الطفولة ألم وأمل.. منهج الإخوان التربوي للنشء

إعداد/ عبده مصطفى دسوقي

 

الطفولة هي أول بصمة للإنسان في حياته وأجمل مراحل عمره، يتمتع فيها الطفل بالصدق النابع من أعماقه، ويتمتع بنقاء سريرته وصفائه، ومرحلة مليئة بالحنان والحب والعاطفة، إنها المتعة وبراءة الابتسامة.

تعد مرحلة الطفولة أهم مرحلة في حياة الإنسان، لذلك يجب منح الطفل حقه بالتنشئة السليمة ومراقبة حركاته وتصرفاته، فطفل اليوم هو رجل الغد.

إن مرحلة الطفولة مرحلة تكوين اللبنة الأساسية لتكوين شخصية الطفل، فتعد هذه المرحلة من أكثر المراحل تأثيرًا في حياة الفرد في المستقبل.

فالأسرة المسلمة تشكل نواة المجتمع المسلم، ويعكس أطفالها الأخلاق والمبادئ التي يتم تربيتهم عليها، حيث وضح الإسلام حقوقا لكل فرد، سواء أكان رجلا مسنا، أم امرأة، أم طفلا، وقد حرص الإسلام على رعاية حقوق الإنسان جميعا.

وفي دراسة حصرية (للمنتدى الإسلامي العالمي للتربية) للباحث عبده دسوقي بعنوان (الطفولة ألم وأمل.. منهج الإخوان التربوي للنشء) وضح فيها أهمية مرحلة الطفولة في تأثيرها على سائر مراحل الحياة الأخرى، وأبرز فيها جهود الإخوان ومنهجهم التربوي لهذه المرحلة ضاربًأ أمثلة حية على ذلك.

 

حق الطفل في الإسلام

تعد مرحلة الطفولة اللَّبنة الأساسية في بناء شخصية الفرد إيجابا أو سلبا، وفقًا لما يلاقيه من اهتمام، وجاء الإسلام ليقرر أن لهؤلاء الأطفال حقوقا وواجبات، على اعتبار أنهم شريحة مهمة من المجتمع لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها

 إن للطفل حقوقا على والديه كفلها له الإسلام، وشدد على الوالدين العمل بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي- صلّى الله عليه وسلم- قال: «مِنْ حَقِّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ إِذَا وُلِدَ، وَيُعَلِّمَهُ الْكِتَابَ إِذَا عَقَلَ، وَيُزَوِّجَهُ إِذَا أَدْرَكَ»، رواه الألباني من حديث ضعيف.

والطفل نعمة من الله لوالديه وأمانة لديهم، وينبغي الحفاظ على هذه الأمانة ورعايتها من خلال الحرص على تنشئته بطريقة سليمة، ويكون ذلك وفقًا مجموعة من المعايير المهمّة ومنها: الأدب، والأخلاق، والدين، فمن سنة الحياة حصاد الآباء لما يزرعونه في أطفالهم وأبنائهم.. ولقد فطن الإخوان من بداية نشأتهم لهذه الأمور، حتى أن البنا قال: (إن المكان الأول للمرأة هو البيت وإن أسمى مهماتها تكوين الأسرة وتربية النشء وبناء الأمة).

 

جهود الإخوان نحو النشء

كما اهتم الإسلام بالنشء منذ المهد سار الإخوان على منهج دينهم فاهتموا بهذا النشء الذي يرجى أن يشب فيصبح عماد الأمة وقوتها ومصدر عزها ولذا حرصوا أشد الحرص على توفير المناخ التربوي الملائم لهذه النبتة حتى تينع فتصبح نبتة طيبة يقوم بقوتها وصلاحها المجتمع، فنجدهم يحاربون نظام المربيات الجاهلات بأمور دينهن فينشئون نشأً قائمًا على فكر الخزعبلات فكتب أحد الإخوان يقول: (فرق كبير ما بين هند زوجة أبى سفيان  وهي تربي ولدها على أن يسود قومه وبين الآن، فهل تجد في بعضها إلا أبناء صغارًا تركوا لمربيات جاهلات، يلقنهم الخرافات والخزعبلات، وآخرين في بيوت أخرى تغني لهم أمهاتهم الساقط من القول والمبتذل من الغناء فلا تذكره مجدًا ضيعه أهله ولا ترويه من سيرة السلف، وعلى هذا يشب الطفل رخوًا مخنثًا، وينشأ الغلام خوارًا جبانًا يسام الخسيسة ويرضى الدنية).

أما عن التعليم خاصة التعليم الأولي أو التحضيري ومنه رياض الأطفال، رأى الإخوان أن يكون هذا النوع من التعليم إجباريًّا ذا منهاج يتناسب مع مدارك الطفل في هذه السن ومع مطالبه النفسية.

كما رأى الإخوان في مرحلة التعليم الابتدائي (الإلزامي) أن تستمد هذه المرحلة من سابقتها، وتحذف منها اللغات الأجنبية تمامًا وتضاف دروسها إلى اللغة الوطنية والعلوم الإسلامية والخلقية، وقد كانت رؤية الإخوان بإلغاء اللغات الأجنبية من هذه المرحلة موافقة لمعظم رجال وزارة المعارف والمختصين بالتربية وعلم النفس، كما كان ذلك النظام معمولًا به في كل الدول الأجنبية، حيث تخصص هذه المرحلة لإتقان لغة البلاد.

طالب الإخوان وزير المعارف بقيام وزارته بدورها في حماية الأخلاق وذلك عبر النداء من خلال صحفهم وصحف الغير وساهم جميع الإخوان في هذه الجهود الإعلامية حتى طلاب الإخوان ساهموا في ذلك فنرى الطالب محمد عبد المنعم شمس الدين الطالب بمعهد الزقازيق الديني يقوم بإرسال خطاب إلى وزير المعارف يلفت فيه نظره إلى المظاهر المؤلمة التي تشيع في جو العلم والثقافة التي يسيطر عليها معاليه، وهي أمانة عظمى على عاتقه، وذلك إثر الحفل الرياضي الذي اشترك فيه جميع طالبات المدارس الأميرية بالزقازيق، وقد ظهرن فيه بملابس تكشف عن أجسامهن وتغري بالفتنة فوق ما يغري عريهن، وكان من الضحكات الماجنة الخليعة التي بدرت منهن من الآثار السيئة في نفوس الشبان، وما يندى له جبين الفضيلة حياء، ويكتم أفواه الغيورين الفضلاء، ولا يخفى أنّ نشأً يتربى على هذه الخلاعة والمجون لا يرجى منه إلا تحطيمًا لما بقي من كرامة الخلق في هذا البلد وإهدارًا لما بقي من شرف وحياء، ثم يهيب الأخ في إلحاح ورجاء حار بمعالي الوزير أن يدرك أخلاق النشء، ويضرب على يد هذا الانحلال بيد المسلم الحازم القوي الذي يتمثل في (حياة محمد) و(منزل الوحي).

كما كتب الأستاذ عبد العزيز عطية (عضو مكتب الإرشاد) تحت عنوان (نظرات فى التربية) بين فيها المراحل الصحيحة للتربية الصحيحة قبل اختيار الأخ المسلم للزوجة، والشروط الواجب توافرها فى اختيار الزوجة والواجبات التي تتخذ نحو الطفل منذ كون جنينا ثم مرورا بكل المراحل.

وكتب أحد الإخوة يزكي وسائل الإعلام المرئية إذا حسن الاستفادة منها فقال: (ومن الحق أن يقال أن التلفزيون أداة أو جهازًا إن وجه إلى الخير والإصلاح أمكن أن ينشئ الطفل النشأة الصالحة، ويربي الفرد ويصلح المجتمع، ويكون عونا للدولة على النهوض بأعبائها على أحسن حال، وبالعكس تماما إذا أسيء استعماله، واتجه القائمون على أمره إلى الشر والفساد من حيث يشعرون أو لا يشعرون، كان جهازا مدمرا ينشئ الطفل أسوأ نشأة، ويفسد الفتاة والمرأة ويزين لهما سبيل الانحراف، ويعلم الشباب طرق الجريمة والإفلات من آثارها.. وبالإجمال فهو يدمر كل فضيلة مطلوبة ويهدم كل بناء صالح.

 

الاهتمام العملي للإخوان بالنشء

لقد اهتم الإخوان أنفسهم بهذا النشء فلم يكتفوا بالكتابة عبر الصحف أو الكتابة للوزراء والمشايخ مذكرين بواجبهم نحو النشء بل نزلوا إلى ساحة المجال العملي الواقعي ليطبقوا ما نادوا به من فكر ومنهج تربوي لتخريج جيل يعرف الحق لدينه ووطنه ويعرف العزة لنفسه وأهله.

أ- إنشاء المدارس

أقام الإخوان منذ فجر الدعوة المدارسَ لتعليم النشء ومحو أمية الكبار، فكان في كل شعبة من شعب الإخوان تقام المدارس الليلية لتعليم العمال والفلاحين ومحو أميتهم، كما قامت بعض الشعب بإنشاء المدارس الأولية للبنين والبنات لتربية النشء وتعليمهم وتعريفهم بمبادئ دينهم ومن تلك المدارس:

1- معهد حراء:

ما إن نشأت الجماعة إلا وكان أول تفكير عملي يقوموا به هو إنشاء المسجد والمدرسة ووضعوا لها مناهج وطرق تتناسب مع المنهج التربوي الإسلامي، فكانت تتمشى مع مواقيت الصلاة فتبدأ في وقت مبكر وتنتهي الفترة الأولى قبل صلاة الظهر، حيث يؤدي التلاميذ جميعًا الصلاة مع الجماعة في المسجد ويعودون بعد الغداء وقبيل العصر ليؤدوا الصلاة في جماعة أيضًا.

وكان منهاج المعهد التعليمي ذا ثلاث شعب:

القسم الأول: يتمشى مع منهاج المدارس الأولية الكاملة ليجهز التلميذ للأزهر والمعاهد الدينية.

القسم الثاني: يتمشى مع المدارس الأولية أول النهار ومع المدارس الصناعية آخره، فيتوجه الطلاب بعد الغداء إلى مصانع وورش أهلية يديرها إخوان تعهدوا بتعليم هؤلاء الطلاب الصناعة بإشراف المعهد ورجاله وفق نظام خاص.

والقسم الثالث: يتمشى مع منهاج المدارس الابتدائية الأميرية ليجهز للثانوية فالعليا وهكذا.

أما المصروفات المدرسية فكانت مناسبة ليس فيها إرهاق، وزيدت نسبة المجانية بحسب ظروف أولياء أمور الطلاب، واستقدم للمعهد نخبة من المدرسين والفنيين ذوي المؤهلات والشهادات العالية.

وكانت طرائق التعليم فيه مبتكرة تتمشى مع أحدث نظريات التربية، فكثير من الدروس كان يلقى في الهواء الطلق وبين خمائل الإسماعيلية وأفنان حدائقها الغناء، وكانت الحروف الهجائية ومبادئ الحساب تعلم بالمحسات من الطين أو الصلصال أو الكرات، وكان للتلاميذ أن يصارحوا المدرسين بكل ما يدور في أنفسهم من تعب أو إرهاق أو خواطر، وكانت الصلة بين الطالب والأستاذ وبين المدرسة والمنزل على أتم ما تكون من التعاون والوئام.

2- لم يهتم الإخوان بالبنين فقط بل انشئوا مدرسة تعتني بالنشء من البنات وأطلقوا عليها اسم مدرسة أمهات المؤمنين، كان منهاجها يتقارب مع منهاج معهد حراء.

وما إن انطلقت شعب الإخوان المسلمين في الانتشار إلا تنافسوا في هذا المجال خاصة أنها وسيلة جيدة لتربية الجيل منذ نعومة أظافره والاعتناء به، ومن ذلك ما قامت شعبة شبراخيت ببناء مدرسة على نفس الطراز السابق وليس ذلك فحسب بل قامت شعبة منشأة جويد ببناء مدرسة أيضًا، كما قامت شعبة  أبو صوير ببناء مدرسة ابتدائية أخرى، وأتمت المحمودية العدة لمدرسة على غرار المدارس الإسلامية العلمية ومثلها في المنزلة دقهلية.

وفي بداية الأربعينيات قام الإخوان بإنشاء مدرسة في فاقوس وأبو كبير- والتي وافقت وزارة المعارف على الانضمام للوزارة لتميزها- والإسماعيلية بميدان عباس، وفي الإسكندرية أنشأوا روضة عمر الفاروق للأطفال ثم مدرسة أبو بكر الصديق الابتدائية ثم المدرسة المحمدية الثانوية.

وبعد عودة الجماعة عام 1951م بعد حلها وصل عدد مدارس الإخوان إلى إحدى وثلاثين مدرسة معظمها رياض أطفال ومدارس ليلية بها ما يزيد عن 3500 طفل ثم زادت هذه المدارس خلال الأعوام التالية. 

 

ب- التصدي للتبشير وسط الأطفال

لم يكتف الإخوان بإنشاء المدارس فقط بل بذلوا جهودا كبير في التصدي للحملات التبشيرية التي كان هدفها الأول النشأ الصغير من أبناء وبنات المسلمين خاصة الفقراء، وكان هذا شر مستطر وبذلوا مجهود كبير على كافة الصعيد ليجنبوا البلاد هذا الوباء المدعوم من المحتل ومن أذنابه في مفاصل الدولة.

وقد تقدم النائب الإخواني محمد عبد الرحمن نصير بسؤال إلى صاحب المعالي إبراهيم دسوقي أباظة وزير الشئون الاجتماعية حول عمليات التنصير التي تقوم بها هذه الملاجئ بالاستدلال بملجأ (سان لويس) بالعباسية وجاء في سؤاله:

(هل يعلم معالي الوزير أن في القاهرة ملجأ للقطاء يسمى ملجأ (سان لويس) بالعباسية، وهو ملجأ أجنبي اللغة والعقيدة والصبغة، وبه أكثر من 150طفلًا بين رضيع وصغير يحبو وصبي يتعلم في مدرسة الملجأ، وطريقة الحصول على هؤلاء الأطفال أن تذهب الأمهات تحت جنح الظلام فيدفعن بابه المفتوح دائمًا ويتركن فلذات أكبادهن.. وهناك ينشأ الطفل في هذا الوسط أجنبيًّا بكل معنى الكلمة في اسمه ودينه ولغته وجنسيته. فهلا يرى معالي الوزير أن في ترك هؤلاء الأطفال لهذه الحضانة الأجنبية إخراجًا لهم من دينهم وقوميتهم وجنسيتهم المصرية، وتشجيعًا للفتيات على الجريمة ما دامت طريقة التخلص منها قد سهلت أمامهن، وهو ما يأباه الإسلام، ولا ترضاه الوطنية الصحيحة؟ وهلا يرى معاليه أن وزارة الشئون الاجتماعية أولى بالقيام بهذه الخدمة الاجتماعية؟ إذا كان لابد من أن يقوم مثل هذا الملجأ بهذه الخدمة برًّا بالإنسانية، فهلا يرى معاليه أن الإسلام والوطنية يحتمان على الحكومة أن تأخذ على إدارة هذا الملجأ تعهدًا صريحًا بأن تسلم إليها هؤلاء الأطفال متى بلغوا سن التمييز لتلحقهم الحكومة بملاجئها، وتشرف على تثقيفهم وتنشئهم نشأة مصرية إسلامية صالحة؟) ولذلك طالبت صحيفة الإخوان الحكومة المصرية بسرعة إصدار القانون حفاظًا على عقائد النشء الجديد.

 

جـ- التصدي لظاهرة أطفال الشوارع

وباء يزحف على الأمم وهو تواجد أطفال في الشوارع لا أب لهم ولا أم ولا يعرفون لأنفسهم هوية ويشكلون قنبلة موقوتة داخل المجتمعات ولذا عمد الإخوان للعناية بهم، وفى عموده بعنوان (فى الطريق) كتب الأستاذ عبد الحليم الوشاحي تحت عنوان (الطفولة المشردة) يقول: «أهؤلاء الأطفال الذين يتزاحمون على أفاريز الشوارع وزوايا الطرق وينتقلون من ترام لآخر يلبسون الأسمال ويستترون بالخرق التي تظهر ما خفى من أجسامهم الهزيلة، هؤلاء الأطفال يطوفون طول النهار وأكثر الليل على المقاهي والحانات لعلهم يجدون ما يسد رمقهم، من هؤلاء تكونت عصابات النشل بعد أن وقع هؤلاء المساكين تحت رحمة رؤساء العصابات فيطلقونهم على وسائل النقل المزدحمة فيسلبون الأموال، فهؤلاء الصبية هم الذين يستخدمون فى توزيع المخدرات على مدمنيها، هذا غير نبذ الطبقة الغنية لهم، فمن لهؤلاء؟».

وكتب الأستاذ البنا يقول: الزكاة فريضة دينية نأثم جميعًا حاكمين ومحكومين إذا لم نؤد حقها فلماذا تجمع من المسلمين ويفرض ما يعادلها كضريبة إحسان على غير المسلمين وهذا المال الحلال نستطيع أن ننقذ الطفولة المشردة وغير المشردة ونستطيع أن ننشر البر ونشيع الإحسان.

كما قدمت صفية عبد الرازق علي، وسمية عبد الرازق علي، وسندس محمد، وفاطمة الموصل، ورقتين بحثيتين تضمنت عددا من الاقتراحات لكيفية مساهمة الإخوان في حل مشكلة أطفال الشوارع تضمنت البدء في تكوين مؤسسة إسلامية لرعاية أطفال الشوارع تضمن المساعدة في حل مشكلات العشوائيات والفقر من خلال دعم الأسر الفقيرة ماديا ومعنويا، وتفعيل دور الدولة في التصدي لمن يستغلون أطفال الشوارع في أعمال لا أخلاقية.

 

د- الاهتمام بالتعليم الديني

طالب الإخوان الوزارة بالاهتمام بالتعليم الديني الاهتمام اللائق بأثره فى تهذيب النفوس وتطهير الأرواح، وتجعله كمادة أساسية يتوقف عليها ثلث التربية الكاملة وهى التربية الخلقية، فلا يكاد الدين يدرس فى مدارسنا إلا فى السنوات الأولى والثانية والثالثة الابتدائية، وله حصة فى الأسبوع فى المدارس الثانوية وقد نما عقله وقوى إدراكه وانبعثت عاطفته، وأصبح فى دور المراهقة والبلوغ أحوج ما يكون إلى الوازع الديني الذى يعصم نفسه ويحول بينه وبين الفساد الخلقي، وهو فى هذه السن عرضة للشكوك والتقلبات الفكرية، فهو أحوج إلى ما يبث فى نفسه عقيدة دينية صحيحة. نعم إن لدراسة الدين فى المدارس الابتدائية أهمية وخطرًا، ولكن أهميته العظمى وفائدته الجلية فى المدارس الثانوية حتى يستطيع التلميذ أن يقمع بدينه عاطفته الثائرة وعقله الوثاب، ويلزمهما حد الفضيلة والكمال.

وهناك مشكلة لابد أن تفكر الوزارة فى حلها وهي مشكلة تحفيظ القرآن، كانت المكاتب القديمة تقوم بهذه المهمة، ويتخرج فيها طائفة من الأمة تحفظ القرآن الكريم، ولكن هذه المكاتب تنقرض بانتشار التعليم الإلزامي والابتدائي فأين يحفظ القرآن؟ المدارس الإلزامية لا تعنى به ولا تتسع له، والمدارس الأولية تنقرض هي الأخرى، والابتدائية لا تدرسه ويقولون: إن هناك قسمًا يسمى بقسم الحفاظ، ولكنا لم نعلم نظامه ولا نتيجته ولا مبلغ الإقبال عليه.

ونزيد ذلك تفصيلًا فنقول: غاية التربية المقصودة:

1-تحبيب الإسلام إلى النفوس والغيرة عليه.

2-تهيئة السبيل للنجاح فى الحياة.

3-الدفاع عن المصلحة الدينية والدنيوية وتنمية الشعور بالغيرة.

 

ه- الرعاية الطبية

اهتم الإخوان بالرعاية الطبية للطفل من ولادته ففتحوا المستوصفات الخاصة وألحقوا الأطباء المهرة في هذا المجال في جميع مستوصفاتهم حتى أنهم في شهر واحد عالجوا ما يزيد عن 1000 طفل غير الحالات الأخرى.

فنرى قسم الأخوات يقوم بافتتاح مستوصف للولادة ورعاية الطفل بدار القسم بـ17 شارع سنجر الخازن بالحلمية الجديدة، وذلك في يوم الأحد 29 من جمادى الآخرة 1364هـ الموافق 10 من يونيو 1945م، وقد حضر الاحتفال الإمام الشهيد، وألقى فيه كلمة، كما حضره الشيخ عبد اللطيف الشعشاعي ولفيف من الإخوان.

 

مرحلة التربية عند الإخوان نحو نشء قويم

  1. الاهتمام بالطفل في المنزل أول ما يرى من الوجود منزله وذويه فترتسم فى ذهنه أول صور الحياة مما يراه من حالهم وطرق معيشتهم، فتتشكل نفسه المرنة القابلة لكل شيء المنفعلة بكل أثر بشكل هذه البيئة الأولى.
  2. ترقية تعليم المرأة عندنا وتزويدها فى المدارس بالقدر الوافر من الدين والخلق، وإفساح المجال فى مناهج دراسة البنات للبحوث البيتية وتراجم فضليات النساء اللاتي كن مضرب المثل فى الخلق الفاضل فى زمنهن.
  3. أن يحرص الأبوان على أن يكونا خير قدوة لابنهما فى احترام شعائر الدين، والمسارعة فى أداء فرائضه وبخاصة أمامه وعند حضوره يؤدون الصلاة ويقصون عليه من نبأ الصالحين، فأيقظ غرائزه فى هذه السن غريزة التقليد.
  4. أن يضع الوالدان نصب أعينهما، أن يشبعوا أبناءهم بروح الدين والشعور الإسلامي فى كل الفرص المناسبة.
  5. أن يحول الأبوان تسرب الكتب الهازلة والصحف الماجنة إلى ابنهما لا بالمنع والتهديد، فإن ذلك مما يزيد شغفه بها وإقباله عليها، ولكن بصرفه إلى كتب نافعة مغرية وإثارة الميل فيه إلى هذه الناحية الصالحة.
  6. المدرسة: وهو أهمها وأبلغها أثرًا فى حياة الطفل؛ إذ تقوم بالقسم الأعظم من تربيته وهو التعليم والثقافة العقلية، فيجب أن نوجه إليها العناية بالإصلاح حتى تؤدى إلى الغاية المنشودة، وفيها يجب أن يهتم بمناهج التعليم والمعلم الذى يقوم بتوصيل الغذاء التربوي إلى العقل.
  7. البيئة: وهي العامل الثالث من عوامل التربية ويجب أن نعنى بشأنها لما لها من عظيم الأثر فى نفس الطفل وخلقه كذلك، وتشمل البيئة الإخوة والأصدقاء.
  8. الأندية والمحال العمومية: وهذه لها عظيم الأثر فى نفس الناشئ، فيجب أن يعرف منها بكل خلق ديني، ويبعد عن كل ما يضم مفاسد الدين والخلق كالمسارح الهازلة والمراقص الخليعة والقهاوى الموبوءة.
  9. الاحتفالات الدينية: يجب أن يصحب الناشئ ولي أمره إلى محال هذه الاحتفالات البريئة التي تتجلى فيها مشاهد جلال الإسلام وروعته كالجمعة، والعيدين، وحفل رأس السنة، وذكرى الهجرة، والمولد بدور الجمعيات الإسلامية لا بتلك المهازل التي تمثل باسم الدين فى الموالد ونحوها.

وبعد: فما الذي نتمنى أن يكون؟

نريد أن يتجه تفكير المصلحين المعنيين بشئون التعليم للوصول بالمدارس والنشء الجديد والجيل الجديد إلى هذه الأهداف الثلاثة:

  1. تعليم عالمي؛ فالعلم لا وطن له.
  2. وثقافة قومية؛ فلا حياة لأمة لا تعتز بوجودها ولا تعرف حق أمجادها.
  3. وتربية إسلامية؛ فلا بقاء لشعب إلا بخلق ولا خلق بغير دين.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم