المربي هو حلقة الوصل بين الدعوة وبين إخوانه المتربين، ومن واجباته الأساسية أن يكون قادرًا على جمع قلوب المتربين حول الدعوة، وحتى يستطيع القيام بهذا الدور يجب أن تتحقق فيه بعض الصفات وأولها أن يكون قدوة صالحة لإخوانه، بمعنى أن يكون كل همه العمل والتنفيذ والممارسة والتطبيق لكل ما عرفه ورُبىّ عليه من نظريات ومعلومات نظرية... يمارس ذلك في كل مجالات الحياة.
1- المربي القدوة
جوانب من صفات القدوة المربي:
وللمربي القدوة صفات يجب أن يتحلى بها وتشمل كل الجوانب التي يربي طلابه عليها، ومنها:
1- أن مهمته الأولى جمع القلوب على الله، وأن يصل بها إلى مرضاته سبحانه ويكون القلب الكبير الذي يسع آمالهم وآلامهم، والعقل الناضج الذي يحسن توجيه النصح وتقبله، والنـزول على حكم الله دون أن تأخذه العزة بالإثم أو الغرور بالمكانة.
2- المحاسبة والمجاهدة لنفسه دائما، وأن يضع نصب عينيه: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 14].
3- حسن المعاملة: روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله أنه قال: «يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه».
- ويذكر ج.كورتوا في كتابه (لمحات في فن الإدارة) أنه عندما احتل العمال المعامل في فرنسا – لاحظ الجميع أن المعامل التي لم تضرب هي التي كان رؤساؤها يتصلون شخصيا مع العمال، ويهتمون بهم كأفراد ويهتمون بعائلاتهم ومنازلهم ويقدمون لهم المساعدة كما لاحظوا الحقد العميق الذي أظهره عمال المعامل المضربة تجاه رؤساء عاملوهم كآلات إنتاج.
4- مشاركته لطلابه فيما يعيشون فيه، لأن هذا هو الجو النقي الذي يفزع إليه الجميع من معاناة الحياة ومشاقها حيث يتلاقى الجميع في ظل الحب في الله والأخوة الصادقة والتعاون على البر والتقوى والمقاومة لنـزعات الشر في أنفسهم... ومن هذا كان موقف الإمام حين أرسل إلى إبراهيم عبد الهادي رئيس وزراء مصر يقول: (إذا كنتم قد حللتم الجماعة واعتقلتم من كان منهم في فلسطين، ومن منهم هنا، ورميتم بهم في المنفى في جبل الطور، فلتعتقلوني معهم لأني أنا الذي ربيتهم).
5- يجب عليه أن يتجنب فرض التكاليف التي ترهق طلابه، ويلغي التحكم الذي لا مبرر له يقول الله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [ آل عمران: 159].
6- وهو مسئول بين يدي الله عن وقته ووقت طلابه، وليذكر دائما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن عمله فيما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه».
7- نظم الإسلام وهو مسئول عن هذه الأمانة، يطبقها على نفسه ثم يوصلها ويعلمها ويربي عليها طلابه في وضوح كامل؛ لأنه بغير هذا الالتزام لا يمكن أن يسير العمل أو تستقر الأوضاع، وعليه أن يبغي الحق كاملا دون تحريف أو تزيد وأن يتلقى منهم الآراء والمقترحات والنصائح وينـزل عليها ما دامت حقا.
8- الأمانة العلمية، ولا يلزم أن يكون المربي فقيها في كل جوانب الدين أو عالما بكل مسائله فقد تكون الفوارق بسيطة بينه وبين طلابه ولكنه بحكم وضعه عرضة لأن يسألوه فيما يجهلونه من أمر دينهم. وأبسط قواعد الأمانة أن يقول لا أعلم إذا كان لا يعلم الجواب، أو يطلب منهم الانتظار حتى يعود إلى أهل الذكر، والأفضل أن يعتاد العودة إلى مصادر الإسلام: الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح.
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
.