Business

كيف تكون أبا مثاليا؟

تعدّ الأسرة المكان الذي يتلقى فيه الطفل البذرة الأولى في تكوينه ونموه النفسي والفكري والعقلي والاجتماعي، وتتكوّن الأسرة عادة من أب وأم وأولاد، كلّ له دوره في تنمية الأسرة وتربية الأطفال. وتقع المسؤولية الكبرى تجاه الأطفال على عاتق الوالدين الأب والأم على حدّ سواء، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلّ مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه»، وفي هذا إشارة إلى أن الوالدين هما الّذين يكوّنان الطفل ويزوّدانه بما يحتاج إليه من خبرات ومهارات لمواجهة الحياة.

وبعض الآباء ينشغلون عن أطفالهم بسبب طبيعة عمله الطويل والشاق، حيث يذهب إلى أعماله في وقت مبكّر من الصباح والأطفال نيام، ويرجع من العمل في وقت متأخر من الليل والأطفال نيام، وإن حدث أن اتفق وصوله إلى البيت قبل نوم الطفل فإن الوالد مرهق بسبب العمل الشاق الذي كان يمارسه طوال اليوم فهو بحاجة إلى استراحة، ولا يستطيع التواصل مع أبنائه بسبب الإرهاق الذي يغلبه.

وكم نرى أطفالًا تسارع الخطى لترتمي في أحضان شخص يحنوا عليهم في حين يبتعدون عن آباءهم الذين لا يظهرون أي نوع من الحنان تجاههم، وإذا غاب ذاك الرجل الآخر يهرول إليه الطفل يسأله بشوق.. "كنت فين يا عمو؟!".

نعيش أزمة حقيقة بين الأب وطفله، بين أب انشغل بالعمل وتوفير متطلبات الحياة، وبين طفل يبحث عمن يحنو عليه.

لقد وضع النبي الكريم منهجا أبويا ليسير عليه الآباء، فكما ذكر الأقرع بن حابس أنه جاء إلى رسول الله فرآه يقبّل الحسن بن علي، فقال الأقرع: "أتقبّلون صبيانكم؟! فقال رسول الله: «نعم»، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبلت واحدًا منهم قط، فقال له رسول الله: «من لا يرحم لا يرحم»" (صحيح البخاري).

 

رحمة القلوب

إن الأبوة الصالحة تعني أن يسعى الأبوان لاتخاذ أفضل القرارات لصالح طفلهما، كما أن الأبوة الناجحة لا تعني تحقيق الكمال، ولكنها العمل بجد لتنشئة طفل جيّد وسليم نفسيا وجسديا وأخلاقيا، ولقد قدمت منجية إبراهيم روشتة مختصرة لترقية مهارات الأبوة والأمومة الجيدة ومنها:

  1. أحِبّه وأظهر له ذلك: لا يوجد شيء أكثر قيمة يمكن أن تقدمه لطفلك مثل أن تحبه ، الحب لا يجعل الطفل مدللا ولكن ما تفعله باسم الحب فقط هو ما يجعله مدللا مثل: التساهل المادي، الحماية المفرطة.. إلخ، عندما يتم تقديم هذه الأشياء بدلًا من الحب الحقيقي، عندها سيكون لديك طفل مدلل، يمكن أن يكون التعبير عن حبنا للطفل بسيطًا، مثل معانقته، وقضاء الوقت معه والاستماع إلى مشكلاته بجدية كل يوم.
  2. كن مثالا يُحتذى به: لا تخبر طفلك عما تريده أن يفعله بل أَرِه ذلك، مما يميز الإنسان أنه يتعلم عن طريق التقليد ، نحن مبرمجون على نسخ تصرفات الآخرين ودمجها في أفعالنا، الأطفال على وجه الخصوص يراقبون بعناية فائقة ما يفعله آباؤهم.
  3. كن ملاذًا آمنا لطفلك: أخبر طفلك أنك ستكون دائمًا حاضرا لأجله من خلال التفهم والاستجابة لاحتياجاته، ادعم طفلك وتقبله كفرد، كن ملاذًا دافئًا وآمنًا له. إن الأطفال الذين يحظون بتربية آباءٍ متفهمين باستمرار، يميلون أكثر إلى تحسين التطور العاطفي والتنمية الاجتماعية، والصحة العقلية أكثر من غيرهم.
  4. تذكّر هدفك الأبوي: ما هو هدفك من تربية طفل؟ إذا كنت مثل معظم الآباء، فأنت تريد أن يكون طفلك جيدًا في المدرسة، وأن يكون منتجًا، وأن يكون مسؤولًا ومستقلًا، ومحترمًا، ويستمتع بعلاقات ذات مغزى معك ومع الآخرين، وأن يكون عطوفًا ومتعاطفًا، وأن يكون لديه حياة سعيدة وصحية ومُرضية. ولكن كم من الوقت تقضيه في العمل لتحقيق هذه الأهداف؟ إذا كنت مثل بقية الآباء فمن المحتمل أنك تقضي بقية يومك في النضال بين هنا وهناك، وبدلًا من مساعدة طفلك على الازدهار، تقضي معظم الوقت في محاولة أن تنجو من ضغوط الحياة. لا تدع فوضى الحياة تُثنيك عن هدف الحقيقي، وتُنسيك ما ترغب في أن يكونه طفلك، كلما شعرت بضغوط الحياة، تنفّس وأعد التحكم في زمام الأمور.
  5. مارس الأبوّة الإيجابية: امنح طفلك تجارب إيجابية، سيكون لديه القدرة على خوض التجارب الإيجابية بنفسه، تحدث مع طفلك، اضحك والعب معه، حلّ مشاكله بمواقف إيجابية، لا تؤدي هذه التجارب الإيجابية فقط إلى إنشاء روابط جيدة في دماغ طفلك، ولكنها تشكل أيضًا الذكريات التي يحملها طفلك معه مدى الحياة.
  6. تحدّث مع طفلك: معظمنا يعرف بالفعل أهمية التواصل، تحدثّ إلى طفلك واستمع إليه بعناية، من خلال الحفاظ على خط اتصال مفتوح، ستكون لديك علاقة أفضل بطفلك وسيأتي إليك عندما تكون هناك مشكلة.
  7. لن أعيش في جلباب أبي: كثير منا يرغب في تربية أطفاله بطريقة تختلف عن تربية والديه له، حتى وإن كان قد حظي بتربية جيّدة وسعيدة، ولكنه قد يرغب في تغيير بعض الجوانب من تنشئته، ولكننا في كثير من الأحيان نقلّد والدينا بالفعل، ومع ذلك فإن التفكّر في الطريقة التي تربينا عليها ستجعلنا نكتشف لماذا نتصرف على هذا النحو أو ذاك. دوّن الأشياء التي ترغب في تغييرها وفكر في كيفية القيام بذلك بشكل مختلف، حاول أن تكون متيقظًا وغيّر سلوكك في المرة القادمة التي تظهر فيها هذه المشاكل، لا تستسلم إذا لم تنجح في البداية، يتطلب الأمر الكثير من التدريب لتغيير أساليب تربية الطفل بوعي.
  8. لا تستخدم العنف مهما كان السبب: إن ضرب الطفل، أو صفعه قد يكون في كثير من الأحيان حلّا للآباء لإجبار الطفل على الامتثال للأوامر، ومع ذلك، فإن هذه الطريقة لا تُعلّم الطفل الصواب من الخطأ، إنها تُعلّم الطفل فقط أن يخاف من العواقب الخارجية، ثم يتم تحفيز الطفل لتجنب أن يُكتشف أمره بدلًا من ذلك، وإن ضرب الطفل هو إشارة مباشرة له بأن المشاكل لا يمكن أن تُحلّ إلا بالعنف.
  9. اعتنٍ بنفسك وبعلاقتك مع الزوج: في كثير من الأحيان تنهمك في شؤون الحياة والتربية والعمل، وتنسى الاعتناء بصحتك، أو بعلاقتك مع زوجك، ولكن ذلك قد يصبح مشكلة أكبر من شأنها أن تؤثر على مهارات الأبوة لديك، امضِ بعض الوقت في العناية بصحتك، وعلاقتك بزوجك، لأن الحصول على بعض "الوقت الخاص" للعناية الذاتية أمر مهم لتجديد العقل.
  10. القراءة والتعلم: عليك بمطالعة بعض الكتب التربوية أو الموضوعات التربوية التي تنمي قدرتك على احتواء طفلك أو معرفة طبيعة المرحلة التي يمر بها. ويجب على الأبوان في حالة إذا لجأ الطفل إليها أن يستمعا له وأن يخبراه بتعاطفهما معه في موقفه، كما يجب أن تمنحه التقدير، فالتقدير يمنح الطفل إحساسًا بالأهمية، وهو واحد من أقوى الدوافع للسلوك الصحيح.

ومن خير الوصايا: [كن متاحا عندما يحتاجك طفلك، ضع كل شيء جانبا وأظهر له أنه أهم شخص في حياتك].

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم