Business

التربية بين منازل العدل ومنازل الظلم

تخيم فترات من الظلام على حياة الأفراد والأمم يعم فيها الظلم ويعلو فيه الباطل حتى يظن البعض أنه الحق – وما أيامنا التي نعيشها الآن ما هي إلا جزء من هذا الظلم والظلام - فالظلم يولد في نفوس أبناء الأمة الغل والحقد والحسد بين بعضهم البعض، مما يؤدى إلى فقد التراحم والتعاون والتآزر كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا، وتظهر الفردية وروح الأنانية فيصبح كل فرد حريص على مصلحته الشخصية قبل مصلحة المجموع.

ولذا كانت التربية هي صمام الأمان في حماية المجتمع من توغل الظلم وردعه وتحقيق العدل، أو على الأقل حماية كثير من الأفراد من الاستجابة لرغبات الظالم في معاونته على الظلم.

لقد أنزل الكتاب ليشكل منهج الوسطية وصراطها المستقيم، ووضع الميزان ليكون معياراً للوسطية، ليقوم الناس بالعدل والقسط في حياتهم والحيلولة دون الشطط والهوى، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}(الحديد:25).

يقول عمر عبيد حسنه: أن إشكالية الظلم وما يتولد عنها من الاستبداد والاستعباد والتأله والاغتصاب والإكراه والتسلط والهيمنة وبطر الحق وغمط الناس.... إلخ، كانت ولا تزال الأصل والمحور الأساسي للشر، بكل أشكاله، وشقوة الإنسان وإهدار كرامته وإلغاء إنسانيته، لذلك جعل الإسلام المسؤولية عن وقوع المظالم مسؤولية تضامنية شاملة لكل أفراد الأمة؛ لأن آثار الظلم وشروره مركَّبة وممتدة، فهي منبع للفتن ومولد لها، وإصاباته سوف تلحق الجميع بحيث لا ينجو أحد منها.

ولذا فإن قيمة العدل تتصدر كل القيم والثوابت التي يدعو إليها الدين والتي يحث الناس على غرسها في النفوس ورعايتها لتنبت الرحمة والتكافل والتضامن بين الجميع.

والعدل، في شرعة الإسلام، فريضة واجبة، وليس مجرد حق من الحقوق التي باستطاعة صاحبها التنازل عنها إذا هو أراد، أو التفريط فيها دون وزر وتأثيم، إنه فريضة واجبة، فرضها الله سبحانه وتعالى على الكافة دون استثناء. والظلم وأتباعه من الظالمين نماذج تكرر في كل أمة وفي كل زمن، تكاد تكون أساليبهم وأفعالهم مثل بعضها البعض، وهو ما يجعلنا نؤكد على عنصر التربية القويمة ليحل العدل، والتحلي بسلاح العلم والإيمان لمجابهة كيد الظالمين الذين إذا لم يجدوا لهم أعوانا ضعفوا واختفوا لكن للأسف ما يحدث من مظالم هو لأن البغاة والطغاة وجدوا من يؤيدوا أفعالهم وظلمهم سواء خوفا على أنفسهم أو رغبة في تحقيق مصلحة لهم أو اقتناعا بما يفعله الظالم أو لعصبية بينهم أو كرها في الحق، وهي أمور تدل على الخلل الكبير في أسس التربية والفطرة الإنسانية.

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم