Business

تأجيل الزكاة ووقف حد السرقة عام الرمادة.. تربويات الحاكم الفقيه

كان عمر (رضي الله عنه) على تماس مع الرعية، ومتفاعلاً معهم يحسُّ تمامًا بمعاناتهم، ويقدر المحنة والبلاء الذي حل بهم زمن الرمادة.

وانطلاقًا من هذا الفهم فإنه لم يلزم من تجب عليه الزكاة في عام الرمادة بدفع ما عليه على أن يدفعها في العام الذي يليه حصتين –بعد أن تتحسن أوضاعهم برفع البلاء عنهم– حصة توزع على المحتاجين وحصة ترسل إلى بيت مال المسلمين.

فقد ذكر ابن سعد: عن حوشب بن بشر الفزاري عن أبيه قال: «رأيتنا عام الرمادة، وحصت السَّنة أموالنا.. فلم يبعث عمر تلك السنة السُّعاة. فلما كان قابل بعثهم فأخذوا عقالين فقسموا عقالاً وقدموا عليه بعقال. فما وُجد في بني فزارة كلها إلا ستين فريضة. فقُسم ثلاثون وقُدِم عليه بثلاثين. وكان عمر يبعث السُّعاة فيأمرهم أن يأتوا الناس حيث كانوا».

وذكر أيضًا: «أن عمر بعث مصدقًا عام الرمادة فقال: أعط من ابقت له السَّنة غنمًا وراعيًا ولا تعط من أبقت له السَّنة غنمين وراعيين».

وبذلك خفف عن الفقراء فقرهم، ثم لم يرهق رعيته ولم يحملهم ما لا طاقة لهم به. ومن جهة أخرى فإن عمر أسقط الحد بالقطع عن السارق عام الرمادة؛ فقال: «لا قطع في عام المجاعة».

فقد حدث في عام الرمادة أن سرق غلمان لحاطب بن أبي بلتعة ناقة لرجل من مزينة فرفع أمرهم إلى الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) واعترفوا بجرمهم فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم –ولكنه– دعاهم والتمس لهم عذرًا وهو أن مولاهم كان يجيعهم، فأوقف القطع وأمر للمزني بثمن ناقته مضاعفًا. وذلك لأن الضرورة قامت عذرًا عنده لدرء حد القطع.

وقد اتخذ ذلك سياسة له يسير عليها في حالة تكرار مثل هذه المواقف في عام مجاعةٍ. وتدل هذه الاجتهادات العمريّة في هذا الجانب على مرونة الشريعة الإسلامية وعدم جمود قواعد الفقه الإسلامي، حتى تسع الناس في كل عصر ومكان.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم