Business

الهجرة ورمزيتها في حياة الأمة

ونحن نتفيء ظلال ذكري هجرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، طاب للدكتور محمد العناتى أن يصحبنا في دراسة أعدها، للتزود من دروس وعبر الهجرة  المباركة، ما ينير لنا ظلمات حياتنا في هذه الأيام، مما يخفف من ضنك حياة هذه الأيام ويجعلنا بحول الله وقوته من الأتقياء الموحدين له المستعدين للقائه حين يأتينا.

 

أولًا: الهجرة معنى وضرورة

يقصد بالهجرة أن يترك الإنسان بلده الأصلي على بلد غيره، وقد تكون قسرية (جبرية) أو اختيارية، فهذا رسولنا محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم لم يهاجر من مكة المكرمة- أحب أرض الله إلى الله وأحب أرض الله إليه- إلى المدينة المنورة إلا بعد ما اشتد به وبصحابته الكرام أذى قريش ووضعوا خطة لقتله صلي الله عليه وسلم، إلا بعد أذن له ربه وذلك لإقامة الدولة الإسلامية حتى يكون للمسلمين كيانهم المستقل ويحققوا مقصد وجودهم، وأن يسود حكم الله في الأرض وأن يدعى إلى الله ويؤمر بالمعروف وينه عن المنكر.

وعليه فلا يجوز الهجرة الاختيارية إلا للضرورة كأن يكون في بلد يمنع فيها من عبادة الله مصداقًا لقوه الله تبارك وتعالى: (إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء: 97، أو لا يجد عملًا يعيل به نفسه وأهله في بلده الأصلي مع بذل شتى المحاولات في ذلك مع مراعاة عدم هجرته إلى بلد قد تفتنه عن دينه فيخسر عندئذ –لا قدر الله- دنياه وآخرته.

 

ثانيًا: الهجرة رمز للتضحية بالغالي والنفيس لإعلاء دين الله

على كل مسلم مؤمن منا أن يعلم أننا خلقنا للآخرة التي هي دار المقر وأن هذه الدنيا هي دار ممر وبالتالي فالعاقل من يضحي بدنياه من أجل آخرته ونصرة دين الله الذي هو الأغلى والأعز، ويتضح هذا الأمر جليا من الهجرة وعلى النحو التالي:

  1. الهجرة رمز للفداء: فهذا علي بن أبي طالب يضحي بنفسه وينام مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في فراشه ليلة الهجرة وهو يعلم أنه قد يقتل، وكذلك أبو بكر الصديق يفدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه عندما لدغته الأفعى فلم يظهر ألمه حتى لا يوقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  2. الهجرة رمز للتضحية: فهذه أسماء ابنة الصديق ذات النطاقين تخرج لترسل الطعام والشراب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها رضي الله عنه، وكذا عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه يرسل أخبار قريش ليلًا وهذا ما يعرف في الإدارة المعاصرة بالدعم اللوجستي.

 

ثالثًا: اليقين بنصر الله وتأييده

وتتجلى قوة إيمان الداعية بثقته بنصر الله وتأييده في أحلك الظروف فهذا رسولنا الكريم عندما اقترب المشركون من غار ثور يرد على أبي بكر رضي الله عنه القائل: لو نظر أحدهم إلى أسفل قدميه لرآنا، بقوله: (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا)، وتكرر ذلك عند لحاق سراقة بن مالك المدلجي بالرسول وصاحبه فطمئن رسول الله أبا بكر بقوله أيضا: (لا تحزن إن الله معنا).

فعلى كل مسلم منا أن يحرص على معية الله تبارك وتعالى في كافة شؤون حياته ويتأتي ذلك بالتقوى والإحسان مصداقًا لقول ربنا تبارك وتعالى: (إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا والَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) فإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا لم يكن الله معك فمن معك؟!

 

رابعًا: الأخذ بالأسباب ضرورة مع التوكل على الله

وحتى لا يتحول الإنسان إلى متواكل فعليه أن يجد بالأخذ بالأسباب في جميع شؤون حياته مع يقينه وتوكله على رب الأرباب، ويتضح ذلك جليا من أحداث الهجرة النبوية، ومن ذلك اختفاء الرسول صلى الله عليه وسلم وخليفته في الغار ثلاثة أيام للتخفي عن الأعداء إضافة لما قام به كل من علي وأسماء وعبد الله وحتى الراعي يأتي بالغنم يسمح الأثر.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم