويشغل الوقت بجزئيات وفرعيات على حساب الكليات التي تتضمنها الخطة.
10- كذلك التفكير المسبق في احتمالات التغيير الذي قد يطرأ على الظروف التي تم وضع الخطة على ضوئها، ووضع البديل المناسب لهذه الاحتمالات، يحول بعون الله دون حدوث ارتباك أو تعويق في السير.
11- أما متابعة التنفيذ فهو أمر لا غنى عنه للاطمئنان على سلامة التنفيذ وسيره في الطريق الصحيح، وللتعرف على أي مشكلة عارضة والعمل على حلها والتغلب عليها في حينها، والاطمئنان على قيام كل فرد بما أنيط به من عمل على الوجه الصحيح، وقد يستدعي صالح العمل إحداث تغيير ضروري لأسباب تستدعي ذلك، فيتم التغيير دون مجاملة.
12- كما أن المتابعة لها أهميتها لمعرفة إيجابيات التنفيذ وسلبياته فيستفاد من الإيجابيات وتتلافى السلبيات، وتتحصل الخبرة العملية والتجربة للإفادة منها والإضافة عليها.
مقومات التخطيط
هناك عوامل أساسية يقوم عليها التخطيط لتحويل الأهداف إلى صور عملية ومن أهمها:
أولا: المرونة والحركية:
- بمعنى إمكان تعديل بعض عناصر التخطيط لتتفق مع الظروف الجديدة والمتغيرات الطارئة أثناء التنفيذ، هذه المتغيرات لم يكن من الممكن توقعها عند وضعها.
- وتتحقق مرونة التخطيط بتعديل بعض عناصره أو تقبله لخطة بديلة، تتناسب مع الظروف الجديدة.
- أما الحركية: فيقصد بها عملية استمرار التخطيط وتفاعله مع المتغيرات، بحيث تكون عملية التخطيط في حالة حركة تتلاءم مع عمليات متتابعة، ومراجعة وتقييم مراحل تنفيذ الخطة، وعمليات تبديل وتعديل الخطة إذا اقتضت الظروف ذلك.
ثانيا: العمق وعدم الشكلية:
- ومعناه الاهتمام بالحقائق وبالمضمون والنفاذ إلى الأعماق، أما الاهتمام بالشكليات والهياكل وترك المضمون فلا يحقق المطلوب من التخطيط.
ثالثا: الوضوح والواقعية:
- يجب أن تكون الأهداف واضحة، بحيث يفهمها جميع العاملين في تنفيذ الخطة، وهذا يؤدي إلى الإقبال على العمل بكفاءة وفاعلية.
- والقصد من الواقعية: أن يكون التخطيط واقعيا ومعتدلا في أهدافه، بحيث لا يحمل المؤسسة أكثر من طاقاتها سواء من الموارد، أو في قصر المدة المحددة للتنفيذ.
رابعا: الاعتماد على البيانات الصحيحة:
- يجب أن تمثل الحقائق، حتى تبنى عليها تصرفات صحيحة وتنبؤات صادقة، ويدخل في هذا تحديد الإمكانات المادية والبشرية المستغلة وغير المستغلة ويدخل فيها أيضا مدى كفاءة الجهاز الإداري ومدى قدرته على تنفيذ الخطة وتحقيق أهدافها.
خامسا: دقة تحديد البرنامج الزمني:
- يجب وضع برنامج زمني محدد لكل مراحل الخطة بحيث تحدد لكل مرحلة مدة زمنية مناسبة، يتم فيها التنفيذ، ويكون تحديد هذه المدة بدقة تامة، كما يجب أن يكون هذا التحديد مرنا بحيث يمكن تطويل أو تقصير المدة الزمنية إذا طرأت ظروف جديدة، اقتضت البحث عن بديل أو تعديل مناسب.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
.