إن من سنة الله الجارية في خلقه أنه فاضل بين عباده وبين مخلوقاته، وهذا التفاضل لا يكون إلا لحكمة ربانية، وإن من الأزمنة المفضلة عند الله شهر رمضان، فهو شهر الصبر والتقوى والجهاد والكرم، وكان الصحابة يتخذونه متجرًا للحسنات وفرصة لرفع الدرجات، ويقبلون فيه على قراءة القرآن والصدقة، والناس في هذا الشهر يتباينون فمنهم من يستغل أوقاته في التزود من الطاعات والقربات، ومنهم من يتردى في الشهوات والمحرمات.
وفي هذه الدراسة، يرى الباحث جمال عبد الرحمن، أنه يجب علينا أن ندرك أن الحكمة من فرض الصوم هي السمو بالنفس وتطهير القلب وتزكيته، فيجب على المسلم الاستفادة من هذا الموسم في تغيير مسار حياته باتخاذ الوسائل المؤدية إلى ذلك كمحاسبة النفس والصبر، والسعي إلى إصلاح الذات، وتغيير مظاهر الفساد المتفشية في المجتمع المسلم في جميع مناحي الحياة.
السلف ورمضان
وليس هناك من وسيلة أو طريقة أفضل من طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه والسلف الصالح، فنُعمر النهار بالصيام – صيام الجوارح وصيام القلب – وبقراءة القرآن ومدارسته، ونعمِّر الليل بالقيام، ونترك لهذه النفوس أوقاتًا للراحة، وكل بحسبه.
الامتثال لله وتحقيق عبودتيه
من معاني الصيام: الاستسلام لله تعالى، وذلك بأن تشعر بأنك عبد فعلا، والعبودية لله هي كمال الحرية.
ففيه يتربى العبد على أن القضية ليست مجرد أذواق وشهوات وأمزجة يتعاطاها؛ بل هي طاعة لله عزوجل، فإن أمرنا بالأكل أكلنا وإن أمرنا بالإمساك أمسكنا.
يا باغي الخير أقبل
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين، ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة».
من أعمال الصالحين في رمضان وغيره
لا أجد عملا أرشد الناس إليه خيرًا مما أرشدهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: عن أبي شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على المسلم، أو أن تفرج عنه غما، أو تقضي عنه دينا، أو تطعمه من جوع».
وعن عمر رضي الله عنه، أن رجلا، جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله، وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعا، ولئن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليّ من أن اعتكف في هذا المسجد شهرا في مسجد المدينة، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام».
.