Business

صالحات العشر من ذي الحجة.. ليست صياما فقط!

تقبل علينا العشر الأوائل من ذي الحِجّة وهي تحمل رياحًا حزينة لانتشار وباء قاتل شتت شمل وتجمع الناس، بل فرض علينا وقف شعائر الحج إلا للقلة، لكن المؤمن دائما يحول المحن لمنح.

فهذه الأيام تعد من أعظم الأزمنة والأوقات؛ حيث فضلها الله، وأَفردها عن غيرها من الأوقات، وميزها عن أوقات أخرى بالعديد من الفضائل والميزات؛ شحذا للهمم والعزائم، وسعيا إلى زيادة الأجور والحسنات.

فيستحب للمسلم في هذه العشر الإكثار من الأعمال الصالحة بجميع أجناسها وأنواعها، قال ابن رجب: (وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيره من أيام السنة كلها صار العمل فيه وإن كان مفضولا أفضل من العمل في غيره وإن كان فاضلا).

 

أفضلية خاصة

ينبغي الاهتمام بهذه العشر فهي داخل الأشهر الحرم المعظمة، ونسعى للاجتهاد في هذه الأيام بالعمل الصالح أكثر من غيرها، وهذه الأيام أحب إلى الله تعالى من غيرها، وإذا عرفنا سبب ذلك، واطلعنا على فضلها فهذا يجعلنا نتحمس لمزيد من الاجتهاد، ويدفعنا للحرص على التماس الأجر، وطلب العفو حيث فضلت الأيام العشر من ذي الحجة على غيرها من أيام السنة من عدة وجوه ومنها:

  • أقسم الله -عز وجل- بها في القرآن الكريم، والله -تعالى- لا يقسم إلا بشيء عظيم؛ قال الله تعالى: (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ).
  • شهد لها رسول الله -عليه الصلاة واسلام- بأنها أعظم أيام الدنيا؛ إذ قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيامِ العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد).
  • تشمل الأيام العشر من ذي الحجة أفضل الأيام، مثل: يوم عرفة؛ وهو يوم الحج الأكبر الذي تغفر فيه الذنوب والخطايا، وتعتق فيه الرقاب من النار.

 

عبادة في ظروف عصيبة

تحل العشرة من ذي الحجة في ظروف نشر الوباء نفسه، فأغلقت الكعبة ومنع الناس– إلا القليل– من أداء فريضة الحج، وتألمت كثير من القلوب العاشقة، لكن يدفعنا ذلك لإقامة فريضة الحج في نفوسنا وبيوتنا وأحيائنا ومجتمعاتنا وذلك بالعمل الصالح والتكبير والتهليل كما وصى النبي الأمين صلى الله عليها وسلم.

إن المسلم في هذه الأيام يستطيع أن ينال المغفرة من رب الكون كما نالها كل حاج، وذلك إذا أقدم على العمل الصالح، ومنها:

  1. المحافظة على الصلاة، قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} (البقرة: 238).
  2. الصيام، ويخص منه صيام يوم عرفة، وقد ورد في فضل صيامه قول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده).
  3. قراءة القرآن وذكر الله سبحانه، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): [اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ] (رواه مسلم)
  4. الصدقة: فالصدقة من الأعمال الصالحة التي حثّ الله عزّ وجل المسلم على القيام بها، خاصةّ في هذه الأيام المباركة.
  5. التوبة الصادقة، والبعد عن المعاصي، والعزم الجاد على اغتنام هذه الأيام.
  6. السير في قضاء حوائج الناس، والإصلاح بين المتخاصمين، قال رسول الله (ص):[ من نفَّس عن مؤمن كربة نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة] (رواه مسلم عن أبي هريرة).
  7. إدخال السرور على كل مسكين بإطعامه وسداد دينه – إن أمكن - قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): [من نفَّس عن مؤمن كربة نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة] (رواه مسلم عن أبي هريرة).
  8. بر الوالدين وصلة الأرحام والتوسعة على الأهل والأولاد.

ولا تقتصر هذه الأيام على الأعمال الصالحة فحسب، بل وجب على المسلم أن يدفع الضرر فلا يؤذى إنسانا ولا حيوانا، ولتشع الرحمة من قلبه حتى تظل رصيدًا له في حياته.

ففي حاشية السندي على سنن ابن ماجه: ثم المتبادر من هذا الكلام عرفا أن كل عمل صالح إذا وقع في هذه الأيام فهو أحب إلى الله تعالى مما إذا وقع في غيرها، وهذا من باب تفضيل الشيء على نفسه باعتبارين وهو شائع.

وحري بنا نحن المسلمون أن نحيي هذه الأعمال الصالحة التي قد أضيعت في هذه الأزمان، وتكاد تنسى إلا من رحم ربي.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم