عمق التربية يظهر على محك المعاملات

لم تكن التربية في رؤية الإخوان المسلمين تعني التربية النظرية البحتة والتي تختفي مظاهرها بمجرد خروج صاحبها للواقع العملي، ولكنها كانت تربية تصهر أصحابها لتثمر سلوكا في كل التعاملات، ويُري من خلالهم حسن أخلاقهم سمو روحهم وسلوكهم القويم.

وقد تجلت هذه التربية  في تفوقهم الدراسي، وتقاريرهم الوظيفية والمهنية الممتازة، ودرجاتهم العلمية المميزة، وثناء رؤسائهم وإشادتهم بتفانيهم في العمل، حتى إنهم يعملون في أوقات الإجازات المستحقة، فضلاً عن رفضهم الحصول على إجازات استثنائية.

 وقد حيرت هذه التربية جلاديهم، ففي أثناء فترة اعتقال الداعية صبري عرفة الكومي كان نموذجا هو وإخوانه وتلامذته، ونجومًا تتلألأ في سماء هذا المعتقل بفضل تربيتهم.

وتعجب حين ذاك صفوت الروبي وشمس بدران (من جلادي السجن الحربي في عهد جمال عبد الناصر) بعد توجيه أقزع الكلمات لهم مستغربين هذا التوازن بين تمسكهم بالدين والتضحية من أجله، والتفوق الوظيفي والاجتماعي، وغاب عن هؤلاء المساكين أن هذا هو الإسلام.

فتلك التربية الشاملة المتدرجة العملية المؤثرة في جميع مجالات الواقع الإنساني عمادها المعايشة الكاملة، فترى الأخ إما زائرًا أو مُزارًا، يجالس الإخوان، وغير الإخوان من المجتمع، ويؤاكلهم ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم على غير تكلف، كأنه واحد منهم وهو الأستاذ المربي والناحج في عمله.

فلم تكن تربيته معلومات تُسكب في العقول ولكن أداء عمليًّا متلازمًا مع المعرفة لا يسبق أحدهما الآخر، فلا المعرفة تسبق الواقع ولا الواقع يتخلف عن المعرفة.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم