5- أسلوب المشكلة:
أسلوب المشكلة هو أحد الأساليب التربوية التي اشتهرت حديثًا، وإن كانت موجودة في تراثنا الإسلامي؛ فالتربية بالمشكلة أحد أساليب التربية الإسلامية التي استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه.
ومن التربويين الذين نادوا بضرورة الأخذ بهذا الأسلوب "جون ديوي"؛ الذي استند في دعوته هذه على مبدأ مؤداه: أن التعليم من أنشطة الحياة؛ لذا يجب أن يسير على نمطها؛ فالإنسان في الحياة تواجهه مشكلات تحتاج إلى الحلول؛ ومن ثم لابد أن يدرب على حل المشكلات.
ويسير المعلم عند تطبيق أسلوب المشكلة في الخطوات التالية:
1- ينتهز المعلم فرصة حدوث مشكلة فيستثمرها، أو يمرر تلاميذه بالمشكلة قصدًا.
2- يطلب من تلاميذه تحديد المشكلة وإدراك أبعادها.
3- يطلب من تلاميذه فرض الفروض؛ التي تمثل حلولًا مقترحة للمشكلة.
4- يوجههم إلى مناقشة الفروض؛ لاختبار صحتها، واختيار الفرض الذي يمثل حلًا مناسبًا للمشكلة.
5- تجريب الحل الذي تم التوصل إليه؛ للتأكد من صلاحيته لحل المشكلة، ثم إقراره وتعميمه.
تأصيل الأسلوب:
روى الإمام البخاري عن سعد بن أبي وقاص قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بين، فقلت: يا رسول الله، إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: لا. قلت: فالثلث يا رسول الله؟ قال: «الثلث، والثلث كثير أو كبير. إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم فقراء يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك».
وبتحليل هذا الموقف تحليلًا تربويًا، يتضح ما يلي:
أ- أن المشكلة التي واجهت المتعلم (سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه) هي كثرة المال وقلة العيال؛ لأنه يوقن يقينًا حقيقيًا أنه سيسأل عن هذا المال: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه.
ب- لما حار سيدنا سعد رضي الله عنه في المشكلة عرضها على المربي (المعلم)؛ وهو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلم يبادر النبي صلى الله عليه وسلم بالحل، بل أتاح للمتعلم فرصة فرض الفروض (الحلول المقترحة)، وفي كل مرة يكتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: « لا»، ولا يزيد، وكان في إمكانه أن يبين لسيدنا سعد رضي الله عنه الإجابة الصحيحة عقب السؤال الأول، لكنه صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الصحابي الجليل من واقع شعوره بمسئولية المربي؛ لذا أراد للمتعلم أن يفكر في الحلول بنفسه، ويختبر صحتها بذاته، واكتفى صلى الله عليه وسلم بدور توجيهي فقط؛ وهو ما دعت إليه أخيرًا الاتجاهات التربوية الحديثة.
جـ- وُفق سيدنا سعد رضي الله عنه أخيرًا في التوصل إلى حل المشكلة، وهنالك قبله الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقره، وعلل له.
.