Business

استغلال الأيام العشر وشعيرة الحج في تربية الأبناء

لا شك أن للمناسبات بهجة خاصة في نفوس الأطفال، يستقبلونها بفرحة لا توصف، تستثير فيهم الحماس والترقب والسعادة الصافية، وهذا الفرح والتشوق يمثل فرصة ذهبية لغرس المعاني الإيمانية وربطها بالمشاعر الإيجابية والأجواء الدافئة والسعيدة لدى الصغار.

وفى دراسة بعنوان: «التربية الإيمانية للأطفال في عشر ذي الحجة»،تقدم الباحثة مي عباس، بعض الملامح لدور الأسرة والمربين في التربية الإيمانية للأطفال في أيام عشر ذي الحجة وعيد الأضحى المبارك.

 

 فرحتنا تسبقها طاعة

وهو معنى هام يلمسه الطفل تلقائيًا في البيئة الخيّرة، وينبغي تنبيهه له وربطه به، فعيد الفطر يسبقه شهر رمضان الكريم وما فيه من طاعات وقربات يزداد الاجتهاد فيها كلما دنونا من انتهائه وقدوم العيد، في الليالي العشر التي هي خير ليالي الدنيا، وفيها ليلة القدر.

وعيد الأضحى تسبقه وتشمله أعظم أيام الدنيا– العشر الأوائل من ذي الحجة-، التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» رواه الترمذي، وأصله في البخاري.

فمعايشة الطفل لأبويه وأسرته وهم يجتهدون في اغتنام هذه الأيام والليالى الفضلى، وعمارتهم لها بالذكر والصيام والقيام والدعاء والصدقة وأوجه البر المختلفة، ثم استقبالهم للعيد بانشراح صدرٍ وتوجه إلى الله أن يقبل أعمالهم، يرسخ في وجدانه أن الفرحة ترتبط لدى المسلم بالطاعة، ونصيب الدنيا يجب أن يسبقه ويحيط به ابتغاء الآخرة.. قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (القصص: 77).

 

الأيام العشر

من الجميل أن يضع الأب أو الأم الأحاديث والآيات التي تتحدث عن فضل هذه الأيام في مكان بارز في المنزل، ويعلنان عن جائزة بين أفراد أسرته لمن يحفظها.

كما يفضل أن يجمعا أبنائهما؛ كي يبينان لهم فضلها، ويعددان ألوان الطاعات المستحبة فيها، من ذكر وتهليل وتكبير وصدقات وصيام وصلاة وغيرها.

 

إبراهيم وآل إبراهيم عليهم السلام

يرتبط عيد الأضحى المبارك، ونسك الحج، ونسك النحر، بأبي الأنبياء إبراهيم الخليل وآله صلى الله عليهم وبارك، ومن هنا فإن سرد قصصهم بطريقة مؤثرة وشيقة مليئة بالمعلومات والعاطفة الصادقة في هذه الأيام الطيبة يربط لدى الطفل بين المعاني الإيمانية في قصصهم وبين الحج والنحر والعيد وأيام العشر، فتكون أشد تأثيرًا في فؤاده.

وهناك وسائل مختلفة وطرق عديدة لإيصال هذه المعاني للأطفال، مثل الحديث والقصة المباشرة، أو إهداء الطفل مجموعات قصصية، أو مشاهدته لها عبر أفلام كارتونية أو برامج إلكترونية، وإن كان لحديث الأبوين مع الصغار وسرد القصة بتأثر منهما يظل أوقع وأفضل، ولعل اجتماع الأسرة في لقاء يومي جذاب للقصة والمسابقة يحقق هذا بشكل عملي وممتع.

ومن المهم التركيز على المعنى الإيماني وإشعار الطفل به، وخاصة الآتي:

  • يقين إبراهيم: وذلك عبر قصة الذبح، وكيف أنه عليه السلام صدّق الرؤيا ولم يوهن الشيطان عزمه وتصديقه، ومضى إلى أمر ربه لم يتطرق له الشك. وعن طريق القصة نربط الرجم في الحج بيقين إبراهيم وقوته في الحق.

ويتعرض المربي لمسيرة إبراهيم عليه السلام حتى وصوله إلى اليقين وسلامة القلب، كقصة إيمانه واهتدائه، ومُحَاجَّتِهِ لقومه، وكيف نجّاه الله من النار، وقصته مع الطير وكيف أحياها الله له ليطمئن قلبه.

  • تسليم إسماعيل: يصور المربي في قصته للطفل كيف أن إسماعيل عليه السلام كان صغير السن، إلا أن قلبه كان مليئًا بحب الله والتسليم له، فهو نموذج للطفل المسلم المستسلم لربه، والذي استحق أن يفديه الله جل في علاه، ويبقي ذكره وذكر إيمانه حتى قيام الساعة.
  • توكل هاجر: وهو من المعاني العظيمة التي ترتبط بمكة المكرمة والصفا والمروة ومناسك العمرة والحج، فارتباط الطفل بقصة هاجر عليها السلام وصدق توكلها يقوي لدى الطفل الثقة بالله وحسن عاقبة المتوكل، فهذه بئر زمزم لم تزل ينبوعًا صافيًا، طعام طعم، وشفاء سقم، إكرامًا لهذه السيدة العظيمة.

 

فرحة لا تكتمل إلا بالعطاء

وهنا لا يكفي تعليم الطفل وتلقينه المعلومة بفريضة صدقة الفطر، ومشروعية ذبح الأضحية، وإنما ينبغي أن يشارك الطفل والنشء في الصدقة والعطاء منذ صغره، فيصطحبه الأب أو الأم في إعطاء الصدقة، وتوزيع اللحم.. مع توجيه المربي بأن المسلم لا تتم سعادته إلا بإسعاد الآخرين، ولا يمكن أن يفرح بالعيد إلا بالعطاء وإدخال السرور على من حوله.

 

بهجة العيد

من المهم جدًا أن يجتهد الأبوان مهما كانت ظروفهما في إسعاد الصغار في يوم العيد، وأن يبدأوا اليوم بصلاة العيد وشهود جمع المسلمين وتكبيرهم، وأن يشاركوا فرحتهم مع غيرهم من العائلة والجيران، وألا ينسوا من حولهم من المتعَبين والحزانى في هذا اليوم العظيم، ويجتهدوا ليكونوا بلسمًا لجروح غيرهم.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم