Business

الوقت والاستعداد لرمضان

إن الوقت هو رأس مال العبد في هذه الدنيا، وهو أغلى من الذهب؛ لأنه أعظم نعمة أنعمها الله على الإنسان، وهو عند الأذكياء أغلى شيء في الوجود، وعند الجهلاء أرخص ما يكون. ومما يبين قيمة الوقت وأهميته ساعة الاحتضار التي يتمنى العبد فيها دقائق ليتزود فيها بالتوبة والعمل الصالح.

وما من يوم ينشق فجره إلا ينادي؛ يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، تزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة.

وفي الحديث: «نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ»، فالصحة قد يعقبها مرض، والفراغ قد يعقبه شغل وعمل، فاغتنم حال الصحة والفراغ قبل الحسرة عليهما.

وفي هذه الدراسة، يرى الباحث أسامة سليمان، أنه يجب علينا ونحن في شعبان أن نستعد لرمضان، وهذا من هدى نبينا عليه الصلاة والسلام، فتلك أوقات يجب اغتنامها وفرص يتحتم علينا اقتناصها، فالخير مجموع، والدعاء مرفوع والأمل في الله دائم غير مقطوع أن يمد في أعمارنا لندرك رمضان، من أجل ذلك كانت هذه الكلمات.

 

أهمية الوقت

من علامات محبة الله للعبد أن يجعله في شغل يفيد ويعود عليه بخيري الدنيا والآخرة، فالعاقل من يقدر نعمة الوقت ويجتهد في شكرها لأن أنفاسه معدودة ودقائقه محسوبة.

وللوقت سمات منها أنه:

  1. أبيّ الجانب.
  2. بطيء الرجوع.
  3. سريع الانقضاء.

فالعاقل من يقدر نعمة الوقت ويجتهد في شكرها لأن أنفاسه معدودة ودقائقه محسوبة، يقول الله سبحانه: {فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} [مريم:84]، ويقول جل شأنه: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات:46]، ويقول عز وجل: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: 55]، ولشرف الوقت وأهميته أقسم رب العالمين في غير آية في كتابه سبحانه فقال: {وَالضُّحَى «1» واللَّيْلِ إذَا سَجَى «2»} [الضحى: 2]، وقال: {وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى «1» والنَّهَارِ إذَا تَجَلَّى «2»} [الليل: 2]، وقال: {وَالْفَجْرِ «1» ولَيَالٍ عَشْرٍ «2»} [الفجر: 2]، وقال: {وَالْعَصْرِ «1» إنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْرٍ «2»} [العصر: 2]، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدم عبدٍ حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن عمله ماذا صنع به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه».

فالمتأمل في الحديث يجد أن اثنين منهما يتعلقان بالوقت والعمر والشباب؛ ذلك لأن الشباب هو الوسط بين ضعف الطفولة وضعف الكهولة، وسن العمل وطلب العلوم، وهو ضيف عابر، يعقبه ضعف وشيبة؛ لذا قالت حفصة بنت سيرين: «يا معشر الشباب، خذوا من أنفسكم وأنتم شباب، فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب».

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة».

إضاعة الوقت من علامات المقت؛ ذلك لأن من علامات محبة الله للعبد أن يجعله في شغل يفيد ويعود عليه بخيري الدنيا والآخرة. فالعاقل من يقدر نعمة الوقت ويجتهد في شكرها لأن أنفاسه معدودة ودقائقه محسوبة.

 

كيفية اغتنام الوقت؟

فإذا ما سألت أخي كيف استثمر الوقت؟

الجواب: إن وسائل استثمار الوقت بالنسبة للمسلم عديدة كلها تدخل في الباقيات الصالحات التي تقرب العبد من ربه سبحانه، والتي قال رب العالمين عنها: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف:46]، والتي منها:

  1. طلب العلم الشرعي: وذلك العلم الذي يزيد المرء خشية وخوفًا، قال سبحانه:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر:28]، وهو من سبيل الخير وفي تركه الشر كله، يقول صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين». وهو السبيل إلى الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: «ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة».
  2. قراءة القرآن وحفظه والتدبر في آياته: يقول الله سبحانه: {إنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]، قال الحافظ ابن كثير: ««يمدح الله كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد وهو القرآن، فإنه يهدي لأقوم الطرق وأوضح السبل».
  3.  الصلاة وعمارة المساجد: ذلك لأن عُمار المساجد هم المؤمنون، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة:18]، وعمارة المساجد تكون بالصلاة فيها، ومدارسة العلوم الشرعية، والذكر والدعاء، وكل ما من شأنه حياة القلوب والتقرب من رب العالمين.
  4. الدعوة إلى الله: التي هي وظيفة الأنبياء والرسل الذين هم سفراء الله إلى خلقه، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33].

والدعوة إلى الله من أشرف الوظائف وأوضح المقامات، يقول سبحانه، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108].

والدعوة إلى الله تحتاج إلى جهد وصبر ومصابرة، فهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتشرون في الآفاق يدعون الناس إلى ربهم، فبلال رضي الله عنه يلازم دمشق، وأبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يركض في القسطنطينية، وعقبة بن عامر رضي الله عنه يلازم مصر، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه يصل إلى أذربيجان في خلافة عثمان رضي الله عنه. ذلك لأن أعظم وسيلة للفوز في الحياة والأوقات أن يسخر العبد نفسه لدعوة العباد لخالقهم ولما فيه نجاتهم في الدنيا وسعادتهم في الآخرة، والله أسأل أن يبلغنا رمضان وأن يرزقنا وإياكم حسن القصد والعمل، والحمد لله رب العالمين.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم