Business

التربية بالأحداث وتطبيقاتها التربوية

تميزّت التربية الإسلامية بأساليب تنسجم مع خصائص النفس البشري​​​​​​​ة، وتتنوع لتستوعب جميع طباعها؛ ومن هذه الأساليب الفعالة وأهمها أسلوب التربية بالأحداث؛ ذلك أن الحياة مواقف وأحداث متتالية، والإنسان في تفاعل مستمر معها، وفي كل حدث يكمن درس وعبرة، وقد يترك بعض الأحداث أثرًا في النفس، وقد يمر كثير منها دون أن يستفيد منها الإنسان.

إن أسلوب التربية بالأحداث أسلوب أصيل، وهو في الوقت ذاته أسلوب ينادي به علماء التربية الحديثة والمعاصرة؛ مما يدل على أن أساليب التربية الإسلامية قد سبقت وهي أصل؛ فجاءت تربية الإسلام عظيمة شامخة ممتدة باقية، غير محددة بزمان أو مكان.

ويهدف هذا البحث الذى أعدّته الباحثة د. حنان بنت عطية الطوري الجهني، إلى التعرف على كيفية تطبيق أسلوب التربية بالأحداث في السياق التربوي المعاصر، انطلاقًا من معطيات الفكر الإسلامي.

 

أهمية التربية بالأحداث وخصائصها

من خصائص أسلوب التربية بالأحداث والتي تؤكد أصالته الإسلامية ومعاصرته وأهميته:

  1. من المعروف أنه تمرُ على القلب لحظات يكون فيها أكثر تقبلًا للوعظ عن غيرها؛ فيكون من المناسب التوجيه في بعض الأحداث فتصل الموعظة والنصيحة من أقرب طريق.
  2. أسلوب التربية بالأحداث يتميز بقوة تأثيره، وشدة سيطرته على النفس والفكر.
  3. التربية بالأحداث تربية عملية؛ تقوم في واقع الحياة الملموس، ومعطياته التطبيقية، وليست مجرد محاضرات أو دروس نظرية.
  4. التربية بالأحداث تفتح الحوار بين المربى والمتربي؛ مما يؤدي إلى تنامي الأفكار.
  5. التربية بالأحداث تتيح الفرصة لإثارة الأسئلة، والإجابة عليها؛ وهو ما يسمى بالأسلوب العلمي لحل المشكلات.
  6. التربية بالأحداث تحقق الأهداف السلوكية الثلاثة للتعليم: (المعرفي- الوجداني- النفس الحركي).
  7. التربية بالأحداث تُحول المفاهيم من شعور فردي ساكن إلى حركة.
  8. في التربية بالأحداث دروس في العقيدة والتربية، واستفادة من التجارب السابقة والآنية.
  9. التربية بالأحداث تساعد على كشف جوانب في الشخصية لا تكتشف في الأوضاع العادية.
  10. من خلال التربية بالأحداث يمكن أن يتعلم منهجية التعامل مع عدد من القضايا، وذلك إذا وُظِّفت الأحداث بطريقة صحيحة.

 

التطبيقات التربوية لأسلوب التربية بالأحداث

حتى يكون أسلوب التربية بالأحداث ناجحًا وفعالًا، وحتى يؤتي ثماره، لا بد أن تتوفر فيه بعض الملامح وتكون له بعض التطبيقات؛ من أهمها:

  1. التواصل مع المتربين: فعلى المربي أن يُعودِّ نفسه الحركة؛ فيحتك بالناس، ويزورهم، ويقصد أماكن تجمعاتهم
  2. معرفة مشكلات المجتمع، وملاحظة الحدث: فالمربي الناجح ينبغي له أن يكون مستوعبًا لمشكلات مجتمعه، وما فيه من أحداث ومستجدات.
  3. أن يحذر المربي المناسبات والأحداث غير المشروعة، فليس المقصود بالتواصل مع الناس أن ينخرط معهم، ويجاريهم في المناسبات غير المشروعة.
  4. اهتمام المربي بواقع المسلمين؛ فالعالم الإسلامي– اليوم– يموج بأحداث ساخنة ومضطربة ومتعددة، والعقل المسلم يعاني من بعض تحليلات الإعلام المضلل؛ ولذا فإن الناس ينتظرون سماع الكلمة الصادقة من المربي الصدوق.
  5. المربي لا يستطيع أن يفتعل الأحداث؛ فهي تجري بقدر الله تعالى، ولكن منهج التربية الإسلامية يقتضي منه أن ينتهز الفرص المناسبة ليلقي دروسه التربوية في الأحداث التي يقع والتي يرى أنها صالحة لتوجيه تربوي معين؛ سواء كان الانفعال بالحدث قائمًا في النفس بالفعل، أو كان عليه أن يثيره بتعليقاته عليه.
  6. أن يتيقن المربي من أنه ليس المقصود من منهج التربية بالأحداث مجرَّد متعة ثقافية كونه يقوم على المواقف والمناسبات والأحداث، ولكن الذي ينبغي عليه ألا يقف عند ظاهر الموقف، بل يغوص في باطنه ليخرج بالدروس العملية من هذه المناسبة، وتلك الواقعة.
  7. الأحداث والمواقف التي تمر وتحتاج إلى من يستثمرها في التربية والتوجيه بذكاء كثيرة، وبقدر ما تكون المشاركة النفسية والفكرية والبدنية من قبل المربي أو الموجه للمتلقين، وبقدر تجدده في أسلوب العرض لإيصال الفكرة إلى القلوب والعقول، بقدر ما يكون التصاقهم به على اختلاف مستوياتهم الفكرية والاجتماعية، وتقبلهم لما يقوله، والتزامهم به.
  8. يستحسن إشراك المتربي في التفاعل مع الأحداث؛ بمطالبته بعمل ملخص للحادثة، ومردودها على نفسه؛ إما كتابيًا أو شفهيًا، ومن ثم إعطائه النصائح والإرشادات والتوجيه والتحذير أو العتاب، والمعاني والقيم حول ذلك، مع تزويده بأدوات التعامل الصحيح مع الواقع.
  9. التدريب التربوي ضرورة لكل مربٍ لمعرفة كيفية التطبيق؛ ذلك أن معرفة كيفية تطبيق أساليب التربية الإسلامية أهم من مجرد حصرها، وأسلوب التربية بالأحداث يحتاج في تنفيذه إلى حسن تطبيق، وصدق عزيمة، وتوقُّد همة، حتى يجد آذانًا صاغية، ومكانًا خاليًا في القلب فيتمكن، ويؤتي أكله كل حين بإذن الله.
  10. على المربي أن يحرص على ألا تتاح له فرصة للتوجيه من خلال الأحداث إلا ويستثمرها في تحقيق أهداف التربية، ويا حبذا لو تدرج من البيئة المحلية إلى دائرة أوسع فأوسع، وهكذا بحيث يتحقق النمو المنشود في ربط المسلم بأحداث وطنه الإسلامي، وبالعالم كله، ثم ربط هذه الأحداث بقدرة الله عز وجل في سبيل تحقيق غاية التربية العليا.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم