ما زال المسلمون يتنسمون عبير أيام وليالي شهر رمضان الكريم، وها هي العشر الأواخر قد أقبلت، وقد انقسم الناس بين مدرك أنه في رمضان ويعلم بقرب نهاية السباق، وبين لاهٍ لا يعرف نهار رمضان من ليله إلا وقت الإفطار، ولذا حاول د. رمضان فوزي بديني أن يطلق جرس إنذار دعوي لشحذ الهمم في هذه الأيام ولدعوة المقصرين باللحاق بالركب قبل أن يبلغ النهاية فكتب يقول:
«شهر رمضان كله خير وبركة، وإيمان وإحسان، وتزكية ودعوة، فهو شهر يتسابق فيه المتسابقون إلى أبواب الفضل والإحسان، يتلمسون فيه من الله المغفرة والرضوان. وإذا كان هذا الفضل العميم طوال الشهر الكريم؛ فإنه يزداد ويتضاعف في العشر الأواخر منه؛ تلكم العشر التي يختم الله بها هذا الشهر؛ فتتركز فيها أسباب الخير والمغفرة؛ منة من الله وتفضلا على عباده؛ فمن قصر طوال الشهر؛ فأمامه الفرصة للتعويض، والعبرة بالخواتيم.
لكن يأتي رمضان هذا العام في ظروف مختلفة، نمر بها للمرة الأولى في حياتنا، وربما في التاريخ كله؛ حيث ظروف الحظر التي تمر بها كثير من الدول؛ وهو ما يحول دون تمام أداء سنن شهر رمضان وطقوسه بصورة كاملة، ونحن الآن على أبواب العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم، وقد اعتاد الناس فيها على زيادة الطاعة والقرب من الله تعالى –كما أشرنا منذ قليل- خاصة من أعانهم الله تعالى على إحياء سنة الاعتكاف والمواظبة عليها خلال السنوات الماضية.
وإذا كان الأمر كذلك فإن على الداعية مضاعفة جهده في هذه العشر، اقتداء بالداعية الأعظم صلى الله عليه وسلم حيث كان يجتهد في هذه العشر ما لا يجتهد في غيرها.
والداعية عليه جهد مضاعف؛ حيث إن عليه الاجتهاد في العبادة لتحصيل ثواب هذه العشر لنفسه، ثم الاجتهاد في دعوة الناس للخير، وحضهم على الاستفادة القصوى منها، كما أن له مهمات أخرى إذا كان في البلاد التي يحول فيها الحظر دون الصلاة في المساجد أو القيام بالاعتكاف».
.