تناولت هذه الدراسة التي أعدّها د. محمد علي طاهر، موضوع الحقوق والواجبات الأسرية في الرؤية الإسلامية ومفهوم الأسرة المسلمة وأهميتها، والفرق بين التعريف الإسلامي والغربي للأسرة، ثم وضحت سبب استقرار الأسرة بقوامة الرجل.
وذكرت الدراسة منهج الإسلام في تربية الأسرة من خلال حسن اختيار الزوجين والتربية الإيمانية للأسرة والقدوة الحسنة وأداء كل فرد ما عليه من الحقوق الأسرية من غير مماطلة أو تبرم. بالإضافة ناقشت الورقة الحقوق والواجبات الأسرية من خلال حقوق الزوجين، مع التركيز على حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية، مقارنة مع التشريعات البشرية الحديثة وانتهت بخاتمة اشتملت على أهم النتائج والتوصيات.
أهمية الأسرة في النظام الإسلامي
إن الأسرة هي عماد المجتمع ولبنته الأساسية وقد رعاها الإسلام رعاية كاملة وبين أفضل السبل لإقامتها والمحافظة عليها، فأرشد إلى حسن اختيار الزوجين، ثم نظم الحقوق والواجبات لكل منهما، وكيفية تأمين الود والسكن بينهما، ثم شرع لهما المناهج السديدة لقيامها بتربية الأولاد، ورعايتهم الرعاية الكاملة، ثم عظم من شأن الوالدين للبر والطاعة، لتبقى الأسرة محاطة بسور منيع من القيم والأحكام في توازن دقيق بين الحقوق والواجبات فصلته الشريعة الإسلامية تفصيلاً.
إن بناء الأسرة من مقاصد الشريعة، ذلك بأن الشريعة الإسلامية تدور أحكامها حول حماية خمسه أمور، هي أمهات لكل الأحكام الفرعية، وتسمى بالضروريات الخمس، وهي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ العرض، حفظ المال. إذن جاء الإسلام للمحافظة على الأعراض وحفظ النسل وسد باب الفساد الموصل إليها. فتكوين الأسرة والاهتمام بها كما أراد الله لها إن تكون مثلا للقيم المتوازنة تحقيق لأهم المقاصد الشرعية.
الأسرة في المجتمع المعاصر هي امتداد طبيعي للأسرة في الزمن القديم ثم أخذ يضيق نطاقها وحجمها شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى هذا الحجم من الضيق الذي نلمسه اليوم في بعض المجتمعات الغربية حيث تعمد طبقات في أوربا وأمريكا إلى أن تعهد بحضانة أولادها إلى بعض المؤسسات الحكومية أو الأهلية في جزء كبير من اليوم لأن عمل الرجل مع المرأة أصبح يحول دون التفرغ الكامل لرعاية الأبناء والاهتمام بشئونهم ومثلما يحدث مع الأبناء الصغار يحدث مع الآباء الكبار حيث يعهد بعض الأبناء إلى دور المسنين والعجزة برعاية أبويه حينما يبلغ الكبر أحدهما أو كلاهما ذلك أن الروابط الأسرية في المجتمع المعاصر أصبحت أقرب إلى التفكك والانهيار.
استطاعت الأسرة المسلمة أن تبث كثيراً من القيم الإيجابية ويتجلى ذلك في انخفاض معدلات الجريمة في الدول العربية والإسلامية من مثيلاتها في العالم الغربي الذي عمد منذ فترة إلى الانسلاخ من روابط الأسرة وضوابطها ومقوماتها الأمر الذي أدى بالناس إلى عدم الاطمئنان على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. كنت أتساءل عن سر هجوم أعداء الله الشرس على الأسرة المسلمة، ومحاولتهم نصب الشباك لإيقاعها في شرك التمزق والاختلاف؟ فكان الجواب: أن الأعداء أدركوا أن انهيار الأسرة المسلمة معناه تلقائياً انهيار المجتمع الإسلامي بكامله؛ فمتى فرخت القلاقل والمشكلات في أسرة، فلا تنتظر أن يتخرج فيها جيل صالح.
استقرار الأسرة بقوامة الرجل
حددت الشريعة الإسلامية المبادئ والقيم الحاكمة للأسرة مع الاعتراف بالتنوع في الخصائص والقدرات لكل من المرأة والرجل يقول تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ). تؤكد الشريعة على مفهوم قيادة الأسرة والتي تتمثل في قيادة الرجل وهي خاضعة للضوابط والأحكام الشرعية، وأصل ذلك قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَموَالهِم).
وعلى هذا فإن استمرار الحياة الزوجية واستقرارها يستلزم أن توقن الزوجة برضا أن القوامة للزوج بحكم الشرع وفطرة الخلق، وأنها شرعت لمصلحة الأسرة واستقرارها، وأن على الزوج أن يفقه الغرض من هذه القوامة التي قررها له الشرع والأساس الذي قامت عليه حتى لا يسيء استعمالها، أو يتعسف في استخدام ما تخوله له هذه القوامة من سلطة، وهذا حق تنازل عنه كثير من الرجال للأسف بمحض اختيارهم، مما سبب كثيراً من المشكلات العاصفة باستقرار الأسرة، وقد يظن قوم أن في تنازل الرجل عن قوامته لزوجته إسعاد لها، وهذا ظن خاطئ.
منهج الإسلام في تربية الأسرة
يتناول هذا المبحث منهج الإسلام في تربية الأسرة من خلال عدة عناصر أهمها:
-
حسن اختيار الزوجين: تبدأ مسئولية الأسرة قبل تكوين الجنين بحسن اختيار كل من الزوجين للآخر، وأولوية المعيار الديني والخلقي، لأن خطيبة اليوم التي يقصدها الشاب هي زوجة الغد، وأم المستقبل، ومربية الأطفال والأجيال. إن مسألة حسن الاختيار أمر مهم، لا يختلف فيه اثنان.
-
التربية الإيمانية للأسرة: فالأسرة محضن الأفراد لا برعاية أجسادهم فقط بل الأهم هو غرس القيم الدينية والأخلاقية في نفوسهم.
-
القدوة الحسنة: فرب الأسرة هو القائد وهذا من أهم عناصر منهج الإسلام في تربية الأسرة.
-
أداء كل فرد ما عليه من الحقوق الأسرية من غير مماطلة أو تبرم.
حقوق الزوج على الزوجة
بين الإسلام المسؤوليات الأسرية وواجبات كل من الزوجين في توزيع عادل يتفق مع الفطرة ويتناسب مع التكوين النفسي والجسدي لكل من الرجل والمرأة ويتحقق من خلاله مصالح الأمة وسعادتها. إن مدار هذه الحقوق في قوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وقوله جل شأنه: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وتتمثل هذه الحقوق فيما يلي:
أ. طاعة الزوجة لزوجها: حقه في طاعتها له في المعروف ودليل ذلك قوله تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).
ب. ألا تأذن الزوجة لأحد في بيت الزوج إلا بإذنه، دليل ذلك، ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه].
ج. ألا تصوم تطوعاً والزوج حاضر إلا بإذنه: لما روته عائشة رضي الله عنها عن رسول صلى الله عليه وسلم: [لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه].
د. أن تحافظ على نفسها ومال الزوج وأولاده: المرأة في بيت زوجها مسترعاة على ما فيه، وأنفس ما في بيت الرجل زوجته وماله وأولاده، وهي أمانة بيد المرأة يجب عليها تمام حفظها ورعايتها فهي رعية ستسأل عنها المرأة يوم القيامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها].
حقوق الزوجة على الزوج
الحقوق الخاصة للزوجة على زوجها تنقسم إلى حقوق مالية وغير مالية، ونوردها فيما يلي:
-
المهر: لقوله تعالى: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئاً). ويكون بلا إفراط ولا تفريط، ولا إسراف ولا تقتير.
ب. النفقة والسكن: لقوله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا) ولما روى حكيم بن معاوية عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق الزوجة على أحدنا؟ قال: [أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في المبيت]. وأخرج الشيخان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهند بنت عتبة عندما جاءت تشكو شح أبي سفيان عليها وعلى ولدها، قال: [خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف].
ج. المعاشرة بالمعروف وحسن الخلق: قال الله تعالى مبيناً هذا الحق: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وقال عليه الصلاة والسلام: [خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي].
د. حق المبيت والمعاشرة: هذا حق يجب على الزوج أن يقوم به، ويراعيه حتى لا يضطر حليلته إلى الخروج عن حيائها، ويقع الخلل في أداء هذا الحق من قبل بعض الأزواج، فتراه في دنياه لاهثاً أو يدمن السهرات مع الأصحاب والخلان ولا يؤوب إلا في ساعة متأخرة من الليل، قد أرهقه التعب وأضناه اللعب، واستنفد ما في جعبته من المرح واللهو مع مسامريه، فيدخل بلا سلام ولا كلام، ويرتمي على فراشه كالجيفة، ولو قدر له أن يقضي وطره منها، قضاه على وجه لا تشعر معه المرأة بسعادة.
هـ. تعليم الزوجة أمور دينها: أهم من النفقة والمبيت أن يعلمها الزوج أمور دينها وبخاصة إذا كانت المرأة لم تأخذ من التعليم الشرعي ما يكفيها في أمور دينها ودنياها، وعلى الزوج أن يتخذ من الوسائل الشرعية ما يكمل به هذا الجانب، والرسول صلى الله عليه وسلم، كان يعلم نساءه أمور دينهن، وزوج رجلاً من الصحابة امرأة على ما معه من القرآن.
و. الغيرة على الزوجة: من أبرز واجبات الزوج أن يصون كرامة زوجته ويحفظ عرضها، ويغار عليها، ومن المؤسف إطلاق العنان للزوجة تختلط مع الرجال وتحادثهم، وتذهب للأسواق وحدها، وقد تركب مع السائق وحده، وإذا كان الحمو هو الموت كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم عن علقمة بن عامر (إياكم والدخول على النساء! قيل: يا رسول الله: أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) ، فكيف بغيره، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على غيرة سعد رضي الله عنه حتى قال فيه: [أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه والله أغير مني].
حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية
منحت الشريعة الإسلامية الأطفال حقوقاً وحماية واسعة، فلهذه الشريحة من الأسرة المسلمة قيمة عالية تتجلى في قوله تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا).
حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية قبل الولادة:
حقوق الطفل في الإسلام تبدأ قبل زمن ولادته، بل تبدأ قبل زواج الوالدين وتتمثل هذه الحقوق فيما يلي:
-
حق الطفل في إحسان اختيار والديه.
-
حق الطفل في الحفاظ على حياته وصحته جنيناً.
حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية بعد الولادة
-
حق الحفاظ على حياة الطفل: حافظ الإسلام على حياة الطفل بعد ولادته بصورة لافتة للنظر؛ لأن ظهور الإسلام تواكب مع أخلاق وبيئة لا يعترفان للطفل المولود بقيمة. توعد سبحانه وتعالى مرتكب إثم قتل الأطفال، لأي سبب كان، بأشد الحساب وذلك في قوله عز وجل: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) فهي خسارة دينية ودنيوية لقتلهم أولادهم من دون حق ولافترائهم وكذبهم على الله كما حرم عز وجل الكثير من عادات الجاهلية منها وأد البنات تجنباً للعار وذلك في قوله تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) وعن المغيرة بن شعيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن الله تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات].
-
حق الطفل في أن يأتي من زواج شرعي والانتساب إلى والديه الحقيقيين حفظاً لكرامته ونسبه وصلاته العائلية (حق النسب) وهو من الحقوق التي أغفلتها مواثيق الطفل الدولية.
-
حق الطفل في السرور والفرح بولادته: لقد شن الإسلام حرباً لا هوادة فيها على العادات السيئة في الجاهلية ومنها كراهة إنجاب البنات، قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) وقد رغب الإسلام في تربيتها، والإحسان إليها، ورتب الأجر العظيم على ذلك، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار]، إذن فلا تفرقه بين الذكر والأنثى.
-
حق الطفل في عدم إيذائه بالضرب: إن الإسلام دين قائم على الرفق في كل تشريعاته؛ وهو وسط بين الإفراط والتفريط في وسيلة الضرب في إصلاح الأسرة بين من يبالغ في استخدام هذه الوسيلة وبين من يعترض عليها كما هو حال بعض المناهج التربوية الحديثة. وقد ورد الضرب في حديث: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع). والناظر في التشريع الإسلامي يدرك خضوع الضرب لقاعدة الرفق، فالضرب لم يقصد به تعذيب الولد أو المرأة على الخطأ، بل المقصد التوجيه والإرشاد؛ ولذلك قال سبحانه وتعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) وقيد الضرب بأن يكون غير مؤثر في الأعضاء، وألا يكسر العظم، وأن يتجنب الوجه.
-
حق الطفل في عدم استغلاله جنسياً: لقد وقف الإسلام ضد الممارسات الجنسية المنحرفة وقفة صارمة أراد من خلالها أن يحفظ للطفولة كرامتها وبراءتها التي يسلبهما الاستغلال الجنسي حيث يصبح الطفل بفعل هذا الاستغلال آلةً أو لعبةً يلعب بها أناس نزعت من قلوبهم الرحمة والعفة والحياء، وإن مما يحزن حقاً استغلال بعض المجرمين ضعف الطفولة وعدم إمكانية الدفاع عن نفسها، فكثرت حالات اغتصاب الأطفال التي غدت هاجساً للجهات الأمنية فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وبهذا نلاحظ تفوق التشريع الإسلامي للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وذلك في مادتها رقم التي تنص على منع استغلال الطفل في جميع أشكال الاستغلال الجنسي والانتهاك الجسمي.
-
حق الطفل في التربية البدنية والعقلية: من المسؤوليات الكبرى التي أوجبها الإسلام على الوالدين والمربين مسئولية التربية البدنية لينشأ الأولاد على خير ما ينشئون عليه من قوة الجسم، وسلامة البدن ومظاهر الصحة والحيوية، ويمكن أن نوجز وسائل تحقيق ذلك فيما يلي:
أ. وجوب النفقة على الأولاد: قد أوجب الشرع الشريف النفقة على الأولاد على رب الأسرة وذلك في قوله سبحانه وتعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ويؤكد هذا المعنى حديث:(كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته)، فمن تمام النفقة المأمور بها الوالد تهيئة الغذاء الصالح لأولاده، والمسكن الصالح والكساء الصالح حتى لا تتعرض أجسامهم للأسقام وتنهك أبدانهم الأوبئة والأمراض.
ب. اتباع قواعد الصحة العامة في المأكل والمشرب.
ج. التحرز والوقاية من الأمراض المعدية.
د. معالجة المرض بالتداوي.
هـ. تعويد الأولاد على ممارسة الرياضة وألعاب الفروسية.
.