تواجه الأمة الإسلامية على مختلف العصور هجمة شرسة تستهدف كل مقومات نهضتها وتقدمها في جميع المجالات، كونت تلك الهجمات مجموعة من التحديات في عدد من المجالات الفكرية والثقافية والعقدية والاجتماعية والإعلامية، كل تلك التحديات كانت تعمل على تغيير واقع المسلم إلى واقع آخر، يخرجه من إطار عقيدته، ويلوح به في أعاصير العولمة وردهاتها.
وفي هذه الدراسة التي أعدها الدكتور فهد بن محمد بن عبد المحسن الحارثي، يرى الباحث، أن التربية الإسلامية حري بها أن تضطلع بدور الدفاع عن اللغة، والمنافحة عنها، من خلال إقامة مجتمع إسلامي نموذجي، مبني على أفراد، قامت تربيتهم على مبادئ الإسلام وقيمه، والعمل على تسخير كافة مؤسساتها التربوية لمواجهة خطر هذه التحديات.
ماذا نقصد بالتحدي اللغوي؟
إذا كان التحدي هو الوقوف أمام محاولات إقامة الحياة المعاصرة على الأسس والتعاليم الإسلامية، ومحاولة تشويه وهدم هذه المحاولات من أساسها عن طريق توجيه الضربات إلى عقيدة الإسلام وقيمه.
وإذا كانت اللغة هي أداة ومحضن تلك الدعائم والأسس الإسلامية، وهي الوسيلة الرئيسية لتأصيل وحفظ الثقافة الإسلامية، ولبناء ثقافة إسلامية معاصر، تجمع بين الثوابت المطلقة والمتغيرات النسبية لصناعة مستقبل مشرق، وصياغة حضارة متجددة؛ فمن الطبيعي أن توجه الضربات إلى هذه الأداة حتى تتعطل كل خطوات ومحاولات التأصيل الإسلامي لحياة معاصرة.
أهداف التحدي اللغوي:
- إزالة الهوية الإسلامية من روح الأجيال وشخصياتهم.
- إشعارهم بعدم قدرتهم على بناء حضارة إسلامية معاصرة.
- إذابة كل المقومات الإسلامية في بوتقة الثقافات والحضارات الغربية.
- تمزيق الوحدة الإسلامية وتشتيت شملهم.
- استعمار عقول المسلمين وأرواحهم التعليمية والتربوية ومنهاجها الغربية.
مسئولية التربية الإسلامية في مواجهة التحدي اللغوي
أولًا: مسؤولية الأسرة في المواجهة
الأسرة هي المحض الأول الذي ينشأ فيه الأبناء، وإن تربية الأولاد مسؤولية الأب والأم، وإذا ما رأى الطفل والديه يحرصان على اللغة العربية في حديثهم واهتمامهم فإن ذلك يسهم بشكل كبير في تنمية قدراته اللغوية فيما بعد.
إن هذا الدور التربوي في إحياء اللغة العربية الفصحى في الأسرة غير موجود، ويكاد يكون حلمًا من الأحلام، فعلينا أن نتعاون من أجل إيجاد هذا المنزل النموذجي في المستقبل القريب أو البعيد، ويكفينا في هذه المناسبة أن نوصي بالعناية باللغة العربية منطوقة ومكتوبة في المنزل».
ثانيًا: مسؤولية المدارس والجامعات في المواجهة
- العناية باللغة العربية من كافة جوانبها، لأنها مفتاح فهم كل العلوم المعرفية القائمة على الوحي والمتمثلة في القرآن والسنة وما يستنبط منها.
- تكوين الحصانة لدى المتعلمين ضد التحديات المعاصرة حتى لا يتأثروا بها، عن طريق تكوين اعتزاز بما ليهم وبتكوين روح المقاومة.
- وضع خطوات عملية للتعامل مع الازدواجية اللغوية، وهي على نوعين، الأولى: هي الكائنة بين اللغة العربية ولغات أجنبية على رأسها الفرنسية والإنجليزية، أما الازدواجية الأخرى: فهي الازدواجية بين الفصحى والعامية.
- العناية باللغة العربية بجميع فروعها، واعتبارها مادة إجبارية في كل أقطار العالم الإسلامي.
- العمل على إعداد معلم اللغة العربية إعدادًا شاملًا، بحيث يكون قادرًا على تعلم وتعليم جميع المهارات اللغوية.
- الاهتمام باللغة العربية بحيث تكون لغة التدريس في البلاد العربية بجميع مراحل التعليم بما فيها التعليم الجامعي، وفي العلوم كافة.
- توجيه المعلمين وحملهم على أن يتكلموا في المدرسة باللغة الفصحى، قدر الإمكان، على اختلاف تخصصاتهم.
- توجيه وحمل الطلاب كذلك على ممارسة الحديث باللغة العربية الفصحى، وتحويل قواعد النحو التي درسوها إلى تطبيقات عملية.
- العمل الجاد لإيجاد مصطلحات أصيلة تستوعب كل المصطلحات العلمية الحديثة والأجهزة الحديثة.
- تأصيل التعليم في جميع الجامعات والتأليف باللغة الأم وجعلها اللغة الأولى في البحث العلمي في جميع التخصصات من خلال عملية التعريب.
- تعليم اللغة من خلال الأنشطة المدرسية المختلفة، مثل الإذاعة المدرسية والمسرح والصحافة والمسابقات الثقافية والأدبية، فهي أرض خصبة للتلقي والتلقين.
- الاعتماد على القرآن الكريم وصحيح الحديث الشريف في التمثيل والشرح، وإعطاء النماذج اللغوية المختلفة للمحاكاة والاحتذاء.
ثالثًا: مسؤولية المسجد في المواجهة
- تربية النفس على الاعتزاز بلغة القرآن الكريم.
- تعويد الأبناء التحدث باللغة الفصحى، وتلقينهم آداب المسجد التي ينبغي عليهم الالتزام بها، من خلال رواد المسجد وجماعته.
- أن يلتزم إمام المسجد وخطيبه فصاحة اللغة في خطبه ومواعظه وكلماته.
- أن يكون المسجد مركزًا اجتماعيًا، تناقش فيه مشكلات الحي من قبل جماعة المسجد، ووضع الحلول المناسبة لها، ومنها مشكلة التحدي اللغوي.
- أن يحرص أعضاء جماعة المسجد على أن يكونوا قدوات صالحة لأبنائهم، في الحرص على سلامة اللغة أثناء التخاطب فيما بينهم.
- أن يخصص خطيب المسجد بعض خطبه للحديث عن اللغة العربية وأثرها في حياة الفرد والمجتمع المسلم، ويبين للناس مظاهر التحدي اللغوي وطرق مواجهتها.
- إلقاء الكلمات الوعظية والتربوية بعد الصلوات في بعض الأيام لترسيخ أهمية اللغة وأن الشعوب حياتها بلغاتها.
- استخدام لوحات المسجد لعرض النشرات والإعلانات التي تحث على الاهتمام باللغة العربية تحدثًا وقراءة وكتابة.
رابعًا: مسؤولية وسائل الإعلام في المواجهة
- الالتزام باللغة العربية تحدثًا وكتابة في جميع ما تقدمه هذه الوسائل، ونبذ العامية واللهجات الإقليمية التي أصبحت الآن واجهة لمعظم الوسائل الإعلامية.
- التصدي لأساليب التحدي اللغوي، والرد على الأفكار المنحرفة، والدعوات المضللة، بقولة الرأي، وسداد القول.
- إعداد القدرات الصالحة، والعمل على إظهارهم للناشئة، وتدريبهم على مهارات الكتابة أو الإلقاء، والتأثير في الآخرين.
- تقديم النماذج المضيئة من العلماء والمفكرين والأدباء، ليتلقى عليهم الناشئة القيم والمبادئ، ويتخذونهم قدوات.
- العناية بالطفل وتخصيص جزء كبير له، والعناية بإعداد ذلك في قالب يتوافق مع قدراته ومداركه، ويتسم بالتشويق والإثارة.
- اقتباس القيم والأخلاق من تراث الأمة، وتقديمها للناشئة في عرض مشوق جذاب مؤثر بلغة عربية سليمة.
.