Business

مهارات وخصائص القائد التربوي الفعال

تحتاج المدارس العربية اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى رؤية جديدة تهدف إلى تربية القلب والوجدان إلى جانب العقل والفكر؛ ليتحقق معنى التربية المتكاملة التي نادى بها المربون في العصر الحديث، ولكي تحقق المدرسة هذا الهدف، لا بد من وجود قيادة تربوية واعية متعددة الكفاءات والمهارات، تتميز بالمرونة والتكيف مع المعطيات الجديدة، والقدرة على تحليل وإدراك العلاقات واتخاذ القرارات الصحيحة.
وفى دراسة بعنوان: «مهارات وخصائص القائد التربوي الفعال»، للباحث رشيد سعادة، بالمركز الجامعي غرداية، بدولة الجزائر، يرى أن المدرسة الفعالة تتطلب قائدًا من طراز رفيع، ذو مواصفات خاصة، ومهارات عالية، ومستوى أداء متميز، حيث يتبنى مفاهيم ومبادئ وفلسفات جديدة، يتجاوز من خلالها الأساليب التقليدية في قيادة وإدارة المدرسة. والقائد الذي تنشده المدرسة العصرية هو الذي يستوعب التغيرات المعقدة ويتعامل بمهارة مع الأوضاع الجديدة، ويمتلك الكفاءة القيادية اللازمة، ويكون صاحب رؤية في خلق مناخ تربوي جديد وملائم تطلق فيه قوى الإبداع والابتكار للمدرس والتلميذ على حد سواء.

 

مفهوم القيادة التربوية

يعرّف البعضُ القيادةَ التربوية بأنها: قدرة القائد الإداري- المدير– على التأثير في سلوك واتجاهات مرؤوسيه (الإداريين، والمعلمين، والتلاميذ)، وتحفيزهم، وكسب ثقتهم نحو تحقيق أهداف المدرسة.

في حين يعرفها بعض التربويين على أنها: مجموعة السلوكيات التي يمارسها القائد في الجماعة، والتي تعد محصلةً للتفاعل بين خصال شخصية القائد والأتباع، وخصائص المهمة والنسق التنظيمي والسياق الثقافي المحيط، وتستهدف حث الأفراد المنوطة بالجماعة، بأكبر قدر من الفعالية التي تتمثل في أداء الأفراد، مع توافر درجة كبيرة من الرضا، وقدرٍ عالٍ من تماسك الجماعة.

من خلال التعاريف السابقة، يمكننا القول بأن القيادة التربوية، هي ذلك التفاعل النفسي الاجتماعي والتربوي بين مدير المدرسة والجماعة المدرسية (العمال– المدرسين– التلاميذ)، وما يتضمنه هذا التفاعل من عمليات التأثير والاتصال والتوجيه، واتخاذ القرارات وحل المشكلات، لغرض تحقيق الأهداف التربوية.

 

خصائص القيادة التربوية

تتميز القيادة التربوية عن الأنواع الأخرى من القيادة، ببعض الخصائص والمعالم، التي يمكن إيجازها فيما يلي:

  • القيادة التربوية تحترم رغبات وحاجات الأفراد، وتعمل على تحقيقها وإشباعها، فالقائد الناجح هو الذي لا يسعى إلى مضايقة مرؤوسيه، ولا يحملهم أعمالًا لا يرغبون فيها، أو إنجاز ما لا تسمح لهم قدراتهم واستعداداتهم إنجازه، كما يراعي ظروفهم ويأخذها بعين الاعتبار.
  • القيادة التربوية الناجحة تسعى دائمًا إلى معرفة واستغلال وإثارة الحوافز والبواعث الذاتية لنشاط الأفراد، مما يتطلب من القائد التربوي دراسة الجماعة وديناميكيتها ويتعرف على الفوارق الفردية بينهم، حتى يتسنى له معاملتهم بما يرضيهم ويتجنب قدر الإمكان ما يغضبهم.
  • القيادة التربوية الناجحة هي التي تعترف وتحترم إنسانية الفرد وتقدر كفاءته، وتستمع إلى وجهة نظره، فمدير المدرسة الناجح في ظل هذه الخاصية، هو الذي لا تستهويه وظيفته ولا يغريه مركزه، فيتعالى على الآخرين، ويبسط سلطته عليهم واهمًا أنه سيفوز باحترامهم.
  • القائد التربوي يكون ابن بيئته التربوية، يحمل خصائصها ويتمتع بالإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فتحقيق النجاح في البيئة التربوية متوقف على ما يحمله القائد من مهارات وسمات ينفرد بها عن القادة الآخرين في مختلف مجالات الحياة.

 

مهارات القائد التربوي الفعال

إن مدير المدرسة الناجح هو الذي يتفهم دوره تمامًا وما يتضمنه هذا الدور من إشراف وتوجيه ومتابعة وتنفيذ، وأعظم دور يجب أن يؤديه المدير كقائد تربوي فعال هو خلق مدرسة التعلم التي تتميز بأنها:

  • تفاعلية ومفاوضة.
  • مبتكرة وحالة للمشاكل.
  • سباقة وملبية.
  • تشاركية وتعاونية.
  • مرنة ومتحدية.
  • مخاطرة ومقدمة.
  • تقويمية وتأملية.
  • داعمة ومطورة. 
  • الوعي بالذات الذي يقود إلى الثقة بالنفس.
  • الثقة بالنفس التي تمد القائد بالشجاعة.
  • الشجاعة التي تقود إلى المبادرة وتحمل المسؤولية.
  • المسؤولية التي تتضمن النزاهة.
  • النزاهة التي تسمح بإدارة الأولويات.
  • بُعد النظر الذي يجعل إستراتيجية العمل ممكنة.

 

المهارات اللازمة للقائد التربوي الفعال

أ- المهارات الفنية:

تلك الطرق والأساليب التي يستعملها المدير في ممارسة عمله ومعالجة مختلف المواقف التي يواجهها، مما يتطلب منه معرفة جميع النواحي الفنية التي يشرف على توجيهها، كأن يكون على دراية بجميع تخصصات المدرسين الذين يعملون تحت قيادته، حيث تتضمن هذه المهارات قدرًا من المعارف المتخصصة والكفاءة في استخدام هذه المعرفة بشكل يحقق الأهداف التربوية.

ب- المهارات الإنسانية:

تعني المهارات الإنسانية، قدرة تعامل مدير المدرسة كقائد تربوي بنجاح مع الآخرين، وتنسيق جهودهم وخلق روح التعاون الجماعي بينهم، في ظل بناء منسجم ومتكامل وهذا يتطلب وجـود الفهم المتبادل بينه وبينهم ومعرفته لآرائهم وميولهم واتجاهاتهم.

إن المهارات الإنسانية ضرورية للعمل في كل المنظمات، خاصة في المؤسسات التعليمية، لأن المدير لا يتعامل مع آلات بل يتعامل مع بشر، وينبغي أن يكون سلوكه وتعامله اليومي مبنيٌ على أساس علاقات اجتماعية سليمة، قوامها التقارب والألفة.

ج- المهارات التصورية (الإدراكية):

تتعلق هذه المهارات بقدرة مدير المدرسة، على إدراك التنظيم الذي يقوده، وفهمه للترابط بين أجزاءه ونشاطاته، ونظرته الشاملة للأمور وتوقعاته المستقبلية، وكذا كفاءته في ابتكار الأفكار والإحساس بالمشكلات والتفنن في اتخاذ الحلول لها.

وهذه المهارات تعينه في التخطيط للعمل وتوجيهه وترتيب الأوليات، وتوقع ما قد يحدث من طوارئ.

فالمدير الناجح والفعال، هو الذي يملك التصور والنظرة إلى التربية في إطارها العام الذي يرتبط فيه النظام التعليمي بالمجتمع الكبير، وليس مجرد نظرة جزئية إلى التعليم في نطاق مرحلة تعليمية أو مادة دراسية.

 

خصائص القائد التربوي الفعال

  • الذكاء: إن مدير المدرسة الناجح، هو الذي يملك عقلًا متفتحًا، وبصيرةً ثاقبةً، وقدرةً على مسايرة التطورات وتعلم الجديد.
  • المبادأة والابتكار: يبادر في مواجهة مختلف المواقف ويحس التصرف، كما يتخذ القرارات الملائمة ويستنبط الحلول، ويجد الوسائل الكفيلة لحل مشكلات الجماعات التي يشرف عليها، أو المشكلات المختلفة التي تظهر في الوسط المدرسي.
  • الإقدام والثقة بالنفس: إن المدرسة تحتاج إلى قائد شجاع غير متذبذب، كله ثقة وحزم؛ كي يستطيع أن يتخذ القرارات ويواجه الطوارئ، وبالتالي تلتف جماعته حوله وتقوي ثقتها به.
  • النضج الانفعالي: إن المدير الأصلح لقيادة المدرسة، هو ذلك الشخص الذي يملك القدرة على مواجهة المواقف والتعامل مع الآخرين بثبات واستقرار وضبط النفس، حيث يكظم انفعالاته ولا يترك مكانًا للتردد والتحيز، مما يجسد المناخ التربوي الملائم ونوعًا من التوافق النفسي والاجتماعي للجماعات المدرسية.
  • التعاون والتفاعل الاجتماعي: إن القائد الذي تحتاج إليه المدرسة الحديثة، هو ذلك المدير الذي يملك القدرة على شحذ همم الآخرين، وتوحيد جهودهم، وتعزيز روح التعاون بينهم، وتوجيه نشاطاتهم لخدمة أهداف المدرسة.
  • القدرة على الإقناع: يجب على القائد التربوي أن يملك القدرة على إقناع أفراد جماعته، من حيث المواقف التي يتخذها والقرارات التي يصدها، كما يسعى جاهدًا إلى كسب ثقتهم وتأييدهم، ولا شك أن حماس المدير وفهمه للآخرين هو أساس ذلك.
  • قدرة التعبير: ويعني ذلك الطلاقة اللفظية وحسن اختيار الكلمات من قبل المدير، حيث تجعله يحرر رسائله بوضوح، كما تجعل الاتصال بينه وبين أفراد جماعته فعالًا وسهلًا، حيث يتم التفاهم والتفاعل والتواصل بعيدًا عن أي تعقيد أو غموض.
  • الصبر والمثابرة والطموح: إن العمل التربوي وقيادة المدرسة، يتطلبان مديرًا مثابرًا يطمح إلى الأفضل، طويل النفس، لا يتردد ولا يتراجع مهما كانت صعوبة الموقف، كما يسعى إلى إدارة مدرسته بحنكة وعزم وبأساليب متجددة، حتى يصل إلى تحقيق مبتغاه المتمثل في تحقيق الأهداف التربوية.
  • تحمل المسؤولية: على القائد التربوي أن يعي واجباته ويفهم دوره الحقيقي والمسؤولية الملقاة على عاتقه؛ لأن القيادة التربوية الناجحة ليست وظيفةً أو جاهًا، بل هي مسؤوليةٌ وأمانةٌ، لذا وجب عليه تحملها والتفاني في خدمتها والإخلاص فيها.
  • القدرة على الإدراك والتحليل: على القائد التربوي أن يكون ثاقب البصر، دقيق الملاحظة، مدركًا لجميع التفاصيل، حيث يحلل المشكلة إلى عناصرها الأساسية، وينظر فيها بهدوء وتأني ووعي، كما يتعامل بهذا الأسلوب مع كل القضايا المطروحة في مدرسته، ليكون بالفعل جديرًا وأهلًا للقيادة التربوية
  • القدرة على إدارة العلاقات: ونعني بذلك أن يشجع المدير كل أنواع التفاعل بين أفراد المدرسة وينمي فيهم العلاقات البناءة والمثمرة والتواصل الفعال، وذلك في جوٍّ يسوده الاحترام والثقة والتفاهم، مما يزيد في تماسك أفراد الجماعة والتفافهم حول قائدهم، وبالتالي توحيد كل الطاقات وجهود الجميع وتوجيهها نحو خدمة الأهداف السامية للمدرسة.
  • القدرة على التعليم والتدريب: يعتبر القائد التربوي معلمًا ومدربًا، فالمدير يملك مهارات وخبرات بإمكانه أن ينقلها إلى الآخرين، لتحسين سلوكياتهم المتعلقة بالأداء في العمل، وذلك عن طريق التعليم والتدريب.
  • حسن الخلق: إن المدرسة كمؤسسة تربوية، تحتاج إلى قائد صادق في أقواله وأفعاله، حسن المعاملة والمعاشرة، واسع الصدر، يسعى إلى الخير والصلاح، محبٍّ لعمله، متفانٍ في خدمة أبناء مجتمعه.
  • المظهر الشخصي: إن المظهر الشخصي للقائد التربوي لا يقل عن جوهره، فحسن مظهره المدير وهندامه لهما الأثر البارز في مواقف العملية التربوية كقائد تربوي.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم