هل ينجح العرب في إنقاذ التعليم من كورونا بالإنترنت؟

إثر إغلاق المدارس والجامعات بسبب كورونا، تحاول دول عربية نشر التعليم عن بعد، لكن العملية لا تنتابها العراقيل وحسب، بل عرّت أيضا عيوب أنظمة تعليمية لم تنجح أصلًا في النموذج التقليدي القائم على الدراسة داخل الفصل، وحسب موقع "دو" الألماني، فإن دولا كالمغرب ومصر والأردن والجزائر وتونس وسوريا ودول الخليج وأخرى، كلها بلدان استنجدت بالتعليم عن بعد لمحاولة إنقاذ الموسم الدراسي، معلنة عن مواقع خاصة تتيح للتلاميذ والطلبة متابعة دروسهم، أو عن الاستنجاد بوسائل الإعلام الجماهيري كالقنوات والإذاعات الحكومية.

غير أن شكوكًا كبيرة تراود المتابعين لهذه العملية، وأكبر العراقيل ضعف الأوضاع المعيشية لجزء كبير من السكان وعدم وصول تغطية الإنترنت إلى كل المناطق في البلاد، وعدم قدرة وسائل الإعلام الجماهيري على خلق تفاعل شبيهة بما يجري في الفصول التقليدية، فضلاً عن مشاكل هيكلية تعاني منها الأنظمة التعليمية العربية التي يقبع غالبها في أسفل السلم بمؤشرات التعليم الدولية.

 

هل ينجح الحل المؤقت؟

رغم انتشار استخدام الانترنت في المنطقة، إلّا أن العديد من الدول لم تختبر سابقاً التقنيات التي يتيحها التعليم الإلكتروني، ولا تزال التجارب العربية متواضعة جدا، ولا تتركز الناجحة منها جزئياً إلّا في بعض الدول النفطية الغنية، بل لم تستطع دول عربية كثيرة حتى إدخال التعليم عن بعد في النظام الجامعي، رغم أن جامعات عريقة عبر العالم اعتمدت المحاضرات الرقمية منذ أكثر من عقد.

وجاءت جائحة كورونا لتجبر البلدان العربية على انتقال مفاجئ نحو التعليم عن بعد. وحاولت الوزارات المعنية تسهيل العملية بخلق منصات للتعليم الإلكتروني، لأجل تمكين التلاميذ من الدخول المجاني إلى المنصات التعليمية.

لكن العمل في هذه المنصات يعتريه الكثير من المشاكل، وأهمها أن شرط التفاعلية في التعليم الأساسي غائب تقريباً، كما توجد العديد من المشاكل التقنية في مشاهدة هذه الدروس، خاصة مع ضعف سرعة الإنترنت في بعض المناطق، وأحياناً حتى ثغرات في الأدوات الرقمية المستخدمة كما جرى مع تطبيق زووم الذي تعرّض لانتقادات كبيرة لمزاعم تخصّ عدم احترام الخصوصية.

ورغم أن دولاً عديدة استنجدت بالقنوات الحكومية التعليمية لتعميم الدروس، إلا أنه لا توجد أرقام حول حقيقة الإقبال على هذه القنوات التي لم تكن تحقق أرقام متابعة كبيرة في الأيام العادية، ولا يزال التعامل مع التلفزيون يتم على أساس أنه جهاز ترفيه.

وتسود مخاوف من أن يساهم التعليم عن بعد في تقوية التفاوت الطبقي بين السكان، فأبناء الطبقة الغنية يتوفرون على التجهيزات المطلوبة، وباستطاعتهم حتى الاستفادة من دروس خصوصية داخل منازلهم في أوقات الحجر الصحي (رغم محاولة عدة بلدان منع هذه الدروس خلال هذه الفترة)، وهو ما يُحرم منه أبناء الطبقة الفقيرة الذين لا يجدون سوى المدارس العمومية لأجل التعلّم، كما توجد إشكالية أخرى تتعلّق بالأطفال الذين يعانون مشاكل في النظر أو السمع، إذ لم يتم بعد توفير حل تقني يتيح لهم كذلك الاستفادة من التعليم عن بعد.

وإن كانت مشكلة التجهيزات وولوج الانترنت مطروحاً في المدن، فهو يزداد حدة في الأرياف، خاصة أنها لا تتوفر على شبكة اتصال قوية بالإنترنت.

ومن التحديات الطارئة، عدم إعداد المدرّسين للتعليم عن بعد، إذ ينحصر جلّ التدريب على التعامل داخل الفصل الدراسي التقليدي، وجلّ المبادرات الرقمية التي كانت تتم بين المدرسين والتلاميذ كانت تطوّعية. وهناك تحدٍ آخر يخصّ الثقافة الرقمية للتلاميذ، فغالباً ما تركز المناهج التقليدية على برامج بسيطة مثل «أوفس Office»، مقارنة مع مناهج دول متقدمة تتيح للتلاميذ دروساً جد متقدمة في المجال الرقمي.

وجاءت تحديات التعليم عن بعد لتنضاف إلى تحديات أخرى تعيشها النظم التعليمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فتقرير للبنك الدولي يؤكد أن نظم التعليم في هذه الدول (جامدة بشكل كبير)، وتعاني عدة مشاكل منها التركيز على الشهادات أكثر من المهارات، والحرص الزائد على الانضباط بما يؤدي إلى (التحفيظ والتعلم السلبي).

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم