الثقافة ضرورية للطفل كالطعام والماء والهواء، بل إن تقدم المجتمع مرهون بثقافة أطفاله، وبقدرتهم على اكتساب المعارف الجديدة والقيم الأخلاقية والاجتماعية والتربوية الأصلية، أما الشعوب التي تهمل أطفالها وتتركهم يعيشون غرباء عن أمتهم، فإنهم يشبون دون أن يشعروا بأي رباط بأمتهم، فهذه الشعوب تحفر قبرها بيدها.
وفي ضوء هذا الفهم، ترصد الباحثة ليلى محمد محمد، أن الطفولة هي أساس الأمة وعليها يقوم بنيانها، ، ولهذا السبب اهتمت الأمم بالأطفال وعنيت بالطفولة وجعلتها همها الدائم وشغلها الشاغل، كي تبني شخصية الطفل ثقافيا، لأنها أصعب ملايين المرات من بناء السدود العالية والمركبات الفضائية، والأهم من ذلك أن شخصية الطفل لن تكون متزنة وتامة، إلا إذا أولينا فكره وعقله من العناية مقدار ما نولي جسمه.
مرحلة ما قبل القراءة
إن مرحلة ما قبل القراءة، هي مرحلة مهمة في حياة الطفل ، وهي الأساس في بناء القارئ وإعداده، ولابد أن يبدأ ذلك في مرحلة ما قبل القراءة هذه، أي منذ بداية نمو الطفل.
إذ أن مرحلة الإعداد للقراءة هي المرحلة التمهيدية التي تصلح للطفل قبل بلوغه السادسة من عمره، فإذا أعددنا الكتاب المناسب لنمو الطفل وحاجاته وخبراته، فإننا نساهم مساهمة كبيرة في إعداد القارئ.
ألا يصح القول بأن كثيرا من بلدان العالم الثالث لا تعرف شيئا عن الطفل! من هو؟ ماذا يريد؟ وماذا يجب أن يعملوا من أجله؟
فمعظم القصص الصادرة غير مدروسة، لأن الهدف من عرضها وبيعها هو الربح فقط، ناهيك أن كتب الأطفال المترجمة تحتل حيزا مهما، وتنافس الإنتاج المحلي في البلاد النامية، وهذه المواد المترجمة مثل قصص «غريم باندرسون» و«استيفنس»، وقصص أقل شهرة، وغالبا ما تحتوي على قصص علمية، وقد تكون مجلات مصورة، وقد تتفاوت مستوياتها جودة ورداءة.
صفات الترجمة المفيدة؟
يمكننا تلخيصها في الآتي:
- أن تنحصر في المؤلفات المختارة والجديرة بالترجمة والتي تتماشي مع التربية.
- أن تمتاز بالإتقان، وهذا نادر في الكتب التي تترجم للأطفال، لذلك فمن الأفضل قراءة هذه الكتب بلغاتها الأصلية أو بلغات أجنبية أتقنت ترجمتها عن لغاتها الأصلية، وهذا ما يقودنا إلى المطالبة بإحداث ما يمكن تسميته «مركز الدراسات للأطفال» في البلدان النامية بغية توفير كتاب للطفل ، ولكي يتسنى لها ذلك يجب التعرف على الطفل أولا ومن خلال دراسات أساسية تتناول:
- معرفة مستوى الطفل، للأخذ بيده، وتقديم المادة التي تشبع حاجة القارئ الموهوب إلى التفكير التأملي، وتوجيه الطفل العادي إلى مجالات أخرى في القراءة، لإخصاب معرفته وتوسيع آفاقه.
- معرفة عيوب القراءة، لتلمس مواطن القوة والضعف في المهارات اللغوية لدى الطفل.
- الاهتداء إلى ميول الأطفال القرائية بغية توجيهها وتنميتها.
- معرفة الكتب والقصص التي يقرأها الأطفال أكثر من غيرها في مراحل العمر المختلفة.
الاهتداء إلى الكتب التي يقبل الأطفال على قراءتها؟
- يكون ذلك من خلال الأسئلة التي يلقيها الأطفال لزيادة خبرتهم (الاستقصاء)، كذلك التواد والتعاطف، وهما من أقوى الأنماط السلوكية التي تتجلي في تماسك الأسرة والأصدقاء والجماعات، وللإقبال عليها يجب توجيهها التوجيه الصحيح، فضلا عن أن القصص المفضلة للأطفال هي ذات الصفة الخيالية التي تروى عن الحيوانات والطيور، والمحتوية على الألفاظ والجمل البسيطة السهلة التناول، بالقصص ذات الغلاف الجذاب والصورة التي تناسب صورها موضوعاتها.
والإرشاد وظيفة تسبق المطالعة وتمهد لها، بل هو خطوة ضرورية تفرض على القائمين بها أن يعرفوا خصائص الأدب الجيد، الموضوع للأطفال، مثلا: كيف تختلف قصة للصغار عن قصة للبالغين في أسلوبها وفي مضمونها؟ ألا يتطلب الأمر مطالعة القصص المختلفة، الجيدة والرديئة، في سبيل المقارنة والحكم ومراجعة لوائح الكتب المصحوبة بشروح وتعليقات تساعد على الاختيار والاستعانة بمصادر أجنبية تنير لنا الطريق؟ وإلا فسنظل نواجه تلك المعضلة (الحلقة المفرغة) من يضطلع بوظيفة الإرشاد إلى الجيد من الكتب؟ ولأنه في حالة توافر كتب المطالعة، قد لا تتوفر وسائل الإرشاد، والأمر نفسه يصدق على أنشطة أخرى غير المطالعة.
دور الثقافة والعلم في بناء القيم
يجب أن نعامل الطفل على أنه كائن مفكر، ويحتاج إلى المعرفة، للوقوف في وجه العقبات التي تقف في طريقه، وبغية تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم، وبيان فوائد الثقافة والعلم ودورهما في تكوين القيم، ومن العوامل التي تساهم في ذلك؟
- إعطاء الطفل الفرصة الكافية، وتوفير جميع المستلزمات التي تساعد على بناء قيم معقولة، يستطيع أن يفخر بها ويدافع عنها ويضحي في سبيلها، بعد أن توفر له المحبة والاحترام والشعور بالثقة والطمأنينة.
- فتح حوارات وندوات مع الآباء والمربين، بغية مناقشة الموضوعات التي تهم الأطفال، وتساعدهم على المنافسة والانطلاق وتبعدهم عن العقد النفسية.
- تعليم الطفل الجمل الإيجابية التي تؤثر في مشاعره بغية معرفة العلاقة بين المشاعر والأهداف.
- تدريب الأطفال على كيفية الإفصاح، والقيام برحلات وعرض المشكلات والاشتراك في وضع الحلول المناسبة لها، وتنفيذ الألعاب الهادفة التي تساعد على تنمية المدارك.
- اللجوء إلى استخدام أساليب تربوية مؤثرة وجذابة من ثناء ومكافأة.
.