يؤكد ابن تيمية على أن القرآن الكريم والسنة المطهرة مصدران أساسيان لكل تشريع تربوي يتضمن مبادئ التربوية الإسلامية.
وفيما يلي بعض المبادئ التربوية عند ابن تيمية:-
١- كل مولود يولد على الفطرة: مبدأ الفطرة، فالمعنى الأول للفطرة هو الإسلام «يعني الاستعداد الغريزي للإسلام» والمعنى الثاني «السلامة»، والمولود يولد على الفطرة سليما من الانحراف والنقص والاعتقاد والعضوي والعقلي والنفسي وغيره.
لذلك كانت التربية الإسلامية لجميع الأجيال حتما واجبا على كل مربين لإحياء فطرة هذه الأجيال وانعاشها وتحقيقها بالفعل.
٢- مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين: الفروق الفردية هي التمايز بين المتعلمين وتفاوتهم فيما بينهم بالتحصيل وبالقدرات والمهارات والاستعداد العقلي والذكاء وصفاء الفطرة وسلامتها، وغير ذلك مما يتفاوت فيه الناس في مجال التعلم والتكليف الشرعي.
وقد أقر ابن تيمية هذه المبدأ التربوي الإسلامي وكان من أوائل من أبرز أهمية هذا المبدأ في عصرنا.
٣- وجوب طلب العلم والحق حتى يبلغ درجة اليقين وذلك تحقيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» ويعتمد ابن تيمية على الطبيعة الإنسانية، فمن طبيعة الإنسان أن يعرف من نفسه ما إذا كان قد وصل إلى العلم اليقيني أم لا.
٤- تصديق العلم بالعمل: لا يتم الإيمان إلا إذا صدقه العمل؛ فالإيمان بالله إذا سلم المؤمن وجهه وعمله وسلوكه لله، واتبع أوامر الله، والعلم النافع هو أساس الحياة الرشيدة الصالحة والعمل بهذا العلم هو الذي يقيم هذه الحياة ويمنحها البقاء والاستمرار وبدون ذلك تطبع حياة الإنسان بالضلال الذي هو العمل بغير علم وبالغي الذي هو اتباع الهوى.
٥- إلزامية نشر التعليم واستمرارية التعلم: يجب على أهل العلم أن يبلغوه وينشروه ولا يضيعوا شيئا منه لأن ذلك من أعظم الظلم للناس، ولهذا يقول الله عزوجل: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة ١٥٩)، وانطلاقا من هذا المبدأ ندد ابن تيمية بأصحاب التخصصات الذين يحول الحسد بينهم وبين التعاون لنشر العلم وتبادل المعرفة، وأولئك الذين يحسدون من يتفوق بينهم في ميدان العلم والتطبيق، وندد بالذين يكتمون العلم ويبخلون به.
٦- تكامل التربية النظرة والعملية: لا يجوز أن يقتصر التعليم على تقديم المعلومات والأفكار دون توفير فرص التطبيق والممارسة أو العكس، ومن هذا المبدأ كان التشديد على التمسك بالقرآن والسنة كما يرى ابن تيمية، لأن القرآن يتضمن المعلومات الصحيحة والسنة هي التطبيق الصائب لهذه المعلومات، وذلك كانت الممارسة القوية للإسلام تقوم على أمرين، الإخلاص والصواب.
٧- تكامل العلوم الشرعية والعقلية: قسم ابن تيمية العلوم إلى نوعين؛ علوم عقلية كالحساب والطب والصناعة والتجارب، وفيها يستلزم استعمال الحواس العقل وعلوم الدينية ومنها ما يفيد منه الأدلة العقلية، ومنها ما يستلزم التصديق لعدالة الأنبياء وصدقهم ومعجزات ما جاءوا به، والفرعان من العلوم نتاج الشرع والعقل ولا تعارض بين الشرع والعقل لأن كليهما يكشفان عن آيات الله في الوحي والخلق.
ولقد اعتبر ابن تيمية ما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة هو المقصد الموجه الصحيح لأي نشاط تربوي بعد ما كثرت الفتن التي ضربت جميع المؤسسات التربوية ومناهجها في ذلك العصر، وذكر أن النموذج الأمثل لأي نظام تربوي منشود لابد أن يكون متضمنا في مصدري التشريع الإسلامي القرآن الكريم والسنة النبوية لأن الأول يتضمن ما يتعلق بالعبادة والثاني يتضمن التطبيقات.
والآراء التربوية لابن تيمية كثيرة على الرغم من عدم العثور على مؤلف له متخصص في التربية، وربما يعزى ذلك إلى أن كثيرا من كتبه لم تطبع حتى الآن، أو أن بعضا من كتبه ورسائله تم حرقه من قبل أعدائه، أو أن ابن تيمية نفسه لم يفرق بين العلوم، لذا توجد آراؤه التربوية فيما كتبه في كافة جوانب المعرفة.
.