لقد كان للإخوان دور ملموس في شتى مجالات الأدب شعرًا ونثرًا، يثرون به الحياة الأدبية، ويخدمون به الفكرة الإسلامية، ويوجهون به المجتمع نحو الإصلاح في اتجاهاته المختلفة.
فقد قدم الإخوان كثيرًا من القصائد الشعرية التي نظمها كبار وشعراء وأدباء الإخوان، حيث برز من شعرائهم وزجاليهم أكثر واحد أمثال الشيخ أحمد حسن الباقوري، وعبد الحكيم عابدين، وعبد الرحمن الساعاتي، والشيخ طنطاوي جوهري وغيرهم.
حيث كانت لهم في كل مناسبة أكثر من قصيدة كانت تلقى في المناسبات قبل أن تجمع في ديوان، ومن هذه المناسبات التي اهتموا بها مناسبة الإسراء والمعراج، حيث تبارى الشعراء في التعبير عنها بما جادت بهم قريحتهم من شعر، والذي حرصت صحف الإخوان على نشره.
ألقى الأستاذ عبد الحكيم عابدين قصيدة بعنوان (ذكرى الإسراء) في حفل الإسراء في شعبة شبين القناطر، وهي من ستة وأربعين بيتًا يقول في مطلعها:
رانت على صفحة الدنيا مخازيها من طول ما هجر الإسلام أهلوها
عاد ابتسام الضحى فيها عبوس دجى فاسود بياضها واغبر زاهيها
وظللتها من الآثام تركبها غشاوة طمست أبصار غاويها
ويقول ممجدًا ذكرى الإسراء:
أشرقت هذه الذكرى ببهجتها يقودها الحب القديس يزجيها
تحوطها سجدات الروح حاملة للكون أسعد آمال يرجيها
ويقول واصفًا بعض ما حدث في الرحلة من أحداث ومعجزات:
وخلوة بين مخلوق وخالقه مهما أجد وصفها حاشا أجليها
ثم الصلاة على الإسلام قد فرضت بالعدل والرأفة العليا تحاديها
ثم يرد على منكري الإسراء والمعراج فيقول:
قل للألي جحدوا الإسراء ويحكم أتفترون على الخلاق تمويها
صدقتمو قدرة المخلوق حين أتى بالطائرات تسامى في أعاليها
وبالخوانق والتدمير ترسم لي يوم المآب يبث الهول تشبيها
وذاك مذياعكم يسبي العقول وقد أصار قاصي هذه الأرض دانيها
هذي عجائبكم ما بال خالقكم ترى لقدرته ند يحاكيها؟
عودوا إلى الله واستجدوا مغفرة ينقذ عقولاً تعامت من دياجيها(1).
ولم يترك الشيخ أحمد حسن الباقوري الساحة لغيرة دون أن يصدح بأبيات شعرية مذكرا بفضل هذا الحديث الجليل فيقول:
صوت يكاد ينسينا مآسينا كأنه صوت داو يغنينا
أرهف خليلي سمعًا طالما نعيت فيه الهموم وظل الصوت يصبينا
ويقول واصفًا رحلة الإسراء:
سرى النبي فسارت خلف موكبه سكرى من الغبطة العظمى أمانينا
تمشي الملائك فيه جد خاشعة لا ضير أن يعلنوا الإجلال ماشينا
أليس مشيهم في ظل موكبه أجلت ما قدمت أيدي المطيعينا
ويقول عن صلاة الأنبياء في بيت المقدس:
هذا محمد بيت القدس فالق به أئمة الخلق والغر الميامينا
الله أكبر قد قامت صلاتهم تقدم الرسل يا خير المصلينا
ويقول عن ملاقاة ربه:
رأى النبي جلال الحق يسمعه مرحى بك اليوم يا خير النبيينا
يكاد يذهل لولا الله برَّ به فخرًا لطائعنا ذخرًا لعاصينا
قد ثبت الله قلبًا كاد يخلعه هذا الجلال ويرديه فيردينا
وفي آخرها يذكر تصديق أبي بكر في مقابل تكذيب قريش فيقول:
حسب النبي أبو بكر يقول له لا تخش باطلها إنا لمحقونا
قل ما تشاء بلا ريب ولا ضجر حدث فديتك إن جد صاغينا
تالله لو قلت جُبت الكون قاطبة في لمحة الطرف ما كنا ممارينا
وكتب محمد السنوسي قصيدة بعنوان (على هامش الإسراء) يقول في مطلعها:
يا جنود الله في ساح الفداء أنقذوا الإسلام من هذا البلاء
ثم يقول في آخرها:
ليلة الإسراء أذكت شجني ذكرتني ببنيها البسلاء
ذكرتني بفلسطين التي ضربت أعز مثال الفداء
بفلسطين قلوب حرة ونفوس أنفت إلا العلاء
ونفوس تشتهي الموت إذا لم تر الدنيا لها أو في الإماء(3).
وكتب الأديب الشيخ محمد المنصور قصيدة يقول في مطلعها:
إن كانت الذكرى تعيد رجالها ويقصدها التاريخ بالأنباء
فإعادة الذكرى بأفضل سيرة دينا ودنيا ليلة الإسراء
ويقول:
لكن محمد ظل نبراس الهدى متجسمًا في الأرض والعلياء
سبحان من أسرى به ليلا دجى من مسجدين إلى علا وسماء(4)
المراجع
- جريدة الإخوان المسلمين: العدد (31)، 15من شعبان 1354هـ الموافق 12من نوفمبر 1935م.
- جريدة الإخوان المسلمين: العدد (19)، 5 من شعبان 1352هـ الموافق 23نوفمبر 1933م.
- جريدة الإخوان المسلمين: العدد (31) 25من شعبان 1355هـ الموافق 10من نوفمبر 1936م.
- جريدة الإخوان المسلمين: العدد (31) 15من شعبان 1354هـ الموافق 12من نوفمبر 1935م.
.