إن الأخلاق الحسنة هي أعظم ما تعتز به الأمم وتمتاز عن غيرها ، والأخلاق تعكس ثقافة الأمة وحضارتها ، وبقدر ما تعلو أخلاق الأمة تعلو حضارتها وتلفت الأنظار لها ويتحير أعداؤها فيها ، وبقدر ما تنحط أخلاقها وتضيع قيمها تنحط حضارتها وتذهب هيبتها بين الأمم ، وكم سادت أمة ولو كانت كافرة وعلت على غيرها بتمسكها بمحاسن الأخلاق كالعدل وحفظ الحقوق وغيره ، وكم ذلت أمة ولو كانت مسلمة وضاعت وقهرت بتضييعها لتلكم الأخلاق.
فحينما حاد الناس عن شريعة ربهم انكشفت الحجب، وانتهكت المحرمات، وأصبح العري والسفور تحضر، والتبذل في الإعلام رقي، وأصبحت العفة تخلف.
لقد صدق الغرب حينما أعلن [أن كأسًا وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات] وبالفعل انجذب لدعوتهم الكثير ممن كرهوا شرع الله وظنوا أنهم امتلكوا الدنيا وما فيها.
لقد شعر أمثال هؤلاء أن شرع الله مقيد لهم ولحرياتهم أو الاستمتاع بحياتهم فانطلقوا يعيثون في الأرض فساد بنشر رذائلهم ليس وسطهم فحسب بل في وسط المجتمع كله في رغبة لتحويل الجميع مثلهم، وكان يدعمهم من في قلبه مرض لكرهه لشريعة الله سبحانه.
لقد عاشت الأمة الإسلامية مئات السنين تتمتع بالعفة وانتشار الخلق الحميد بين أبنائها ونسائها، وما ضاعت الأمة في لحظات إلا بعدما تعرت نسائها وانتشرت الفاحشة وسطها.
كان أول أهداف الاحتلال هو طمس الهوية الإسلامية ونشر الفاحشة وسط أبنائها، حيث اخترق ستائر حرائرنا وانتهك أعراض نسائنا ولقد ساعده على ذلك بعض دعاة الفجور والسير في ركاب الحضارة الغربية وأخذها حلوها ومرها نافعها وضرها، وخرجت علينا الدعاوي التي تطالب بحرية المرأة وتقليدها لنساء الغرب مما دفعت كثيرا من الفتيات للتخلي عن الفضيلة والارتماء في أحضان كل طالب متعة.
كما أن المحتل الانجليزي حرص كل الحرص على اصطحاب –بل وجلب- كثيرا من نساء الغرب الذين نشروا الفاحشة بين صفوف الفتيات الآمنات مما دفع كثير من فتياتنا إلى تقليدهن في كل شيء حتى أن بعض فتيات الطبقات العليا كن يمارسن البغاء من باب التسلية وعدم شغل فراغهن بالنافع المفيد.
لقد امتلاء المجتمع بمظاهر الفساد فحدث ولا حرج عن المقاهي، والملاهي الليلية والحانات، والخمارات، والسجائر، والمخدرات، والزنا الخفي والعلني والغناء والرقص، وبيوت الدعارة، وغيرها حتى أصبحت الدعوة لهذه المفاسد على صفحات الجرائد ومن خلال وسائل الإعلام المسموعة بصورة مقززة، وامتلأت صفحات الجرائد بالنساء العاريات للإعلان عن الخمر أو السجائر أو بيوت الرقص والفحش، كما حدث مثلا في صحيفة الأهرام من 1 يناير إلى 8 يناير سنة 1928م، وكما كان دأب صحيفة الاثنين الوفدية ومجلة مسامرات الجيب وغيرها الكثير.
ووصل الحال بأن خرجت بعض النساء في الطرقات عاريات سافرات متبرجات متهتكات، فلا الزوج تدفعه الغيرة فيكبح جماح زوجه، ولا الأب تحركه نخوة الرجولة فيهذب ابنته ويراقبها.
ومن المعروف أن للملابس أثر غير منكور في السلوك، ومع أن هيئة الملابس من الشكليات الظاهرة فقد اكتشف علماء النفس والاجتماع أن لها مدخلاً ودلالة مهمة للطريقة التي يختارها الإنسان لنفسه.
نشأة الإخوان
لقد عمد المحتل إلى إخماد صوت العلماء، وعمل على تفريغ الأزهر الشريف من رسالته، فأرهب علماءه، وأخاف طلابه، واستمال بعضهم لصفوفه للدفاع عن قضاياه، وظل الحال حتى استيقظ الجميع على طامة كبرى بسقوط الخلافة الإسلامية عام 1924م، وأصبح المسلمون ضعاف على موائد اللئام.
في هذا الجو نشأت جماعة الإخوان المسلمين عام 1928م حيث سعت لنشر الفضيلة والعودة بالدين الحنيف إلى مضمونه الأصيل، فجاء في لوائحها تقوية رابطة التعارف بينهم وتكوين وسط طاهر منهم في كل مكان يكون شعاره طاعة الله وتهذيب النفس وتعلم الدين الإسلامي، نشر التعاليم الإسلامية والمحافظة على القرآن الكريم، والدفاع عن الإسلام في حدود القانون، وعلاج الآفات الاجتماعية المتفشية في الأمة كالسكر والتخدير والمقامرة والبغاء ونحو ذلك.
ومن أجل ذلك عمدت إلى فتح مدارس لتعليم العلوم الدينية والمدرسية، وبذل النصيحة للمسلمين في المجامع العمومية كالمقاهي ونحوها وفي كل مجتمع مناسب وإنشاء ناد للتعارف الإسلامي إلى جانب المدرسة الليلية، وإلقاء المحاضرات والكتابة في الصحف وتوزيع النشرات(1).
كان لظهور جماعة الإخوان المسلمين أثر طيب حيث ارتمى في أحضانها الشباب والفتيات لينهلن من تعاليم الإسلام الواضحة الشفافة الشاملة.
جهود البنا في محاربة العري والفساد
لقد بدأت جهود الإخوان منذ أن كان الإمام البنا صبي صغير في محاربة العري والتبذل والمجلات الرخيصة، فيذكر ذلك بقوله وقت أن كان يعيش في المحمودية: مررت ذات يوم على شاطئ نهر النيل حيث يشتغل عدد كبير من العمال في بناء السفن الشراعية، وهي صناعة كانت منتشرة في محمودية بحيرة، فلاحظت أن أحد أصحاب هذه السفن المنشأة قد -علق في ساريتها تمثالا خشبيا عاريا على صورة تتنافى مع الأدب، وبخاصة وأن هذا الجزء من الشاطئ يتردد عليه السيدات والفتيات يسقين منه الماء، فهالني ما رأيت وذهبت فورا إلى ضابط النقطة - ولم تكن المحمودية قد صارت مركزا إداريا بعد - وقصصت عليه القصص مستنكرا هذا المنظر، وقد اكبر الرجل هذه الغيرة وقام معي من فوره حيث هدد صاحب السفينة وأمره أن ينزل هذا التمثال في الحال وقد كان(2).
ولم يكتف الإمام البنا على ذلك إنما عمل مع بعض أقرانه على نشأة جمعية منع المحرمات وكانت جمعية تأمر بالمعروف وتنهى الناس عن المنكر عن طريق إرسال خطابات إلى كل من يعرف عنه أنه ارتكب منكرا، وكانت أعمالها موزعة على أعضائها فمنهم من كانت مهنته تحضير النصوص وصيغ الخطابات وآخر مهنته كتابة هذه الخطابات بالحبر "الزفر" وثالث مهنته طبعها، والباقون توزيعها على أصحابها، وأصحابها هم الذين تصل إلى الجمعية أخبارهم بأنهم يرتكبون بعض الآثام.
واستمرت الجمعية تؤدي عملها أكثر من ستة أشهر وهي مثار عجب الناس ودهشتهم حتى اكتشف أمرها على يد صاحب قهوة استدعى راقصة فوصله خطاب من الجمعية وكانت الخطابات لا ترسل بالبريد اقتصادا في النفقات وإنما يحملها أحد الأعضاء ويضعها في مكان يلفت نظر صاحبها إليه فيتسلمها ولا يرى من جاء بها، لكن المعلم كان يقظان فشعر بحركة حامل الخطاب فقبض عليه بخطابه وعاتبه عتابا شديدا أمام من في القهوة، وعرفت الجمعية عن هذا الطريق فرأى أعضاؤها أن يخففوا من نشاطهم ويعملوا بأسلوب آخر لمنع المحرمات(3).
ولما انتقل البنا إلى القاهرة عند دخوله دار العلوم وشاهد فيها مظاهر التحلل والفساد مما لا عهد له به في حياة الريف وقرأ في الصحف كثيرا مما ينافي تعاليم الإسلام ورأى جهل العامة بأحكام الدين، ففكر في تكوين دعاة إسلاميين من زملائه في الأزهر ودار العلوم للدعوة إلى الله في المساجد والمقاهي والمجتمعات العامة وانطلق يدعو في المقاهي ليكون قدوة عملية لزملائه ويحكي البنا في مذكرات الدعوة والداعية كيف حاول محاربة المفاسد في المجتمع عن طريق تكوين دعاة إسلاميين فيقول:
"ففكرت في أن أدعو إلى تكوين فئة من الطلاب الأزهريين وطلاب دار العلوم للتدريب على الوعظ والإرشاد في المساجد ثم في المقاهي والمجتمعات العامة، ثم تكون منهم بعد ذلك جماعة تنتشر في القرى والريف والمدن الهامة لنشر الدعوة الإسلامية.
وقرنت القول بالعمل فدعوت لفيفا من الأصدقاء للمشاركة في هذا المشروع الجليل كان منهم الأخ الأستاذ محمد مدكور خريج الأزهر وكان لا زال مجاورا حينذاك والأخ الأستاذ حامد عسكرية رحمه الله، والأخ الأستاذ أحمد عبد الحميد عضو الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين الآن وغيرهم كنا نجتمع في مساكن الطلاب في مسجد شيخون بالصليبة، ونتذاكر جلال هذه المهمة وما تستلزمه من استعداد علمي وعملي، ثم جبنا المقاهي فكان لها تأثير قوي على الناس حتى أنهم كانوا يطلبون منا المزيد(4).
وبعد سقوط الخلافة وانتهاء الحرب العالمية الأولى كان لها ردة فعل قوية على الناس حيث انتشر تيار الإباحية والإلحاد حتى أصبح هو التيار السائد والمهيمن على الجامعة وعلى الحياة الأدبية والاجتماعية لا سيما في الطبقات الراقية، مما دفع الإمام البنا لزيارة العلماء – خاصة الشيخ يوسف الدجوي - وكان من المشايخ العلماء المعدودين في ذلك الوقت وله صلات بأهل العلم والوجهاء - وتحدث معه في جمع الجهود لعمل إيجابي يرد به الكيد عن الإسلام، وبعد أخد ورد بين البنا والعلماء – حيث كان ما زال في السنة النهائية من دار العلوم - وافق جميع العلماء على كتابة أسماء العديد من العلماء والوجهاء حتى تكونت نواة طيبة من هؤلاء العلماء كان من نتيجتها ظهور مجلة الفتح الإسلامية التي رأس تحريرها الشيخ عبد الباقي سرور وكان مدير تحريرها السيد محب الدين الخطيب، وكذلك كان من ثمرتها جمعية الشبان المسلمين(5).
أولا: جهود الإخوان في التصدي للعري
لقد هال الإخوان ما يرونه في الشارع وفي المجلات وفي المصايف ولم يجدوا إلا التشجيع من الحكومات المتتالية، واقتصر التصدي على بعض القوانين التي لم تدخل حيز التنفيذ، مما اضطرهم أن يحملوا على عاتقهم إصلاح الناس بالحسني، حتى كان من قرارات المؤتمر السادس الذي عقده الإخوان في يناير 1941م مقاومة التبرج والاختلاط بين الجنسين فى دور التعليم، وفى المجتمعات العامة، وتنبيه الأذهان إلى ما فى ذلك من خطر شديد، ومن خروج على تعاليم الإسلام، ومن إفساد المجتمع، على أن تكون بيوت الإخوان مظاهر كاملة للأدب الإسلامي فى هذه الناحية(6).
1- مناشدة المسئولين
لم يكل حسن البنا عن محاربة ما انتشر من عري وسفور، فما أن تكونت جماعة الإخوان المسلمين حتى كتب إلى وزير الداخلية يناشده بالتصدي للمجلات التي تنشر صورا عارية تثير الشهوة وتحرك الغريزة الجنسية، فتشيع الفاحشة وتنشر الفساد، فكتب يقول: أتشرف بأن أرجو مقامكم الرفيع التفضل بلفت نظر المختصين إلى مصادرة أمثال هذه المجلات المتهتكة المعلنة بالفاحشة والمغرية بالفساد، وإلى وجوب مصادرتها وتنقية المجتمع المصري مما تذيع في الناس من قتل للفضيلة وإحياء للشهوات.
ومرفق بهذا بعض هذه المجلات التي يؤكد تصفحها لرفعتكم مبلغ جنايتها على الفضيلة والعفة في بلد تنتهى إليها زعامة الشعوب الإسلامية، وبمرأى من حكومة تكتسب قوتها من الاستناد إلى الروح الإسلامية(7).
كما بعث برسالتين إلى وكيل الجامع الأزهر ووزير الداخلية عن الصور البذيئة التي تنشرها المجلات فقال:
حضرة صاحب الفضيلة وكيل الجامع الأزهر... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فأبعث إلى فضيلتكم بصورة من الخطاب الذى وجهته إلى معالى وزير الداخلية بخصوص ما تنشره عادة بعض المجلات المصرية من الصور الخليعة والمناظر الفاجرة بلا تحرج أو حياء وغير ناظرة إلى اعتبار خلق أو دين أو وطنية، فيكون لذلك في أفراد الأمة والمجتمع نفسه من الآثار أسوأها مغبة وعاقبة.
ثم كتب يقول: حضرة صاحب الدولة وزير الداخلية... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فيؤسفني أشد الأسف أن أضع أمام نظر معاليكم مجموعة من الصور الخليعة الفاجرة وما كتب بحقها من تعليقات آثمة المغزى ساقطة المعنى، نشرتها مجلة الاستديو في صفحتها الثانية من عددها الثاني الصادر بتاريخ 13 أغسطس الجاري، وهى مجلة مصرية.
ولابد إذن من علاج حاسم ورقابة دقيقة لإنقاذ الأمة من هذه السموم التي تحقن بها فى العروق على مرأى ومسمع من الحكام والمسئولين، وصيانة كيانها من هذا التدهور والتحلل باستصدار قانون أو استكمال تشريع، فإن الأمر يبدو أخطر مما يظن الكثير من المسئولين ومما يقدر المقدرون فى هذا التيار الجارف الخطير(8).
كما رفع أحد الإخوان أيضًا طلبًا إلى صاحب الدولة رئيس الوزراء وفضيلة شيخ الأزهر للقضاء على بعض مظاهر الفساد التي ترتكب في الجناين العامة الشهيرة بالشلالات وغيرها بالإسكندرية.
وقد استنكر الإخوان بشدة ما يحدث في المساجد الكبيرة التي تكثر فيها زيارات النساء بدعوى زيارة الأضرحة، خاصة أن غالبية هذه النساء يكن متبرجات سافرات، مثلما كان يحدث في المسجد الأحمدي بطنطا من اختلاط ممقوت، وانتهاك لحرمات المساجد، وطالبت صحفهم وزارة الأوقاف أن تتخذ موقفًا في هذا الشأن.
كما أن الإخوان وقفوا خلف النائب محمد قرني عندما طالب مجلس النواب بسن تشريع لأزياء النساء وأخذوا يراسلون لجنة الشئون الدستورية بتأييد هذا الاقتراح(9).
وحمل الإخوان وزارة المعارف جانبًا من انتشار العري والتبرج، فحينما تنصل سعادة محمد حسين هيكل باشا وزير المعارف أمام مجلس النواب من الفساد الأخلاقي للبنات وازدياد موجة التبرج قائلاً: "واحنا مالنا" اعتبر الإخوان أن هذا الرد غريب في لفظه ومعناه؛ لأنه دل على فهم ضيق للمسئولية الوزارية، فمن ينكر علاقة وزارة المعارف بالتربية والأخلاق؟
وأورد الإخوان عددًا من الظواهر التي حدثت في مدارس ومعاهد التعليم منها حفلة المرشدات في دار الأوبرا، والتي كان قد حضرها وكانت مشتركة بين البنين والبنات اللائي كن متبرجات، وكيف انتهى العرض وقت الغروب بهجوم الجوالة على المرشدات هجومًا عنيفًا تجلت فيه الغريزة المكبوتة، وقد أثارتها البنات البالغات بزيهن الكاشف وبحركاتهن، ومنها أيضًا ما يحدث في مدارس الفنون التطبيقية، حيث يدرس الطلبة وكلهم شباب يفيض قوة وصحة مادة تسمى "الطبيعة الحية"، وفي الحصة المقررة لهذه المادة تقف إحدى المومسات عارية من كل ثياب كيوم ولدتها أمها في وضع يقولون عنه: إنه فني، ويقوم الطلبة برسم هذا الجسد العاري، ويتنافسون في إبراز دقائق الجسم وعوراته. وغير ذلك مما يحدث في الجامعة، وما أدى إليه من فضائح تسربت رائحتها رغم حبسها في أدراج عمداء الكليات، فهل بعد هذا يخلي مسئوليته من هذا الفساد(10).
واشترك طلاب الإخوان في الأقاليم في مطالبة وزير المعارف بقيام وزارته بدور في حماية الأخلاق، ومن ذلك قيام محمد عبد المنعم شمس الدين - الطالب بمعهد الزقازيق الديني - بإرسال خطاب إلى وزير المعارف يلفت فيه نظره إلى المظاهر المؤلمة التي تشيع في جو العلم والثقافة التي يسيطر عليها معاليه، وهي أمانة عظمى على عاتقه، وذلك إثر الحفل الرياضي الذي اشترك فيه جميع طالبات المدارس الأميرية بالزقازيق، وقد ظهرن فيه بملابس تكشف عن أجسامهن وتغري بالفتنة فوق ما يغري عريهن، وكان من الضحكات الماجنة الخليعة التي بدرت منهن من الآثار السيئة في نفوس الشبان، وما يندى له جبين الفضيلة حياء، ويكتم أفواه الغيورين الفضلاء، ولا يخفى أن نشأ يتربى على هذه الخلاعة والمجون لا يرجى منه إلا تحطيمًا لما بقي من كرامة الخلق في هذا البلد وإهدارًا لما بقي من شرف وحياء، ثم يهيب الأخ في إلحاح ورجاء حار بمعالي الوزير أن يدرك أخلاق النشء، ويضرب على يد هذا الانحلال بيد المسلم الحازم القوي الذي يتمثل في "حياة محمد" و"منزل الوحي(11).
كما طالب الإخوان الحكومة بإنارة الشواطئ توفيرا للأمن وصيانة للآداب العامة, حتى لا تستغل الشواطئ ليلا في الأعمال المنافية للآداب, وطالبوا بمنع شرب الخمر عليها أو لعب الميسر أو السهر لساعات متأخرة من الليل فتتحول هذه الشواطئ إلى بارات وبؤر للمنكرات.
ولم يكتفوا بذلك بل اشتركوا مع باقي الهيئات الإسلامية في رفع مذكرة إلى الملك فاروق جاء فيها" يا صاحب الجلالة: لقد طغت على البلاد في السنوات الأخيرة موجة خطيرة من التحلل الأخلاقي نتيجة ابتعادها عن التأدب بآداب الإسلام وتقاليده, مما جعلها عرضة في أي وقت لغضب الله وسخطه".
وتحدثت المذكرة حول ما حدث من فتيات الجامعة بتجردهم من الملابس أثناء لعبهم لعبة الهوكي, وأيضا ما جاء من اشتراك آلاف الطلبة والطالبات في الاحتفال بالعيد الملكي بزى تنكره الآداب وتعاليم الإسلام وطالبوا الملك بإصدار قرار مرسوم يلغى اشتراك الفتيات في موكب الشعلة الذى سيجرى في الاحتفال بسبب ما سيحدث فيه من انتهاكات(12).
2- الجهود الإعلامية
لقد استخدم الإخوان كل الوسائل المشروعة والقانونية في التصدي لهذا الداء الذي استشرى وسط المجتمع، فكتبوا للملك كما كتبوا لشيخ الأزهر ووزير الداخلية، ولم يتركوا منصة إعلامية إلا عبر خلالها عن مقتهم لهذا الداء الذي انتشر وسط النساء والبنات.
فكتب عفيفي الشافعي عطوة - نائب الإخوان في حي الأربعين بالسويس - مقالاً تحت عنوان: "الفضيلة تنعى أنصارها" جاء فيه: "وهل هناك أكثر شرًا وأعظم سوءًا من أن يهرع النساء في مثل هذه الأيام إلى البلاد الساحلية يتسابقن في القفز والطفو في الماء وهي أجسام عارية لا يخشين الله، ولا يرعين للدين حرمة.. حالة مزرية وتبرج ممقوت، وشذوذ مرذول.. وقد سرت عدواهن إلى بناتهن فنشأت بعيدات عن طهارة الأخلاق ونقاوة النفس؛ إذ جعلن حصر همهن في التبرج والزينة، والخروج المروع عن حد الأدب(13).
وكثرت كتابات الإخوان عن المصايف وما يحدث فيها حتى كتب أحدهم مقالاً تحت عنوان: "المصايف" جاء فيه: "حقًا لقد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، وانحطت الأخلاق في معظم الطبقات حتى غدوا من مكارم الأخلاق في إفلاس، وقضى كثير من المسلمين أوقاتهم بين الكاس والطاس، استعصى الداء وعز الدواء، فلئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين، تجيء أشهر الصيف وياليتها ما تجيء، تأتينا بالفسوق والعصيان، تأتينا بالمهازل والهذيان، تأتينا بالخزي والخذلان، تأتينا بإغضاب الرحمن، ومحاربة الملك الديان!!(14).
كما طلبوا من الحكومة أن تمنع بعض المجلات الأجنبية التي تأتي من خارج مصر كمجلة "لاسورير" الفرنسية التي تحتوي صورًا عارية فاضحة، فقال: "وبعد أفلا يجدر بحكومتنا أن تستطرد في هذه الخطة الحكيمة التي تليق بها كأكبر حكومة إسلامية فتمنع مثل هذه القاذورات من أن تصل إلى الأيدي وتتسرب إلى النفوس والقلوب فتفسدها، والنفس ميالة للشر إذا عرفته كما يقولون، إنا منتظرون(15).
وكتب محمد إقبال في صحف الإخوان مقال بعنوان: "معنى الحجاب والحريم" جاء فيه: "يعتقد الأوروبيون خطأ أن الحجاب نشأ عن غيرة الرجل الشرقي مع أن الحجاب هو في الأصل نتيجة شعور بأن المرأة مقدسة إلى درجة يجب أن لا تقع عليها العيون، أما كلمة "حريم" فمعناها في اللغة العربية "المكان المحرم" الذي لا يجوز لأجنبي أن يطأه، "فالحجاب إذن هو رمز لشدة احترام الرجل الشرقي للمرأة الشرقية"(16).
وعن الاختلاط وما يسببه كتب الإمام البنا: إن الإسلام يرى في الاختلاط بين المرأة والرجل خطرًا محققًا، وقد عارض رأي دعاة الاختلاط الذين يطالبون بعدم حرمان الجنسين من لذة الاجتماع، حيث يؤدي ذلك لضياع الأعراض وفساد النفوس وتهدم البيوت وشقاء الأسر(17).
وقد شخص فضيلة الشيخ علي الطنطاوي الحالة في ذاك الوقت في مقال له بمجلة "الإخوان المسلمون" قائلاً: لا يركب المرء ترامًا في القاهرة مثلاً ولا سيارة، ولا يمشي في طريق، ولا يدخل حديقة إلا رأى الصبايا كاشفات النحور والصدور والأذرع والسيقان والأفخاذ أحيانًا.. أفما يسأل الأب نفسه ماذا يصنع الشاب بنفسه وهو يرى هذا كله؟ كيف يقبل على درس أو ينصرف إلى عمل؟ والبنات كيف يقاومن غارات الشباب عليهن وهن فتحن باباها؟ أعرف أن كل أب يحسن الظن بابنته ويقول: هي شريفة لا يخشى عليها، ويقيس نظرة الشباب إليها على نظرته هو إليها، وتلك غفلة ما وراءها غفلة، هذا الأب كالنعامة التي زعموا أن الصياد إذا لحقها وأحاط بها وعجزت عن الفرار دفنت رأسها في الرمل لظنها أنه لن يراها ما دامت هي لا تراه.
ما أدري -والله- ما هؤلاء الناس؟ فإن كانوا عربًا فالعرب أغير الأمم على الأعراض، وأشدهم تقديرًا للفضيلة والعفاف، وإن كانوا مسلمين فالإسلام أمر بستر العورات، وجعل عورة الرجل من تحت السرة إلى الركبة، وجعل عورة المرأة كلها إلا الوجه والكفين في غير فتنة وإلا حرم كشفهما. إن الشاب في وقدة الشباب لا هم له إلا المسألة الجنسية، فكيف إذا حفت به البنات في غدواته وروحاته؟ فكيف إن كن كاشفات عن مواطن الفتنة منهن؟ فكيف إن هتكن الستر على ساحل البحر؟
واستطرد الشيخ علي الطنطاوي في استنكار على الذين ألفوا كل شاذ ومنكر، وأنكروا كل أصل معروف، حتى لقد صار على كل من يدعو إلى الحشمة والعفاف أن يقيم الأدلة ويأتي بالبينات على قاعدة "البينة على المدعي"، وذلك يكون في خلاف الأصل، فكأن الأصل ليس الستر والحرص على العرض ولذلك فهي تحتاج لبينة.
كما يرد الشيخ الطنطاوي على الدعاوي التي انتشرت آنذاك بأن طول العري وانتشار هذه المشاهد يبطل في نفس الرائي الافتتان بها، ويقول: إن ذلك باطل؛ لأن العادة وإن كانت تضعف الحس -كما قرره علماء النفس، لكنها لا تستطيع أن تنزع غريزة هي من أقوى الغرائز في الإنسان(18).
وعندما أعلن فندق الأوبرج عن عقد مسابقة للمايوهات تتنافس فيه الفتيات على إظهار وعرض أفضل أنواع المايوهات استنكرت الجريدة هذه الفعلة وكتبت تحت عنوان: " حول مسابقة المايوهات" حيث عاب الإخوان المسابقة التي ستقام في الأوبرج لاختيار أجمل أثواب الاستحمام، كما استنكر مشاركة عدد كبير من الآنسات والسيدات في هذه المسابقة بعرضهن هذه الملابس, والأدهى في الأمر أن يقوم بالتحكيم في هذه المسابقة مجموعة من الرجال الذى لهم الحق في مس الثوب لمعرفة مدى إحكامه، ورؤية المساحة التي يظهر منها الجسد, وتساءل الإخوان في أي بلد نحن؟ أفي باريس بلد العرى أم في مصر الإسلامية؟ وكيف تسمح حكومة دولة إسلامية بإقامة مثل هذه المسابقات؟ وإذا كانت المسابقة حدثت في الخفاء فكيف لصحيفة مثل المصري في بلد إسلامي تنقل هذا الحدث للجمهور العام, وتعلن عبر صفحاتها ما حدث، كما تنقل أسماء الفائزات في هذه المسابقة، ولم يقتصر عرضها على ذلك بل قامت بنشر صور المشتركات في هذه المسابقة وهن بهذا الباس(19).
كما كتب محمد فارس تحت عنوان " من المسئول؟؟" بحث فيه عن المسئول عن ما يحدث من خروج النساء كاسيات عاريات يتفنن فى إظهار زينتهن وظهورهن فى حفلات الرقص والحفلات الماجنة, أهو الأب؟ أم الأخ؟ أم الزوج؟ أم هي القوانين المستمدة من الغرب؟ أم هي المرأة نفسها؟ ويرى كاتب المقال أن المسئولية تقع على كل هؤلاء فلكل واحد له مسئوليته المنوط بها فى حماية النساء ورأى أن فى تشريع السماء ما يضمن إصلاح المرأة والمجتمع(20).
وقد كتبت نقيبة الأخوات بأسيوط تحارب السفور والتبرج الممقوت التي تعتقد كثيرات من السيدات بأنهن لا ينلن احترام الناس وتقديرهم إلا إذ لبست الملابس التي تظهر أجزاء من جسمها, وحذرت من انسياقهن خلف الشعارات التي يرددها المستعمر الغربي والحرية الزائفة التي ينادى بها وناشت كل مسلم غيور بأن يأمر نساءه بالاحتشام(21).
وذكر الداعية الأستاذ أحمد الشرباصى بأنه يبيح للمرأة أن تكون مدرسة وطبيبة وواعظة ومرشدة اجتماعية لكن في دائرة المرأة ووسط النساء فحسب, لا أن تختلط بالرجال, وعاب عليها خروجها للشواطئ والمسارح والسينما بما يخدش حياءها وتحررها أمام العيون الجائعة مما أدى لانحلال كثيرا من شباب الأمة وفتياتها(22).
3- استخدام الشعر في توعية الناس
لم تقتصر جهود الإخوان عبر الصحف فقط بل تبارى شعراء الإخوان منددين بهذه الفاحشة التي انتشرت، والعري الذي استشرى على الشواطئ، وكَوّنُوا لجانًا تذكر الناس في المصايف بحرمات الله وشريعته، وعلقوا يافطات تدعوا لحسن الخلق والتي كانت تحتوي أحيانا على أبيات شعر تحض على التمسك بالعفة، ومما قاله الشاعر الإخواني سلامة خاطر:
على شاطئ "استنلي" هنالك في الثغر وقفنا نجيل الطرف في البر والبحر
فما راعنا إلا جسوم تمددت إزاء جسوم قد تعرت عن الستر
نساء وأطفال وشيب وفتية كأن عباد في موقف الحشر
فأرسلت نحو الموج نظرة فاحص فكان الذي في البحر يربى على البر
ففي البحر أقداح الخلاعة تحتسى وفي البر أقداح تدار من الخمر!
مضى صاحبي مثل الدليل يقودني وقد كنت مطوي الضلوع على جمر
عجيب لعمري أن أراكن في حمى رجال لهوا عنكن من بادئ الأمر
أغار على الأخلاق من لا يصونها فيا ضيعة الأخلاق في البر والبحر(23).
استجابة لجهود الإخوان
كانت لجهود الإخوان سواء عبر الصحف أو الخطب والوعظ والإرشاد والانتشار على المقاهي والشوارع أثر مما دفع الحكومة للاستجابة في بعض الأحيان.
فقد أصدرت وزارة الداخلية قانونًا للمحافظة على الآداب العامة في سنة 1934م، وقد قام الإخوان بشكر هذه الخطوة الحكيمة، وكتبت جريدة الإخوان المسلمين تحت عنوان: "هكذا فلتكن المحافظة على الأخلاق": "لقد أحسنت وزارة الداخلية صنعًا في إصدار هذا القانون الذي نحن بصدده في جميع فقراته ومواده، وكم كان سرورنا عظيمًا وغبطتنا زائدة حينما قرأنا المادة التي تحرم أخذ الصور للمصيفين والمصيفات بلباس البحر".
ولقد برهنت وزارة الداخلية أنها جادة حقًا فيما تعمل بمحاولة محاكمتها إحدى المجلات الأسبوعية التي خرجت عن هذا القانون، ولا شك أنها بذلك ألقت درسًا قاسيًا لمن تسول له نفسه أن يلهو بالآداب ويطعن الفضيلة طعنات نجلاء"(24) .
وحينما ذكر النحاس باشا في خطاب العرش سنة 1936م بأن الحكومة "ستضع مشروع قانون للأحكام الشرعية المستمدة من المذاهب الأربعة والملائمة للتطور الاجتماعي، وقد جمع بين الدين والدنيا"، كتبت جريدة الإخوان المسلمين مقالاً تحت عنوان "إلى صاحب الدولة وزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل مصطفى النحاس باشا" مادحا لهذا العمل وأيضا موضحا المخاطر التي ترتبت على انتشار العري والفساد: ولقد تفاءلت بهذه النبذة التي تناولت على إيجازها تنفيذ أصول الأحكام الشرعية بقانون، الأمر الذي يرضي الله عنكم، ويثلج صدور سواد الأمة، ففساد الأخلاق يا دولة الرئيس والاستهتار بالآداب العامة، وتبرج النساء علانية في الطرقات، وتزيين الوجوه بكافة أنواع المساحيق، وإظهار النهود، وإبراز الظهور، وكشف الأذرع، وتضييق الملابس لدرجة تفصل الجسم تفصيلاً أمام الناظرين، وضياع الحياء من النساء في الطرقات والمجتمعات والاحتفالات، وبروز المرأة في المصايف بشكل فاضح حتى أن ما كان من جسمها مغطى فتجاويفه وتعاريه ظاهرة، واختلاط الجنسين عند الاستحمام في البحر، وما يترتب على ذلك من المغازلة والمهاترة والمدافعة بين الرجال والنساء، وتهافت الشبان على الفتيات لما يبدين من فتنة، وما ترتب على ذلك من انصراف الشبان عن الزواج لما تيسر لهم من الأغراض المبذولة، مما أصبح خطرًا كل الخطر على كيان الأسر المصرية، وخمود الحمية والغيرة على الأعراض تدريجيًا بما يجعلها من أعراض المدنية الفاسدة، واختلاط الشبان بالفتيات في الجامعة المصرية، والبغاء الرسمي والتأخر في إلغائه، بل وفي تعقب البغاء السري ومحاربته كما حوربت المخدرات التي هي أقل ضررًا منها، وإباحة المحرمات كالخمور والقمار بأنواعه الذي يستنزف مالاً كثيرًا من أيد في أشد الحاجة إليها، وما يستتبع ذلك من ضغينة بين الناس وإفلاسهم، واستهتار الشبان المتعلمين بالدين لجهلهم به، ولأنهم لم يدرسوه مادة أساسية في المدارس والجامعة، وكل أولئك كان نتيجة لنبذ القوم الأحكام الشرعية عامة، وقد أدى ذلك إلى ما نرى من التدهور الخلقي وقتل الفضيلة ودفنها في مقرها الأخير، فاستعن بالله على بعثها وكن حيث قال مولاك العلي الحكيم: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}[الحج: 41](25) .
لم يقتصر تأثرت تلك الدعوات المتكررة من الإخوان لمحاربة الفساد على هؤلاء فحسب، بل أثرت في نفوس بعض الغيورين مما دفعهم إلى أن يرفعوا طلبًا إلى النحاس باشا يناشدونه القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي، فنشرتها جريدة الإخوان المسلمين تحت عنوان: "دعوة إلى الله فعضدوها" جاء فيها: يا دولة الرئيس.. إنكم تقيمون الصلاة وتبتغون مرضاة الله، وقد دانت لكم البلاد ووليتم أمرها فأعدوا لها ما استطعتم لدفع ما فشا فيها من فحشاء ومنكر، وها هو فصل الصيف قد أتى بخلاعته المشهورة، ففي سواحل البحر نساء عاريات يتسابقن إلى كشف عوراتهن ومواضع العفة منهن بكل الوسائل إغراء للرجال ورغبة في الفحش وإسرافًا في الرذيلة، وها هن يستلقين على جنوبهن وبطونهن وظهورهن على مرأى من الغادي والرائح فيما يسمونه حمام الشمس، ولو أردنا أن نسهب فيما يحدث بين الجنسين في المصايف من عهر وفجر لما وسعتنا هذه العجالة، ولتفطر قلب الحر العفيف وذرفت عيناه دمعًا هتونًا على ما حل بالعفة والفضيلة والغيرة والشهامة من تدهور وانحطاط.
وإن النساء ليمشين في الشوارع سافرات وقد زينت منهن الوجوه بأنواع الطلاء، وبرزت منهن الظهور، وظهرت الأعناق والشعور وبدت السيقان والنهود، فأين نحن من الإسلام وهو دين الدولة الرسمي؟ أين الفضيلة والحياء؟
يا صاحب الرياسات: أمام دولتكم أمران: إما أن تنصروا الله وتصونوا حدوده ومحارمه أن تنتهك وتضربوا على أيدي الفسقة الفجرة، وتمنعوا الأعراض أن تداس على شواطئ البحر بأن تفصلوا بين الرجال والنساء وتخصصوا أماكن لكلا الجنسين للاستحمام، وتشددوا الرقابة على شارع الهرم وأطراف مصر الجديدة والعباسية وشوارع اللهو والجناين بالقاهرة والإسكندرية، وتحرموا تبرج النساء في الطرقات والملاهي العامة.
وإما أن تتركوا الفضيلة تنحر والدين يندثر، فلا تنتظروا بعدها للبلاد خيرًا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم".
ثم علقت الجريدة بقولها: "جاءتنا هذه الدعوة ننشرها مؤملين أن يكون لها أحسن الأثر في نفس حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل مصطفى النحاس باشا، وأن يحقق بما عرف عن دولته من غيرة دينية ورغبة خالصة في إصلاح الإسلام والمسلمين ما يرجوه ناشر وهو ما يرجوه معهم كل مسلم غيور من إصلاح وهداية(26).
وعندما أرسلت إحدى السيدات لصحف الإخوان تنبه أن عربات ترام شبرا مصر ليس به مقصورة خاصة بالسيدات أرسلوا لمدير شركة ترام القاهرة مطالبين بتخصيص مقصورات للسيدات، وقد استجاب مدير الشركة لهذا الأمر وعمل على تخصيص مقصورات للسيدات(27).
وحينما ورد إلى مكتب الإرشاد أن هناك أعمالاً تجري في حمام السباحة التابع للجنة الأهلية للرياضة البدنية في الجزيرة من اختلاط بين الفتيات والشبان في حمام مكشوف أرسل مكتب الإرشاد خطابات لكل من: فضيلة شيخ الأزهر، ومعالي وزير الداخلية، ووزير المعارف، ومحافظ العاصمة، ورئيس اللجنة الأهلية يلفت أنظارهم لما يحدث من فساد لوضع حد له، وكان لهذه الرسائل أثر كبير نتج عنها أن أصدر سعادة طاهر باشا أمرًا بمنع غشيان البنات للحمام، كما أصدر معالي وزير المعارف قرارًا وزاريًّا بفصل القسم الخاص بالرياضة البدنية للبنات من المراقبة العامة للتربية البدنية، وجعله تابعًا للمراقبة العامة للبنات لتوحيد النظر في شئونهن، كما أصدر حضرة الأستاذ عاصم بك مراقب البنات تعليمات للمدارس التي كانت تتردد طالباتها على الحمام المذكور بمنعهن بتاتًا، وأصدر نشرات عامة تحرم خروج البنات بملابس الألعاب في الطرقات، وقد شكر الإخوان جميع من تعاون معهم في هذا الواجب.
وينبغي أن نشير إلى أن النصيب الأكبر في محاربة الإخوان للعري والسفور كانت في الميدان العملي عن طريق التربية، وفي الدروس، وغيرها من الوسائل بالشعب والمناطق، وغرس قيم الفضيلة والاحتشام والغيرة على العرض والأهل، ونشر أخلاق الحياء والعفة في أفراد المجتمع(28).
ثانيا: جهود الإخوان في التصدي لانحراف الإعلام
من المفاسد التي غزت المجتمع المصري في ذلك الوقت الموبقات التي كانت تعرض في المسرح والسينما والإذاعة والصحف والمجلات الخليعة التي أشاعت الفاحشة وهدمت الأخلاق.
وقد حاول الإخوان توجيه هذه الوسائل الوجهة الصحيحة لنشر الفضيلة والحفاظ على الآداب والأخلاق، وتحذير الناس من انغماس النفوس في الملذات، ولذا حمل الإخوان على عاتقهم محاربة انحراف الإعلام ومحاولتهم تغيب الرأي العام عن حقيقة الإسلام، ومحاولته السير في فلك المستعمر لتحقيق أهدافه في هدم الأسرة والمجتمع، ويتفق ذلك مع قول وزير إعلام هتلر جوزيف جوبلز: «أعطني إعلاماً بلا ضمير أُعطيك شعباً بلا وعي».
ومن ثم سلك الإخوان العديد من السبل والوسائل التي حاولوا من خلالها توجيه الوعي للمخاطر التي تبث في الإعلام، ففتحوا صحفهم للتنديد بما يعرض في الإعلام، ورفعوا المذكرات للمسئولين، وغيرها.
التعريف بانحراف الإعلام عبر الصحف
فتح الإخوان صحفهم للتنديد بانحراف الإعلام وما يعرض فيه، فتحت عنوان: "عوامل الفناء" وضح كاتبه فيه أن عوامل الفناء ثلاثة، وأول هذه العوامل مذهب العري الذي انتشر في أوروبا ويدعون إليه بحجة استفادة الجسم من أشعة الشمس، والثاني من عوامل الفناء السينما السافلة، والثالث المصايف وفيها التهتك والخروج عن الوقار.
وقد كتبت السيدة الفاضلة لبيبة أحمد مقالاً بعنوان "السينما والأخلاق" فذكرت أن: "السينما من العوامل المؤثرة في تطور الأمة وتكوين عقليتها وتكييف أخلاقها، ولا شك أنها أفادت بعض الشيء في توسيع معارف الجمهور، ولكن مما يؤسف له أن هذه الأفلام التي تذاع في الدنيا وخصوصًا في أقطار الشرق يتوخى فيها مجاراة ميول الجماهير وأهوائهم أكثر مما يتوخى فيها إفادتهم وتوسيع معارفهم وتقويم أخلاقهم، وقد ثبت في محاضر البوليس والنيابة العمومية وفي حرم القضاء أن كثيرًا من الجرائم المؤسفة التي تقع بين ظهرانينا قد ساعدت أفلام السينما على التفنن فيها، وابتكار أساليب لم تكن لتخطر على بال الذين ارتكبوها لو أنهم لم يتلقوا دروسًا عن الشاشة البيضاء، وهذا التهاون في أمر الأعراض من جانب الشبان ومن جانب الشابات على السواء ما كان ليبلغ الدرجة التي بلغها في مصر الآن لو لم تساعد على ذلك مناظر السينما، ولو لم تحبب إلى الناشئين، وهم في سن الطيش والرعونة – مالا يقدّرون عواقبه وسوء نتائجه.
واعترضت على الحل القائل بأن يُسنَّ تشريعًا لمنع الأطفال من غشيان السينما إلى سن معينة، فقالت: "كأنما شر السينما محصور في المشاهد المزعجة التي لا تتحملها أعصاب الأطفال، وكأن ذلك أعظم أهمية عندهم من أخلاق العذارى التي تنهدم من أسوارها صخرة بعد صخرة في كل نظرة تقع من عين البنت على مشهد غرامي يهيج كل ذي حس، وهل شاع هذا الانحلال في أخلاق غير المتزوجين، بل وفي رباط الأسرة عند المتزوجين، إلا بشيوع هذه المشاهد الفاسقة".
ثم ختمت المقال بقولها: "نكتب هذا لكل قادر على استنكار الشر من الآباء والأمهات والإخوة والأزواج، متوسلين إليهم بما لأخلاق بناتهم وإخوانهم وزوجاتهم من كرامة عندهم، فكفانا تجاهلاً بالداء العياء الذي يسري في أوردتنا وشرايينا، وحبذا لو يكون لمصر شرف البدء بمقاومة هذا الشر العالمي حتى يوقن كله بأنه شر، وأن من الخير العدول عنه إلى ما ينفع الناس، فتتحول السينما بعد ذلك إلى نعمة تفتخر بها إنسانية العصر الحاضر(29).
كما أشار الإخوان إلى الفساد الذي تبثه الإذاعة، فجاء في مقال "الإذاعة اللاسلكية الغث والسمين في نصف أسبوع": "للإذاعة اللاسلكية محاسن لا يسعنا نكرانها وحرمان الناس من الاستمتاع بها، ولها مساوئ نحذر الناس منها، أقل ما فيها أنها تثير عواطف البليد وتدفعه حتمًا إلى ارتكاب الفواحش.
وقد ذكر الإخوان في صحفهم جميع البرامج التي تعود بالنفع على المجتمع متغافلين جميع البرامج والأغاني المبتذلة التي كانت تذيعها الإذاعة او تعرض في السينما(30).
وتحت عنوان: "الصحف الداعرة" جاء في صحيفة النذير: "والصحيفة الداعرة تلك التي تتجر بمبادئ الفضيلة في سبيل المادة التي تسعى في جمعها بشتى الوسائل، فلا تتورع عن استخدام نفسها للنشر عن الخمور والقمار، وعن حفلات الرقص والغناء والطرب الأثيم، وتشيد بذكر أسماء الراقصات والمغنيات بصور مزرية قبيحة يبرأ منها كل خلق فاضل كريم، وصحف مصر جميعها قد انغمست في هذه الحمأة المرذولة لا فرق بين أجنبية ومصرية، وفي كل يوم تطالع الناس بصور فاضحة لنساء وفتيات أثيمات مجرمات طرحن قواعد الأدب والحياء، وإن ضرر تلك الصحف لأشد فتكًا بالأخلاق، وأشد تأثيرًا على النشء البريء الذي نريد تحصينه ووقايته(31).
كما شكر الإخوان جمعية الشبان المسلمين على تقديمها احتجاجًا لرفعة رئيس الوزراء تلفت فيه النظر إلى أن هناك دعوة للإباحية لدفع الناس إلى الرذيلة، وتشجيعهم على التحلل من القيود، والخروج على التقاليد تقوم بنشرها مجلة "التطور"، وأوضح الإخوان أنهم يشكرون جمعية الشبان على يقظتها ونجدتها ووقوفها بالمرصاد لكل فاجر وضال(32).
وطالب الإخوان من الحكومة أن يكف كبار رجال الدولة عن نشر صور سيداتهم وفتياتهم في الجرائد والمجلات، خاصة العارية، فهؤلاء هم القدوة والناس لهم تبع، وفي نشر هذه الصور إيقاد لنار الفتنة، وإغراء لذوي النفوس المريضة، وفي المقابل يجب أن يحاكم الكتاب الذين يتدخلون في شئون الأسر وأسرار البيوت، ويتغزلون بدعوى المدنية، ويذيعون على الناس هذه المفاتن بكتاباتهم البذيئة.
ولم يقف الأمر عند حد الصحف فقد طالب الإخوان بإصلاح السينما وما يعرض بها من أفلام، والتي أصبحت لا تصف إلا الحب والقبلات والخمر والفسوق كأن الحياة قد خلت إلا من ذلك، مع أنه في الحياة الصالح والشريف والقوي والضعيف، كما أن الإذاعة كريمة على المصريين بالأغاني الهابطة المبتذلة، ضانة عليهم بالمحاضرات النافعة والتوجيهات القيمة(33).
أثناء الحرب العالمية الثانية تغيرت الأوضاع بعض الشيء واهتم الصحف والسينما بما يجرى فقلت نسبة الابتذال فيها، غير أنه بمجرد انتهاء الحرب وانحصارها وإلغاء الأحكام العرفية حتى عادت الصحف إلى سابق عهدها من إشاعة الفاحشة عبر صفحاتها, واستخدام المرأة بصورة مزرية, حتى كتب مجلة الإخوان الأسبوعية تحت عنوان " للدعارة في مصر سوق سوداء" ذكرت فيه أن بمصر سوقا للدعارة وليس المقصود بهذا البغاء, لكن يقصد بها الصحف الصفراء التي لا تستحي من عرض صور المومسات وهن عريا, وقد عابوا على مصطفى أمين رئيس تحرير مجلة الاثنين أنه أول من افتتح هذا السوق والتي لا تدع شاردة ولا واردة إلا نشر عنها، وهي أخبار تثير الغرائز بسبب صور نساء وممثلات كاسيات عاريات تؤجج نار الشهوة في قلوب شباب وشيوخ الأمة، ولم تقتصر الساحة على مصطفى أمين بل سرعان ما تخرج على يديه كثير من الصحفيين الذين تنافسوا في اظهار أكبر قدر من جسد المرأة فتسابقت المجلات المستقلة والحزبية في هذا المجال وفي إظهار أكبر قدر من جسد المرأة ومن هذه المجلات التي تنافست في عرض ذلك مجلة الحوادث التابعة لحزب الوفد ومجلة مسامرات الجيب, وطالب المقال النقراشي باشا- بصفته رئيس الوزراء ووزير الداخلية- وبوليس الآداب بالتصدي لهذه الإباحية الشديدة(34).
وتحت عنوان "نريد" كتب مجلة الإخوان الأسبوعية.
نريد:
• مقارنة التبرج والخلاعة ووضع زي خاص تظهر به السيدات في الطرقات مع فرضه على التلميذات والمدرسات والناظرات.
• منع اختلاط الجنسين في الجامعة والمدارس فقد وصلت الحالة إلى درجة خطيرة.
• مصادرة المجلات الخليعة والروايات المثيرة التي تعمل على نشر الفجور.
• اختيار الأغاني ومراقبتها وتوجيهها الناحية الوطنية وبخاصة في الظروف الحالية.
• منع الفتيات والغلمان من مشاهدة الأفلام السينمائية وإرشاد دور الملاهي(35).
مناشدة الحكومة
حاول الإخوان أن يضموا الجمعيات الإسلامية الخرى لصفها في حربها ضد الأخلاق الفاسدة وانحراف الإعلام وبالفعل تحقق ذلك حتى أن الجمعيات الإسلامية رفعت إلى وزير الداخلية مذكرة جاء فيها:
لا شك أن مصر في نهضتها الحاضرة تحتاج إلى تنبيه الرجولة في رجالها والأخلاق المتينة في نسائها ليكون لها من بنيان الأسرة صرح يقوم عليه تحقيق الآمال الجسام فيما تستقبله من واجبات قومية عظيمة.
وأن الجمعيات الإسلامية في مصر في اجتماع لها عقدته خصيصًا للتفكير في أسباب الضعف التي تعترض مصر في سبيل نهضتها القومية لاحظت أن شباب الأمة وفتيانها كان يجب أن يكون نصيب الوطن من قواهم وعنايتهم أكثر من نصيبه الحاضر، ولعل من أهم الأسباب التي تحرم الوطن من استثمار جميع قوى الشباب انصراف فريق عظيم منهم إلى المتعة وتوجيه كثير من مداركهم وأوقاتهم نحوها.
ومن أهم ما يمكن أن يتلافى به هذا الضعف:
أولاً: أن تكف بعض الصحف عن نشر الفصول والصور التي تهيج حس المتعة في الشباب.
ثانيًا: أن تزاد الرقابة على أفلام السينما فتنقي بقدر الإمكان من المشاهد الغرامية التي يسوء فريقًا عظيمًا من الآباء أن تقع أنظار أبنائهم وبناتهم عليها، بل أن تقع أنظار الفريقين على إعلاناتها على الجدار وفي أكثرها صور التقبيل بين الجنسين مما لا يجوز عرضه على أنظار الفتيات، وكم كان لذلك من آثار مؤلمة ونتائج محزنة.
ثالثًا: وهنالك الإذاعة اللاسلكية وهي أيضًا كالصحف والسينما على أن تكون أداة تثقيف وتهذيب يمكن أيضًا أن تكون وسيلة من وسائل تهييج الشهوات، وتعويد الآذان سماع ما يكرهه أنصار الفضيلة، نقول ذلك بمناسبة ما اعتادته إدارة الإذاعة اللاسلكية من تركيب آلاتها في حفلات كحفلات "كشكش" وصالة بديعة مصابني، فتنقل إلى المنازل وإلى أسماع الفتيات ما لا يرضى به الآباء الذين يهمهم أن تبقى أخلاق بناتهم طاهرة مصونة.
رابعًا: ومما لا يتفق مع تقاليد مصر ودينها وجود الحمامات البحرية وغير البحرية التي يباح الدخول فيها للجنسين.
(توقيعات لرؤساء الجمعيات .. الشبان المسلمين، أنصار السنة، المسلم العامل، الإخوان المسلمين، أنصار الإحسان، الجهاد الإسلامي، التعارف الإسلامي)(36) .
ولم يكتف الإخوان بالتصدي للفاحشة فى الصحف فحسب بل عملوا على منع الكتب والقصص التي تباع وتحمل بين طياتها نشر الفاحشة, وطالبوا الشعب عامة والقارئ خاصة بالتصدي لذلك وعدم شراء مثل هذه الكتب حتى يعود أصحابها إلى رشدهم. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وقف الإخوان بجانب كل من يحارب هذه الظاهرة.
أثر هذه الجهود
كانت الحكومة في كثيرا من الأحيان تستشعر الحرج – وهي حكومة مسلمة وفي بلد مسلم – مما يدفعها لاتخاذ بعض القرارات التي ربما يظهرها بمظهر الغيورة على دينها.
وفي هذا الصدد أصدر عبد الفتاح الطويل وزير الصحة قانونًا بمنع الأطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد من غشيان دور السينما، حتى لا تتأثر أدمغتهم بمفاسد العرض، وقد رحب الإخوان بذلك في جريدتهم، وذكرت أن تلك يد بيضاء يسجلها الإخوان المسلمون للحكومة(37).
وتستمر الجهود
على الرغم من المحن التي تعرضت لها الجماعة واغتيال مرشدها واعتقال أفردها إلا أنها ما أن سنحت له فرصة الانتشار وسط المجتمع مرة أخرى حتى عملت على نشر الفضيلة والمطالبة بالتصدي لمظاهر العري والسفور وانجراف الإعلام حيث كانت مجلة الدعوة في السبعينيات رأس حربة ضد هذه الظواهر، ولم يقتصر الأمر على الكتابة والمناشدة عبر الصحف، بل انتشر الإخوان في الجامعات حتى عادت المظاهر الإسلامية وانتشر الحجاب وسط الطالبات، بعد أن كان الميني جيب والميكروجيب هو اللباس المنتشر وسط المجتمع والتي كانت ترتدي الحجاب كان ينظر لها على أنها قادمة من كوكب اخر.
واستمرت جهود الإخوان سواء عبر التليفزيون أو البرلمان الذي دخلوه في أكثر من استحقاق، كما تضمن برنامج حزبهم الحرية والعدالة صراحة محاربة التعري وإصلاح انحراف الإعلام.
المصادر
- قانون جمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية 1349هـ - 1930م، مطبعة التضامن الأخوي بشارع كفر الزخاري عطفة الشماع نمرة 8 بالحسين مصر.
- حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2001م، صـ16.
- حسن البنا: المرجع السابق: صـ18.
- حسن البنا: المرجع السابق: صـ53- 54.
- حسن البنا: المرجع السابق: صـ60.
- حسن البنا: رسالة المؤتمر السادس، صـ516.
- مجلة النذير، العدد 1، السنة الأولى، 30 ربيع الأول 1357ﻫ/ 30 مايو 1938م، صـ12.
- مجلة الإخوان المسلمين اليومية، العدد 239، السنة الأولى، 21ربيع أول 1366ﻫ / 12فبراير 1947م، صـ2.
- جريدة الإخوان المسلمين: العدد 1، السنة الأولى، 17شعبان 1361ﻫ/ 29أغسطس 1942م، صـ12.
- النذير: العدد 13، السنة الثانية، 25ربيع الأول 1358ﻫ/ 16مايو 1939م، صـ7.
- المرجع السابق: العدد 12، السنة الثانية، 18ربيع الأول 1358ﻫ/ 9مايو 1939م، صـ20.
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية: العدد 229 السنة الأولى 10 ربيع الأول 1366 هـ, 1/2/1947 صـ4.
- جريدة الإخوان المسلمين: السنة الأولى، العدد 15 ، 1جمادى الآخرة 1352هـ / 21سبتمبر 1933م، صـ12.
- المرجع السابق: السنة الثانية، العدد 15، 17 جمادى الأولى 1353هـ / أغسطس 1934م.
- المرجع السابق: السنة الثانية، العدد 21 ،18جمادى الأولى 1353هـ / 28سبتمبر 1934م.
- جريدة الإخوان المسلمين: السنة الثالثة، العدد 14 ، 15ربيع الثاني 1354هـ / 16يوليو 1935، صـ5.
- مجلة المنار، الجزء 10، السنة الخامسة والثلاثون، 1شعبان 1359ﻫ/ 4سبتمبر 1940م، صـ35.
- مجلة الإخوان المسلمين: العدد 58، السنة الثالثة، 20جمادى الأولى 1364ﻫ/ 3مايو 1945م، صـ5.
- الإخوان المسلمين اليومية: العدد 334 السنة الثانية، 15 رجب 1366 هـ, 4/6/1947 صـ3.
- الإخوان المسلمين: العدد 218 السنة السادسة 20 ذو الحجة1367 هـ, 23/10/1948 صـ21.
- جريدة الإخوان المسلمون اليومية: العدد 557، السنة الثالثة /13 ربيع الثانى1367هـ, 23/2/1947صـ6.
- جريدة الإخوان المسلمون اليومية: العدد 491 السنة الثانية/ 25 محرم 1367هـ, 8/12/1947 صـ6.
- جريدة الإخوان المسلمين: السنة الثانية، العدد 17، جمادى الأولى 1353هـ / أغسطس 1934م.
- جريدة الإخوان المسلمين: السنة الثانية، العدد 21 ،18جمادى الأولى 1353هـ / 28سبتمبر 1934م.
- المرجع السابق: السنة الرابعة، العدد 8 ، 12ربيع الأول 1355هـ / 2يونيو 1936م، صـ9.
- المرجع السابق: السنة الرابعة، العدد 14، 25ربيع الثاني 1355هـ / 14يوليو 1936م، صـ21.
- مجلة النذير، العدد 11، السنة الثانية، 11ربيع الأول 1358ﻫ/ 2مايو 1939م، صـ18.
- السابق، العدد 43، السنة الثانية، 14 ذو القعدة 1358ﻫ/ 25 ديسمبر 1939م، صـ4.
- مجلة الفتح: العدد 557، 29ربيع الآخر 1356هـ، صـ10.
- جريدة الإخوان المسلمين: العدد 7، السنة الخامسة، 23 ربيع الثاني 1356هـ / 2يونيو 1937م، صـ12.
- النذير: العدد 17، السنة الأولى، 24رجب 1357ﻫ/ 19سبتمبر 1938م، صـ21.
- مجلة التعارف، العدد 8، السنة الخامسة، 28 صفر 1359ﻫ/ 6 أبريل 1940م، صـ7.
- الإخوان المسلمون: العدد 54، السنة الثالثة، 15ربيع الأول 1364ﻫ/ 28فبراير 1945م، صـ24.
- مجلة الإخوان المسلمين: العدد 88 ، السنة الرابعة/ 29 صفر 1365 هـ, 2/2/1946 صـ5
- مجلة الإخوان المسلمين: العدد 147، السنة الخامسة /20 جماد أول 1366 هـ, 12/4/1947م، صـ6.
- جريدة الإخوان المسلمين: العدد 11، السنة الرابعة، 4ربيع الثاني 1355هـ / 23يونيو 1936م.
- جريدة الإخوان المسلمين: العدد 16، السنة الخامسة، 5رجب 1356هـ / 10سبتمبر 1937م.
.